لم يبق إلا أن تتهمني زوجتي بالسرقة ، هكذا قال خالد لأمه على إثر
محاجة أمه له و إنكارها عليه ضربها، و أردف خالد قائلا: لينفعها أبوها، منذ
ان أصبحت معلمة و أبوها و أمها يلاحقانها في راتبها ويحققون معها فيه،
أين ذهب المال؟ لم أعطيته المال؟ لا تشاركيه في المال، مع السلامة
لا أريدها و لا أريد منها شيئا، لينفعها أهلها، إن كانت تريد بيتها فهو مفتوح لها
متى ما أحبت العودة، أما ولداها فوالله لن تراهم في بيت أهلها، قال خالد كل ذلك
بانفعال.
سمع أبوخالد بما حدث فسر في داخله ولم يبد الفرحة على ظاهره، كأنه
أحس ببعض الإنتصار، يا حسافة على بعض الرجال، انتصاراتهم و انجازاتهم ينفذها لهم غيرهم
و هم من يحسون باللذة حتى لو كان في أمر سيء و خراب بيوت .
أما أهل سارة فمنظر بكاء ابنتهم و عويلها جعلهم يأبون أنصاف الحلول و يأبون تهدئة
الأمور و السعي في إصلاحها و هي في بدايتها حتى لا يؤججها شياطين الإنس و الجن، بل توعد
ابوها بالإنتصار لها و أمها باركت له هذا التصرف .
انتظرت سارة أسبوعا، شهرا ، سنة ، سنة و نصف و ما حلت الأمور و ما تحرك أحد ،
لا زوجها أتى واعتذر و لا أبوه أتى مصلحا ، و أبوها أقسم ألا ينزل نفسه إلى مستواهم
و يذهب إليهم ليحل الأمر و هم الذين أخطأوا .
اشتاقت سارة إلى عبدالله و فيصل ، يا الله أمهم التي حملت بهما تسعة أشهر
و عانت الم ولادتهما و فطمتهما ورعتهما لم ترهما لسنة و نصف؟ الذي زاد
الألم شدة أنهم بجانبها لا تبعد عنهم إلا شيئا قليلا من المسافة و تسمع أصواتهم أحيانا
يضحكون و يلعبون ببراءة و أحيانا يبكون وينادونها بعفوية الأطفال عند بكائهم ، يمه يمه .
كان خالد قاسيا أكثر من اللازم ، عندما يكون في البيت يكون طفليه عنده ، و عندما
يخرج من المنزل يدعهما في بيت أهله، و إذا كانت هناك مناسبة خارجية عند أحد
يجتمع فيها أهله و أهلها لا يدع الأطفال يذهبون إلى المناسبة مع أهله حتى لا تتمكن
أمهما من رؤيتهما هناك ، فيبقى هو في المنزل و يبقى معهما .
رحلة خالد إلى الإدمان .
بعد أن طالت مدة فراق خالد و سارة عن بعضهما بدأ كل واحد منهما يرجع إلى
نفسه نوعا ما و يقول : لو أني تصرفت كذا بدلا من كذا لما و صل الحال إلى ما وصل إليه .
بدأ كل واحد يحن إلى الآخر فطرة أودعها الله في بني آدم ، بدأت تفكر سارة
في أن ترجع إلى بيتها بشكل جدي كي يلتئم ما انكسر من جديد و تعود إلى بيتها
و أطفالها ، و خالد أيضا بدأ يتسرب إلى داخله الشعور بالذنب و بدا يحاول أن
يضغط على نفسه و يذهب بنفسه إلى أهلها و يعتذر أو يرسل أحدا إليهم .
ذهبت سارة إلى أبيها كي تخبره بما عزمت عليه فهب الأب في و جهها
غضبانا عليها، بعد كل هذه الإهانة و طول المدة التي ما كلفوا أنفسهم فيها أن يعتذروا
تريدين أن ترجعين هكذا ببساطة ؟، تريدين أن تصغري من قدر أبيك في أعينهم ؟
إذهبي، إذهبي إليهم ، لكن لا أعرفك و لا تعرفينني بعد اليوم.
ما تفوهت سارة بكلمة بعد كلام أبيها، كانت دموعها الغزيرة التي تهاوت أبلغ من
أي حديث و أصدق من أي كلام ، دموع اشتاقت إلى أبناءها فلذة كبدها .
أما خالد فأصر إلا أن يتحدث إلى أبيه بشأن زوجته و يقنعه أن يذهب
معه إلى عمه كي يردها و تعود الأمور إلى طبيعتها.
كان وقت طعام العشاء ، و بعد أن انتهوا من الأكل انفرد خالد بأبيه في غرفته
و أخبره بما عزم على القيام به ، قام الأب من مكانه و ذهب و فتح الخزانة
من دون أن يتفوه بكلمة ، أخرج من الخزانة سلسلة من حديد دقيقة طويلة،
و أقفل الباب على ابنه و ضربه ضربا شديدا و إخوته و أمه يسمعون
كلمات أبيه الجارحة و شتمه له و ضربه و يردد قائلا : حسبتك رجلا لا تهينك
امرأة ، حسبتك رجلا لا تنزل رأسك امرأة، حسبتك رجلا تقف مع أبيك ، سقط خالد
مغشيا عليه مصدوم من أبيه و من تصرفه الذي لم يكن يتوقعه منه و كان بعيدا جدا
عن الإحتمالات، كانت تلك هي المرة الأولى التي يضربه فيها ، و متى ؟
بعد أن أصبح الإبن رجلا متزوجا و لديه أبناء.
يتبع إن شاء الله
__________________
اللــهُمّ توفـّنـي مُسْـلـمـاً وَألـْحِـقنـي بـِالـصَّـالِـحـيـْن
التعديل الأخير تم بواسطة ولـيـد ; 29-05-2007 الساعة 07:16 PM