شكراً لك، والاجمل وجودك ومتابعتك، الاندماج مع الناس شرط أساسي ومهم في أي سفر سياحي هدف التعرف على البلد وأهله وثقافته، والحقيقة أن الشعب المغربي سلسل جداً في التعامل ومتقبل وقلبه مفتوح، وهذا يساعد أيضاً على الاندماج.
بالفعل السفر يوسف الافق ويكسب الانسان الخبرة ويكسبه تجارب مختلفة متنوعة تنعكس على شخصيته وتعامله وتفكيره، ويختلف أثر ذلك من إنسان إلى إنسان، لأن بعض الناس يسافرون ويكون سفرهم وكأنهم لم يخرجوا من بلدهم لأنهم منعزلين عن الناس أو لايتحدثون إلا مع بعضهم البعض، ولايحاولون الاختلاط بالشعب والتعرف عليهم وعلى عاداتهم وثقافتهم، وبالتالي ينحرمون من الخبرات المختلفة والاخذ من مزايا ذلك الشعب أو ذاك.
وبالفعل الانسان لما يتزوج ستختلف أولوياته ومسؤولياته، وحتى ميزانيته تكون مركزة بشكل أكبر للعائلة، ويصبح تنقله للسفر أثقل، إلا أن كان زوجته لها نفس الميول والاهتمامات، ولديه هو الاستعداد للشراكة والاستمتاع معها في السفر.

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..

ما شاء الله رحلة رائعة وطريقة سفر قلّ من يفعلها.
عرفت كيف تخرج من سفرك بالفوائد في أقل وقت ممكن، وتركت سفساف الأمور والبهرجة وركزت على المضمون.
قليل من يفعل مثل ما فعلت، وأقل من القليل الصاحب الذي تستطيع التوافق معه، وتشترك معه بهذه الطريقة.
طريقتك هي ما يمكن ان نسميها ( السياحة الاجتماعية) وهي الغوص في تفاصيل البلد الأصلية ومعرفته من أفواه أهله وبيوتهم وطريقة عيشهم، دون الاهتمام بالأمور الحادثة التي توجد في أي بلد.
وصراحة .. لو طبقنا هذه الطريقة فيما بيننا لأسرعنا ببناء جسور التواصل، وقطعنا الطريق على محاولات الفصل بين الإخوة في البلاد العربية والإسلامية.
يبدو أنك مثلي تنفتح على الداخل، وتميل للمشاريع الفردية
أتمنى لك مشاريع ناجحة مقبلة، وتغطية لمناطق أخرى، وغوصا في تفاصيل الحياة.

مرحبا بدوب الزمن، ونورت الموضوع
حقيقة كانت سفرتي مدروسة للغاية من كل النواحي، حتى من ناحية التكاليف المادية، رحلتي تقريباً كانت سبع وثلاثين يوماً، وإن لم أديرها جيداً فإنها ستكلفني كثيراً، خططت لها قبل تسعة أشهر من ذهابي إليها، فصرتُ أقرأ عنها وعن كل مكان وأهم المناطق والأماكن فيه، وقد تتفاجئ لو قلت لك أن ميزانيتي كانت 5000 دولار لكل هذه المدة شاملة كل المصاريف وحتى الطيران والهدايا التي جلبتها، بالرغم من أني أخذتُ أكثر من ذلك المبلغ، والسياحة هي فن ومهارة وتفكير خارج الصندوق.
صحيح أني سياحتي ليست للاستجمام أو الاستلقاء على الشواطئ، إنما الغوص في المجتمع وفي أماكنه السياحية، واكتشاف الكثير منه، وهذه قد يكون فيها نوع من المشقة وعدم الراحة كثيراً، لأنك تضطر إلى التنقل من مكان إلى مكان وقد لايساعد الجو على ذلك بالرغم من أني ذهبت بوقت الربيع، كما أن التنقل بالسيارة من مدينة إلى مدينة لن يكون بذلك الراحة خصوصاً حينما تكون لوحدك، أيضاً كثير من السياح للأسف قد تكون سياحتهم مقتصرة على الأماكن المشهورة جداً أو الاسواق والمطاعم، وهذه ليست سياحة حقيقية.
المشاريع الفردية، أمر طبيعي جداً لشخص يسافر بمثل نوعية سفري، لأنه هذا النوع قد يكون قليل، لذلك حينما أسافر لدي جدولي وخططي وأماكني التي حددتها، ووقتي الذي أنام وأصحى فيه، وصعب جداً أن تجد من يوافقك على هذا البرنامج، لذلك لدي خطتي التي لا أقبل أن يعوقني أحد عنها.
بارك الله فيك، وشكراً لك، ولدي زيارة قادمة لروسيا يوم الجمعة القادمة، وهي تجربة جديدة لعالم مختلف وشعب ذو ثقافة مختلفة لتوه خرج من الشيوعية.

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..

الجديدة

ودعت الصويرة صباحاً، واتجهت بطريق الوطنية إلى الجديدة، كان البحر على طول الطريق عن يميني، كنتُ أمر على قرى صغيرة، أتوقف فيها أحياناً لأتزود بالوقود أو آخذ شيئاً من القهوة، كانت التضاريس الطبيعية تختلف قليلاً عما عهدته في رحلتي، كثبان رملية بشكلٍ شاسع، مررت بأسفي وتوقفتُ فيها قليلاً، ثم تجولت، بشكلٍ سريع بالسيارة، حتى وقفتُ عند سوبرماركت شهيرة وهي أسيما، اشتريت منها هدية لصاحبي الذي سألتقي به بالجديدة، بالإضافة إلى ماجلبته من تمرٍ وبخور من السعودية، أسفي مدينة متوسطة فيها شواطئ كثيرة، وفيها مصانع للفوسفات وغيرها، ثم غادرتها حتى وصلتُ إلى سكني في الجديدة، أخذتُ دشاً واستبدلت ملابسي، وقابلتُ صديقي عند الشاطئ بالقرب من الساعة الرابعة عصراً.
الجديدة مدينة متوسطة هي الأخرى ولكنها أكثر كثافة سكانية من أسفي، تشتهر فيها الشواطئ الخلابة، ويقضي فيها بعض أهل المغرب عطلاتهم وأوقاتهم فيها خصوصاً أهل كازا (الدار البيضاء) حيث تزدحم الجديدة بالناس في وقت الصيف، ذهبتُ مع صاحبي بعد أن أتفقنا أن نذهب لمطعم مشهور بالقرب من أزمور يبعد بضع كيلو مترات عن الجديدة، كان المطعم خاوياً، وهناك استعدادات لرمضان مع عروض متنوعة، أكلنا شيئاً يسيراً، ثم عدنا للجديدة ورحنا نسير على شواطها، حتى توقفنا عند شاطئ سيدي أبو زيد، لم يكن المكان عامراً بالناس، كوني أتيت فترة الربيع والناس مشغولون في مدارسهم، جلسنا على الشاطئ حتى حان الغروب وألتقطنا بعض الصور، حتى أظلم الليل وعدنا إلى الجديدة وتناولنا العشاء بأحد مطاعمها، ثم تجولنا في وسط مدينة الجديدة، الذي يبدو أن فيها اهتماماً جيداً بشوارعها وانارتها وشواطئها، بعد ذلك ونزلنا على شاطئ الجديدة، كان الشاطئ فسيحاً وشبه مليئ بالناس والشباب الذين يلعبون الكورة، كان الجو يميل إلى البرودة المقبولة التي لاتؤذي الجسم، كان الهواء الرطب يبعث نسماته علينا، حتى جاءات العاشرة فودعتُ صاحبي الذي سيذهب بالغد إلى الجامعة، بينما أنا سأزور المدينة القديمة بالجديدة، بالإضافة إلى أزمور.
قمتُ بالصباح من نومي، وحزمتي حقيبتي، وتوجهتُ مباشرة إلى المدينة القديمة، كانت مدينة قديمة ومرتبة وشوارعها فسيحة نسبياً مقارنة بالمدن القديمة في بقية مدن المغرب، هذه المدينة بناها البرتغاليون سنة 1514، وتتضح بصمتهم فيها على نواحي عديدة من ناحية البناء، زرتُ أشهر معلمٍ فيها وهو المسقاة، والمسقاة عبارة عن مبنى عظيم أسفل الأرض، صمم على الطريقة البرتغالية في البناء من الداخل حيث تنتشر الأقوس في طريقة البناء، والطريقة مذهلة وجميلة حيث تنحني الاقواس من منتصف الأعمدة لتلقي بالاقواس الأخرى القادمة من الأعمدة القريبة منها، فتشكل منظراً جمالياً، هذه المسقاة بنيت ليتم فيها تخزين الأسلحة لاستخدامه ضد أي هجوم من قبل المقاومين المغاربة على المدينة التي بنيت بجدار حصين، وكانت المدينة أيضاً محاطة بالماء من الجهات لكي يصعب على أي مقاوم الهجوم عليها، بعد ذلك تحولت السقاة إلى مخزنٍ للماء، بحيث يتجمع به ماء المطر، ثم يتم الاستفادة منه لأهل المدينة، وبعد أن اشتدت ضراوة الهجوم من قبل المقاومين المغاربة قبل أكثر من 250 سنة تقريباً بقيادة السلطان محمد بن عبدالله، وهربَ البرتغاليون بسفنهم وأغلقوا هذه المسقاة، ودمروا كل شيء من أسلحة وغيرها، وأخذوا ما استطاعوا أخذه، دخل المغاربة هذه المدينة ولم ينتبهوا لشيء حتى هذه المسقاة لم يكونوا يعرفوا بوجودها، بعد مضي أكثر من مائة وخمسون سنة في القرن الماضي، كان هناكَ يهودياً يسكن في الملاح، وله محل وأراد توسعة هذا المحل فراح يحفر من خلف محله حتى تفاجئ بالماء ينفجر وينهمر على محله ليعم المدينة، وتسائل الناس من أين جاء الماء، وبعد أن خرج أكثر مافي الماء ودخلوا هذه المسقاة، عرفوا أنها من صنع البرتغاليين، وتم الاهتمام بها من بعد وأصبحت معلماً يزوره الناس، ولما زرت هذه المسقاة وجدتُ بعض البرتغاليين السياح، كان هناكَ رجلاً طاعناً بالسن وظيفته أن يشرح للناس قصة هذه المسقاة، خرجت من المسقاة وكان بجانبها عرض وسومات للمدينة القديمة، والعديد من المدافع والمقذوفات التي صنعت من الحجر وتخرج من فوهة المدافع، وهي مقذوفات ومدافع متبقية من البرتغاليين.
رحتُ أتجول بقدمي على المدينة، وصعدتُ السور وتجولت به، وذهبتُ إلى المبنى المرتفع على امتداد السور الضخم وبزاوية المدينة مطلاً على البحر، حيث يحوي غرفاً وأماكن وفتحات تطل منها المدافع لمواجهة وصد أي هجوم يأتي من البحر.
انتهت جولتي من المدينة القديمة، ثم ذهبتُ إلى أزمور، وهي مدينة قديمة جداً أيضاً، كان للبرتغاليون بصمة بها، ويمر من خلال وادي أم الربيع، الذي ينبع من عيون أم الربيع التي زرتها أثناء رحلتي في وسط المغرب فيصب في المحيط الأطلسي، تجولت قليلاً داخل هذه المدينة الصغيرة، ثم ذهبتُ لمدينتها القديمة، وسلمتُ على وادي أم الربيع الذي لازلتُ أتلذذ بنقاء وطعم ماءه من منبعه، ودخلت المدينة القديمة بشكلٍ سريع، وإذا بي أقف على قبر رجلٍ يهودي داخل مبنى أو بيتٍ صغير، يأتي إليه اليهود المغاربة أو من خارج المغرب لزيارته والتبر به، كان جميع الحضور من النساء وكان يمنع دخول الرجال في ذلك الوقت، ورأيته من الخارج، ثم عدتُ إلى سيارتي، وخرجتُ من أزمور، ثم زرت منتجع مزكان الشهير، ومزكان كلمة برتغالية تعني الجديدة إن لم تخني الذاكرة، المنتجع كان رهيباً فسيحاً جداً لايمكن وصف حجمه، جميل للغاية يضم فنادقاً وفللاً وغير ذلك من أماكن ترفهية وخاصة للاستجمام، سعره غالي جداً، ومناسب لشهر العسل أو للمناسات الفريدة، بعد أن تجولت في هذا المنتجع، اتجهت إلى كازا، التي سأختم بها زيارتي للمغرب وستكون هي المدينة الأخيرة، قبل أن أعود مرة أخرى لفاس تلبية لطلب الشباب الفاسيين الذين تعرفت عليهم بعيون أم الربيع، ولأجل أن أذهب إلى الجمامات الكبريتية بمولاي يعقوب بالقرب من فاس والتي لم يسعفني الوقت للذهاب إليها حين توقفتُ بمكناس وفاس.

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..

صور مدينة الجديدة
===


الطريق من الصويرة إلى الجديدة
=

البحر الممتد على يساري بطريقي من الصويرة إلى الجديدة
=

وهنا المرور والتوقف بمدينة أسفي
=

مدينة أسفي
=

مازلت في مدينة أسفي
=

وهنا الخروج من أسفي ومواصلة السير إلى الجديدة
=

الدخول لمدينة الجديدة

=


شاطئ من شواطي الجديدة

=

=

جدار المدينة القديمة من الخارج، في أول يوم من وصولي ولكن لم أدخل داخلها في اليوم الأول
=

=

=

=

=

=

=

شاطئ الجديدة في الليل
=

=

=

=

مسرح عفيفي، وهو أحد المعالم المشهورة في الجديدة في وسطها
=

لفت انتباهي كما هو الحال في أماكن أخرى بالمغرب، استخدام كلمات فصيحة قد لاتكون مستخدمة كثيراً بالمشرق، مثل اطلاق كلمة محلبة على المعصرة، أو مصبنة على المغسلة، أو طريق منحرف على طريق منعرج، أو يمنع الولوج على يمنع الدخول، وغير ذلك من العبارات الفصيحة التي قد لاتكون مستخدمة في المشرق العربي، وهذا شيء جيد للسائح اكتشافه ومعرفته، وعدم استغرابه لو لم يكن مستخدم في بلدهم.
=

ولاحديث يعلو فوق صوت شواطئ الجديدة
=

شاطئ سيدي بوزيد
=
=

في الصباح بدأتُ زيارتي للمدينة القديمة
=

وهذا سورها
=

أحد شوارعها
=

وهذا مدخل المسقاة
=

=

مجسم داخل المسقاة للمدينة القديمة، ويبدو الماء محيطاً بها، وهذا ما صنعه البرتغالييون ليحدوا من اختراقها
=

=

من داخل المسقاة والبناء الجميل والتصاميم المميزة
=

=

=

=

زاوية المدينة القديمة وأمامها البحر وعلى الجنب يبدو الماء الذي شق له البرتغاليون بجانب المدينة
=

مدفع وأمامه المنفذ الخاص به، ليطل برأسه على الخارج
=

المحيط الاطلسي بشموخه ورهبته
=

=

بالطريق إلى أزمور
=

بوابة الدخول لمنتجع مزكان
=

سور المدينة القديمة لأزمور
=

أحد الأبواب الصغيرة التي تقودكَ لداخل المدينة القديمة في أزمور
=

المعبد اليهودي
=

حبيبي وادي أم الربيع
=

وادي أم الربيع في طريقه إلى معانقة المحيط الأطلسي
=

وادي أم الربيع قادماً بكل الشوق إلى المحيط الأطلسي
==
==

هنا انتهت صور رحلة الجديدة، وألتقي بكم في الدار البيضاء (كازا بلانكا)

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..

ما شاء الله تبارك الله

تقرير قمة في روعة

بارككم الله

__________________
أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم

شكراً لك لوفتي على متابعتك وتشجيعك، أقدر ذلك.

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..

الدار البيضاء (كازا بلانكا)
=====

الدار البيضاء هي العاصمة الاقتصادية، وهي أعلى مدينة مغربية من ناحية الكثافة السكانية، وهي مدينة تكثر فيها الشركات، وتطلق بالعربي الدار البيضاء، وينادى لها كثيراً بكازا بلانكا وهو اسم اسباني يعني الدار الأبيض، ولا أدري لماذا أطلقت البيضاء على الدار حين ترجمت بالرغم من أن الدار مذكر! يهمنا هنا المدينة، ويطلق عليها غالباً بكازا اختصاراً لكازابلانكا.

ودعت الجديدة وماحملت، واتجهت على الطريق السيار إلى كازا حتى تبدت لي ودخلتها مع طريقها الشبه مزدحم وبشوارعها الفسيحة قياساً بالكثير من المدن المغربية، وبطبيعتها الاقتصادية، وباكتضاض سكانها، وبالاعلانات التي تعتلي بعض البنايات أو اللوحات في الطرق، وصلتُ الشقة التي أستأجرتها عن طريق Airbnb ، كانت عبارة عن شقة جميلة ومرتبة وفسيحة فيها غرفتان، غرفة ستكون لي، بينما الغرفة ستكون للضيف الآخر الذي لم أراه طيلة مكوثي في تلك الشقة، كان كلاً منّا له دورة مياه خاصة فيه، وسنتشارك المطبخ والصالون الفسيح والمرتب، سكنتُ في حي بوركون، لايبعد كثيراً عن الشاطئ ولا عن عين ذياب ولا عن جامع الحسن الثاني ولا عن أنفا، وكل شيء قريب، هذا الحي ذو موقع استراتيجي ومميز.
في ذات اليوم، أخذتُ سيارتي ورحتُ أسير بها عبر الشاطئ الطويل من جامع الحسن الثانية مروراً بعين ذياب حتى موروكو مول، توقفتُ عند عين ذياب، وتجولت فيها على قدمي، على طول الشاطئ الفسيح، الناس هناك تمشي أيضاً بشكل كثيف، والشمس ترسل خيوطها في جو ربيعي وكأنهن حريرٌ قد نثرّ على وجوهنا، ذهبتُ إلى دورة المياه التي بجانب الشاطئ، ولما خرجتُ منها كان لابد أن أعطي درهمين للرجلين اللذان يجلسان بجانبها وهم يعملان هناك، رأيتهما يشربان آتاياً فطلبت منهما كوباً، وكعادة أكثر المغاربة أعطاني كأساً منه بكل صدرٍ رحب وباهتمام بالغ، رحنا نتحدث ونضحك حتى ودعتهما وعطيتهما أكثر من قيمة المبلغ الذي يجب أن أدفعه، بعد ذلك غادرت الشاطئ وذهبت إلى مروكو مول، والذي يعتبر الأكبر والأشهر في المغرب، تجولتُ به، لم يكن مزدحماً إنما كنا في يوم بوسط الاسبوع، كما أن الاختبارات في تلك الفترة، ذهبت عند أحد المقاهي التي تقدم الأكلات الغربية فطلبتُ منه شيئاً من الكوفي وكريب بالنوتيلا، ثم تجولت بالمول في أدواره الثلاثة، حتى أطبق الليل، وعدتُ مرة أخرى لعين ذياب أتجول به على الشاطئ، وصادف أن كانت هناك مباراة للوداد البيضاوي، وكان قد فاز بتلك المباراة ويبدو أنها مهمة للغاية وتعني له الصدارة المطلقة، وإذا بالمشجعين والمناصرين يتوافدون على هذا المكان بشكل كبير، واللون الأحمر قد ساد بعين ذياب، فلا صوت فوق الوداديين، كانوا يشجعون ويهتفون ويغنون أهازيح فريقهم، الأطفال والشباب والشابات والنساء والرجال والعجائز، وكأنه انتصاراً ساحقاً، كان الجنون يعم المكان والفرح قد تطاير من أعين الجميع، عدا بعض مناصري الرجاء الذين نكست رؤوسهم وهم يسيرون بجانب اللون الأحمر ، اشتد البرد علينا ماعدا أولئكَ الراقصون على أنغام فريقهم، رحتُ أكل شيئاً من ماكدونالدز، ثم شعرتُ أنه حان لي أن أعود لأنآآم فقد داهمني النوم ولا أرى سوى منامي.
فقتُ من نومي ورحتُ أتجهز لصلاة الجمعة، حيث سأوديها في جامع الحسن الثاني الكبير والجميل والشهير، ذهبتُ هناك وأدهشني ذلك البناء وتلك التحفة المعمارية التي أريد لها أن تبقى خالدة على مر الزمن كما بقيت أخواتها في كل المدن المغربية مئات السنين، الفن والبناء المغربي له بصماته في كل شبرٍ من المسجد، فلا تملك إلا السكوت من أثر الجمال والصمتُ في حرمِ الجمالِ جمالُ، الناس تتوافد للصلاة، المسجد يكتظ بالمصلين، الرجال الشباب الاطفال النساء الشيوخ العجائز الجميع يصبو للمسجد وكلٍ يأخذ مكانه، بدأ الخطيب في الخطبة وكانت خطبة ذكية مزج فيها الفصحة بالدارجة المغربية، وكان نموذجاً جميلاً في قدرة الخطيب على مخاطبة العامة بالاسلوب الذي يصلهم بشكلٍ أبلغ، انتهت الصلاة وغادرنا المكان. ذهبتُ باتجاه الشاطئ ولكن هذه المرة باتجها شمال كازا، اقتربتُ من المينا، ولكن لضخامته لم أدخله ولا أعرف من أين أبدأ، سألتُ عن المدينة القديمة وذهبتُ إليها، وكان يتوجب أن يكون معي أحد، لكن غيرت الفكرة وذهبتُ إلى سوقٍ شعبي يبيع بعض الملابس المغربية، أردتُ أن أشتري لأختي التي وعدتها أن أجلب لها قفطاناً، ولأمي جلّابة، ولكن لم يكن هناك شيئاً مناسباً، حتى رحتُ أتجول داخل كازا، ثم ذهبت إلى التوين سنتر وتحديداً حي معاريف الشهير والمكتظ بالمحلات والاسواق والمكاتب التجارية، فهو قلب العاصمة الاقتصادية، وكانت الزحمة على أشدها، وهي تجعلك متوتراً قليلاً ومشغول البال بدلاً من أن تقضي وقتكَ مستمتعاً بالتنقل من مكان إلى مكان، ثم ذهبتُ إلى الحبوس وهي حي شعبي يقع في وسطه سوق تقليدي تباع فيه المنتجات المغربية، رحتُ أتجول هناك، وبحثتُ عن بعض الملابس لأختي وأمي، ولكن لم أجد مايناسب، حتى وقفتُ على محلات بيع الأواني المغربية، فإذا برجلٍ كبير السن تبدو خبرته في البيع والشراء كبيرة، فرحتُ أتجول في دكانه الصغير، وأعجبتني الصينية المغربية والإبريق المغربي الذي كتب عليه أنه صنع بفاس، وكذلك الكيسان المغربية التقليدية ذات الألوان المختلفة، اشتريتهم جميعاً ب 350 درهماً، وكان مبلغا جيداً ومناسباً كما قال لي بعض المغاربة ممن سألتهم عن الأثمان، ثم رحتُ أمشي بين أزقة الحي، والحذر يلازمني إذ انتقل من زنقة إلى زنقة أضيق منها والناس منتشرون والفقر قد بدأ عليهم، وعدتُ إلى المحل الذي اشتريت منه الأواني وأخذتها وعدتُ لسيارتي وبطريقي توقفتُ عند محلٍ يبيع الشباكية، وهي عبارة عن حلا مغربي مشهور تروج بضاعته في تلك الأيام كيف لا ورمضان على الأبواب، كانت تلك الشباكية ألذ شباكية أكلتها في المغرب، بالرغم من أن الناس نصحوني أن اشتريها من فاس، وياليتني لم أتبع نصيحتهم، أشتريت نصف كيلو منه، وأكلتُ بعضها بالطريق وأعطيت الباقي للعساسين أو حراس العمارة، جلستُ في غرفتي مايعادل الساعتين حتى قمتُ وقصدتُ طماريس، حيث الشواء على أشده وهي منطقة خارج كازا تقريباً لاتبعد عنها إلا بضع كيلوات، يباع فيها اللحم المشوي وتنتشر محلات الشواء هناك، ويأتيها الناس من كل مكان، طلبتُ شيئاً من اللحم وأكلته، بعدها رحتُ أتجول بسيارتي بعين ذياب، وأنزل تارة وأمشي على قدمي، حتى غلبني النعاس فعدتُ إلى شقتي واستلقيتُ فوق سريري ووجدتني نائماً حتى الصباح.
في اليوم الثالث قمتُ من نومي وقد شبعت، وغيرتُ ملابسي، ثم ذهبت إلى الكوفي القريب مني، والذي سأفطر به مجاناً، كون الشقة التي استأجرتها سيكون الفطور مضافاً إليها بالمجان، وإن كان فطوراً خفيفاً، إلا أنه كان ممتعاً، ثم بعد أن خرجت رحتُ أتجول على أحياء كازا، وذهبتُ إلى الأحياء التي كنتُ أسمعها عنها منذ زمنٍ طويل، مثل عين السباع ودرب السلطان وسيدي مومن وسيدي عثمان، وكنتُ قد واعدت أحد الأصدقاء المغاربة، حتى قابلته وذهبنا مرة أخرى إلى طماريس وأكلنا بعض المشاوي، وكنتُ قد قرأتُ عن كفتة بالفورماج (الجبن) وطلبتها، وكانت ثقيلة جداً على البطن ولم استطع أن أكل إلا جزء يسير منها، بينما صاحبي لم يرغب بها، جنّ علينا الليل، ودعتُ صديقي وعدتُ إلى شقتي.
في اليوم الرابع ودعتُ كازاً متجهاً إلى فاس مرة أخرى وملبياً لدعوة الشباب الذين تعرفتُ عليهم في عيون أم الربيع حيث كثيراً ما ألحوا علي أثناء سفري بأن أزورهم هناك، حيث سنلتقي ونتجول في فاس، وبالفعل اتجهت إليها في ذلك الصباح.

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..

ما شاء الله تبارك الله

بالنسبة للصينية المغربية بأكوابها و برادها ، خصوصا ان كانت جميلة و منقوشة قد يفوق سعرها 350 درهم ، و ما اراه الا ثمانا جيدا ...ان كنت تقصد السعر الاجمالي للمجموعة و ليس البراد وحده او الصينية وحدها !

__________________
أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم

مرحبتين، أقصد السعر الاجمالي للمجموعة.
لم يكن لي معرفة ودراية بالاسعار المناسبة، وحقيقة أنا فاصلته بالسعر لأنه عطاني أكثر من ذلك لا أذكر 400 أو 450 درهم، حتى وصل إلى 350، ولي موقف سابق كنت في مراكش في رحلة سريعة قبل هذه، وفي جامع الفناء سألت عن براداً فقال لي ب 400 درهم!! ولم اشتر منه ليقيني أن سعره مبالغ ويريد أن يستغلني كسائح، فترسخت هذه الفكرة، وبقيت أقول لكل بائع أريد أن أشتري منه لاتعاملني كسائح إنما كواحد من أهل البلد، فأعطني السعر الذي تعطيهم، المهم بعد أن وصلنا إلى 350 درهم صورتهم وأرسلت ذلك إلى أصدقائي من المغاربة بالواتس آب، فقالوا أن السعر مناسب جداً بل رخيص، واشتريته، ولازلت أشرب منه، وسأضع صورته مع الصور

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..