الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين - الصفحة 2 - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
قديم 02-07-2017, 10:26 PM
  #11
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العقل نعمة مشاهدة المشاركة
يوميا مع الفقه الميسّر
ومتابعة لكم كلّما تيسّر
وأجركم على الله

بارك الله فيكم على مروركم الكريم وأسلوبكم الشيق في التعبير
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 02-07-2017, 10:35 PM
  #12
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب الرابع: في السواك وسنن الفطرة، وفيه عدة مسائل:
السواك: هو استعمال عود أو نحوه في الأسنان أو اللثة؛ لإزالة ما يعلق بهما من الأطعمة والروائح.

المسألة الأولى: حكمه:
السواك مسنون في جميع الأوقات، حتى الصائم لو تَسَوَّك في حال صيامه فلا بأس بذلك سواء كان أول النهار أو آخره؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رغَّب فيه ترغيباً مطلقاً، ولم يقيده بوقت دون آخر، حيث قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) (وصححه الألباني في الإرواء (1/ 105)). وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) (متفق عليه).

المسألة الثانية: متى يتأكد؟
ويتأكد عند الوضوء، وعند الانتباه من النوم، وعند تغير رائحة الفم، وعند قراءة القرآن، وعند الصلاة. وكذا عند دخول المسجد والمنزل؛ لحديث القدام بن شريح، عن أبيه قال: سألت عائشة، قلت: بأيِّ شيء كان يبدأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك (أخرجه مسلم برقم (253)). ويتأكد كذلك عند طول السكوت، وصفرة الأسنان، للأحاديث السابقة.
وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قام من الليل يَشُوصُ (الشوص: الدلك) فاه بالسواك (رواه البخاري برقم (245))، والمسلم مأمور عند العبادة والتقرب إلى الله، أن يكون على أحسن حال من النظافة والطهارة.
المسألة الثالثة: بم يكون؟
يسن أن يكون التسوك بعود رطب لا يتفتت، ولا يجرح الفم؛ فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يستاك بعود أراك (الأرَاك: شجر من الحمض يستاك بقضبانه، واسمه الكَبَاث). وله أن يتسوك بيده اليمنى أو اليسرى، فالأمر في هذا واسع.
فإن لم يكن عنده عود يستاك به حال الوضوء، أجزأه التسوك بأصبعه، كما روى ذلك عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - في صفة وضوء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (صححه ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 70))

المسألة الرابعة: فوائد السواك:
ومن أهمها ما ورد في الحديث السابق: أنه مطهرة للفم في الدنيا مرضاة للرب في الآخرة. فينبغي للمسلم أن يتعاهد هذه السنة، ولا يتركها؛ لما فيها من فوائد عظيمة. وقد يمر على بعض المسلمين مدة من الوقت كالشهر والشهرين وهم لم يتسوكوا إما تكاسلاً وإما جهلاً، وهؤلاء قد فاتهم الأجر العظيم والفوائد الكثيرة؛ بسبب تركهم هذه السُّنةَ التي كان يحافظ عليها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكاد يأمر بها أمته أَمْرَ إيجاب، لولا خوف المشقة.
وقد ذكروا فوائد أخرى للسواك، منها: أنه يقوي الأسنان، ويشد اللثة، وينقي الصوت، وينشط العبد.

المسألة الخامسة: سنن الفطرة:
وتسمى أيضاً: خصال الفطرة؛ وذلك لأن فاعلها يتصف بالفطرة التي فطر الله الناس عليها واستحبها لهم؛ ليكونوا على أحسن هيئة وأكمل صورة.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خمس من الفطرة: الاستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر) (متفق عليه).
1 - الاستحداد: وهو حَلْقُ العانة، وهي الشعر النابت حول الفرج، سمي بذلك لاستعمال الحديدة فيه وهي المُوسَى. وفي إزالته جمال ونظافة، ويمكن إزالته بغير الحلق كالمزيلات المصنعة.
2 - الختان: وهو إزالة الجلدة التي تغطي الحَشَفَة (الحشفة: هي رأس الذكر) حتى تبرز الحشفة، وهذا في حق الذكر. أما الأنثى: فقطع لحمة زائدة فوق محل الإيلاج. قيل: إنها تشبه عُرف الديك. والصحيح: أنه واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء.
والحكمة في ختان الرجل: تطهير الذكر من النجاسة المحتقنة في القُلْفَة (وهي الجلدة التي تغطي الحشفة، والتي تقطع في الختان).
وفوائده كثيرة.
أما المرأة: فإنه يُقَلِّل من غُلْمَتِها أي: شدة شهوتها.
ويستحب أن يكون في اليوم السابع للمولود؛ لأنه أسرع للبرء، ولينشأ الصغير على أكمل حال.
3 - قص الشارب وإحفاؤه: وهو المبالغة في قَصِّه؛ لما في ذلك من التجمل، والنظافة، ومخالفة الكفار.
وقد وردت الأحاديث الصحيحة في الحث على قَصِّه، وإعفاء اللحية، وإرسالها وإكرامها؛ لما في بقاء اللحية من الجمال ومظهر الرجولة، وقد عَكَسَ كثير من الناس الأمر، فصاروا يوفرون شواربهم، ويحلقون لحاهم، أو يقصرونها.
وفي كل هذا مخالفة للسنة والأوامر الواردة في وجوب إعفائها؛ منها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (جزُّوا الشوارب، وأرخوا اللحى، وخالفوا المجوس) (أخرجه مسلم برقم (260)، والجز: القص. وإرخاء اللحية: تركها وعدم التعرض لها). وحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (خالفوا المشركين، وفِّروا اللحى، وأحفوا الشوارب) (رواه البخاري برقم (5892)).
فعلى المسلم أن يلتزم بهذا الهدي النبوي، ويخالف الأعداء، ويتميز عن التشبه بالنساء.
4- تقليم الأظافر: وهو قَصُّها بحيث لا تترك حتى تطول. والتقليم يجملها، ويزيل الأوساخ المتراكمة تحتها، وقد خالف هذه الفطرة النبوية بعض المسلمين فصاروا يطيلون أظافرهم، أو أظافر إصبع معين من أيديهم. كل ذلك من تزيين الشيطان والتقليد لأعداء الله.
5 - نتف الإبط: أي إزالة الشعر النابت فيه، فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو الحلق أو غيرهما؛ لما في إزالته من النظافة وقطع الروائح الكريهة التي تتجمع مع وجود هذا الشعر، فهذا هو ديننا الحنيف، أمرنا بهذه الخصال؛ لما فيها من التجمل والتطهر والنظافة، وليكون المسلم على أحسن حال، مبتعداً عن تقليد الكفار والجهال، مفتخراً بدينه، مطيعاً لربه، متبعاً لسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ويضاف إلى هذه الخصال الخمس: السواك، واستنشاق الماء، والمضمضة، وغسل البراجم -وهي العقد التي في ظهور الأصابع، يجتمع فيها الوسخ-، والاستنجاء، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
  • (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء) يعني الاستنجاء. قال مصعب بن شيبة -أحد رواة الحديث-: "ونسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة". (رواه مسلم برقم (261))



__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!



التعديل الأخير تم بواسطة صاحب فكرة ; 02-07-2017 الساعة 10:39 PM
رد مع اقتباس
قديم 04-07-2017, 07:32 PM
  #13
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب الخامس: في الوضوء، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريفه، وحكمه:

الوُضوء لغة: مشتق من الوضاءة، وهي الحسن والنظافة.
وشرعاً: استعمال الماء في الأعضاء الأربعة -وهي الوجه واليدان والرأس والرجلان- على صفة مخصوصة في الشرع، على وجه التعبد لله تعالى.
وحكمه: أنه واجب على المُحْدِث إذا أراد الصلاة وما في حكمها، كالطواف ومسِّ المصحف.

المسألة الثانية: الدليل على وجوبه، وعلى من يجب، ومتى يجب؟
أما الدليل على وجوبه: فقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6].
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاةً بغير طُهُور، ولا صدقة من غُلُول) (رواه مسلم برقم (224). والغلول: السرقة من أموال الغنيمة وغيرها). وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ) (رواه مسلم برقم (223)).
ولم ينقل عن أحد من المسلمين في ذلك خلاف، فثبتت بذلك مشروعية الوضوء: بالكتاب، والسنة، والإجماع.
وأما على مَنْ يجب: فيجب على المسلم البالغ العاقل إذا أراد الصلاة وما في حكمها.
وأما متى يجب؟ فإذا دخل وقت الصلاة أو أراد الإنسان الفعل الذي يشترط له الوضوء، وإن لم يكن ذلك متعلقاً بوقت، كالطواف ومس المصحف.
المسألة الثالثة: في شروطه:
ويشترط لصحة الوضوء ما يأتي:
أ) الإسلام، والعقل، والتمييز، فلا يصح من الكافر، ولا المجنون، ولا يكون معتبراً من الصغير الذي دون سن التمييز.
ب) النية: لحديث: (إنما الأعمال بالنيات) (رواه البخاري برقم (1)). ولا يشرع التلفظ بها؛ لعدم ثبوته عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ج) الماء الطهور: لما تقدم في المياه، أما الماء النجس فلا يصح الوضوء به.
د) إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، من شمع أو عجين ونحوهما: كطلاء الأظافر الذي يعرف بين النساء اليوم.
هـ) الاستجمار أو الاستنجاء عند وجود سببهما لما تقدم.
و) الموالاة.
ز) الترتيب. وسيأتي الكلام عليهما بعد قليل.
ح) غسل جميع الأعضاء الواجب غسلها.

المسألة الرابعة: فروضه -أي أعضاؤه-:
وهي ستة:
1 - غسل الوجه بكامله؛ لقوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة: 6]، ومنه المضمضة والاستنشاق؛ لأن الفم والأنف من الوجه.
2 - غسل اليدين إلى المرفقين؛ لقوله تعالى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) [المائدة: 6].
3 - مسح الرأس كله مع الأذنين؛ لقوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) [المائدة: 6].
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الأذنان من الرأس) (صحيح سنن ابن ماجه برقم 357، والسلسلة الصحيحة برقم 36)). فلا يُجزئ مسح بعض الرأس دون بعضه.
4- غسل الرجلين إلى الكعبين؛ لقوله تعالى: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة: 6].
5 - الترتيب: لأن الله تعالى ذكره مرتباً؛ وتوضأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرتباً على حسب ما ذكر الله سبحانه: الوجه، فاليدين، فالرأس، فالرجلين، كما ورد ذلك في صفة وضوئه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث عبد الله بن زيد (أخرجه مسلم برقم (235)) وغيره.
6 - الموالاة: بأن يكون غسل العضو عقب الذي قبله مباشرة بدون تأخير، فقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ متوالياً، ولحديث خالد بن معدان: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لُمعَةٌ قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء) (صححه الألباني. انظر إرواء الغليل (1/ 127))، فلو لم تكن الموالاة شرطاً لأمره بغسل ما فاته، ولم يأمره بإعادة الوضوء كله. واللُّمْعَة: الموضع الذي لم يصبه الماء في الوضوء أو الغسل.
وللحديث بقية مع الوضوء
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 07-07-2017, 02:47 AM
  #14
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

المسألة الخامسة: سننه:
هناك أفعال يستحب فعلها عند الوضوء ويؤجر عليها من فعلها، ومن تركها فلا حرج عليه، وتسمى هذه الأفعال بسنن الوضوء، وهي:
1 - التسمية في أوله: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) (قال الألباني: حسن).
2 - السواك: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) (أخرجه البخاري معلقاً).
3 - غسل الكفين ثلاثاً في أول الوضوء: لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك، إذ كان يغسل كفيه ثلاثاً كما ورد في صفة وضوئه.
4- المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم: فقد ورد في صفة وضوئه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فمضمضَ واستنثَر)، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) (صححه الألباني).
5 - الدلك، وتخليل اللحية الكثيفة بالماء حتى يدخل الماء في داخلها: لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه (كان إذا توضأ يدلك ذراعيه) (صححه الحاكم وابن حبان وابن خزيمة)، وكذلك (كان يدخل الماء تحت حنكه ويخلل به لحيته) (صححه الألباني).
6 - تقديم اليمنى على اليسرى في اليدين والرجلين: لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه (كان يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله) (متفق عليه).
7 - تثليث الغسل في الوجه واليدين والرجلين: فالواجب مرة واحدة، ويستحب ثلاثاً، لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد ثبت عنه: (أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثاً ثلاثاً) (متفق عليه).
8 - الذكر الوارد بعد الوضوء: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ما منكم أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء) (أخرجه مسلم برقم (234) وزاد الترمذي: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) برقم (55)، وصححه بهذه الزيادة الألباني (الإرواء برقم 96).
المسألة السادسة: في نواقضه:
والنواقض: هي الأشياء التي تبطل الوضوء وتفسده.
وهي ستة:
1 - الخارج من السبيلين: أي من مخرج البول والغائط، والخارج: إما أن يكون بولاً أو غائطاً أو منيّاً أو مذيّاً أو دم استحاضة أو ريحاً قليلاً كان أو كثيراً؛ لقوله تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) [النساء: 43]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) وقد تقدَّم. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ولكن من غائط أو بول ونوم) (حسنه الألباني). وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيمن شك هل خرج منه ريح أو لا: (فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) (متفق عليه).
2 - خروج النجاسة من بقية البدن: فإن كان بولاً أو غائطاً نقض مطلقاً لدخوله في النصوص السابقة، وإن كان غيرهما كالدم والقيء: فإن فحش وكَثُرَ فالأَولى أن يتوضأ منه؛ عملاً بالأحوط، وإن كان يسيراً فلا يتوضأ منه بالاتفاق.
3 - زوال العقل أو تغطيته بإغماء أو نوم: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ولكن من غائط وبول ونوم). وقوله: (العين وِكَاءُ السَّه ، فمن نام فليتوضأ) (حسنه الألباني) (وكاء السَّه : رباط الدبر بمعنى أن العينين في يقظتهما بمنزلة الحبل الذي يربط به، فزوال اليقظة كزوال هذا الرباط). وأما الجنون والإغماء والسكر ونحوه فينقض إجماعاً، والنوم الناقض هو المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك على أي هيئة كان النوم، أما النوم اليسير فإنه لا ينقض الوضوء، لأن الصحابة -رضي الله عنهم- كان يصيبهم النعاس وهم في انتظار الصلاة، ويقومون، يُصَلُّون، ولا يتوضؤون (صحيح مسلم برقم (376)).

4- مس فرج الآدمي بلا حائل: لحديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من مسّ ذكره فليتوضأ) (صححه الألباني). وفي حديث أبي أيوب وأم حبيبة: (من مسّ فرجه فليتوضأ) (رواية أم حبيبة أخرجها: ابن ماجه برقم (481)، وصححها الألباني في الإرواء (1/ 151)، أما حديث أبي أيوب فقال الألباني: "لم أقف على إسناده" الإرواء (1/ 151)).
5 - أكل لحم الإبل: لحديث جابر بن سمرة أن رجلاً سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: (إن شئت توضأ وإن شئت لا تتوضأ)، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: (نعم توضأ من لحوم الإبل). (رواه مسلم برقم (360))
6 - الردة عن الإسلام: لقوله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) [المائدة: 5]. وكل ما أوجب الغسل أوجب الوضوء غير الموت.

المسألة السابعة: ما يجب له الوضوء:
ويجب على المكلف فعل الوضوء للأمور الآتية:
1 - الصلاة: لحديث ابن عمر مرفوعاً: (لا يقبل الله صلاة بغير طُهُور، ولا صدقة من غلول) (رواه مسلم برقم (224)).
2 - الطواف بالبيت الحرام فرضاً كان أو نفلاً: لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فإنه توضأ ثم طاف بالبيت) (رواه البخاري برقم (1614))، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام) (صححه الألباني)، ولمنعه الحائض من الطواف حتى تطهر (رواه البخاري برقم (305).
3- مس المصحف ببشرته بلا حائل: لقوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79]. ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يمس القرآن إلا طاهر) (صححه الألباني).

المسألة الثامنة: ما يستحب له الوضوء:
يستحب الوضوء ويندب في الأحوال التالية:
1 - عند ذكر الله تعالى وقراءة القرآن.
2 - عند كل صلاة: لمواظبته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك، كما في حديث أنس - رضي الله عنه - قال: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأعند كل صلاة) (أخرجه البخاري برقم (214)).
3 - يستحب الوضوء للجنب إذا أراد أن يعود للجماع، أو أراد النوم أو الأكل أو الشرب: لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ) (أخرجه مسلم برقم (308)). ولحديث عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب، توضأ وضوءه للصلاة، قبل أن ينام) (أخرجه مسلم برقم (305)). وفي رواية لها: (فأراد أن يأكل أو ينام) (انظر المصدر السابق، الحديث الذي يليه).
4 - الوضوء قبل الغسل: لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا اغتسل من الجنابة يبدأ، فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ... ) الحديث (أخرجه مسلم برقم (316)).
5 - عند النوم: لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا أتيت مضجعك فتوضَّأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن ... ) الحديث (أخرجه البخاري برقم (247)
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 07-07-2017, 10:53 PM
  #15
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب السادس: في المسح على الخفين والعمامة والجبيرة، وفيه مسائل:
الخُفُّ: هو ما يلبس على الرِّجْلِ من جلد ونحوه، وجمعه: خِفاف. ويلحق بالخفين كل ما يلبس على الرجلين من صوف ونحوه.

المسألة الأولى: حكم المسح على الخفين ودليله:
المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة والجماعة. وهو رخصة من الله -عز وجل- تخفيفاً منه على عباده ودفعاً للحرج والمشقة عنهم. وقد دل على جوازه السنة والإجماع.
أما السنة: فقد تواترت الأحاديث الصحيحة على ثبوته عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من فعله وأمره بذلك وترخيصه فيه.
قال الإمام أحمد رحمه الله: ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثاً عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والمراد بقوله: ليس في قلبي أدنى شك في جوازه.
وقال الحسن البصري: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه مسح على الخفين. ومن هذه الأحاديث: حديث جرير بن عبد الله قال: (رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بال ثم توضأ ومسح على خفيه) (رواه مسلم برقم (272)). قال الأعمش عن إبراهيم: كان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة -يعني آية الوضوء-.
وقد أجمع العلماء من أهل السنة والجماعة على مشروعيته في السفر والحضر لحاجة أو غيرها.
وكذلك يجوز المسح على الجوارب، وهي ما يلبس على الرجْل من غير الجلد كالخِرَق ونحوها، وهو ما يسمى الآن بالشُّرَّاب؛ لأنهما كالخف في حاجة الرجل إليهما، والعلة فيهما واحدة، وقد انتشر لبسها أكثر من الخف، فيجوز المسح عليها إذا كانت ساترة.
المسألة الثانية: شروط المسح على الخفين، وما يقوم مقامهما:
وهذه الشروط هي:
1 - لبسهما على طهارة: لما روى المغيرة قال: كنت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما) (متفق عليه).
2 - سترهما لمحل الفرض: أي: المفروض غسله من الرجل، فلو ظهر من محل الفرض شيء، لم يصح المسح.
3 - إباحتهما: فلا يجوز المسح على المغصوب، والمسروق، ولا الحرير لرجل؛ لأن لبسه معصية، فلا تستباح به الرخصة.
4 - طهارة عينهما: فلا يصح المسح على النجس، كالمتخذ من جلد حمار.
5 - أن يكون المسح في المدة المحددة شرعاً: وهي للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن.
هذه شروط خمسة استنبطها أهل العلم لصحة المسح على الخفين من النصوص النبوية والقواعد العامة، لابد من مراعاتها عند إرادة المسح.

المسألة الثالثة: كيفية المسح وصفته:
المحل المشروع مسحه ظاهر الخف، والواجب في ذلك ما يطلق عليه اسم المسح. وكيفية المسح: أن يمسح أكثر أعلى الخف؛ لحديث المغيرة بن شعبة الذي بيَّن فيه وصف مسح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خفه في الوضوء، فقال: (رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمسح على الخفين: على ظاهرهما) (قال الألباني: حسن صحيح).
ولا يجزئ مسح أسفله وعقبه ولا يسن. لقول عليٍّ - رضي الله عنه -: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمسح على ظاهر خفه) (صححه الحافظ ابن حجر (التلخيص الحبير 1/ 160)). ولو جمع بين الأعلى والأسفل صَحَّ مع الكراهة.
المسألة الرابعة: مدته:
ومدة المسح على الخفين بالنسبة للمقيم ومن سفره لا يبيح له القصر: يوم وليلة، وبالنسبة للمسافر سفراً يبيح له القصر: ثلاثة أيام بلياليها، لحديث علي - رضي الله عنه - قال: (جعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم) (رواه مسلم برقم (85).

المسألة الخامسة: مبطلاته:
ويبطل المسح بما يأتي:
1 - إذا حصل ما يوجب الغسل بطل المسح، لحديث صفوان بن عسال قال: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة) (حسنه الألباني).
2 - إذا ظهر بعض محل الفرض، أي: ظهور بعض القدم، بطل المسح.
3 - نرع الخفين يبطل المسح، ونزع أحد الخفين كنزعهما في قول أكثر أهل العلم.
4 - انقضاء مدة المسح مبطل له؛ لأن المسح مؤقت بزمن معين من قبل الشارع، فلا تجوز الزيادة على المدة المقررة لمفهوم أحاديث التوقيت.

المسألة السادسة: ابتداء مدة المسح:
وتبتدئ مدة المسح من الحدث بعد اللبس، كمن توضأ لصلاة الفجر، ولبس الخفين، وبعد طلوع الشمس أحدث، ولم يتوضأ، ثم توضأ قبل صلاة الظهر، فابتداء المدة من طلوع الشمس وقت الحدث. وقال بعض العلماء: ابتداؤها من حيث توضأ قبل صلاة الظهر، أي: من المسح بعد الحدث.
المسألة السابعة: المسح على الجبيرة والعمامة وخمر النساء:
الجبيرة: هي أعواد ونحوها كالجبس مما يربط على الكسر ليجبر ويلتئم، ويمسح عليها. وكذلك يمسح على اللصوق واللفائف التي توضع على الجروح، فكل هذه الأشياء يمسح عليها بشرط أن تكون على قدر الحاجة، فإن تجاوزت قدر الحاجة لزمه نَزْعُ ما زاد على الحاجة.
ويجوز المسح عليها في الحدث الأكبر والأصغر، وليس للمسح عليها وقت محدد بل يمسح عليها إلى نزعها أو شفاء ما تحتها. والدليل على ذلك: أن المسح على الجبيرة ضرورة والضرورة تقدر بقدرها ولا فرق فيها بين الحدثين.
وكذلك يجوز المسح على العمامة، وهي ما يعمم به الرأس، ويكور عليه، والدليل على ذلك: حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح على عمامته وعلى الناصية والخفين) (رواه مسلم برقم (274)).
وحديث: (أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح على الخفين والخمار) يعني العمامة (رواه مسلم برقم (275).
والمسح عليها ليس له وقت محدد، ولكن لو سلك سبيل الاحتياط فلم يمسحها إلا إذا لبسها على طهارة وفي المدة المحددة للمسح على الخفين، لكان حسناً.
أما خمار المرأة وهو ما تغطي به رأسها، فالأولى ألا تمسح عليه، إلا إذا كان هناك مشقة في نزعه، أو لمرض في الرأس أو نحو ذلك. ولو كان الرأس ملبداً بحناء أو غيره فيجوز المسح عليه؛ لفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وعموماً طهارة الرأس فيها شيء من التسهيل والتيسير على هذه الأمة.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 09-07-2017, 09:51 AM
  #16
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب السابع: في الغسل، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: معنى الغسل، وحكمه، ودليله:
1 - معناه: الغُسل لغة: مصدر من غسل الشيء يَغسله غَسْلاً وغُسْلاً، وهو تمام غسل الجسد كله.
ومعناه شرعاً: تعميم البدن بالماء. أو: استعمال ماء طهور في جميع البدن، على صفة مخصوصة، على وجه التعبد لله سبحانه.
2 - حكمه: والغسل واجب إذا وجد سبب لوجوبه. لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) [المائدة: 6]، والأحاديث التي ورد فيها كيفية الغسل عن عدد من الصحابة نقلاً عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دالة على وجوبه.
وسيأتي طرف منها قريباً إن شاء الله.
3 - موجباته: ويجب الغسل للأسباب الآتية:
1 - خروج المنيّ من مخرجه: ويشترط أن يكون دفقاً بلذة من ذكر أو أنثى، لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) [المائدة: 6]، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلي: (إذا فَضَخْتَ الماء فاغتسل) (صححه الألباني) (فَضْخُ الماء: أي دَفْقُهُ، والمراد المَنِي ). ما لم يكن نائماً ونحوه فلا تشترط اللذة؛ لأن النائم قد لا يحس به، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سئل: هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: (نعم إذا رأت الماء) (رواه مسلم برقم (313). وهذا كله مجمع عليه.
2 - تغييب حشفة الذكر كلها أو قدرها في الفرج، وإن لم يحصل إنزال بلا حائل: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختانُ الختانَ، وجب الغسل) (رواه مسلم برقم (349). لكن لا يجب الغسل في هذه الحالة إلا على ابن عشر أو بنت تسع فما فوق.
3- إسلام الكافر ولو مرتداً: (لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر قيس بن عاصم حين أسلم أن يغتسل) (صححه الألباني).
4 - انقطاع دم الحيض والنفاس: لحديث عائشة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصَلِّي) (رواه البخاري برقم (320). والنفاس كالحيض بالإجماع.
5 - الموت: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث غسل ابنته زينب حين توفيت: (اغسلنها) (متفق عليه). وقال في المحرم: (اغسلوه بماء وسدر) (متفق عليه). وذلك تعبداً؛ لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه.

المسألة الثانية: في صفة الغسل وكيفيته:
للغسل من الجنابة كيفيتان، كيفية استحباب، وكيفية إجزاء (وكيفية الإجزاء: هي التي تشتمل على ما يجب فقط، وكيفية الاستحباب والكمال: هي التي تشتمل على الواجب والمسنون).
أما كيفية الاستحباب: فهي أن يغسل يديه، ثم يغسل فرجه، وما أصابه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ بيده ماءً فيخلل به شعر رأسه، مدخلاً أصابعه في أصول الشعر حتى يروي بشرته، ثم يحثو على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر بدنه؛ لحديث عائشة المتفق عليه.
وأما كيفية الإجزاء: أن يعم بدنه بالماء ابتداءً مع النية لحديث ميمونة: (وضع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضُوءَ الجنابة، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثاً، ثم تمضمض، واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده، فأتيته بالمنديل فلم يُرِدْها، وجعل ينفض الماء بيديه) (متفق عليه). ومثله حديث عائشة
وفيه: (ثم يخلل شعره بيده. حتى إذا ظن أنه قد روى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده) (متفق عليه). ولا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويلزمها ذلك في الغسل من الحيض؛ لحديث أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله إني امرأة أشدُّ ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: (لا. إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء، فتطهرين) (رواه مسلم برقم (330).

المسألة الثالثة: الأغسال المستحبة:
تقدم بيان الأغسال الواجبة، وأما الأغسال المسنونة والمستحبة، فهي:
1 - الاغتسال عند كل جماع: لحديث أبي رافع أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه قال: فقلت يا رسول الله ألا تجعله واحداً؟ قال: (هذا أزكى وأطيب وأطهر) (حسَّنه الألباني).
2 - الغسل للجمعة: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل) (أخرجه البخاري برقم (877).
وهو آكد الأغسال المستحبة.
3 - الاغتسال للعيدين.
4 - الاغتسال عند الإحرام بالعمرة والحج: فإنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغتسل لإحرامه.
5 - الغسل من غسل الميت: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من غَسَّلَ ميتاً فليغتسل) (صححه الألباني).

المسألة الرابعة: الأحكام المترتبة على من وجب عليه الغسل:
الأحكام المترتبة على ذلك يمكن إجمالها في ما يأتي:
1 - لا يجوز له المكث في المسجد إلا عابر سبيل لقوله تعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء: 43]، فإذا توضأ جاز له المكث في المسجد،
لثبوت ذلك عن جماعة من الصحابة على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولأن الوضوء يخفف الحدث، والوضوء أحد الطهورين.
2 - لا يجوز له مس المصحف. لقوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يمس المصحف إلا طاهر) (صححه الألباني).
3 - لا يجوز له قراءة القرآن. فلا يقرأ الجنب شيئاً من القرآن حتى يغتسل.
لحديث علي قال: (كان عليه الصلاة والسلام لا يمنعه من قراءة القرآن شيء إلا الجنابة) (صححه الترمذي وابن حجر ، و الحاكم في المستدرك)، ولأن في منعه من القراءة حثَّاً له على المبادرة إلى الاغتسال، وإزالة المانع له من القراءة.
ويحرم عليه أيضاً:
4 - الصلاة.
5 - والطواف بالبيت.
كما سبق بيان ذلك عند الكلام على مسألة: (ما يجب له الوضوء). من الباب الخامس.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 11-07-2017, 10:40 AM
  #17
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب الثامن: في التيميم، وفيه مسائل:
التيمم لغة: القصد. وشرعاً: هو مسح الوجه واليدين بالصعيد الطيب، على وجه مخصوص؛ تعبداً لله تعالى.

المسألة الأولى: حكم التيمم ودليل مشروعيته:
التيمم مشروع، وهو رخصة من الله عز وجل لعباده، وهو من محاسن هذه الشريعة، ومن خصائص هذه الأمة.
لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6].
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الصعيد الطيب كافيك وإن لم تجد الماء عشر حِجج، فإذا وجدت الماء فَأمِسَّه بَشَرَتَك) (صححه الألباني). ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطهوراً) (رواه البخاري برقم (335).
وقد أجمع أهل العلم على مشروعية التيمم إذا توافرت شرائطه، وأنه قائم مقام الطهارة بالماء، فيباح به ما يباح بالتطهر بالماء من الصلاة والطواف وقراءة القرآن وغير ذلك.
وبذلك تثبت مشروعية التيمم بالكتاب والسنة والإجماع.

المسألة الثانية: شروط التيمم، والأسباب المبيحة له:
يباح التيمم عند العجز عن استعمال الماء: إما لفقده، أو لخوف الضرر من استعماله لمرض في الجسم أو شدة برد؛ لحديث عمران بن حصين: (عليك بالصعيد الطيب فإنه يكفيك) (رواه البخاري برقم (344) وسيأتي مزيد بسط لذلك بعد قليل. ويصح التيمم بالشروط الآتية:
1 - النية: وهي نية استباحة الصلاة، والنية شرط في جميع العبادات، والتيمم عبادة.
2 - الإسلام: فلا يصح من الكافر، لأنه عبادة.
3 - العقل: فلا يصح من غير العاقل، كالمجنون والمغمى عليه.
4 - التمييز: فلا يصح من غير المميز، وهو من كان دون السابعة.
5 - تعذر استعمال الماء: إما لعدمه؛ لقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [المائدة: 6]، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الصعيد الطيب طَهُورُ المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمِسَّهُ بشرته، فإن ذلك خير) (رواه الترمذي وصححه برقم (124). أو لخوفه الضرر باستعماله، إما لمرض يخشى زيادته أو تأخر شفائه باستعمال الماء؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى)، ولحديث صاحب الشَّجَّة، وفيه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قتلوه قتلهم الله، هلاَّ سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العِيِّ السؤال) (حسّنه الألباني). أو لشدة برد يُخشى معه الضرر، أو الهلاك، باستعمال الماء؛ لحديث عمرو بن العاص أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: (احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، وصلَّيت بأصحابي صلاة الصبح) (صححه الألباني).
6 - أن يكون التيمم بتراب طهور غير نجس -كالتراب الذي أصابه بول ولم يطهر منه- له غبار يعلق باليد إن وجده لقوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) [المائدة: 6]. قال ابن عباس: (الصعيد: تراب الحرث، والطيب: الطاهر)، فإن لم يجد تراباً تيمم بما يقدر عليه من رمل أو حجر، لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: 16]. قال الأوزاعي: الرمل من الصعيد.

المسألة الثالثة: مبطلات التيمم:
وهي الأشياء التي تفسده، ومبطلاته ثلاثة:
1 - يبطل التيمم عن حدث أصغر بمبطلات الوضوء، وعن حدث أكبر بموجبات الغسل من جنابة وحيض ونفاس، فإذا تيمم عن حدث أصغر، ثم بال أو تغوَّط، بطل تيممه؛ لأن التيمم بدل عن الوضوء، والبدل له حكم المبدل، وكذا التيمم عن الحدث الأكبر.
2 - وجود الماء. إن كان التيمم لعدمه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك) وقد تقدم.
3 - زوال العذر الذي من أجله شرع التيمم من مرض ونحوه.

المسألة الرابعة: صفة التيمم:
وكيفيته: أن ينوي، ثم يُسَمِّي، ويضرب الأرض بيديه ضربة واحدة، ثم ينفخهما -أو ينفضهما- ثم يمسح بهما وجهه ويديه إلى الرسغين؛ لحديث عمار وفيه: (التيمم ضربة للوجه والكفين) (صححه الألباني)، وحديث عمار أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: (إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا) فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بهما وجهه (رواه البخاري برقم (347).


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 12-07-2017, 02:06 PM
  #18
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب التاسع: في النجاسات وكيفية تطهيرها. وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف النجاسة، ونوعاها:
النجاسة: هي كل عين مستقذرة أمر الشارع باجتنابها.
وهي نوعان:
1 - نجاسة عينية أو حقيقية: وهي التي لا تطهر بحال؛ لأن عينها نجسة، كروث الحمار، والدم، والبول.
2 - نجاسة حكمية: وهي أمر اعتباري يقوم بالأعضاء، ويمنع من صحة الصلاة، ويشمل الحدث الأصغر الذي يزول بالوضوء كالغائط، والحدث الأكبر الذي يزول بالغسل كالجنابة.
والأصل الذي تزال به النجاسة هو الماء، فهو الأصل في التطهير، لقوله تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) [الأنفال: 11].
وهي على ثلاثة أقسام:
نجاسة مغلظة: وهي نجاسة الكلب، وما تولَّد منه.
نجاسة مخففة: وهي نجاسة بول الغلام الذي لم يأكل الطعام.
نجاسة متوسطة: وهي بقية النجاسات. كالبول، والغائط، والميتة.

المسألة الثانية: الأشياء التي قام الدليل على نجاستها:
1 - بول الآدمي وعذرته وقيئه: إلا بول الصبيِّ الذي لم يأكل الطعام، فيكتفى برشه؛ لحديث أم قيس بنت محصن: (أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأجلسه في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله) (أخرجه البخاري برقم (223). وَنَضَحَهُ: رشَّه بالماء وصَبَّه عليه) أما بول الغلام الذي يأكل الطعام، وكذا بول الجارية، فإنه يغسل كبول الكبير.
2- الدم المسفوح من الحيوان المأكول، أما الدم الذي يبقى في اللحم والعروق، فإنه طاهر، لقوله تعالى: (أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا) [الأنعام: 145]، وهو الذي يهراق وينصبُّ.
3 - بول وروث كل حيوان غير مأكول اللحم، كالهر والفأر.
4 - الميتة: وهي ما مات حتف أنفه من غير ذكاة شرعية لقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) [الأنعام: 145] .. ويستثنى من ذلك ميتة السمك، والجراد، ومالا نفس له سائلة، فإنها طاهرة.
5 - المَذْي: وهو ماء أبيض رقيق لزج، يخرج عند الملاعبة أو تذكُّر الجماع، لا بشهوة ولا دفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهو نجس؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (توضأ، واغسل ذكرك) (أخرجه البخاري برقم (269). يعني من المذي، ولم يؤمر فيه بالغسل تخفيفاً ورفعاً للحرج؛ لأنه مما يشق الاحتراز منه.
6 - الوَدْي: وهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول، ومَنْ أصابه فإنه يغسل ذكره ويتوضأ، ولا يغتسل.
7 - دم الحيض: كما في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع؟ فقال: (تَحُتُّهُ، ثم تَقْرُصُهُ (تَحُتُّه: تحكه بطرف حجر أو عود، وتقرصه: تدلكه بأطراف الأصابع والأظفار دلكاً شديداً وتصب عليه الماء حتى يزول عينه وأثره) بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه) (مسلم برقم (291).

المسألة الثالثة: كيفية تطهير النجاسة:
1 - إذا كانت النجاسة في الأرض والمكان: فهذه يكفي في تطهيرها غسلة واحدة، تذهب بعين النجاسة، فيصب عليها الماء مرة واحدة؛ لأمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بصب الماء على بول الأعرابي الذي بال في المسجد (أخرجه البخاري برقم (220).
2- إذا كانت النجاسة على غير الأرض: كأن تكون في الثوب أو في الإناء.
فإن كانت من كلب ولغ في الإناء، فلابد من غسله سبع غسلات إحداهن بالتراب؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً، أُولاهن بالتراب) (رواه مسلم برقم (279) ولفظه: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بتراب"). وهذا الحكم عام في الإناء وغيره، كالثياب، والفرش.
أما نجاسة الخنزير: فالصحيح أنها كسائر النجاسات يكفي غسلها مرة واحدة، تذهب بعين النجاسة، ولا يشترط غسلها سبع مرات.
وإن كانت النجاسة من البول والغائط والدم ونحوها: فإنها تغسل بالماء مع الفرك والعصر حتى تذهب وتزول، ولا يبقى لها أثر، ويكفي في غسلها مرة واحدة.
ويكفي في تطهير بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح، وهو رشه بالماء؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يغسل من بول الجارية، وينضح من بول الغلام) (صححه الألباني)، ولحديث أم قيس بنت محصن المتقدم.
أما جلد الميتة مأكولة اللحم: فإنه يطهر بالدباغ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) (صححه الألباني وأخرجه مسلم في صحيحه برقم (366) بلفظ: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر").
ودم الحيض تغسله المرأة من ثوبها بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه.
فعلى المسلم أن يهتم بالطهارة من النجاسات في بدنه ومكانه وثوبه الذي يصلي فيه، لأنها شرط لصحة الصلاة.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 13-07-2017, 01:40 PM
  #19
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب العاشر: في الحيض والنفاس، وفيه مسائل:
الحيض لغة: السيلان. وشرعاً: دم طبيعة وَجِبِلَّة، يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة، حال صحة المرأة، من غير سبب ولادة.
والنفاس: دم يخرج من المرأة عند الولادة.

المسألة الأولى: بداية وقت الحيض ونهايته:
لا حيض قبل تمام تسع سنين؛ لأنه لم يثبت في الوجود لامرأة حيض قبل ذلك. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة) (ذكره الترمذي (3/ 418)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 320) بدون إسناد).
ولا حيض بعد خمسين سنة في الغالب على الصحيح. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض) (المغني 1/ 406).

المسألة الثانية: أقل مدة الحيض وأكثرها:
الصحيح: أنه لا حدَّ لأقله ولا لأكثره، وإنما يُرجع فيه إلى العادة والعرف.

المسألة الثالثة: غالب الحيض:
وغالبه ست أو سبع. لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحمنة بنت جحش: (تَحَيضِي في علم الله ستة أيام، أو سبعة، ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين يوماً، أو ثلاثة وعشرين يوماً، كما يحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن) (حسَّنه الألباني).
المسألة الرابعة: ما يحرم بالحيض والنفاس:
يحرم بسبب الحيض والنفاس أمور:
1 - الوطء في الفرج: لقوله تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة: 222]. فقال النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين نزلت: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) (أخرجه مسلم برقم (302)).
2 - الطلاق: لقوله تعالى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطلاق: 1]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمر لما طلق ابنه عبد الله امرأته في الحيض: (مره فليراجعها) الحديث (رواه البخاري برقم (5251).
3 - الصلاة: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة) (رواه البخاري برقم (320).
4 - الصوم: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أليس إحداكن إذا حاضت لم تصم، ولم تصلِّ؟) قلن: بلى (رواه البخاري برقم (304).
5 - الطواف: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري) (متفق عليه).
6 - قراءة القرآن: وهو قول كثير من أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومَنْ بعدهم. لكن إذا احتاجت إلى القراءة -كأن تحتاج إلى مراجعة محفوظها حتى لا يُنسى، أو تعليم البنات في المدارس، أو قراءة وردها- جاز لها ذلك، وإن لم تحتج فلا تقرأ، كما قال به بعض أهل العلم (انظر: الشرح الممتع (1/ 291 - 292)).
7- مس المصحف: لقوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79].
8 - دخول المسجد واللبث فيه: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا أُحِلُّ المسجد لجنب، ولا حائض) (صححه ابن خزيمة، وحسنه ابن القطان وابن سيد الناس)، ولأنه - (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - كان يدني رأسه لعائشة، وهي في حجرتها، فترجله وهي حائض، وهو حينئذ مجاور في المسجد (أخرجه البخاري برقم (296). وكذا يحرم عليها المرور في المسجد إن خافت تلويثه، فإن أمنت تلويثه لم يحرم.

المسألة الخامسة: ما يوجبه الحيض:
1 - يوجب الغسل: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي) (متفق عليه).
2 - البلوغ: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (صححه الألباني). فقد أوجب عليها السترة بحصول الحيض، فدلَّ على أن التكليف حصل به، وإنما يحصل ذلك بالبلوغ.
3 - الاعتداد به: فتنقضي العدة في حق المطلقة ونحوها بالحيض لمن كانت تحيض، لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة: 228].
يعني: ثلاث حِيَض.
4 - الحكم ببراءة الرحم في الاعتداد بالحيض.
تنبيه: إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس؛ لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم، ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة؛ لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر. وبه قال الجمهور: مالك والشافعي وأحمد (انظر: الملخص الفقهي (1/ 59 - 60)).
المسألة السادسة: أقل النفاس وأكثره:
لا حدّ لأقل النفاس؛ لأنه لم يرد فيه تحديد، فرجع فيه إلى الوجود، وقد وجد قليلاً وكثيراً. وأكثره أربعون يوماً. قال الترمذي: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومَنْ بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فتغتسل وتصلي، ولحديث أم سلمة: (كانت النفساء على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تجلس أربعين يوماً) (قال الألباني: موقوف ضعيف).

المسألة السابعة: في دم المستحاضة:
الاستحاضة: سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف، من عرق يسمى العاذل.
ودم الاستحاضة يخالف دم الحيض في أحكامه وفي صفته، وهو عرق ينفجر في الرحم، سواء كان في أوقات الحيض أو غيرها، وهو لا يمنع الصلاة ولا الصيام ولا الوطء؛ لأنها في حكم الطاهرات. ودليله حديث فاطمة بنت أبي حبيش: قالت: يا رسول الله إني أُسْتَحَاضُ، فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: (لا، إن ذلك عِرْق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي) (متفق عليه). فيجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة، وعند الاستحاضة تغسل فرجها، وتجعل في المخرج قطناً ونحوه يمنع الخارج، وتشد عليه ما يمسكه عن السقوط. ويغني عن ذلك الحفائظ الصحية في هذا الوقت، ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة.
والمستحاضة لها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تكون لها عادة معروفة، بأن تكون مدة الحيض معلومة لديها قبل الاستحاضة، فهذه تجلس قدر عادتها، وتدع الصلاة والصيام، وتُعَدُّ حائضاً، فإذا انتهت عادتها اغتسلت وصلّت وعدَّت الدم الخارج دم استحاضة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأم حبيبة: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي، وصلي) (رواه مسلم برقم (334).
الحالة الثانية: إذا لم تكن لها عادة معروفة، لكن دمها متميز بعضه يحمل صفة الحيض: بأن يكون أسود أو ثخيناً أو له رائحة، والباقي يحمل صفة الاستحاضة، دم أحمر ليس له رائحة. ففي هذه الحالة ترد إلى العمل بالتمييز؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضَّئي، وصلي فإنما هو عرق) (صححه الألباني).
الحالة الثالثة: إذا لم تكن لها عادة ولا صفة تميز بها الحيض من غيره، فهذه تجلس غالب الحيض ستاً أو سبعاً؛ لأن هذه عادة غالب النساء، وما بعد هذه الأيام من الدم يكون دم استحاضة تغسله، ثم تصلي، وتصوم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحمنة بنت جحش: (إنما هي رَكْضَةٌ من الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي، فإذا استَنْقَأتِ فصلي وصومي فإن ذلك يجزئك) (حسَّنه الألباني). ومعنى (ركضة من الشيطان) يعني: دفعة، أي: إن الشيطان هو الذي حرَّك هذا الدم.


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 15-07-2017, 11:45 AM
  #20
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

ثانياً: كتاب الصلاة
ويشتمل على خمسة عشر باباً

الباب الأول: في تعريف الصلاة، وفضلها، ووجوب الصلوات الخمس:
1 - تعريفها: الصلاة لغة: الدعاء.
وشرعاً: عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
ويأتي تفصيلها في الأبواب التالية إن شاء الله.
2 - فضلها: الصلاة من آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، بل هي عمود الإسلام، وقد فرضها الله على نبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة المعراج فوق سبع سموات. وذلك دليل على أهميتها في حياة المسلم، وقد كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا حَزَبَه (أي: أصابه) أمرٌ فزع إلى الصلاة. وقد جاء في فضلها والحث عليها أحاديث كثيرة منها:
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) (رواه مسلم).
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرَنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من دَرَنه شيء.
قال: (فذلك مَثَلُ الصلوات الخمَسَ، يمحو الله بهن الخطايا) (متفق عليه). والدَّرَنُ: الوسخ.
3 - وجوبها: وفرضيتها معلومة بالكتاب، والسنة، والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) [البقرة: 43] في آيات كثيرة من كتاب الله، وقال تعالى: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ) [إبراهيم: 31].
ومن السنة: حديث المعراج وفيه: (هي خمس وهي خمسون) (رواه البخاري برقم (349). والمعنى: هي خمس في العدد باعتبار الفعل، وهي خمسون في الأجر والثواب). وفي "الصحيحين" قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن سأله عن شرائع الإسلام: (خمس صلوات في اليوم والليلة) قال السائل: هل عليَّ غيرهن؟ قال: (لا، إلا أن تَطَّوَّع) (متفق عليه).
وتجب الصلاة على المسلم البالغ العاقل، فلا تجب على الكافر، ولا الصغير، ولا المجنون، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ). ولكن يؤمر بها الأولاد لتمام سبع سنين، ويضربون على تركها لعشر. فمن جحدها أو تركها فقد كفر، وارتدَّ عن دين الإسلام لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) (رواه مسلم).
الباب الثاني: الأذان، والإقامة، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الأذان والإقامة، وحكمهما:
أ- تعريف الأذان والإقامة:
الأذان لغة: الإعلام. قال تعالى: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [التوبة: 3]. أي إعلام.
وشرعاً: الإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص.
والإقامة لغة هي: مصدر أقام، وحقيقته إقامة القاعد.
وشرعاً: الإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص ورد به الشارع.
ب- حكمهما: ألاذان والإقامة مشروعان في حق الرجال للصلوات الخمس دون غيرها، وهما من فروض الكفايات إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، فلا يجوز تعطيلهما.

المسألة الثانية: شروط صحتهما:
1 - الإسلام: فلا يصحان من الكافر.
2 - العقل: فلا يصحان من المجنون والسكران وغير المميز، كسائر العبادات.
3 - الذكورية: فلا يصحان من المرأة للفتنة بصوتها، ولا من الخنثى لعدم العلم بكونه ذكراً.
4 - أن يكون الأذان في وقت الصلاة: فلا يصح قبل دخول وقتها، غير الأذان الأول للفجر والجمعة، فيجوز قبل الوقت، وأن تكون الإقامة عند إرادة القيام للصلاة.
5 - أن يكون الأذان مرتباً متوالياً: كما وردت بذلك السنة، وكذا الإقامة، وسيأتي بيانه في الكلام على صفة الأذان والإقامة.
6 - أن يكون الأذان، وكذا الإقامة، باللغة العربية وبالألفاظ التي وردت بها السنة.
المسألة الثالثة: في الصفات المستحبة في المؤذن:

1 - أن يكون عدلاً أميناً؛ لأنه مؤتمن يُرجع إليه في الصلاة والصيام، فلا يؤمن أن يغرهم بأذانه إذا لم يكن كذلك.
2 - أن يكون بالغاً عاقلا، ويصح أذان الصبيّ المميز.
3 - أن يكون عالماً بالأوقات ليتحراها فيؤذن في أولها، لأنه إن لم يكن عالماً ربما غلط أو أخطأ.
4 - أن يكون صَيِّتا(أي: قويَّ الصوت) ليُسْمِعَ الناس.
5 - أن يكون متطهراً من الحدث الأصغر والأكبر.
6 - أن يؤذن قائماً مستقبل القبلة.
7 - أن يجعل أصبعيه في أذنيه، وأن يدير وجهه على يمينه إذا قال: حَيَّ على الصلاة، وعلى يساره إذا قال: حَيَّ على الفلاح.
8 - أن يترسل في الأذان -أي يتمهل- ويحدر الإقامة -أي يسرع فيها-.

المسألة الرابعة: في صفة الأذان والإقامة:
كيفية الأذان والإقامة: ولهما كيفيات وردت بها النصوص النبوية، ومنها ما جاء في حديث أبي محذورة، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمه الأذان بنفسه، فقال: (تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، حَيَّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله) (صححه الألباني).
وأما صفة الإقامة فهي: (الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)؛ لحديث أنس - رضي الله عنه -قال: (أمر بلالٌ أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة) (أخرجه البخاري برقم (605). فتكون كلمات الأذان مرتين مرتين، وكلمات الإقامة مرة مرة، إلا في قوله: (قد قامت الصلاة) فتكون مرتين؛ للحديث الماضي.
فهذه صفة الأذان والإقامة المستحبة؛ لأن بلالاً كان يؤذن به حضراً وسفراً مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أن مات. وإن رَجّع في الأذان، أو ثنَّى الإقامة، فلا بأس؛ لأنه من الاختلاف المباح. (الترجيع: الترديد، بمعنى أنه يخفض صوته في الشهادتين، ثم يعيدهما برفع الصوت، كما أخرجه أبو داود برقم (503) ويستحب أن يقول في أذان الصبح بعد حَيَّ على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين (وهو التثويب، من ثاب يثوبُ: إذا رجع، فالمؤذن حين يقول هذه الجملة في صلاة الصبح، فهو رجوع منه إلى كلام فيه الحث على المبادرة إلى الصلاة)؛ لما روى أبو محذورة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: (إن كان في أذان الصبح قلت: الصلاة خير من النوم) (صححه الألباني).

المسألة الخامسة: ما يقوله سامع الأذان، وما يدعو به بعده:
يستحب لمن سمع الأذان أن يقول مثل ما يقول المؤذن؛ لحديث أبي سعيد أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) (متفق عليه). إلا في الحَيْعَلَتَيْن، فيشرع لسامع الأذان أن يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" عقب قول المؤذن: حَيَّ على الصلاة، وكذا عقب قوله: حَيَّ على الفلاح؛ لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في ذلك (أخرجه مسلم برقم (385).
وإذا قال المؤذن في صلاة الصبح: الصلاة خير من النوم، فإن المستمع يقول مثله، ولا يُسَنُّ ذلك عند الإقامة.
ثم يصلي على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم يقول: "اللهم رَبَّ هذه الدعوة التامَّةِ والصلاة القائمةِ، آتِ محمداً الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْهُ مقاماً محموداً الذي وعدته" (أخرجه البخاري برقم (614)، وفيه: أن من قال ذلك حلت له شفاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم القيامة.


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:56 AM.


images