زواج الأقارب .. ظاهرة اجتماعية تورّث مشكلات صحية للأجيال القادمة - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

المقبلين على الزواج مواضيع تهم المقبلين على الزواج من الرجال والنساء

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 29-12-2003, 08:37 AM
  #1
مبسوط مادمك معي موجود
عضو نشيط جدا
تاريخ التسجيل: Dec 2003
المشاركات: 271
مبسوط مادمك معي موجود غير متصل  
doodah زواج الأقارب .. ظاهرة اجتماعية تورّث مشكلات صحية للأجيال القادمة

لاشك أن الزواج هو أسمى الروابط الإنسانية التي سنتها الأديان السماوية وصدقت عليها الأعراف ونظمتها لتتفق مع الفطرة, وكغيره من أمور الحياة، يحتاج الزواج إلى التدقيق والتفكير ووضع الأسس السليمة التي تستقيم بها هذه الشركة حتى لا تشكل مصدر تعاسة أو ضرر لأطرافها, ومن هنا يكون الاهتمام أولاً بالاختيار المناسب الذي يتطلب مراعاة عدة نقاط منها الدين والخلق والتكافؤ الاجتماعي وأخيراً التوافق الطبي الذي لم يكن هناك اهتمام كبير به فيما مضى مع أنه يؤثر على استقرار الحياة الزوجية وسلامة الأطفال الذين يولدون.

وتتضاعف أهمية هذا الجانب، خصوصا مع العادات والتقاليد العربية التي تحبذ زواج الأقارب, لما ثبت علميا من وجود احتمالات لولادة أطفال مصابين بأمراض وراثية, مما يستدعي إجراء الفحوصات الطبية اللازمة التي ستحدد القرار, أما المجازفة بإتمام الزواج أو الانفصال بسبب إنذار طبي لا بد من أخذه بعين الاعتبار كونه ينبئ عن وجود نسبة كبيرة من الخطر.

ويعتبر زواج الأقارب نمط الزواج المفضل الذي حظي بقيمة مهمة في الثقافة العربية, فالزواج المثالي في هذا السياق ذو النسب الخطي الأبوي هو القران الذي يجمع بين ولدي أخوين, ابن أحدهما يتزوج بنت الآخر.

ويمثل هذا الارتباط نمط الزواج الذي فضلته الثقافة منذ قرون, حتى وإن كان لا يمَارَس بكثرة، وهو في تناقص متواصل بدون شك, وإذا لم ينجح البحث الأنثروبولوجي إلى اليوم في العثور على تفسير له في إطار نظرية القرابة, فإن من السهل استخلاص أساسه الاستيهامي من الحكايات والأساطير الذي يُرمز إليه بالوحدة الوثيقة بين الأب والبنت والأم والابن.

وقد كثر الحديث عن علاقة زواج الأقارب بالأمراض الوراثية في الذرية, وذلك نتيجة للتقدم العلمي في علوم الوراثة في عصرنا الحاضر, وما صاحب ذلك التقدم من اكتشاف كثير من الحقائق العلمية لم تكن مفهومة في العصور الماضية.

وترجع أهمية هذا الموضوع إلى أن زواج الأقارب مفضل في بعض المجتمعات وخاصة الشرقية منها, وذلك لأسباب كثيرة منها الرغبة في الاحتفاظ بالثروة داخل الأسرة، وصغر السن عند الزواج وما يصاحبه من عدم النضج العاطفي وانفراد الآباء بالقرار, كما تحتم التقاليد في بعض القبائل العربية ألا يتزوج البنت إلا ابن عمها, فضلا عن عوامل أخرى ترتبط بنشوء هذه الظاهرة كالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثل تعزيز الأمان والروابط العائلية, وسهولة التفاوض على أمور الزواج وتوابعه, واعتباره جزءاً لا يتجزأ من تقاليد العائلات, والمحافظة على ممتلكات العائلة والميراث, وبهذا يعتبر زواج الأقارب من الظواهر الاجتماعية ذات الارتباط الجذري بالعادات والتقاليد التي ينظر لها على أنها مصدر أمان اجتماعي واستقرار عائلي.




إن قرار زواج الأقارب من أهم القرارات في حياة كل شاب وفتاة, وإذا أحسن كلاهما اتخاذ القرار يكون قد نجح في تحقيق حياة أسرية سعيدة بقية عمره وإنجاب أطفال أصحاء يتمتعون بالعافية والذكاء, فمثلما يورّث الآباء أبنائهم الصفات الوراثيّة العاديّة مثل لون العينين أو شكل شحمة الأذن، فإنّهم يورّثونهم أيضا صفات مرضيّة تسبّب إصابتهم بعيوب وعاهات وأمراض وراثيّة.

ويساهم الزواج بين الأقارب في زيادة احتمال ظهور العيوب والأمراض الوراثيّة التي تحملها صفات متنحّية عند الأجيال، وذلك لأنّ احتمال وجود الصّفة المرضيّة لدى كلا الأبوين وارد وكبير لصلة القرابة الموجودة بينهما.

فزواج الأقارب الشرعي هو علاقة الزواج بين اثنين تربط بينهما روابط الدم, وطبقا لمبادئ علم الجينات، فان احتمال حمل زوجين قريبين جينيا من نوع واحد, تكون مرتفعة، مما يزيد من احتمال اكتساب المواليد جينا وراثيا لمرض نادر ولا يعني بالضرورة حدوث هذا لكل زوجين قريبين وكل مولود.

وقد أثبتت الدراسات ارتفاع معدل خطر الإصابة ببعض الأمراض الوراثية بين الأطفال من أزواج أقارب من الدرجة الأولى, أي أولاد وبنات العم والخال, علاوة على ازدياد نسبة الوفيات بين هؤلاء الأطفال.

ويرى الأطباء أن الخطورة في مثل هذا الزواج تكمن في الأمراض الوراثية التي يحمل جيناتها الزوج والزوجة، ومع أن الأمراض من الممكن أن لا تظهر عليهما, إلا أنها تورث بعد الزواج للأطفال والأحفاد، منها التخلف العقلي, والغالكستوسيميا، ومرض الكبد (ويلسون), إلى جانب أمراض الدم الوراثية التي تشمل فقر الدم المنجلي, وفقر دم البحر الأبيض المتوسط (الثلاسيميا), ومرض الكلية الذي يؤدي للفشل الكلوي, كما يُعتقد أن مرض الصرع والأمراض القلبية وأمراض الحساسية وداء السكري تزداد في بعض العائلات، وتتضاعف احتمالات توارثها بالتزاوج بين الأقارب.

ولتوضيح الأساس العلمي لانتقال الأمراض الوراثية من الآباء إلي الذرية, تتكون المنطقة في الرحم من أمشاج الذكر والأنثى, وتحمل تلك الأمشاج العوامل الوراثية من كل من الأب والأم، وهكذا تنتقل الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء والأحفاد إلى ما شاء الله، وكل ذلك في نظام متقن بديع يدل على قدرة الخالق البارئ المصور تبارك وتعالى.

ولا يتغير النظام الوراثي في الإنسان مهما حدثت من طفرات وراثية، فهي قد تغير بعض الصفات الخلقية, إلا أنها لا تؤثر مطلقا على النظام الوراثي في الخلية البشرية, وتكون العوامل الوراثية في معظمها إما سائدة أو منتحية, فالعامل الوراثي السائد هو من له القدرة على الظهور والتعبير عن نفسه, بينما لا يستطيع العامل الوراثي المتنحي ذلك إلا إذا أجتمع مع عامل وراثي متنح مماثل تماما, حينئذ تظهر الصفة الوراثية التي يحملانها معا, وبوجود العوامل الوراثية السائدة والمتنحية التي تحمل الصفات الوراثية, تظهر تلك الصفات في الأبناء، فمنهم من يشبه الأم, ومنهم من يشبه الأب أو العم أو الخال.





ووفقا للنظريات العلمية, فان وجود مرض وراثي في أحد الوالدين ينقله عامل وراثي سائد، فإنه يعبر عن نفسه في نسبة معينة من الأبناء ولا يظهر في الآخرين, أما في حالة العوامل الوراثية المتنحية فلا بد أن تكون موجودة في كل من الأب والأم معا ليظهر المرض في نسبة معينة من الأبناء يجتمع لديهم عاملان وراثيان متنحيان ولا يظهر فيمن ينتقل إليه عامل وراثي متنح واحد, وهذه العوامل الوراثية السائدة أو المتنحية، لا تحمل صفات غير مرغوب فيها أو أمراضا فقط, بل قد تحمل صفات مرغوبا فيها أيضا.

وتجتمع العوامل الوراثية المتنحية في الأقارب في الجين الأول بنسبة 1 : 8، وتقل هذه النسبة في غير الأقارب, فإذا كان هذا الجين في المجتمع بنسبة 1 : 1000 فإن احتمال تواجد هذا الجين في أحد الزوجين 1 : 500 وإذا كان في المجتمع بنسبة 1 : 100، فان احتمال وجود هذا الجين في أحد الزوجين 1 : 50، وفي كلتا الحالتين تكون نسبة تواجد الجين المتنحي في الأقرباء (بنت العم أو العمة والخال والخالة) ثابتة 1 :8، مما يؤكد خطورة زواج الأقارب في ظهور الأمراض الوراثية, وخاصة النادرة منها، فإذا استمر الزواج بالأقارب جيلا بعد جيل، فإن العوامل الوراثية المتنحية تجتمع فيهم أكثر مما هي موجودة في المجتمع من حولهم, فعلى سبيل المثال, إذا تزوج الرجل بابنة عمه أو ابنة خاله، وكان كل منهما يحمل نفس العامل الوراثي المتنحي لصفة صحية أو مرضية, فإن 25 في المائة من أبنائهما ستظهر عليهم تلك الصفة, بينما يحمل 50 في المائة منهم العامل الوراثي المتنحي, في حين لا يحمله الـ 25 في المائة الباقون.

أما إذا كانت درجة القرابة بعيدة، فإن احتمال تواجد الجينات المماثلة أقل, وبالتالي يكون احتمال حدوث المرض في الذرية أقل من هذه النسبة, كأن يكون مثلا 1 : 16 والعكس صحيح, إذا كانت درجة القرابة بين الزوجين أقرب كما في بعض المجتمعات الهندية التي تسمح بزواج الرجل من بنت أخيه أو أخته, فإن احتمال تواجد الجينات المماثلة يكون أكثر, وهذا النوع من الزواج ممنوع في الإسلام.

وأوضح علماء الحياة والوراثة, أن كل خلية جنسية أي خلية ذكرية (حيوان منوي)، وخلية أنثوية (البويضة), تحمل (23) من الصبغيات ( كروموسومات ), لكل منها شكل مميز ويحمل عددا كبيرا من المورثات (الجينات) لا يحملها غيره، وهو نصف عدد الكروموسومات الموجودة في الخلايا الجسدية الأخرى, وبالتحام هاتين الخليتين يتكون الجنين الذي يحمل (46) من هذه الصبغيات، أي 23 زوجا، نصفها من الأب والنصف الآخر من الأم, وبالتالي عشرات الآلاف من المورثات مرتبة في أزواج، مجموعة منها موروثة من الأب ومجموعة مماثلة موروثة من الأم تحدد الصفات الوراثية للجنين.

التعديل الأخير تم بواسطة مبسوط مادمك معي موجود ; 29-12-2003 الساعة 08:41 AM
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:43 AM.


images