تعلمت الحب من والدي
مساء أمس وبعد أن انتهينا من العشاء أنا وأسرتي
كانت أمي تجلس بجانب أبي فطلب منها والدي أن تقترب منه
ووضع يده خلف كتيفيها ووضعت أمي رأسها على كتفه
طبعا أمي خجلت كثيرا فهذه هي المرة الأولى التي يطلب والدي منها هذا الشيء علانية
وقالت له ممازحة ( أراك مفتقدا للحنان يا أبا فلان )
فقال لها أبي ضاحكا ( شيء من هذا القبيل )
نظرت إلى والدي وقلت في نفسي حقيقة ( لقد تعلمت منكما الحب يا والدي)
لطالما كنا نعرف أنا وأخوتي منّذ أن كنا صغارا أن أبي يحب أمي وأن أمي تحب أبي
لكن أمي كانت تخجل أن تظهر هذا الشيء أمامنا مع أنني أراه
في عينيها عندما تنظر إلى أبي
في قلقها عليه عندما يمرض
في انشغال بالها عليه عندما يتأخر عن البيت
في عنايتها بتحضير أغراضه وتبديل ملابسه
في اهتمامها بنوعية أكله الملائم لصحته
باختصار في كل شيء يخصه
لكن أبي كان يظهر لها حبه بأفعال أكثر خصوصية
فمثلا عندما تسأله عن أكلة جديدة طبختها وأرادت رأيه فيها فتسأله ( حبيت هي الأكلة؟؟؟ )
فيرد عليها ممازحا ( لا حبيتك أنتي )
مثلا يأتي أحفاد العائلة لتقبيل يد أمي- فهي تحب قبلة اليد - فيأتي معهم ليقبل يدها لكنها طبعا تسحب يدها ويتضجر وجهها بحمرة الخجل
يقول لها دائما أمامنا أنه (يدعو الله أن يجعلها زوجته في الدنيا والآخرة )فالحبيب لا يريد إلا حبيبه
يقول لها دائما (يجعل يومي قبل يومك يا أم فلان ) فأنا من بعدك لا أسوى شيئا
لم أره مرة في حياتي يقبلها
لكنه يفعل أشياء كثيرة تعبر عن حبه لها أكثر من القبلة
الخلاصة من هذا كله أننا تعلمنا الحب حقيقة من والدينا
فلو أن كل أب وكل أم ربيا أولادهما على الحب والمودة والاحترام والاهتمام لما رأينا هذه المشاكل التي تظهر عند الأبناء
فلا أذكر أني قد واجهتني أنا أو أحد من أخوتي في سن المراهقة مشاكل سببها النقص العاطفي أو الاهتمام الأسري والتربوي فكل ذلك كان موجودا في بيتنا والحمد لله ولايزال
ولو أن كل زوج وزوجة اهتما بإظهار الحب لبعضهما بعضا في كل شيء لما رأينا المشاكل التي تظهر بين الأزواج فكل ذلك أيضا كان موجودا بين أبوي ولله الحمد ولا يزال
لا يخلو بيت من مشاكل عادية بسيطة تحصل بين حين وآخر فهي بهارات الحياة كما يقولون وهي أيضا مجددة للحب بين الطرفين
فالحب إذن ليس فقط كلمة تقال ولا فعل يمارس
الحب عطاء
الحب اهتمام
الحب احترام
الحب تفهم
الحب قلق
الحب ألم
الحب تآزر
باختصار
الحب حياة
أرجو من الله العلي القدير أن يملأ قلوبنا بحبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم
فهو قدوتنا وأسوتنا في كل شيء
انظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو في أيامه الأخيرة يستأذن نسائه أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها
ولا يزال حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها يتراءى لي وهي تقول ( من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وأن الله جمع بين ريقي وريقه )
فأي حب أعظم من هذا الحب وأي رجل أعظم من هذا الرجل صلوات ربي وسلامه عليه
معذرة على الإطالة
ودمتم في أمان الله
التعديل الأخير تم بواسطة أمة التواب 80 ; 10-05-2010 الساعة 06:19 PM