زوجتي: دوامات من الاضطراب والقلق والجحود
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا الآن في السادسة والثلاثين وهي في الرابعة والثلاثين
وعمر زواجنا سبع سنين عجاف
وحصيلته قمران ابن وبنت
أحتاج مشورتكم ورأيكم
خصوصا المستشار رجل الرجال
وفقه الله
إليكم التفاصيل يا سادة
وسامحوني سأجعلها في أجزاء
(1)
ابنة عمي تقدمت لخطبتها بعد أن سمعت عن دينها وخلقها
لم أكن أعرف حتى اسمها ولم أعرفها قط بسبب تباعد العوائل
عند الشوفة الشرعية تفاجأت بكمية البؤس والحزن الهائلة التي تغطيها
فكان أول ما خطر على قلبي (يا رب كيف أسعدها)
حدثت أهلي بما رأيت فقالوا لعلك تبالغ وبعض البنات في الشوفة كذا
فكرت كثيرا فيما رأيت وحاولت رسم صورة عن حياتها
والدها متوفي
أجدادها كانت بينهم مشاكل كبرى دمرت بيوتهم ونفسياتهم
بعض الملتزمات تتشدد في التدين وتظن الحزن والكآبة من لوازم ذلك
بعد شهرين تم العقد وطلبت مقابلتها فرفضت واعتذروا بأن أمها مريضة!!!
خرجت مذهولا فمن عادتنا أن تقابل الزوجة زوجها يوم العقد
طلبت رقمها وأخبرتهم بأني سأتصل بها مساء
اتصلت ودعوت بالبركة لنا وأن نحيا حياة سعيدة بما يرضي الله
وأنها أمانة عندي سأرعاها أمام الله وأمام أهلها
وأطلت الكلام عن الفرح والتفاؤل والمستقبل المشرق
وقرأت لها بعض ما كتبته من الشعر فيها
بادلتني بعض المجاملة
ثم تفاجأت إذ فتحت علي سيلا من الأفكار السلبية شديدة السواد
قالت
أنها لم تكن تريد الزواج
ولا تحب الحياة وتريد الموت
وأنها لا تفرح بشيء
وتريد أن تمضي أيامها بالألم
لئلا تفرح فتصدم
وأنها تكره الرجال
وكلاما آخر كثير
سألتها لم وافقت على الزواج
قالت سنة الحياة ومثلك لا يرد
قلت
أتفهم فكرك وسأخبرك بدوافعك
وذكرت لها ما رسمته عنها سابقا
تفاجأت بل ذهلت وقالت
لم يفهمني أحد في حياتي مثلك
قلت ومن نظرة واحدة
حين إذن دب الحماس فيها
فقلت لعل الله ساقني إليك
لأمسح حزنك وأذيقك من السعادة مالم يخطر لك على بال
وكلمتها عن الفرج بعد الشدة والتفاؤل والإيجابية
أردت أن أكسبها
مزاياها كثيرة وهي امرأة صالحة
ولا يخلو أحد من عيب
وأردت أن أعوضها وأدخل السرور إلى قلبها
وأن أكون توأم روحها لتتعلق بي
وأكون سببا في إفراح مسلمة
استمرت المكالة قريب من ثلاث ساعات
وعند الفجر جاءت رسالتها الأولى
ومضمونها
أن الله أبدل حزنها وخوفها بي فرحا وسرورا
وقالت أسعدك الله كما أسعدت قلبا هو بحاجتك
فرحت بنجاح الخطة (خطة رعاية قلب وروح)
هزتني كلمة (حاجتك) فلم أتخل عن أحد في حياتي
ولم أفشل في تحقيق ما أريد
أنا واثق من نفسي مستبصر بطريقي في الحياة
أعيش السلام والسكون الداخلي
وأبدع في التعامل مع الأطفال والكبار وعلاقاتي حسنة مع الجميع
وكل ذلك بمنتهى الأريحية والبساطة والتواضع
كما يقال السهل الممتنع بلا تكلف
ستكون أسرتي المثل في التدين والحب والسعادة والكفاية
فلأبدأ ببناء بيتي المعنوي كما أبني بيتي الحسي
قررت بدأ برنامج إسعاد بطريقة غير مباشرة حتى لا تحس بأنها في مصحة
أو بين يدي معلم أو مستشار
بعد ثلاثة أيام سمحت لي بزيارتها
أهديتها طقم ذهب والبستها إياه
كانت في البداية جافلة ومبتعدة
وشيئا فشيئا بدأت تنسى نفسها
واندمجت في الضحك والفرح
ثم انتبهت أنها نسيت نفسها
واعتدلت في جلستها وقالت
أمرك عجيب حسيت كأني مع صاحبتي اللي أعرفها من سنين
قلت:
لم تري شيئا بعد
لم ننتبه إلا والمؤذن ينادي لصلاة الفجر
طلبت مني أن تكون الزيارة مرة في الشهر!!!
ولكن بعد إصراري جعلتها أسبوعية
قلت لم تضعين الحواجز
انطلقي واطلقي روحك
استمرت الزيارات وحاولت التقرب منها
فكانت تبتعد وتنفر ولم استطع لمسها
إلا بالتدريج وبعد فترة طويلة
بل قالت لي مرة لا تملأ عينك مني!!!
أهديتها الورد أشكالا وألوانا
والحلوى أصنافا وأنواعا
والعطر فواحا ومضواعا
كتبت لها القصائد والكلمات
كتبت لها ديوان كامل بالألوان المختلفة
الوردي الأحمر الأزرق والبرتقالي
أنشدت لها بعض القصائد وأرسلتها على الجوال الجديد الذي أهديته لها
سألتها بعد أيام ما رأيك في الديوان
قالت لم أقرأه بعد!!!
سألتها بعد أيام عن النشيد
قالت لم أسمعه بعد!!!
كنت أرسل لها وأكلمها كثيرا
أحببتها جدا
لم أكلم في حياتي فتاة سواها
كنت عفيفا بكر القلب طاهرا
حفظت نفسي ومشاعري لزوجتي الحلال
وحين جاءت فجرتُ كل الأحاسيس لها
مرت أيام الخطوبة وكانت مضطربة نوعا ما
فنسعد قليلا لكن مع غصص كثيرة
فيها إقبال وصدود
كنت أتصل كثيرا وأرسل كثيرا وليست كذلك
بل ربما تتأخر في معاودة الاتصال لساعات
وطلبت عدة مرات إنهاء المكالمة
وحين أسألها عن السبب فيما بعد كانت تقول تأثرت بكلمة قلتها
من ذلك مثلا قلت في عرض الكلام (من يوم ما ملَّكنا)...
فطلبت إنهاء المكالمة
وبعد ليلة من الحيرة ترى ماذا فعلت لك
قالت في اليوم التالي
أنت ملكتني فاتق الله في ولا تؤذيني وأنا أسيرة عندك وأنا يتيمة!!!!!
وكانت ترفض مبادرتي وتقول هيئني قبل أن تفعل شيئا
قلت
أتريدنني أن أستأذن فأقول
هل يمكنني تقبيل خدك الأيسر قبلة واحدة؟!!
قالت لا
وسكتت
كانت غريبة
وقد تبادر هي ولكنه شيء نادر
ضمتني مرة أحسست روحها التي تضمني
إذن تعرف وليست جاهلة
ولكنها ذاهلة
هناك ما يشغل قلبها وعقلها
لقد أحبها قلبي
وإن جرحت كثيرا من نفورها وتنفيرها
ولكن عقلي كان يستغرب
ما الذي يحدث؟!!!
مرت الليالي وكنت اتفنن في كل زيارة فأسمي الليالي / ليلة الفرح/ ليلة السكون/ ليلة التملي/ ليلة الحب/ ليلة ملكتها/ ليلة الروح
واحضر هدايا مناسبة للموسم في رمضان والعيد
وأسمي البوسات واللمسات وأخلطها بالعشق
كنت أعلمها الاستمتاع
اشتريت لها ايسكريم وطلبت منها أن تتفنن في استطعامه
قالت ألذ ايسكريم أكلته في حياتي
وسقطت نقطة على صدرها فأغتنمت الفرصة ولحستها مع قبلة
ذابت وأحسست حينها بوصول القبلة إلى قلبها
اقتربت مني أكثر مع الأيام
كنت اطلع الكلام منها بالقطارة
حدثتني عن مخاوفها
قالت
الرجال اشرار يؤذون النساء ويظلمونهن ويسيطرون عليهن
أخاف أن تكون منهم
وأن جدتها كانت تحكي لها معاناتها مع جدها وتبكي أمامها
فأثر ذلك في نفسها خصوصا وأنها كانت طفلة
ذكرتها بطيبة أبيها وأقاربها الأخرين
وأن الناس ليسو سواء
والمشكلة ماضي غيرك ولم تعاني أنت شخصيا
فأقرت وقالت لا أزال خائفة
ولن أثق بك إلا بعد العشرة!!!
وسأختبرك وأجربك!!!!
قالت
إنها كانت تريد الزواج مبكرا
لكن أهلها عندهم الكبيرة أولا
وأن ذلك سبب لها مشاكل كلما خطبها أحد
قالت
إنها حساسة جدا فعندما تحصل مشكلة بين الأخوات
كانت تتأثر جدا جدا
مع أن المشاكل عادية جدا مما يحصل في كل بيت
قالت
إنها تعودت في بيت أهلها على عدم العاطفة والتعبير عن المشاعر والكبت والكآبة
وسبب لها ذلك كبتا وحرمانا عاطفيا
قلت في نفسي
كلها رواسب ستزول بإذن الله حين تعيش معي
وتعرف نوعا آخر من الحياة السعيدة
مرت أربعة أشهر على الخطوبة
أردت تحديد موعد الفرح
أخبرتها فاضطربت
وطلبت تأجيل الموعد!!!
قالت إنها لم تتهيأ نفسيا بعد!!!!
وإن عندها رواسب لم تذهب
وأنها تريد أن تدخل بيتها وفي جاهزة
وقد نسيت حياتها السابقة
وصفّت حسابها مع الماضي وأهله
وافقت على مضض
وغضبت أسرتي مني فأرضيتهم وأقنعتهم
ولم أخبر أحدا عن السبب
ولا عن تفاصيل ما كان يدور بينا
فالبيوت أسرار
ثم جاء يوم الزواج
يتبع