الطريق إلى السعادة الزوجية
لقد شرع الله عز وجل العلاقات الزوجية لتحقق النفع للزوجين؛ حيث تسكن نفوسهم، ويتفاعل الزوجان، فيعم الخير على المجتمع برمته، وصدق الله إذ يقول: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة( 21 ) {الروم: 21} إلا أن مسيرة الحياة الزوجية قد تتعرض لبعض المنغصات التي قد تعكر صفو العلاقة الزوجية؛ لذا يقع على الزوجة مسئولية دعم العلاقة، ومحاولة تجنب ما يعن لهما من متاعب، وعلى الزوجة يقع العبء الأكبر في الحفاظ على حياتها الزوجية من الانهيار، ورغم ما تعانيه المرأة العصرية اليوم من تعدد مسؤولياتها فإنها قادرة على إدارة أمور مملكتها الصغيرة بنجاح وحكمة، وعدم التسرع في إصدار حكمها على الأمور، والمرأة الواعية هي التي تقول لزوجها ما ينبغي أن يقال، ولا تناقشه فيما لا ينبغي عليها الخوض فيه؛ خصوصاً وأن كلا الشريكين يتحملان أعباء جسيمة في مجال العمل والمنزل والإشراف على تحصيل الأبناء.
مشاكل العمل قد تنقل إلى المنزل:
قد يواجه الزوج مشاكل ثقيلة في عمله أو مشادة مع رئيسه. وبالتالي فلن يتقبل من الزوجة أي أسئلة حرجة أو استفسارات ملحة، مثال ذلك: أن تتقدم المرأة للرجل بقائمة مشتريات بعد عودته من عمله، فإذا كان مرهقاً من مشاكل عمله فسوف يرفض هذه المطالب حتى ولو كانت محدودة، أما إذا كان الزوج لا يشكو من متاعب العمل، فقد يستجيب لطلبات زوجته بل قد يضيف إليها، ويغدق عليها.
وهنا يجب على الزوجة أن تتريث قبل التقدم بطلباتها أو أسئلتها، وألا تتقدم بهذه الطلبات أو الأسئلة إلا في توافر جو من الصفاء والسعادة لزوجها.
وقد أجريت بعض الدراسات بواسطة خبراء علم النفس لمعرفة أسباب الخلافات الزوجية، وبعد استعراض النتائج قدمت الدراسات بعض التوصيات التي ينبغي أن تأخذ بها الأزواج ومنها:
ينبغي ألا تكثر من الحديث عن متاعبها مهما كانت ظروف عملها داخل المنزل وخارجه؛ فالزوج أيضاً لديه نفس المشاكل أو قد تفوقها، ومن واجب الزوجة تخفيف حدة هذه المشاكل عند إثارتها باقتراح الحلول البديلة، فالزوجة الحكيمة هي التي تضفي جواً من الهدوء والسعادة على منزلها بحيث يكون هذا المنزل مكاناً للاسترخاء وتجديد النشاط بالنسبة لزوجها وأولادها.
وعندما يهاجم زوجك أحد أفراد أسرته فحذار من مشاطرته هذا الهجوم؛ لأن فترة العصبية، ومشاعر الغضب لن تلبث أن تزول، حينئذ فسوف يتراجع عن مهاجمة من أثار غضبه ببعض التصرفات ويعود للدفاع عنهم، حينئذ سوف يؤنبك لموقفك تجاههم، فالأجدر بك إذن ألا تشتركي معه في الهجوم على والدته أو أخواته بل بالعكس يمكنك أن تلتمسي لهم الأعذار بل يجب أن تلومي زوجك قائلة: "يجب أن تحترم والدتك وأخواتك" فسوف يحترم زوجك موقفك هذا فيما بعد، ويقدر مشاعرك الطيبة نحو أسرته.
لا ينبغي توبيخ الزوج:
تجنبي اتهام زوجك بالتقصير في مشاركتك في الأعمال المنزلية، وحاولي الابتعاد عن عبارة: "حاول تعمل حاجة" فالزوج المتعب من عمله صباحاً، ومن المعاونة في الأعمال المنزلية مساء سوف يتقبل المطالب بهدوء لكن بثورة قد تحدث بالتكرار.
لا تعرضي على زوجك الاشتراك معه في هواياته ما دمت لا تعشقين هذه الهوايات؛ لأن مشاركتك له في هواياته قد لا تناسبك وليكن مبدؤك مع زوجك: لا مجاملة على حساب راحتي، أو على حساب المصلحة العامة للمنزل.
لا تستثيري مشاعر زوجك:
لا تسألي زوجك السؤال التقليدي للمرأة "كيف يبدو مظهري" فأنت لا تستجدين الجمال بقدر ما تستجدين التقدير الصامت من زوجك، فضلاً عن ذلك فإن زوجك يراك كل يوم ويعجب دائماً دون أن يتكلم، فسؤالك هذا مضيعة لوقته ووقتك، ولا لزوم له؛ لأن الإجابة غالباً ما تكون مفتعلة (وأتوماتيكية)، وفضلاً عن ذلك فهذا السؤال لا يواكب العملية التي تتسم بها روح العصر.
لا تنتقدي تصرفات أحد الأزواج من معارف الأسرة؛ فهذا الانتقاد يؤدي عادة إلى مجادلات وخلافات فقد يدافع زوجك عن هذا الزوج وينتقد زوجته، وقد ينتقد بعض تصرفاتك المشابهة لتصرفات زوجته؛ لذلك فالتصرف الأمثل في حال معرفة وجود خلافات بين زوجين صديقين هو الوقوف موقف الحياد التام من الخلاف.
لا ترهقي ميزانية الأسرة بطلباتك، بل على العكس يجب أن تكوني العقل المدبر لطلبات البيت والأسرة.
لا تتهكمي على زوجك أثناء فترة راحته في المنزل، فمثلاً عندما يسترخي الزوج لبعض الوقت لا تصفي استرخاءه بالتراخي والكسل؛ فإن هذا التهكم يقيد من حريته في المنزل.
تجنبي إثارة مشاعر زوجك أمام الآخرين؛ فالزوجة الذكية هي التي تحترم زوجها في وجود الآخرين، فلا توجه له اللوم، أو تحدثه بطريقة غير لائقة.
إن الكلمات الحلوة لها تأثير السحر على الرجل فاحرصي على أن يكون حديثك معه بطريقة لبقة، وتجنبي في حديثك معه الموضوعات التي تضايقه وانتقي الموضوعات التي يحب الحديث فيها.
ويجب على كل زوجة أن تعلم أن الحياة هي التعاون في كل شيء، وليس مطلوباً من الزوجة أن تعرف أعمال زوجها وتتدخل في هذه الأعمال، فمثلاً إذا كان الزوج طبيباً والزوجة مدرسة فليس مطلوباً منها دراسة الطب ولكن مجرد مشاعرها وعطفها يجعلانها كفيلة بتوجيه زوجها، والاستحواذ على رضاه، وتستطيع كل زوجة بكلماتها الرقيقة أن تناقش مشاكل زوجها، وتجد الحلول لها، وتدفعه بقوة نحو النجاح والتفوق، وفي نفس الوقت يجب على الزوجة تجنب الثرثرة في الموضوعات غير المجدية، وقديماً قال أحد الحكماء: "كثيراً ما ندمت على الكلام ولكن على السكوت ما ندمت قط".
وعلى الزوج أن يبادل الزوجة المشاعر الطيبة، والإخلاص، ويحاول أن يثني عليها بين الحين والآخر؛ لتخيم على البيت الألفة والمحبة والسكينة، ويستنشق الأولاد هذا الرحيق فيشبوا أصحاء أسوياء، وبذلك تكون الأسرة كما أراد لها الحق تبارك وتعالى بستاناً من المودة، وحديقة ثمارها التفاهم، فينعم في ظلها الأفراد بالهدوء والسكينة.
__________________
تـزود من الدنيـا فـإنـك لا تــدري
اذا جن ليل هل تـعيش الـى الـفجر
فكم من صـحيح مات مـن غير علة
وكم من عليل عاش حينا من الدهر
وكم من فتى يرتـجى طول عمره
واكـفـانـه تنـسـج وهـو لا يـدري
وكـم من عــروس زينوها لزوجها
وقــد قبضـت روحـها ليـلة الــقدر