مشاهداتي في الحج
أمتنا أمة متميزة عن سائر الأمم التي خلت من قبل كما قال تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس} ومعنى الوسط: الخيار العدول.
ولم تتبوأ الأمة على هذه المكانة إلا بفضل نبيها محمد عليه الصلاة والسلام فهو أفضل الأنبياء والمرسلين وأمته أفضل أمم العالمين.
ولن أتكلم في هذا المقال عن فضائل هذه الأمة وخصائصها وإنما سيكون حديثي عن بعض مشاهداتي في حج هذا العام 1431هـ والتي تدل على بعض صور التميّز لدى أمتنا الغالية وأن الخير لم يزل باقياً فيها ويبقى إلى قيام الساعة فقد جاء في الحديث (أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره) رواه الترمذي.
فمن مشاهداتي في الحج:
1) كنا في يوم عرفة جلوساً في مسجد نمرة وكان بعض الناس نائمين وبعضهم يتكلمون وبعضهم يذكرون الله ويدعونه... وبينما القوم كذلك إذ نفاجأ برجل طويل القامة أبيض البشرة كثّ اللحية قد ازدانت بنور الشيب, وحوله كوكبة من الشباب؛ وإذ بهذا الشيخ يتنقل في أروقة المسجد وينادي القوم النائمين والغافلين قوموا اذكروا الله واجتهدوا في الدعاء.. يا قوم إن الله يباهي بكم الملائكة في هذا اليوم العظيم.. ولم يكتفِ بارك الله فيه بالنداء بل كان يذهب بنفسه إلى النائمين ويوقظهم, فلله درّه... اسأل الله أن يشرح صدره ويعظم أجره ويرفع ذكره.
لقد ذكرني هذا المشهد بقول الله تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} وقول النبي صلى الله عليه وسلم (ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله).
2) في ليلة المبيت بمزدلفة وبعد أن أخذنا مضاجعنا أنا ورفقتي جلست بجوارنا عائلة كريمة فتضايقنا قليلاً لوجود النساء معهم فقد كنا حريصين أن يكون بجوارنا رجال.. لكن فجأة ذهب عنا هذا الضيق لأن القوم الكرام أتوا بخيام صغيرة وأدخلوا فيها النساء.
هذا الموقف أثار في نفسي مسألة تكريم المرأة في الإسلام وأنها درّة مصونة وجوهرة مكنونة يجب أن نحافظ عليها ونكرمها.
3) وهذا موقف أيضاً يدل على تكريم المرأة في الإسلام وأن مكانتها كبيرة فهي الأم الرحيمة والزوجة الحنونة والبنت العطوفة والأخت العزيزة..
ركبنا القطار وكل أخذ مقعده وبينما كنا قعوداً إذ دخل مجموعات من النساء ولم يكن لهن مقعد؛ فمباشرة قام الرجال من أماكنهم وتركوها للنساء وظلوا واقفين.
.....................................
مشاهد الحج كثيرة لكن هذه المواقف جعلتني أكتب عنها .
أسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم وأن يتجاوز عنا, والحمد لله رب العالمين.
أبو ناصر22
الاثنين
16/12/1431هـ - 22/11/2010
__________________
قرأ وهيب بن الورد رحمه الله قوله تعالى {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا} ثم بكى! وقال: (يا خليل الرحمن ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لايتقبل منك) تفسير ابن كثير1/167