|
( النشوز في القرآن الكريم / تعريفه وعلاجه )
أولاً / تعريف النشوز : في اللغة : الإرتفاع ، أي ارتفاع المرأة عن المكان الذي يضاجعها فيه زوجها و كذا الرجل ، إرتفاع الرجل عن المكان الذي يضاجع به زوجته . في اصطلاح الفقهاء : يكون وصفاً للمرأة : خروج الزوجة عن طاعة زوجها . و وصفاً للرجل : ترفع الرجل عن المرأة ، و تجافيه عنها بأن يمنعها نفسه و مودته . ثانياً / الآيات الكريمة الواردة في حالة النشوز : - قوله تعالى ( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) النساء:34 - ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) وردت الآيتين الكريمتين بذكر العلاج الرادع للنشوز بنوعيه .. ففي الآية الأولى خصصت الحديث عن نشوز الزوجة ، و الآية الثانية خصت بنشوز الزوج ثالثاً / نشوز الزوجة : عدم طاعتها لزوجها في غير معصية لله ، و في غير ما أوجب عليها من واجبات له . -علاج نشوز الزوجة : تدرج القرآن الكريم في العلاج من الوعظ ثم الهجر ثم الضرب ، مما يدل على أن الغرض من العلاج هو الإصلاح لا البغي والتعدي و تدرج من العقاب النفسي إلى العقاب البدني كما يلي : ا/ الوعــظ : و هو نهي المسيء عن فعله بنصح و تخويف من عذاب الله تعالى ، و بيان النتائج المترتبة على فعله ، وغير ذلك من الأمور التى تثنيه عن الفعل السيء . قال القرطبي ( تذكير الزوجة ما أوجب الله عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة ) ب/ الهجــر : و المراد بالهجر أربعة أقوال : 1-أن لا يجامعها " قول ابن عباس ، سعيد بن جبير " 2-أن لا يكلمها و يولها ظهره في المضجع " قول الضحاك والسدي " 3-أن يهجر فراشها ومضاجعتها " الضحاك والسدي " 4-يعني قولوا لهن في المضاجع هجراً ، أي إغلاظ القول " قول عكرمة و الحسن " جـ/ الضرب : و هو عقوبة بدنية تجوز بعد فشل الإصلاح في العقوبات النفسية " الوعظ والهجر"مشروطة أًن تكون بحدود التأديب و الإصلاح . كما قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع ( فأضربوهن ضرباً غير مبرح ) . و كما ورد في قصة أيوب عليه السلام حين أقسم بضرب زوجتة مائة جلدة . فأنزل الله تعالى الحل ( خذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ) أي حزمة من عيدان يضربها بها مرة واحده ، رحمة من الله تعالى بزوجة نبيه أيوب ، و دليل على عدم جواز الضرب فوق حدود الأدب . و مع أن الضرب للإصلاح جائز ، إلا أنه ورد فيه الكراهية . كما قال عليه الصلاة والسلام ( لا تضربوا إماء الله ) و قوله ( لقد طاف بآل محمد نساء يشكون أزوجهن ، ليس أولئك بخياركم ) رواه البخاري في التاريخ . رابعاً / نشوز الزوج : و هو غير الإعراض ، فالإعراض أخف من النشوز . " النشوز سبق تعريفه " الإعراض : الإنصراف عنها بوجهه أو ببعض منافعه التى كانت لها منه ، مثل أن يقلل محادثتها أو مؤانستها . علاج نشوز الزوج : يكون بعقد صلح أي إتفاق بين الزوج وزوجته على أن تترك شيئاً من حقها و يترك هو شيئاً من حقه ، مثال : أن تترك ليلتها أو تسقط عنه شيئاً من نفقتها او تعطيه بعض من مهرها . و يترك هو طلاقها و تستديم البقاء معه . و هذا موافق للطبائع البشرية و صلح عادل ، كما قال تعالى ( وأحضرت الأنفس الشح ) أي أن الله فطر النفوس على الشح ، فلا تكاد المرأة تسمح بترك حقها ، و لا يكاد الرجل يجود بالإنفاق و حسن المعاشرة مع زوجة لا يريدها .. فالتنازل من الطرفين خير ( والصلح خير ) . خامساَ / بعض من الفوائــد المستوحاه من ظلال الحكم التشريعي الحكيم :- نزلت آية نشوز الزوج في سودة بنت زمعة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما تنازلت عن ليلتها لعائشة رضي الله عنها . خشية طلاق رسول الله لها ، و حسن عشرة منها رضي الله عنها ، و تخفيفاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ أن سودة هي أرملة السكران بن عمرو و هي أرملة مسنة بلغت من العمر الخامسة والخمسين تزوجها رسول الله بغرض حمايتها لأنها لو عادت إلى أهلها لأكرهوها على الشرك ، فالغرض من زواج رسول الله لها الحماية ، و غرضها رضي الله عنها أن تبقى تحت كفالة رسول الله . فأقر الله تعالى هذا الصلح بينهما ، و ليس فيه ظلم و لا تعدي بل هو خير . -جاءت الشريعة منظمة لحياة البشر و منها الحياة الزوجية بما يتوافق مع الطبائع البشرية و يتماشى مع الواقع المعاش ، إلا أنها ختمت التوجيهات التشريعية في حالة النشوز بتوجيه الأزواج إلى إحسان معاشرة النساء و أن يتقوا النشوز والإعراض مهما تظافرت أسبابه ، و وعدهم على ذلك أحسن الجزاء و أعظم المثوبة ، فقال تعالى ( و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) . -إذا كان الرجل يرغب بزوجته حقيقة و يود بقاءها في عصمته ، لكنه تظاهر بالنشوز و الإعراض رغبة بمالها أو تنازلها عن بعض حقها ، فهذا حرام و يعد من أكل أموال الناس بالباطل ، وحرم مشاقة الرجل زوجته لغرض أخذ شيء من مالها كما قال تعالى ( و لا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن ) . -راعى التشريع القرآني إختلاف الطبائع البشرية في فرضه للأحكام ، فعندما أجاز ضرب الزوجة جعل ذلك في حدود الأدب أولاً و قبل كل شيء , و أن لايكون مبرحاً و لا يتعدى حدود التأديب والتهذيب ، و مع ذلك فقد اعتبر ضرب الأزواج غير ممدوح فاعله ، و تبدو حكمة الضرب جليه في نوع مخصوص من النساء تعودن عليه فلم يعد من الممكن تأديبهن إلا بهذه الطريقة فأجازه الشرع بحدود . ــــــــــــــــــــــــــ المراجع : تفسير آيات الأحكام / محمد السايس . روائع البيان في آيات الأحكام / الصابوني . المقاصد الشريعة للعقوبات في الإسلام / راوية الظهار . نشوز الزوج اسباب و حلول / بدر هميسه . |
مواقع النشر |
![]() |
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|