أرجو أن تتحمليني يا نايت
ظننت أنني شرحت وجهة نظري باستفاضة حتى لا يظن أحد أنني أدّعي أنه (مب مهم نتزوج) .. وكررت أكثر من مرة في أكثر من موضوع اسطوانة أنني عانس سابقاً وأنني تزوجت في الثلاثين .. وذقت الحرمان العاطفي والحرمان الجنسي .. فقط حتى لا يظن أحد أنني لم أعايش هذه المرحلة أو أنني أتحدث من فراغ.
(شكلي سأفرد موضوعاً مستقلاً حول هذه النقطة

)
لا أحد يقول إن الزواج غير مهم ... نحن فقط نقول (لا تنتظري الزواج وكأنه هو السبب الوحيد للحياة .. الزواج هو الذي سيأتي إليكِ) .. فلو كتبه الله لكِ فستتزوجين لا محالة .. ولو لم يكتبه لكِ فلن يحدث مهما قلتِ وفعلتِ.
نعم خذي بالأسباب حسب استطاعتكِ وقناعاتكِ .. ولكن حتى لو لم تتوفر لكِ الفرص والأسباب ففي النهاية كوني متأكدة من أن ما سيحدث هو ما يريده الله ولا أحد غير الله.
وأزعم أن التزامي بهذا التفكير وتلك القناعة هما ما ساعداني على التأني وحسن الاختيار رغم تأخري في الزواج ... وحقيقةً أنا متأكدة أن التلهف الشديد على الزواج واعتباره هو وحده الهدف المطلق سوف يؤثر سلباً على اختيار الفتاة في حال تقدم لها أحد .. ولن يكون حينها اختيارها موضوعياً ولن يحكمه العقل لأن فكرة الزواج ستحتل كامل التفكير ولن تترك مجالاً للتفكير في دين أو أخلاق أو طبائع أو توافق أو أي شيء آخر.
طيب لأحكي لكِ قصة .. وهي قصة واقعية بالطبع.
تذكرين أختت زوجي المطلقة التي وضعتُ موضوعاً يخصها منذ فترة؟؟
تعرفين كيف ستتزوج للمرة الثانية؟ .. صديقتها خطبتها لأخيها .. يعني بدون علاقة وبدون مكالمات وبدون غراميات .. باختصار بدون أي سابق معرفة على الإطلاق.
تعرفين كم عمر صديقتها؟ .. 33 عاماً ولم تتزوج بعد.
نعم كما يقال هي عانس .. ولكنها لم تحقد على ظروفها ولم تكره وضعها ولم تستكثر على صديقتها الزواج مرة أخرى عندما رأت أنها تناسب أخاها.
يا عزيزتي .. أدرك أنكِ تتحدثين من خلال واقع .. وأنا أيضاً أتحدث من خلال واقع ..... ولا تقولي أن ما ترينه هو الواقع الوحيد كما لا أستطيع أن أقول ذلك .... الواقع مليء بمختلف القصص والمواقف .. ولا نستطيع أن نبني قناعاتنا على فئة معينة أو مواقف بذاتها لأن حتى تكرارها لا يعني أنها هي المقياس وهي النموذج الأوحد للتطبيق.
نقطة أخرى ..
تقولين إن مع الزواج ستأتي أمور أخرى!!!!!!
ربما يكون هذا الكلام صحيحاً ... ولكنه ليس قاعدة وليس بالضرورة أن يحدث هذا .. وهناك شواهد من الواقع على ذلك.
التفاؤل أمر جميل دون شك ولكن الواقعية أجمل .. وعندما نتحدث عن الغيب والمجهول فإن التأكد المطلق مما سيكون عليه المستقبل ليس من الحكمة في شيء .. لأنه ببساطة إن لم يتحقق كما نتوقع فلن نجني إلا الإحباط والتعاسة.
وأنا لن أحدثكِ عن حياتي الزوجية ولن أقول لكِ أنا سعيدة أو غير سعيدة .. لأنني بالطبع لست مقياساً .. فقط انظري لعالم المتزوجين هنا لتدركي أنه حتى الحياة الزوجية ليست مثالية دائماً كما تتصور كل فتاة لم تتزوج بعد.
ومرة أخرى أرجو ألا تفهمي من كلامي أنني أكرّهك في الزواج أو أنني أدعي أن الزواج غير ضروري أو حتى أؤيدكِ في قرار عدم الزواج الذي تحدثتِ عنه في موضوعكِ الآخر ... ولكنني فقط اريدكِ أن تكوني واقعية ولا تبني قصوراً في الهواء .. أنا فقط أقول إن كل شيء في الدنيا له سلبيات وإيجابيات ... وكذلك عدم الزواج له سلبيات وبالتأكيد له إيجابيات ... المشكلة فقط ان شعورنا بالحرمان هو الذي يعمي عيوننا عن رؤية هذه الإيجابيات.
ووالله والله والله أنني على هذه القناعة حتى قبل أن أتزوج .. فلا يأتي أحد ليقول (والله عقب ما تزوجت واستانست صارت تقول كذا وكذا)
هذه ليست مثالية ولا وعظاً .. ولا حتى عدم تفهم لوضعكِ وظروفكٍ.
هذا اسمه الإيمان بالقضاء والقدر .. هذا اسمه الرضا بما قسمه الله لنا.
وهل نحن مطالبين بغير ذلك؟!!!!!
أوليس في ذلك الأجر والثواب؟!!!!
ثم يا أختي العزيزة..
تتحدثين دائماً عن التفهم .... واخشى أنني لا أفهم ما تريدين بالضبط.
نعم أنا أدرك أنكِ تعيشين ظروفاً صعبة .. وأن مجتمعكِ يظلمكِ ولا يساعدكِ .. ولكن هل التفهم أن أدعمكِ في تفكيركِ إن رأيتُ أنه تفكير سلبي .. وربما يكون هادماً لذاتكِ ونفسيتكِ؟ .. هل التفهم أن أشجع إحباطكِ ويأسكِ والنظرة السوداوية التي تنظرين بها للأمور؟
اعذريني يا أختي فأنا لا أستطيع!
لا أستطيع أن أرى كل هذا الانكسار وأقول لكِ (بارك الله فيكِ استمري).
ربما يمنعني جهلي بكامل ظروفكِ ومجتمعكِ من تقديم حلول قاطعة ... ولكنني أدرك جيداً أن الإنسان قادر ـ إن اراد وكانت لديه العزيمة والثقة في الله ـ على أن يتخطى مشاكله وظروفه الصعبة بطريقة أو بأخرى .. وقادر أن يتعايش ويتكيف مع وضعه إن كان بالفعل يؤمن إيماناً عميقاً بأن الله هو الذي سيكون معه دائماً ولن يخذله أبداً.
أختي العزيزة .. أطلت الحديث فسامحيني ..... ولكن هذا كل ما لدي.