لا أدري هل سيكون حديثي هذا مفيداً أم لا.
أدرك أن الجميع متعاطف معك، ويتمنى لك كل خير، وهناك من قدم نصائح من ذهب أجزم أنها لايعدلها حكمة وتشخيصاً ونصحاً، وجزاهم الله خيراً على ذلك.
صدقيني لو كان لدي أدنى شك أن زوجك لايحبك، لقلت أن الطلاق هو الحل لك.
لكن هناك بذرة نقية ومهمة جداً ورائعة في حياتك، تتمثل في حب زوجك لك.
زوجك يدرك أهميتك، يدرك مدى قدراتك، يراك زوجة مثالية، يفهم معنى محبة الناس لك واعجابهم بك، وأثق أنه يفتخر ويرفع رأسه بك، وأجزم أنه لايستغني عنك.
اسمحي لي لو قلت لك أنكِ أدعى إلى أن ترحمي زوجك أكثر من أي شيء آخر، لماذا!؟ لأنه يعاني.. لايدري مالمشكلة.. لايعرف كيف يتصرف.. يندم على قراراته.. طبيعته ربما متسرعة غير متوازنة في رد الفعل.. لايمسك أعصابه.. قد يكون ليس لديه ثقة بنفسه كافية، لكنه إنسان كويس في داخله حب لك وتأنيب ضمير يساوره كل حين نتيجة قراراته أو سلوكياته تجاهك.
ويبدو أنه أنتي الأكثر حكمة وعقلانية، وأنتي لديك قدرة أكبر على تشخيص الوضع، بينما هو مثل الهائم الذي لايستطيع أن يفهم الواقع ومايجري به، إنه مثل الأعمى الذي وضع وسط معمة ولا يدري أين الطريق، ولذلك الأكثر حكمة وتبصراً هو من يحاول أن يلملم الأمور ويدخل إلى قلبه الرحمة على وضع ذلك العاجز.
ليس لدي تفاصيل واضحة ودقيقة لطبيعة علاقتكما ولا إلى تاريخها وماحدث فيها من أحداث بالرغم أنكِ لم تقصري في مواضيعك وذكرتي الكثير من النقاط والمواقف، والتي قد تكون مؤثرة في واقع حياتكم، ولا أدري بدقة مدى حجم التأثيرات الخارجية على حياتكما، من تفكير سلبي وخاطئ لواقع الحياة الزوجية لديه، ومن مؤثرات من أناس آخرين ربما يزيدون الوضع إشتعالاً، وربما هناك ظروف أخرى لها أثرها لانعلم عنها، إلا أن الأقرب وضوحاً من خلال مواضيعك وردودك وما استنتجته وأتوقعه هو أن زوجكِ يشعر أنكِ مستغنية ومترفعة عنه، يرى أنكِ ترينه نداً أو أقل من مستوى الند، يشعر أنك لم تعطيه تلك القيمة الكبيرة له كرجل وكزوج، يرى أنكِ مستقلة عنه، كل ذلك يلمسه من خلال تفاصيل حياتكم بكافة أنواعها، من خلال حواركما، من خلال قراراتك التي قد تكون عفوية، أو تكون صريحة، بغض النظر عن حقيقة ذلك إلا أنه يشعر بذلك كثيراً.
هو يريد أن يشعر أنه الرجل والقائد والآمر والناهي، إنه (يرى حقيقة) أو (يتهيئ له) أن أصدقائه وأزواج أخواته وغير ذلك من الأزواج يقودون زوجاتهم، وأن زوجاتهم يخضعن لهم كما يبدو له، وهو يريدكِ كذلك.
أنتي شخصيتك قيادية بفطرتها، وتمارسين ذلك بتلقائية، ولكنه هو يشعر أن ذلكَ تجاوزاً على رجولته كزوج، إن غضبه حتى وإن بالغ به بعض الأحيان نتيجة مسبب ومحرك وليس دون سبب في الغالب، لا تتوقعي أنه يغضب لمجرد الغضب في الأحوال العادية، إنما يغضب لإنه فعلاً يرى شيئاً فيك يغضبه وأنتي لاتشعرين به، يغضب لأن هناكَ شيئاً مستفزاً له من قبلك، والأكيد أنه في الغالب يكون نتيجة فهم خاطئ من قبله وليس نتيجة تعمدكِ لغضبه، وقد يكون سوء تصرف منكِ بالحقيقة، وقد يكون تعبيرك خانكِ بأن تعبري أو تقولي الأمر أو الطلب أو الرأي بصيغة مناسبة لاتجرح كبرياؤه، ولكنكِ أخفقتي.
أنتم كعائلة مؤهلة جداً للنجاح، لأن كل المؤشرات تدل على ذلك والدليل مدى حبه لك الذي يظهر في أوقات متعددة، مشكلتكم تتمحور ببساطة في أنكما لم تفهما بعضكما، وأن كلاً منكم يحاول أن يتصرف بطبيعته ويريد من الشخص الأخر أن يكون كما يريد، كما أنكما لم تحاولا التغيير والتصالح على إسلوب حياة معينة، تتمثل في التنازل، ومحاولة التعديل من شخصيتكِ أنتي والتي قد تكون تلقائية وطبيعية وتأتي على شكل قيادة واستقلال وثقة عالية، وهذا مالايحبه زوجكِ لأنه ببساطة يشعره أنكِ أقوى وأن لكِ الرأي ولك الاستقلالية وفوق هذا كله الشعور السلبي الذي يخالجه كثيراً أنكِ لا ترينه شيئاً.
زوجك يمارس غضبه وسلوكياته لأسباب منها الروتين وطغيان المشاكل التي في الغالب حدثت بسبب توهم وبسبب تشخيص خاطئ لسلوكك وبسبب ممارسات اخطأتي بها حقيقة، لذلك حينما يغضب وحينما يثور هو يحتج ويعبر غالباً دون وعي عن رفضه وكأنه يقول أنا هنا أنا الزوج أنا الرجل أنا القائد أن رب البيت، لأنه يشعر أنه عجزَ عن أثبات ذلك من خلال محاولاته أو قرارته، ولأنه يرى زوجة -دون قصد منها في الغالب- لا تعطيه ذلك الحق من خلال طبيعتها الشخصية، وفي الوقت نفسه لا أغفل شخصيته هو وعصبيته التي قد تظهر حتى ولو كانت المرأة خاضعةً له كما يشتهي، بل وقد لايعجبه ذلك الخضوع فيغضب منه أيضاً ويراه ضعفاً.
سأقول لكِ نقطة مهمة وأود أن ألفت انتباهك إليها، بعض الناس لديهم القدرة الفطرية والمهارة العالية في التنبؤ أو معرفة ماتفكرين فيه أو ماتكنينه داخلك من مشاعر تجاهه والقدرة على معرفة هل الكلام صادرٌ 100% من القلب أم هناك نسبة أقل من ذلك أو تكون معدومة ومكذوبة، وقد يكون زوجكِ أحد أولئكَ الناس الذين يفرقون ويفرزون، لأنه شعر أن ثمة أقوال وسلوكيات لم تخرج من الأعماق لتصل لأعماقه، فتكون ردود فعله وظنونه سيئة، وقد يظلم أحياناً ويخطئ التشخيص ويقول أنتي لم تعني ذلكَ فعلاً، فتأكدي بينك وبين نفسك من صدق مشاعرك ومدى إخلاصها.
أخيراً أذكر أني قرأت مقولة أجنبية قبل سنوات وأعجبتني كثيراً وهي "في بعض الأحيان يجب أن ينفصل شخصين عن بعضهما ليعرفوا مدى حاجتهما لأن يبقوا معا"
Sometimes, Two people have to fall apart to realize how much they need to fall back together
وفي كثير من العلاقات الزوجية أو الصدقات أو غيرها من العلاقات يحتاج الطرفان لأن يبتعدا عن بعضهما البعض فترة من الزمن، ليدركا أنهما حقيقة لا يمكن أن يستغنيا عن بعضهما، لأن استمرارية الروتين وغمامة المشاكل تحجب الكثيرة من الإيجابيات وأهمية وجودهما وقربهما من بعض، وسيكتشفا لأي درجة كانوا يعشقان بعضهما، وربما لو استطعتما أن تتفقا على ذلك، وأن تغيبوا عن بعض أسبوع أو عشرة أيام دون أن يكون أي تواصل بينكما، ويكون ذلك باختياركما وبرضكما وبساعة صفاء دون أن يكون السبب للأبتعاد هو مشكلة ما، أعتقد أنكما ستشعرا بالشوق وتدركا مدى أهمية كلاً منكما، ولا أعتقد أن الفكرة ستعجبه، لأسباب كثيرة أولها أنه لايستطيع الإستغناء عنك، ثانيها أنه سيتحسس من ذلك ويفهمه على غير مراده ومقصده ويبالغ في تفسيره لطلبك، لكن من الممكن طرح ذلك بطريقة أو أخرى أو إذا ناسب المقام لهذه الفكرة.
أخيراً/ نصيحتي لاتفكري أبداً بالطلاق، وزوجك فيه خير كثير، وهو يحبك ولا يستغني عنك، كما أنه مهما كانت تلقائيتك وردود فعلك وطبيعتك التي خلقها الله، عليكِ أن تمارسي ماطلبه الكثير من الأخوات منك نوع من اعطائه الحرية والمساحة وأن تجربي نفسك أن تكوني تابعة، لقد ذكرتي أنتي قصصاً كثيرة كيف حينما كنتي تظهرين الكثير من الانكسار والتودد يقوم من مكانه ويحقق لك ماتريدنه، أعطيه ببساطه جوه، أنتي نجحتي من قبل حينما لم يأتي بالشوكلاته لأهلك وقلتي لنا كيف تصرفتي وكيف نجح ذلك التصرف، هذا يدل على معرفتكِ لما يريده هو، وأدرك أن ذلك صعب في بعض الأحيان لأن يتصنع المرء ذلك ولا يتفق مع شخصيته، لكن هذا هو الواقع وهذا مايجب أن تكوني عليه لتسير السفينة بسلام، صدقيني رجل يذهب ويشتري لزوجته هدية بمبلغ كبير ويتذكرك في لحظات غيابك ويأتي لك بهدايا يدل على أنه يحمل حباً كبيراً لك واعتزازاً بكِ.
تذكري أنكِ الأكثر حكمة وتعقلاً وقدرة على فهم حقيقة مايجري، ويبدك مفاتيح كثيرة، أولها الذكاء والتنازل عن بعض المبادئ لديك التي تربيتي عليها، وبالوقت نفسه تفهم شخصية زوجك ومحاولة إدارتها ومداراتها.
ثم تذكري أنكِ تعرفين وأنا أعرف زوجات في الواقع وفي المنتديات كيف أنهن ذهباً لايصدأ وأزواجهن يمارسوا أبشع الممارسات من خيانة وسكر وسهر وهجران وصراعات والكثير من المشاكل التي لاحصر لها.
ولو قارنا زوجكِ بأولئكَ الأزواج لقلنا أنه زوجٌ رائع، لأن لديه الكثير من المميزات، تحتاجي فقط أن تديريه وأن تعرفي النقاط اليسيرة التي يريدها، وتتنازلي عن بعض شخصيتك ذكاءً ولا أقول قهراً أو انهزاميةً.
وفقكِ الله ويسر لكِ أمرك، وهداكما أجمعين.