وهكذا مضت الشهور وجاء الصيف واقترب موعد الفصل الخريفي الدراسي الجديد.. كانت ايامي تلك بلا احداث تذكر سوى انه بسبب دوامي الكامل في العمل اصبحت استطيع ان اخذ يوما واحدا في الاسبوع اجازة وكنت اقضيه معظم الاوقات كالعادة على شاطئ البحر اجلس على الصخور.. كانت زوجة خالي قد تقبلتني اكثر من السابق واصبحت احيانا تدعوني مرة في الشهر او هكذا شيء لتناول وجبة العشاء معهم .. كم كنت اسعد بتلك اللحظات التي اقضيها معهم في بيتهم الدافئ الجميل على طاولة العشاء الذي كم كنت احتاجه كثيرا من الاوقات..وكم كنت اسعد بالجلوس بجانب مدفاة الحائط خاصتهم في الايام الباردة واتمنى لو استطيع اخذ بعض الدفء معي.. كنت ايضا قد اشتريت من مرتبي ابريق سخان صغير يعمل على الكهرباء ودلوا ايضا فاصبحت امعم بحمام يومي ساخن بعد ان كنت استحم يوميا بمياه الدش المتجمدة.. يعني باختصار احسست لاول مرة ان حياتي ابتسمت لي قليلا.. يتبع

واذكر ان احدى اخواتي الحبيبات قد سالت اذا كنت قد حافظت على حجابي في ظل تلك الظروف.. نعم اخيتي قد حافظت على نفس لباسي الذي خرجت به من بلدي ولكن الان اعلم انه للاسف لم يكن حجابا صحيحا.. كان الحجاب الدارج في بلادي الا وهو بنطلون واسع وبلوزة طويلة وغطاء للراس بلا غطاء للوجه .. كان هذا الحجاب الدارج للفتيات حيثما نشأت وكانت السيدات الكبيرات في العمر فقط هم من يرتدين العباءات.. اسال الله ان يغفر لي تلك الايام وعلما انني الان صححت وضعي والحمد لله ..
يتبع

وهكذا مرت السنين وكنت احيانا استطيع مواصلة الدراسة فصلين متتابعين واحيانا اضطر لتجميد فصل دراسي لتوفير النقود اللازمة للقسط.. حيث ان تخصصي يلزمه 4 سنوات ولكنني اكملته في 5 سنوات رغم انه كان يمكن ان يمتد الى 6 ولكنتي كنت احيانا ادمج الكثير من المواد في الفصول التي استطيع توفير قسطها واحيانا انزل دراسة صيفية .. كانت علاماتي كلها في الحد الادنى ولكن كنت انجح على الاقل .. واستمررت بالعمل لدى نفس المراة العجوز التركية في سوبر ماركتها فقدكانت تحبنيكثيرا لانها قالت انني اذكرها بابنتها وهي صغيرة وايضا لانني مسلمة ..
في اخر سنة من دراستي.. كانت معظم الاحداث ..
طبعا لم اغادر البلد او اعود لبلدي ابدا في السنين الماضية.. ولم احادث امي ولا مرة او اخوتي على الهاتف.. كنت احادث بيت جدي مرات من هاتف خالي حيث كان يتصل بهم ويناديني لاتكلم معهم اذا كنت متواجدة.. في تلك السنوات كان جدي قد توفي رحمه الله وبكيته بكاءا شديدا ... وبكيت لانني لم اراه قبل ان يتوفى في اخر ايامه .. يتبع

فجاة بدا خالي يفتح موضوع امي كثيرا.. واخبرني شيء لم يكن قد اخبرني به.. انها كانت تتصل به هاتفيا كثيرا في السنين الماضية بعد ان علمت على ما يبدو من بيت جدي انني ذهبت عنده .. ورغم ان علاقتها به لم تكن يوما ممتازة.. الا انها واظبت على الاتصال به باستمرار احيانا تبكي وتترجى ان يعيدني اليها واحيانا تسب و تلومه وتقول له قد اخذت ابنتي مني.. هذا طبعا كله اخبرني به خالي الحبيب الذي اتضح انه يعاني كل هذه السنين من محادثاتها ولومها ولم يشا ان يخبرني كيلا انشغل بها عن حياتي.. وحتى انه اخبرني انه في مرة كان ذاك الذئب قد اتصل به!!!!! هل تصدقون? اتصل به قائلا ان امي قد فتحت راسه وجلبت له الصداع وهي تقول انت السبب لقد هربت ابنتي بسببك وانه قد اصبحت حياتهم مليئة بالمشاكل بسبب هذا الموضوع وانه يرجو خالي ان يعيدني الى امي وبلدي حتى تهدا احوالهم ... طبعا عندما اخبرني خالي احسست بالخوف الشديد وقعدت التفت حولي وابكي وارتجف وانا احس ان اماني الصغير الذي بدات احس به في تلك البلاد اصبح مهددا وعلى وشك الانهيار.. لا اخفيكم ان خالي دوما عندما كانت زوجته تدعوني على العشاء كان يستغل بعض المرات ليسالني عن ماذا كان يحدث في ذلك البيت اي بيت امي وما سر تصميم بيت جدي على ابعادي عن امي وزوجها بتلك الشدة.. كان يعلم رووس اقلام ان زوج امي لا يريدني وكان يظن ان امي مغلوبة على امرها مع زوجها فهي لا تريد ان ينخرب بيتها.. وكنت اكرر له نفس هذه الاكذوبات ولكنه كان ينظر لي بعين الشك ويقول لا هناك امر اكبر من ذلك والا لكنت عشت في منزل الوالد (بيت جدي) بلا مشاكل
يتبع

المهم انه يومها كان خالي قد تحدث معي كثيرا بموضوع امي وقال لي يجب ان تتصلي بها هاتفيا فهي امك ودينيا لا يجب ان تهجريها هكذا ويعني قعد يتكلم معي من باب بر الوالدين.. وانا كنت ابكي ليس لها ولكن لانهسالني الا تريدين على الاقل محادثة اخوتك? امك تقول انهم كبرو وانهم قد تدمرو بسبب تركك لهم وانهم يسالون عنك وعن مكانك دوما... انهرت بالبكاء وانا احس انني اسوا انسانة على وجه الارض لانني تركتهم واذيتهم بتركي لهم وجعلتهم يفقدون امانهم الذي كنت اوفره لهم.. ربما فاتني ان اذكر ان علاقة امي وزوجها باخوتي او ابناءهم يعني كانت علاقة عادية ليس فيها اساءة او ضرب او شتائم.. لكن لم يكن فيها الكثير من الامومة ايضا.. كنت انا مصدر امانهم وحنانهم الاكبر.. كنت موجودة في كل تفاصيل حياتهم في صحتهم ومرضهم .. حتى في السنة التي كانت بين ترك بيت امي وسفري( عندما كنت في منزل جدي) كنت اتتبع اخبارهم بالاتصال بمدير مدرستهم لعدم قدرتي على الذهاب ورويتهم لانني كنت اخاف ان اضعف وعود لبيت امي لاجلهم.. حتى انني اذكر موقف مضحك وحتى الان كلما اذكره اضحك.. اذكر انه في يوم ما قبل ان اترك بيت امي عندما كنت في الجامعة ومخطوبة, اذكر ان اخي جاء يوما يبكي قائلا ان معلمته ضربته.. وانا استشطت غضبا وذهبت من الجامعة ثاني يوم لمدرستهم وامسكت المعلمة المسكينة من ياقة بلوزتها حيث انها كانت اقصر مني وهدرتها انها اذا لمست اخي فساضربها انا .. طبعا هذا لم يكن تصرفا صحيحا واذكر ان النعلمة نفسها قالت لي حين مسكتها هكذا لماذا هل تستقوين علي لانك طويلة فاثارت كلمتها تلك قلبي وتركتها وجلسنانضحك انا واياها على الموقف الغبي ههههه ... يتبع

المهم .. بعد تلك المحادثة مع خالي.. جلست افكر وافكر كثيرا من الايام بكلامه.. واستعدت بعضا من رباط جأشي وقررت ان اتصل بها فقط في سبيل الله حتى لا اكون ابنة عاقة.. وايضا السبب الاكبر هو انني اردت محادثة اخوتي.. فذهبت يوما الى مجمع للهواتف العمومية في الشارع واشتريت الكثير من كروت الاتصال لتكفي للمحادثة الدولية.. واتصلت بامي وانا ارتجف..
جاءني صوتها بعيدا فبكيت وانا اقول لها : ماما ? انا روزالين.... كيف حالك?
اختنقت هي ايضا بالبكاء واحسست لاول مرة كانني امام امي التي كنت اعرفها وانا طفلة صغيرة.. تكلمت معها قليلا وسالتها عن احوالها وعن اخوتي.. اذكر انني قلت لها سامحيني لانني تركتكم .. سامحيني اذا تسبب رحيلي في اي دمعة منك او من اخوتي.. كانت لا تتكلم كثيرا كانت فقط تبكي وتقول اخوتك مشتاقون لك.. طلبت ان تعطيهم السماعة وجاءتني اصواتهم التي تغيرت... تغيرت كثيرا كثيرا واصبحت قريبة للصوت الرجولي منها لاصواتهم الطفولية التي اذكر.... اذكر انني احتضنت السماعة واتكأت على الهاتف وكانني اود لو استطيع المرور عبر الاثير والوصول اليهم واحتضانهم .. كانو يبكون .. روزا اين انت? لماذا رحتي? روزا نحن نحبك.. روزا ارجعي لنا ماما دوما تبكي عليك...
مرت الدقائق سريعة وقاربت جميع وحداتي الاتصالية التي اشتريتها قاربت علىةالانتهاء.. سالوني اذا كنت امتلك ايميل ومسنجر.. اعطيتهم ايميلي وتواعدنا ان نتحدث في ثاني يوم في ساعة محددة... يتبع

دمت في حفظ الله ورعايته

__________________

دورة اقرأ وارتق ... دعوة لتلاوة القران الكريم


هل تتعرضين للابتزاز في الانترنت؟
هنا من ينقذك

اختي هداية الله
والنعم بالله اختي الحبيبة
انا اشعر دوما ان الله يحبني لانه اختار لي هذه الحياة.. فرغم الالم الا انني ربما لم اكن لاصبح الانسانة التي انا عليها الان.. فالمعاناة هي على ما يبدو من تصقل الانسان وتطهره من السواد.. اسال الله ان يجعلها كفارة لذنوبيشكرا جزيلا لك جزاك الله كل خير

عزيزتي روزالين....
ان اعباء الماضي الثقيل تلقي بضلالها عليكي فتجعل ..... وتحاول تشويه المستقبل
ارجوا ان تحاولي تناسيها وعيش حياتك الحالية فانتي الان ام وزوجة
بالنسبه لزوجك فبما انه مقبل عليكي فهو يحبكي كثيرا
اما سبب انزعاجكي من اقباله عليكي فهو بسبب اعباء الماضي
اقبلي زوجك كما هوة
واتركي ملاحضاته فهي طبيعيه عند الرجال
اتمنى لكي كل السعادة ياحبيبتي
احبي حياتكي الجديدة فقد عوضكي الله خيرا
اعذري اطالتي
وتبقى اولا واخيرا حياتك وانتي من تقرريها
تحياتي

اكمل لكم
لم استطع النوم في تلك الليلة لما اثاره بي صوت امي واخوتي من حنين رغم كل شيء... واصبح تفكيري كله باخوتي فقط.. اصبحت اتخيل كيف اصبح شكلهم .. كم اصبح طولهم? كيف هي حياتهم? هل هم سعداء هل هم تعساء كيف هي دنياهم.. و انتظرت ثاني يوم بفارغ الصبر حتى انني تغيبت عن الجامعة والعمل لاجهز نفسي للحديث او الشات معهم على المسنجر في عصر ذلك اليوم...
ذهبت للانترنت كافي.. واتخذت موضعا منزويا بعض الشيء لاخذ حريتي.. وفتحت المسنجر ووجدت اخي الاكبر قد عمل لي اضافة.... ووجدته اونلاين...
لن استطيع ان اصف مدى سعادتي وانا ارى اشارة المسنجر تشير الى انه يقوم بالكتابة... تحدثنا وتحدثنا وتحدثنا.. اظننا تحادثنا لما يقارب الساعة قبل ان اساله كيف اصبح شكلهم? قال لي هل تريدين صورة? قفز قلبي فرحا وشوقا وقلت له نعم! ارسل لي اول صورة له ولاخي الاصغر اول صورة اراها منذ تركتهم...
كلمات الدنيا كلها لن تستطيع وصف ما شعرت به.... بكيت كالاطفال.. والله اني اذكر ان دموعي وصلت رقبتي.. حتى ياقة الجاكيت الذي كنت البسه تبللت من الدموع... نفذت جميع مناديلي واصبحت عاجزة عن روية شاشة الكمبيوتر او كتابة اي شيء.. واصبح هو يكتب ويناديني روزا هل قطع النت? هل انت هناك?
امتدا اصابعي المرتجفة وكتبت له ساعود بعد قليل...
ذهبت الى دورة المياه الخاصة بالانترنت كافيه.. اغلقت الباب وجلست على الارض بعد ان احسست ان كل قواي التي املك قد خارت.. احسست انني فقدت كل شيء.. انني احس بسكاكين تمزقني من الداخل.. كان المي لحظتها الم شوق الم حب الم يشبه ام فقدت اطفالها... بكيت بكل ما في قلبي من حزن و حنين.... تمنيت لو انني املك جناحين لاطير حيث اخوتي واخطفهم واجعلهم فقط معي حيث انا... لقد كبرو كثيرا.. اخي الاكبر اصبح لديه شيء ما يشبه الشارب فوق شفتيه .. اصبح لديه ما يشبه تفاحة ادم في رقبته.. عيونهم تملاها الحزن في الصورة.. لم يكونا يبتسمان في الصورة.. هل انا ورحيلي سبب حزنهم ام ان حياتهم ايضا قد قست عليهم.. تساولات كثيرة في راسي..
خرجت وغسلت وجهي وحاولت التنفس.. وعدت لطاولة الكمبيوتر بسرعة خوفا ان يكون اخي قد اغلق المسنجر وذهب..
يتبع