الاخ ميمو ان قلبي معك و قد اخنرت لك هذه المقاله، واسال الله ان ينفعنا واياك بها
أبشر.. أيهاالمريضد. محمد الركبانراجعهافضيلة الشيخ: عبد الله بن جبرين
الحمد لله مقدر الأقدار، وكاشف الأسقام، ودافع الأكدار..
والصلاة والسلام على نبيه المختار، وآله الكرام وصحبه الأخيار..
أما بعد:
فإلى من شاء الله ابتلاءهم بالشدائد والكروب..
وإلى من أراد تمحيصهم بالأسقام علام الغيوب..
فذاك مريض فقد صحته..
وآخر حار في معرفة سقمه وفهم علته..
وثالث خارت قواه وزالت بشاشته..
وهم- مع ذلك-...ذاكرون شاكرون، وصابرون محتسبون.. وتأملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» [رواه مسلم].
فوعوا الخطاب، وأعدوا له محكم الجواب..
فكم من نعمة لو أعطيها العبد كانت داءه، وكم من محروم من نعمة حرمانه شفاؤه.. { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم } [البقرة:216]
أخي المريض.. شفاك الله وعافاك، ومن كل سقم وبلاء حماك..
قلب طرفك في هذه العجالة، وجل ببصرك بما فيها من عبارة ومقالة..
فهي وقفات مطعمة بنور الوحي، ومعطرة بعبير الرسالة..
أسأل الله تعالى أن يجعل في ذكرها عزاء، وفي دعائها شفاء، وفي أحكامها غناء.
الوقفة الأولى.. المتاع الزائل..
تلكم هي الدنيا التي اغتر بها كثير من الناس فجعلها منتهى أمله، وأكبر همه..وصفها ربها بقوله : { وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب } [العنكبوت: 64]
{ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } [الحديد: 20].
عن أنس بن مالك – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط » [رواه الترمذي]فالبلاء والأسقام إذا كانت فيمن أحسن ما بينه وبين ربه ورزقه صبرا عليها كانت علامة خير ومحبة. ومن تأمل سير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام- وهم من أحب الخلق إلى الله- وجد البلاء طريقهم، والشدة والمرض ديدنهم.. ولهذا لما مر وهب بمبتلى، أعمى مجذوم، مقعد عريان، به وضح، كان يقول: الحمد لله على نعمه، فقال رجل كان مع وهب: أي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها؟ فقال له المبتلى: ارم ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى أكثر أهلها، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري.
الوقفة الثالثة.. البلاء طريق الجنة..
إن الأمراض والأسقام من جملة ما يبتلي الله تعالى به عباده، امتحانا لصبرهم، وتمحيصا لإيمانهم.. بل هي- لمن وفق لحسن التأمل والتدبر- نعمة عظيمة توجب الشكر..
قال تعالى: { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } [البقرة: 155- 157].
الله أكبر.. أي فضل بعد صلوات الرب ورحمته وهداه ؟
الوقفة الرابعة.. الأجر الجاري..
من لطف الله تعالى ورحمته أنه لا يغلق بابا من أبواب الخير إلا فتح لصاحبه أبوابا.. فعلاوة على ما يكتب للمرضى من الأجر جزاء ما أصابهم من شدة ومرض وصبرهم عليه، لا يحرمهم ثواب ما اعتادوا فعله من الطاعات إذا قصروا عنها بسبب المرض. فعن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما » [رواه البخاري] فأي كرم بعد هذا الكرم، وأي فضل أوسع من فضل مسدي النعم..؟
راحة العبد من العمل، وكتابة أجر ما كان يعمل..
الوقفة الخامسة.. لا بد للعسر من يسر..
هذه سنة الله تعالى في خلقه..ما جعل عسرا إلا جعل بعده يسرا. .
والأمراض مهما طالت وعظمت لا بد لأيامها أن تنتهي، ولا بد لساعاتها- بإذن الله- أن تنجلي..
قال تعالى: { فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا} [الشرح:5-6].
الوقفة السابعة.. لكل داء دواء..
من رحمة الله تعالى أن المرض مهما بلغ من الشدة والعناء، وشاء الله للعبد الشفاء، يسر له دواء ناجعا، وعلاجا نافعا.. فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» [متفق عليه]. منها.. حسن التوكل على الله والالتجاء إليه وحسن الظن به.. فهذا خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم يصدع في يقين الواثق: { وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: 80].
فلا شافي إلا الله، ولا رافع للبلوى إلا هو سبحانه..
والراقي والرقية والطبيب والدواء أسباب قد يسر الله تعالى بها الشفاء..
فاجعل توكلك على الله وتعلقك به لتظفر بالصحة والعافية في الدنيا، والسلامة والفوز في الآخرة..
فإذا ابتليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله ، وهو سبحانه حكيم عليم لا يفعل شيئا عبثا، ورحيم تنوعت رحماته، لا يقضي قضاء إلا كان خيرا للعبد، ومنها التدواي بالرقى الشرعية من الكتاب والسنة..
قال تعالى { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء: 82].
فاحرص- شفاك الله- على رقية نفسك بالقرآن وما ورد في السنة وذلك كقراءة سورة الفاتحة، والبقرة، والإخلاص، والمعوذتين.. وغيرها، والقرآن كله شفاء ورحمة..
ومما ورد من الأدعية والأذكار ما جاء عن عائشة- رضي الله عنها-« أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا- ووضع سفيان بن عيينة- أحد الرواة- سبابته بالأرض ثم رفعها- وقال: بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا» [متفق عليه].
لكن هذه الأدعية والرقى تريد قلبا خاشعا، وذلا صادقا، ويقينا خالصا، لا ترديدا على سبيل التجربة والاختبار.. ومنها.. الاستعانة بالصلاة.. قال تعالى: { واستعينوا بالصبر والصلاة..} [البقرة: 45]. و«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى.. »[رواه أحمد]. ومنها.. الإكثار من الصدقة.. فعن أبي أمامة- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «داووا مرضاكم بالصدقة» [صحيح الجامع].
ومنها.. التداوي بما ورد أنه شفاء.. كالعسل والحبة السوداء وماء زمزم والحجامة..
ومنها.. التداوي بما أحله الله من الأدوية المباحة..
الوقفةالثامنه.. إحذر مزالق الشيطان.. فهو لا يفتأ يتربص بالمسلم في حال قوته ضعغه..
فاحذر- رعاك الله- من مزالقه.. ومنها:
• إساءة الظن بالله أو التسخط والجزع.. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله- عز وجل-يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرا فله، وإن ظنه شرا فله» [رواه أحمد وابن حبان] يعني ما كان في ظنه فإني فاعله به.
• إشاعة المرض، أو استطالة زمنه..
فاحرص على كتم آلامك وأحزانك، واحذر من إشاعة مرضك، والتحدث به على سبيل الشكوى والاعتراض.. لا على سبيل الإعلام والإخبار..
قال معروف الكرخي: إن الله ليبتلي عبده المؤمن بالأسقام والأوجاع، فيشكو إلى أصحابه فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ما ابتليتك بهذه الأوجاع والأسقام إلا لأغسلك من الذنوب فلا تشكني.
• إضاعة الأوقات فيما لا ينفع، أو فيما يسخط الله
• التداوي بالمحرمات.. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام» [رواه أبو داود].
ومن أشد هذه المحرمات.. إتيان السحرة والكهنة، قال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» [رواه أحمد والحاكم].
وهو طريق الخزي والمحق في الدنيا، والخسارة والذلة في الآخرة..
ولئن يصبر العبد على مرارة المرض وشدته خيرا له من أن يسلك طريقا يفضي به إلى النار.
أخي المريض..
شفى الله سقمك، وعظم أجرك، وغفر ذنبك، ورزقك العافية في دينك وبدنك..