سلامٌ قولاً من ربِّ رحيم،
بشرينا أولاً، ماذا فعلتِ مع المعدد الذي جاءك يخطب ودك؟
كان علماء النفس قديماً وحديثاً يؤكدون على أنّ أحلام اليقظة مدمرةٌ وليست معمرة. هي كالخمر، كلما عبّ المرءُ منها قدحاً، ذهبَ في طلبِ آخر، حتى يثملَ فلا من النوم يفيق ولا الحراك يطيق.
ولستُ هنا أنصّب نفسي راهباً يأمر الناس بالبرّ، ثم لا يلبث أن ينسى نفسه! لكنّ الذكرى تنفعُ المؤمنين، وقد قيل بأن المرء إذا أرادَ أن يتعلم أمراً، فعليه أن يعلمه غيره.
وأما العُزّاب الصناديد، الهائمون في عشق الوحدة، الغارقون في صبابة الإنطلاق بلا قيود، المرتوون من كأس الأنانية المُفرطة، فهم أكثر النائين عن المرأة، العازفون عنها، الهاربون من قيدها! العلاقة بينه وبين المرأة عكسية، تزداد فُرجةً واتساعاً كلما تزايدت شموسه التي تغرب.
وعلى ذلك فيكون ماقالته أختُكِ صحيح. الرجل الأعزب في مجتمعنا أو غير مجتمعنا، يستمريء الوحدة ويستعذب الإنفراد ويستلهم الأنا في كل سكناته وحركاته، إلا أن يشاء الله في أمره شيئاً آخر.
وضعُ الشروط المسبقة في بوتقة ضيقة لن يأتيَ إلا بخيبة أمل، يتبعها رجاءٌ مُعلق، ودعاء منقطع، ولربما غالب النفسَ اليأسُ، وداهمها من حيث تحصّنت منه. وما أدراكِ ماليأس.
وقد قال الشاعرُ قديماً "ما أضيقَ العيش لولا فُسحة الأملِ". فوسّعي على نفسكِ و"بحبحبيها شويتين"، وسّعَ الله عليك دنيا وآخرة، ورزقكِ من حيث لا تحتسبين.
بالمناسبة، تلك الطفلة العذبة التي تقف صورتها بجوار اسمك لها عينان بريئتان توحيان بالحزن والبؤس قليلاً. حيرةٌ فضفاضة تغشى وجهها، كأنما جُلل بالهموم من صغرها.
__________________________________________
كُن بلسماً إن صــار دهرُك أرقمـا ،،، وحلاوةً إن صار غيــرك علقـــمـا
إن الحيــاة حبتـك كــل كنوزها ،،، لاتبخلنّ عـلى الحيـاة ببعــض ما
من ذا يكافـيء زهــرةً فواحــةً ،،، أو من يثيبُ البلــبل المترنمـا
لو لم تفح هذي وهــذا ما شــدا ،،، عاشت مذممـةً وعـاش مُـذمـمـا
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفـــا ،،، لولا الشعورُ الناسُ كانوا كالدمى
أحببْ فيغدو الكـوخُ كوناً نيّـــرا ،،، وابغـضْ فيُمسي الكون سجنا مظلما
__________________________________________
وفقكم الله،
عبدالله،،،