(البصير) تقدس اسمه : الذي أحاط بصره بكل شيء فيرى دبيب النّملة السوداء على الصخرة الصّماء في الليلة الظلماء ويرى جميع أعضــائها الباطنة والظــاهرة وسريان
القوت في أعضــائها الدقيقة ويرى نياط عروقها ويرى ماهو أصغر وأدق من ذلك ...فهل يورثك العلم بعظيم بصره مراقبة له في سرّك وعلنك ؟!
(الرحمن) فقط تأمّل قوله تعالى :"ورحمتى وسعت كل شيءٍ"
فإيجادك ورزقك وصحتك وتسخير المخلوقات لك ولباسك ونومك وجوارحك وغير ذلك كلها من آثار الأسم ( الرحمن) جل جلاله فرحم الله عبداً ترجم شكره إلى عمل .
(الرحمن) "من أعطى اسم الرحمن حقه،عرف أنه متضمن لأرسال الرسل وإنزال الكتب أعظم من تضمنه إنزال الغيث وإنيات الكلأ وإخراج الحب فاقتضاء الرحمة لما تحصل به حياة القلوب
والأرواح أعظم من إقتضائها لما تحصل به حيّـــاة الأبدان"
[COLOR="rgb(139, 0, 0)"]قال ابن القيم :
" فإن من أسمائه ( الشهيد ) الذي لا يغيب عنه شئ , ولا يعزب
عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء , بل هو مطلع على كل شئ مشاهد له ,
عليم بتفاصيله .
فإذا كان الله رقيبا على دقائق الخفيات , مطلعا على السرائر والنيات , كان من
باب أولى شهيدا على الظواهر والجليات , وهي الأفعال التي تفعل بالأركان
أي الجوارح .
شرح القصيدة النونية , للهراس , 2/88.[/COLOR]
ما أعظم هذين الاسمين اللذين
نرى آثارهما في كل ما حولنا،
مع ما بينهما من فرق لطيف
ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد
(1/14) حين جعل الرحمن دالا على صفة ذاتية، والرحيم دالا على صفة فعلية، فـ "الرحمن" دالٌ على الصفةِالقائمة به سبحانه،و"الرحيم"دال على تعلقها بالمرحوم،
وإذا أردت فهم هذا فتأملي قول الله تبارك وتعالى"إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً"
ولم يجىء قط "رحمن بهم"
اسم الله "الفتاح " يطمئن قلوب عباد الله المؤمنين بأنه مهما طال ليل الظالم وكثر بغيه وظلمه للعباد’’’
لا بدَّ أن يفتح الله بين عباده المؤمنين وعباده الظالمين’’’
لأن معنى الفتاح الحاكم الذي يقضي بين عباده بالحق والعدل؛وبأحكامه الشرعية القدرية’’’
وقد توجهت الرسل إلى الله الفتاح أن يفتح بينهم وبين أقوامهم المعاندين،فيما حصل بينهم من الخصومة والجدال،واستمعي لقول نوح(قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا)....
يقول ابن سعدي رحمه الله في معنى اسم الله ( اللطيف ) : اللطيف جل جلاله الذي يوصل رحمته لخلقه بالطرق الخفيّة ، فيلطف بهم من حيث لا يعلمون ، ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم .
وإذا أردت أن ترى شيئا من آثار هذا الاسم العظيم فتأمل خاتمة قصة يوسف - عليه السلام - " إن ربي لطيف لما يشاء " أي : يوصل برّه وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها . أ.هـ
ثم تأمل سرّ اقتران اسمه ( اللطيف ) باسمه (الخبير )
إذ باقتران الاسمين نستدل على عظم رحمة الله وسعة فضله . . فإنه ( خبير ) بعباده وباعمالهمو لا يخفى عليه شيء من أعمالهم - من خير أو شر - ومع ذلك فهو يلطف بهم حتى مع ما يكون من علمه جل وتعالى بدقائق أعمالهم . . وقد يكون في بعض أعمالهم معصية وذنباً وإثماً . .
وفي هذا الاقتران . . بعث لروح التفاؤل وحسن الظن بالله . .
فإن العبد قد يحدّث نفسه : وكيف أدعو الله أو أستغفره وأنا كثير الذنوب والآثام . .
فيأتي هذا الاقتران ليبعث في النفس : أن الله خبير بك وبعملك ولا يخفى عليه شيء من عملك وأن هذا الاعتراف بالذنب ينبغي أن يتبعه أمل وحسن ظن بالله وسؤاله تعالى ابتغاء لطفه . .
ومن بديع الرّبط بين موضوع الآية وخاتمتها قوله تعالى : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ"
فانظر كيف ختم آية ذكر ( المطر ) بلطفه جل وتعالى .. فهذا الماء الذي ينزل من السماء في بعض الأحيان قد تكون معه مهلكة . . وقد يقع معه أن تصبح الأرض مخضّرة .. ومع ذلك فهو في كلا الحالين فيه ( لطف ) بالعباد بلطف الله تعالى . .
فإن الكوارث التي قد تحدث بسبب المطر . . قد يحدث بعدها توبة وعودة ، وإصلاح وتغيير ..
فسبحانه وتعالى اقترن اسمه ( اللطيف ) باسمه ( الخبير ) . .
ومما يجدر التواصي والتناصح به لمن كان يشعر بأنه قد حُرم من أمرٍ ما أو تأخّر عنه رزق أو مطلوب . .
فمن الناس من يضجر . .
ومن تأمّل قول الله تعالى : " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " عرف أن الله إن حرمه أو منعه من شيء فهو لا يمنع بخلاً - تقدّس وتنزّه - إنما يمنع عن عبده لطفاً به . .
( والله يعلم وأنتم لا تعلمون )