العزيزة أم جمانة..
في حياتي كلها لم تحترق لي أكواخ ولله الحمد .... هو كوخ واحد .. ربما يكون احترق ولكنني حينها لم أسشعر احتراقه ولم تلهبني نيرانه .. رغم أن أخرى مكاني لكانت شعرت بالدمار والانهيار وبإحباط ما بعده إحباط.
المسألة تتعلق بالرجال والزواج .. ولكنها في المقام الأول تمس إنسانيتي وكرامتي وكياني كامرأة.
سأذكر لكم مقتطفات متفرقة من احتراق هذا الكوخ:
* رآني أول مرة في بداية تعييني في الوظيفة (كان عمري آنذاك 19 سنة) .. هو لم يكن ممن يمكن أن يلفت الانتباه .. لا شخصية ولا تعليم ولا وظيفة ولا عائلة ولا شكل .. وفوق هذا تزوج مرتين .. طلق الأولى وكان يخوض قضية طلاق في المحكمة مع الثانية وله أبناء من الاثنتين .. في البداية لم يجرؤ على الاقتراب مني ....
وعندما شارفت على السابعة والعشرين تجرأ على الاقتراب .. لأفاجأ برجل ينظر للمرأة بأنها أقل شأناً منه وفحوى كلامه كانت تشير إلى أنه ما تجرأ على الاقتراب مني إلا لأنه اعتقد أنني سأقبل به وقد وصلت لذلك العمر دون زواج!!!
* رآني في العمل وكلمني مبدياً رغبته في الارتباط .. وافقت ولم أهتم لكونه مطلقاً .. تحدث مع والدي وحدد موعداً لأهله حتى يأتوا ليروني .. جاءت أمه وأخته (وهي كذلك مطلقة) وجارتهم .. وبعد انتهاء اللقاء اتصل بي ليقول لي بأنني
لم أعجب أمه كما أنني قصيرة وهو طويل!!
(أنا 155 وهو 190 حسبما أذكر)
* كان يعرف بعضاً من معارف أختي .. حدثوه عني .. رآني ورأيته وخرجنا بانطباع أولي جيد أدى إلى خطوبة دامت شهراً واحداً (ليس عقد قران) .. واكتشفت خلال هذا الشهر أموراً لا تلائمني .. ثم حدثت مشكلة دفعت لاجتماعنا مع والدته لحل الموضوع لأفاجأ في هذا اللقاء بوالدته وبعد شهر كامل تقول:
والله ابني ما يقدر يفتح بيت بروحه ولازم تشتغلين عشان تساعدينه!!!
بعد كل هذا التقيت زوجي الحبيب وأنا في الثامنة والعشرين وهو يكبرني بعامين .. وتزوجنا وأنا في الثلاثين .. ولم تكن مسألة العمر تلك مطروحة بأي شكل من الأشكال ولم أشعر في كافة الخطوات التي خطوتها معه بأن تقدم عمري يمثل عيباً أو نقصاً .. كما أنه طويل تبارك الرحمن (185سم) .. وكان ترك العمل والجلوس في البيت هو شرطه الأساسي .. بل إنني تأخرت في الاستقالة قليلاً بعد الزواج ولم يحدث خلال ذلك أن أخذ أو طلب مني فلساً على الإطلاق (اللهم إلا سلف ويرده حتى لو كان عشرة دراهم

) .. وفوق هذا التزام وأخلاق وشخصية وعقل ونضج وحب وحنان.
باختصار .. ربما احترق كوخي في وقت ما .. ولكن الله رزقني بعد ذلك قصراً رائعاً .. اللهم لك الحمد والشكر على نعمتك ورزقك.