أحدثكم عن الخاصة - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

مساحة مفتوحة موضوعات ونقاشات علمية، وثقافية، وفكرية، واجتماعية.

إضافة رد
قديم 03-09-2012, 10:37 PM
  #1
أبو أسامة
رئيس الهيئة الشرعية
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 987
أبو أسامة غير متصل  
أحدثكم عن الخاصة

يسعدني اطلاعكم على مقالي في موقع المسلم (أحدثكم عن الخاصة):
almoslim.net/node/170377
أحدثكم عن الخاصة

فهد السيف | 17/10/1433 هـ


(اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك)
بهذه الدعوات، ولجت المسجد بعد العصر، أجلت بصري لأرى حلقا من الشباب ، كل منهم قد تحلق حول معلمه، وفي كل مجموعة واحد يتقدم بين يدي المعلم ثاني الركبتين، والبقية بأيديهم المصاحف، هذا يتلو على أخيه، وذاك يتعهد حفظه بنفسه، سكينة تغشى الزمان، وسكون يلف المكان، عدا أصوات تتغنى بالقرآن لها دويٌّّ كدوي النحل، منظر محبب، إنهم يستشرفون الوعد النبوي، حيث تغشاهم الرحمة وتنزل عليهم السكينة، بل وأعظم، يذكرهم الله فيمن عنده.



هذا المشهد أتعمد رؤيته أحيانا، وأتعمد الوقوف قليلا لأتملى في تلك الحلق القرآنية الآسرة، هذا المشهد –دون مبالغة- يشدني إليه أكثر من خضرة الطبيعة وخرير مائها وشدو طيرها التي طالما تغنى بها الشعراء.
(إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)



ترفعوا عن اللهو، وقنعوا منه بالمباح، وأعرضوا عن الحرام، وحين أقبل نظراؤهم على تفاصيل الدنيا، قصروا أنفسهم على كتاب الله تلاوة وتدارسا، رجاء الفوز بالتجارة الرابحة، (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور).



هِمَمٌ كبيرة، مصحفه الصغير أو مصحف جواله لا يفارقه، يراجع فيه ويحفظ، قائما وقاعدا وكل حين، له شأن ولغيره شأن، نظرته بعيدة، وهدفه سام، يشحذ همته، يتوقف مع نفسه أحيانا يحسب الصفحات والأجزاء، ثم يرفع رأسه قليلا، فيضيء وجهه بابتسامة جميلة، يقطعها بصرامة ليعود إلى مصحفه، يغمض عينيه أحيانا وهو يتلو، يقرأ ويكرر، يصر ويثابر.



تمر الشهور كأيام، يتنامى لديه شعور بالنشوة والتحفز مع شيء من الارتباك، يفيق من نومه أحيانا قبل موعده المعتاد، فثمة مقطع من القرآن لم يتم حفظه بعد.



يعتزل زملاءه أحيانا، فأمامه موعد مثير، ينزوي في غرفته، تقترب أمه لتناديه، لكنها تقف على باب الغرفة، وهي تسمع صوته الندي يتلو القرآن، وترفع بصرها للسماء حمدًا، فيما تلمع عيناها بدمعة رضا.
وهكذا تمر الأيام، ويقترب الموعد، يفرك كفيه بعضهما ببعض، تتسارع نبضات فؤاده، كلما تذكر الموعد، في الوقت نفسه يكاد يطير من الفرح.



وفي أمسية لا كالأمسيات، قبل أن يخرج إلى الصلاة، يدنو من والدته يريد أن يفضي لها بشيء، لكنه يتلعثم، من أين يبدأ؟، فيحس به قلب الأم، التي تستثيره لتعرف مصدر قلقه، يقف على قدميه متحفزا، ويقبل رأسها: أمي.. -تخنقه عبرته- اليوم موعد الختمة. لكن الأم المربية الناصحة المحفزة، تضمه لصدرها ليفرغ ما تبقى من عبرات ودموع، وهي لا تملك أيضا عبراتها ولا دموعها، يدخل الأب قلقا من الموقف، فتبادره الأم مكفكفة دمعها، مبشرة بالخبر، فيضمه الأب أيضا، ويحمد الله على مسمع من ابنه أن رزقه هذا الابن، وهنا يغتنم الابن الفرصة ليدعو أباه لمرافقته هذا اليوم.



يمضيان سويا إلى المسجد، وبعد الصلاة والأذكار، تتسارع دقات القلب، يتصنع رباطة الجأش، فيثني ركبتيه عند معلمه، لكنه هذه المرة برفقة أبيه، إضافة لبقية الفتية المتحفزين لمثل هذا الموقف، وكل منهم ينتظر دوره ذات يوم.



يبدأ الابن في تلاوة الآيات حفظا على معلمه، مرتلة بصوت شجي، وخشوع يلامس صفحة القلب، يسترسل ويترنم، حتى يأتي عند آخر الآيات.

تبدأ الحروف تتسابق على فمه مرة، فينطق بعضها قبل غيره، ثم يعاود ويصحح، ومرة يتلعثم فيتوقف قليلا، كأنما الحروف على اتفاق بينها، يبتلع العبرات، ومعلمه يدرك الموقف جيدا، فقد مر به ذات يوم.
أما الأب فقد أخفى وجهه بغترته، وبقية الصحب الذين تعودوا الانشغال بمحفوظهم الذي سيسمعونه على معلمهم، هذا اليوم صمتوا وأنصتوا، وأبصارهم على صاحبهم، تترقب الموقف وتتلهف لمثله.



حتى جاء على آخر آية وختمها بصوت متحشرج، وسارع بسجود طويل نثر فيه ما تبقى من عبرات، حمد ربه وأثنى فيه عليه، وما إن رفع رأسه حتى رأى المعلم والأب والبقية قد وقفوا ينتظرونه، فعانقهم .....
لا يستطيع الرد على تهانيهم، فالعبرة تخنقه، ودموع الفرح تتسابق على وجنتيه.

وهكذا يتكرر مثل هذا الموقف في مساجد عديدة، ودور نسائية كثيرة، في مشهد مهيب صامت، يزيده البعد عن الضجيج جلالا، لا يكشفه الإعلام، ولا تتابعه القنوات الفضائية، وإن كان الله –سبحانه- فوق سماواته مطلع عالم بكل هذا.



وتبقى المدارس النسائية والحلقات القرآنية أكثر التجمعات الشبابية أمنا على أخلاق أبنائنا وبناتنا، وأهنأها عيشا، حيث الرضا الذاتي عن النفس، ابتساماتهم عذبة وصادقة، ملامحهم توحي بالطمأنينة والحيوية..



كم أغبطهم والله على حماسهم المتدفق! وشبابهم الذي ليس له صبوة! وكم أشعر بالسعادة حين أرى ابني أو ابنتي قد اتخذ مكانه بينهم! واختار صحبته منهم! مكانهم المفضل بيوت الله، يتبادلون الدعوات الصالحة لبعضهم، شغلوا أنفسهم بما يعود عليها بالخير في الدين والدنيا، وهم في مدارسهم شامة عز وفخار للحلقات والمدارس.



وإن المرء ليتمنى أن يحشر معهم يوم القيامة، لأنهم أرفع الناس منزلة، حيث يقال لقارئ القرآن يوم القيامة: (اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها) فهل بعد هذا السمو الدنيوي والأخروي سمو؟



ولئن كانت كرامتهم عند ربهم بهذه المثابة، فحقيق بنا أن نعطيهم حقهم من التكريم الذي نقدر عليه، سواء من كان منا إعلاميا أو غنيا موسرا أو ذا مسؤولية صغيرة أو كبيرة، أو صاحب جاه أو غيره.
وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
__________________
كثير من المشاكل الأسرية والمعقدة لا تنتهي تماما، وإنما تبقى لها بقايا.
أي أنها قد يبقى منها 20% مثلا


مشاكلنا الأسرية المعقدة كثير منها لا ينتهي بصورة نهائية وإنما تبقى لها بذور يمكن أن تنمو في يوم ما، ما لم نتعاهدها بالحصاد.

مشاكلنا المعقدة لا يمكن حلها بضغطة زر، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومجاهدة وضغط نفسي ومدة أطول مما نتوقع ليأخذ الحل مجراه.
المهم الصبر، فقد يكون بينك وبين الحل غشاء رقيق، فلا تتوقف.
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2012, 10:45 PM
  #2
أبو فيصل
المدير العام
 الصورة الرمزية أبو فيصل
تاريخ التسجيل: Oct 2005
المشاركات: 15,836
أبو فيصل غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

رائع يا أبا أسامة
جزاك الله خيرًا وبارك فيك ونفع بعلمك .
المقال جميل ومحفز ومؤثر . أسأل الله أن ينفع به ويجزيك عنه أجرًا بعدد حروف القرآن الكريم أضعافًا مضاعفة.
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2012, 10:58 PM
  #3
أبو أسامة
رئيس الهيئة الشرعية
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 987
أبو أسامة غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

تقبل الله دعاءك وإياك
__________________
كثير من المشاكل الأسرية والمعقدة لا تنتهي تماما، وإنما تبقى لها بقايا.
أي أنها قد يبقى منها 20% مثلا


مشاكلنا الأسرية المعقدة كثير منها لا ينتهي بصورة نهائية وإنما تبقى لها بذور يمكن أن تنمو في يوم ما، ما لم نتعاهدها بالحصاد.

مشاكلنا المعقدة لا يمكن حلها بضغطة زر، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومجاهدة وضغط نفسي ومدة أطول مما نتوقع ليأخذ الحل مجراه.
المهم الصبر، فقد يكون بينك وبين الحل غشاء رقيق، فلا تتوقف.
رد مع اقتباس
قديم 04-09-2012, 08:21 AM
  #4
فجر الاعياد
كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 1,809
فجر الاعياد غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

جزاك الله خيرا
__________________
مُساعدتك للآخرين وإن نسوا ؛ خيرٌ لا ينساهُ .. الله ♥ !
رد مع اقتباس
قديم 04-09-2012, 10:03 AM
  #5
Bushra~
عضو مميز
 الصورة الرمزية Bushra~
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 1,079
Bushra~ غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

رائع يا ابا اسامة رائع ...
__________________
جزيتم خيرا ع المنتدى الرائع واخوة رائعين، فترة جميلة جدا كانت معاكم، دعواتكم
رد مع اقتباس
قديم 04-09-2012, 11:08 AM
  #6
أم خالد.
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 3,950
أم خالد. غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

ماشاء الله .. من أجمل ما قرأت هذا الصباح

مقال رائع , لم أملّه ولن أملّه
يرفع الهِمم و يحفز الإراده
جزاك الله عني خير الجزاء , و نفعك بِعلمك


شكرا لقلمِك الذي أمتعنا بما كتب
بُوركت وبوركت جهودك أخي الكريم
يستحق التقييم
__________________

الوعي هو الملاذ ..


أستغفر الله العظيم ؛
( الفردوس غايتي )
رد مع اقتباس
قديم 04-09-2012, 04:21 PM
  #7
أبو أسامة
رئيس الهيئة الشرعية
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 987
أبو أسامة غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

جزاكم الله خيرا
سعدت بتحفيزكم
__________________
كثير من المشاكل الأسرية والمعقدة لا تنتهي تماما، وإنما تبقى لها بقايا.
أي أنها قد يبقى منها 20% مثلا


مشاكلنا الأسرية المعقدة كثير منها لا ينتهي بصورة نهائية وإنما تبقى لها بذور يمكن أن تنمو في يوم ما، ما لم نتعاهدها بالحصاد.

مشاكلنا المعقدة لا يمكن حلها بضغطة زر، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومجاهدة وضغط نفسي ومدة أطول مما نتوقع ليأخذ الحل مجراه.
المهم الصبر، فقد يكون بينك وبين الحل غشاء رقيق، فلا تتوقف.
رد مع اقتباس
قديم 04-09-2012, 04:42 PM
  #8
ياغفور اغفرلي
عضو جديد
 الصورة الرمزية ياغفور اغفرلي
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 19
ياغفور اغفرلي غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

[[FONT="Book Antiqua"]align=center]مشالله تبارك الله أسال الله ان يزيدك من فضله طريقه رائعه في كتابة هذا المقال
أسأل الله ان يرزقنا حفظ القرآن ..[/align][/FONT]
__________________
يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك
رد مع اقتباس
قديم 06-09-2012, 01:53 PM
  #9
أبو أسامة
رئيس الهيئة الشرعية
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 987
أبو أسامة غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

جزاك الله خيرا
والفضل لله وحده
__________________
كثير من المشاكل الأسرية والمعقدة لا تنتهي تماما، وإنما تبقى لها بقايا.
أي أنها قد يبقى منها 20% مثلا


مشاكلنا الأسرية المعقدة كثير منها لا ينتهي بصورة نهائية وإنما تبقى لها بذور يمكن أن تنمو في يوم ما، ما لم نتعاهدها بالحصاد.

مشاكلنا المعقدة لا يمكن حلها بضغطة زر، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومجاهدة وضغط نفسي ومدة أطول مما نتوقع ليأخذ الحل مجراه.
المهم الصبر، فقد يكون بينك وبين الحل غشاء رقيق، فلا تتوقف.
رد مع اقتباس
قديم 07-09-2012, 03:13 PM
  #10
بَوحٌ سَمآوي !
عضو مميز
 الصورة الرمزية بَوحٌ سَمآوي !
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 625
بَوحٌ سَمآوي ! غير متصل  
رد : أحدثكم عن الخاصة

لله دركُ يَ أبا أُسامة
ألهبتَ الأعينْ و أسكبتَ المدامعُ و آني لـ أتوسم بها طريق القرب و الشغفُ لينمو القرآن في القلب فيبقى حياً به
حتى لقاءَ الرّب .. ربّ ألحقنَا بهم و أجعلنَا من زمرتهم يَ حي يَ قيومْ

قريباً بحولِ اللهِ وقوته سيكتملُ ال 30 عنقودْ في قلبي أسأل أن يتم ثباته
آذكروني ب دعوة حينَ تُصافح أيديكم السمَآء ..

الفاضلُ أبا أسامة /
أسأل الله أن يمنّ عليكَ ب الأجرِ و المثوبة و أن يرقى بكَ و بحرفكَ هذا حتى تبلغَ منازل الانبياء و الصديقين و الشهداءَ ..
__________________
-
يَاربِ تمّم بالفَلاحِ مَسيرتي ..
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:38 PM.


images