هل العائلة الغربية أكثر تماسكاً واستقراراً؟
صحيح أن نسبة الطلاق في الغرب تعتبر كبيرة، وصحيح أن نسبة الطلاق لدينا أيضاً أصبحت مرتفعة، والأكيد أن هناك نسبة مما يسمى بالطلاق العاطفي في الحياة الزوجية في مجتمعاتنا لاتخفى على الجميع.
وفي الغرب ليس هناك حل وسط، إما حياة زوجية مستقرة وتجانس وتفاهم، أو حياة غير مستقرة فيكون الخيار تلقائياً الطلاق، ليس لديهم منطقة رمادية يكون فيها الزوجيين أزواجاً، ولكن لاحياة زوجية حقيقية يعيشانها، في الوقت نفسه لا يمكن أن ينكر أحداً وجود الاخلافات البشرية الطبيعية بين الزوجين، ولكن عادة إذا لم ترتح الغربية أو الغربي مع زوجته فإنه قد يلجأ للطلاق بعد انعدام الحلول، بخلاف الواقع العربي الذي قد يظهر الطلاق العاطفي ولكن يبقى الزوجين مستمرين في حياتهما بحكم عوامل مثل الأبناء والمجتمع والأقارب واعتبارات أخرى تمنع من الطلاق.
من خلال معايشتي وملاحظتي، في الغرب تكون جدولة الحياة بناءً على الأسرة، بمعنى لايمكن أن تخرج مع صديقك المتزوج بعد الخامسة مساءً لأنه وقت للعائلة، يمضي الزوج والزوجة في قضاء أكبر وقت معاً بعد نهاية الدوام، تتصل على صديقك الغربي المتزوج وتطلب منه أن تقابله لأجل فنجان قهوة، فيرفض بحكم أن لديه زوجة، في الغرب الطفل هو من يدير حياة الأسرة، ويُقضى وقت كبير لأجل العناية بذلك الطفل والذهاب معه إلى الحديقة أو إلى مكان اللعب والترفيه أو الزيارات، الزوجان يتقاسمان المسؤولية بالمناصفة، بحيث لاتتحمل الزوجة نسبة أكبر من الزوج في التربية والطبخ والاهتمام بالمنزل، أو أحياناً يتم تقسيم ذلك بين الطرفين، حينما ينوي السفر أحد الأزواج، فإنهما يسافران ويقضيان رحلة السفر معاً، لم أرى من خلال معاشرتي معه الغربيين أن ذهب أحدهم للترفيه أو للسفر دون شريكه.
أما الحال في مجتمعاتنا فالأمر مختلف، صحيح أن هناك نماذج رائعة وسامية من المسؤولية الأسرية متمثلة في الرجل، وخاصة من الأجيال الماضية كآبائنا، ولكن في الآونة الأخيرة، ظهر الجيل الجديد من الشباب، والجيل ماقبله أي ممن هم في أعمار الأربعينات أو الخمسينات حتى، والذين أدركوا أنهم لم يمارسوا مراهقتهم كما ينبغي فأرادوا أن يلحقوا عليها بعد زواجهم، أو السيدات اللائي أصبحت الاجتماع والزيارات والعلاقات مع الصديقات والترفيه تشكل محور أساسي من الحياة بعيداً عن الدور الحقيقي المطلوب تجاه المنزل والزوج والأطفال، وإن كنتُ أرى أن حال المرأة أفضل من الرجل خصوصاً السيدات اللائي في الثلاثينات والأربعينات.
كثير من نوعية الرجال موجودة وبشكل كبير للأسف، تحتل الأسرة في سلم متدني من المحاور اليومية والأوليات الحياتية إذ أن مسؤولية البيت والتربية والأبناء وأحياناً المصاريف ملقاة على كاهل الزوجة أو السائق أو الخادمة، في حين أن أهم ماعليه هو أصدقائه هواياته اهتماماته السطحية عادة، استراحته، سفره إلخ..
منذ فطمتنا أمهاتنا، ونحن نتألم من وضع الأسرة الغربية، والتفكك الذي يعتريها، كنا نظن أننا أكثر المجتمعات تماسكاً وتلاحماً، لكننا تفاجأنا أن مفهوم الأسرة في الغرب هو أقوى وأمتن، وأن الإحساس بالمسؤولية والواجبات من قبل الزوجين هو أكثر جدية منه في مجتمعنا، في الغرب قبل أن يلجا الزوجان حياتهما الزوجية يدركان جيداً أدوارهما وواجبتهما، وأنهما شركين أكثر من أي طرف آخر في الحياة.
دعونا نكون واقعيين، ونترك ماتعلمناه جانباً من هجاء للأسر الغربية، فقد عشنا ورأينا واقعهم، وندرك كيف هو واقعنا.
__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..