كواكب الأسحار ( قصتي ورفيقة دربي ) - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

المتزوجين مواضيع تهم المتزوجين من الرجال والنساء.

موضوع مغلق
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-08-2011, 01:29 AM
  #1
أحمد الأزهري
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 132
أحمد الأزهري غير متصل  
كواكب الأسحار ( قصتي ورفيقة دربي )

يا كوكبا ما كان أقصر عمره *** وكذاك عمر كواكب الأسحار




اخواني واخواتي الأفاضل اسعد الله اوقاتكم بكل خير , وبارك لكم في الشهر الفضيل

ورزقنا صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه عنا .

تلك هي مشاركتي الأولى في صرحكم الشامخ , ومادعاني للتسجيل فيه سببين

أولاهما : ما لمسته خلال تصفحي فيه من صدق الأخوة وسمو المشاعر والإخلاص

في ابداء النصح والتعاطف مع المشاكل بين اعضاءه , الأمر الذي شجعني أن

أطرح مشكلتي هنا لعلي أجد بين حروفكم سلوى لما أصابني من بلوى

الثاني : قراءتي لمشكلة الأخ أحمد صاحب معرف ( حياة أفضل ) , لأهون عليه

مصابه في زوجته وصدمته , وليعلم ان هناك من هو أعظم منه مصابا , من باب

( من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته ) , مع خالص دعائي له أن يتجاوز

محنته ويتخذ القرار الصحيح , ولكافة الأعضاء بالتوفيق

والتمس العذر في البداية منكم ان أطلت في حديثي فالله وحده يعلم كم أقاسي وكم

أعاني , وماكتبت هنا الا لشدة ما اعانيه , ولحاجتي أن اسكب قدرا بسيطا من

أحزاني عبر الكتابة لعلها تخفف عني

بداية : خطب الأهل لي فتاة من عائلة من أزكى الناس سمعة , وأشرفهم حسبا ,

وأرفعهم نسبا , وتم تحديد موعد للنظرة الشرعية , ودخلت على الفتاة آنذاك

فسبحان من صورها وجلَّ من أبدعها , وتبارك من سواها , وأقسم بالله صادقا

مارأت عيني جمالا ملائكيا كجمالها , ومنذ اللحظة الأولى قذف الله حبها في قلبي

ثم تمت الملكة بعدها بأسبوعين , فلاتسألوا عن سعادتي وقتها كيف كانت , وبدأت

المكالمات

بيننا , وبدأت أكتشف شخصية فتاتي الحبيبة شيئا فشيئا , ان تكلمنا في الأدب

والشعر فهي أديبة حاذقة تتقن فنون الشعر وتقرضه , وتحفظ أشعار الأولين

والآخرين , وان تكلمنا في الثقافة فهي من اوسع الناس اطلاعا ومعرفة , وان

استشرتها في أمر ما فهي من أرجح الناس عقلا , وأشدهم نباهة

وإن تكلمنا في الشرع والدين فهي عالمة بأمور دينها حافظة لكتاب ربها , ومن

أكمل الناس أدبا وخلقا , ومع هذا وذاك تهتم بجمالها وتعتني بنفسها وتتابع كل

مايخص هذا الجانب . حتى بت أغبط نفسي على مثل هذه الزوجة , ومثل هذا

النسب , فأهلها لايختلفون عنها شيئا , وان كانت الفتاة كما ذكرت لكم فكيف

تتصورون أن يكون الأصل ؟

وكنت أستعجل زواجي منها بكل الطرق , وأحاول تدبير أموري المالية لكي

أبذل لها الغالي والنفيس , وحين أعطيتها مهرها كنت أراه قليلا بحقها وأرى

أنها تستحق كنوز الدنيا

وتفننت في تجهيز عش حبنا الذي سيجمعنا , فسافرت هنا وهناك لأجلب الأثاث

من أغلى المعارض وأجملها ذوقا , حتى اكتمل بيتنا وأصبح فتنة للناظرين

وكانت تعاتبني حين أتغالى في هداياي لها , ولا تبخل علي في أن تهديني بالمثل ,

وحين حجزت في أفخم القاعات وأغلاها سعرا لحفل زواجنا غضبت كثيرا وعاتبتني

بأن السعادة ليست بالمظاهر ويكفيها أن نكون سويا .

وتم زفافنا كأجمل ما يكون , كان زفافا اسطوريا بحق , وكانت حبيبتي كأميرات

الأساطير بجمالها وحيائها , وشعرت وقتها أني ملكت الدنيا بأسرها فمن مثلي ؟

وفوجئت بزوجتي في الليلة الأولى من زواجنا تمنحني مهرها كاملا كما منحته

لها لم يمس , ولم ينقص منه ريالا , وغضبت منها أشد الغضب , وسألتها كيف

اشترت جهازها _وهو بالمناسبة من اغلى وأفخم الماركات_ ؟ فأجابتني أنه من

مالها الذي منحه لها والدها , لأنه رأى كيف تفانيت في التجهيز لبيتنا

وزواجنا ( رغم أنه جزاه الله خير الجزاء ساعدني كثيرا جدا ) , ولم يشأ أن يثقل

علي أكثر , فجهز ابنته من ماله .

وبقدر ما آلمني التصرف , بقدر ما أكبرته , أهناك من يتصرف كذلك في هذا

الزمن , وأقسمت عليها أن تأخذه فرفضت , ولم يكن أمامي سوى أن أشتري لها

بالمبلغ ذهبا وعلى ذوقي .

ولن أطيل عليكم , لكن يكفي أن أقول أنني قضيت معها أجمل أيام عمري , تنعمت

في أحضان السعادة , وتقلبت في أكناف النعيم , واستشعرت بحق وصدق قول

الحبيب صلى الله عليه وسلم ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) , فكنت لا

أطيق فراقها , وكنت أذهب لعملي صباحا مودعا بدعواتها وحنانها , وانتشي

بتذكر أوقاتنا الحلوة معا أثناء عملي , وأعود متلهفا الى بيتي متشوقا كعريس

يزف الى عروسه , فأجد ذلك حقيقة لامجازا , بيتا نظيفا معطرا , وطعاما شهيا

معدا , وزوجة ان نظرت اليها سرتني بجمال هندامها وحسن استقبالها وبشاشة

وجهها , وعذوبة حديثها , فأنسى هموم عملي كلها وانسى الدنيا بأسرها , وأبقى

فقط لأنصت لها , ولا أتمنى أن تكف عن حديثها ابدا فاذا ضحكت زغردت بلابل

قلبي , وأشرقت الدنيا في عيني , واذا أطلت النظر اليها استمتاعا بحسنها

تبسمت وأغضت بعينها حياء كأول مرة رأيتها فيها .

وكانت وجه خير علي , وقد كنت مدخنا فأقلعت عن التدخين بفضل الله أولا ثم

بأسلوبها المحبب , ورزقني الله في الشهر الذي تزوجتها فيه بوظيفة أفضل

بمراحل من تلك التي كنت فيها وبراتب ضعف راتبي , وترقيت في وظيفتي

بعد ذلك , وأصبحت أكثر هدوءا بعد أن كنت أعاني من نوع من العصبية

وأكثر قربا من خالقي , ولمس جميع من حولي تغيري للأفضل

وشغفت بزوجتي حبا حتى أضحيت لا أستطيع أن أكتم حبي وأتيه بها فخرا بين

العالمين , الى أن نصحني أحدهم أن أكف عن الحديث عنها خشية العين .

وكنت من شدة حبي لها أخشى عليها _ دون مبالغة _من خدش النسيم لها

حتى أنني تراجعت كثيرا عن الحمل لخشيتي عليها من الام الحمل والمخاض

رغم رغبتي العارمة في الانجاب منها ,

باختصار : كانت طفلتي الحبيبة المدللة , وكنت ابنها الذي لم تنجبه بعد , لاتنام الا

بين أحضاني , أتنفس نسماتها العطرة , وأغفو على همساتها العذبة , وأصحو

على مداعباتها الحلوة , ولا يحلو لها نوما قبل أن تسألني : راضي عني يا حبيبي ؟

فأقبل جبينها وأجيبها : الله يرضى عنك دنيا وآخرة , وأنت حبيبتي راضية عني ؟

فتجيبني بالمثل , هكذا كنا كل ليلة

ولا أذكر يوما أننا اختلفنا , أو بتنا على خصام ابدا , وإن اختلفت بيننا وجهات

النظر كنا الأسرع الى مراضاة بعضنا البعض , وان احسست اني ظلمتها أو

ضايقتها أتقطع ندما وأتمزق ألما وأبكي كالأطفال في حجرها . فتضمني اليها

وتداعب شعري وتضاحكني وتمازحني حتى يزول كدري , فما عرف النكد الينا

سبيلا , ولا سمع بيتنا للحزن نعيقا .

وشاء المولى أن يبتليني بمرض , نصحني الأطباء بضرورة اجراء عملية للشفاء

منه , وكتمت مرضي عن والدتي وسائر أهلي , وعلمت به زوجتي فكانت خير

معين لي , وبدلت جزعي صبرا بحديثها , وبت أمنا مطمئنا أنتظر موعد العملية

دون أدنى خوف .

وحان يوم اجراء العملية فأصرت أن ترافقني الى المستشفى , وكانت الى جواري

أثناء تحضيري للعملية تمسك بيدي , ويدها الحبيبة تنتفض بين يدي , تكتم دمعها

وتلقنني الأوراد وتتلو الايات , صابرة متماسكة أمامي , تبثني القوة والشجاعة

وأنا أعلم أنها تكاد تموت قلقا ورعبا علي , وألبستني معطف العمليات , وخلعت

عني حذائي , وقبلتني , وودعتني مازحة من بين دموعها : ( شكلك يجنن

بالبدلة الجديدة ) , ثم استودعتني الله فكان أخر وجه اراه وجهها الحبيب قبل

وجه الطبيب , ولم يخالجني الخوف سوى وقتها كطفل تركته أمه وحيدا

وحين استفقت من غيبوبتي كان أول ما طالعني وجهها , وتلقفتني بين احضانها

وأغرقتني دموعها شكرا لله وحمدا على نجاتي

وصبرت بعد ذلك على فترة نقاهتي فلازمتني في مرضي , تستقبل الزوار , وتخفف

عني , وتسهر على راحتي فلا تنام الا قليلا , وضحت بصحتها ووقتها من أجلي .

وحين متعني الله بالسلامة سافرت بها الى اجمل جزر خلقها الله على وجه

البسيطة , فكانت من أجمل رحلات عمري بعد رحلة شهر العسل , وان كنت

أرفض هذا المسمى فحياتي معها هي شهر عسل متصل .

ومهما أفضت واستفضت في وصف جمال ايامي معها فلن أوفي ولن أبلغ .

وكنت كلما خلوت بنفسي ونظرت في حالي : استكثرت على نفسي السعادة التي

أحياها , وتذكرت قول أحد السلف ( هي الدنيا : كلما حلت أوحلت , وكلما كست

أوكست , وكلما جلت أوجلت ) فأشعر بغصة في حلقي , ووجل خفي , وأدعو الله

ألا يبدل حالنا وألا يفرقنا أبدا .

ثم أتى رمضان 2008 وكان أول رمضان لنا معا , وأجمل رمضان مرَّ علي منذ

مولدي , كنت _ وعذرا في الكلمة _ لا أفطر الا على ريقها , وتعلمت معها كيف

أكون أكثر قربا لله , كيف أحفظ صيامي , كيف أستشعر الآيات وأنا أختم القرآن

, وأنا أصلي التراويح , كيف أتحرى ليلة القدر , كيف , وكيف , وكيف

كنت أرى الوجود معها بعين أخرى أجمل وأروع من تلك التي كنت أراه بها وأنا

عزوبيا , تعلمت منها الكثير , علمتني دروسا في التضحية , في الحب ,

في الاخلاص , ومهما ضحيت من أجلها وتفانيت في اسعادها والبذل من اجلها

لا أرى أنني أوفيتها حقها , أو بلغت ربع تضحياتها من اجل اسعادي .

وغني عن الذكر أن أذكر لكم كيف كان لي أول عيد معها , فوالله لقد بلغت عنان

السماء من شدة سعادتي وسافرنا بعدها لمدة اسبوعين في رحلة كالأحلام في

روعتها

ثم استخرنا الله وحملت حبيبتي في شهر الحج , وبقدر قلقي عليها بقدر سعادتي

بحملها , وتمنيت لو احتضنتها بين أجفاني وأغلقت عليها من فرط خوفي عليها

ومرت أشهر الوحام الأولى كأقسى ماتكون على زوجتي , كانت تخفي عني

أوجاعها وتتسلل من حضني ليلا لتستفرغ _ أعزكم الله _ فلا أشعر بها الا حين

عودتها

وكانت كلما تقدمت بها أشهر الحمل تزداد تعبا , لكنها لم تقصر يوما بحقي او

بحق بيتها أو بحق نفسها فلا زالت تهتم بنفسها , ولولا بطنها الصغير

الذي يتقدمها لظن الناظر اليها انها عروس قد تهيأت للقاء زوجها .

وترفض أن أستقدم لها خادمة فهي تستلذ بقيامها بأموري , وتصر أن تطهو لي

بنفسها حتى نهيتها عن ذلك خوفا عليها وأصبحت أحضر الطعام من المطاعم

أو أطهو لها بنفسي

وكان وقت متابعة الجنين من اجمل اوقاتنا , نراه على الشاشة ونتابع حركاته

ودقات قلبه , وحين تبين لنا انه ذكرا رسمنا أعذب الأحلام واخترنا اجمل الأسماء

كنت أكلمه وهو في بطنها وكانت تداعبه فيتحرك كأنما يجيبنا ونتحسسه ضاحكين

واستغرق في تخيلاتي , فأشعر بالهم حين أتذكر موعد ولادة زوجتي وكيف

ستقاسي الألام , فأضمها الى صدري , دون ان اتكلم , وكأن نبضها يشعر بنبضي

فتبتسم وتداعب طرف انفي ضاحكة : لا تخاف .

واقترب موعد ولادتها شيئا فشيئا , ودخلت في شهرها التاسع , وكدت أموت

قلقا عليها , وكنت أشعر بمدى ثقل الجنين عليها , وارهاقها وتعبها , وكانت

ترفض طلب والديها ان تستقر في بيتهم في الشهر الأخير لئلا يفاجئها الطلق

اثناء عملي , وتبرر ذلك بأنها لاتحب ان تفارق بيتها أو تفارقني الا في اللحظة

الأخيرة .

ولأول مرة في الشهر الأخير تتكلم عن خوفها من الموت أثناء الولادة , وكنت

أنهرها لكي تكف عن كلامها , فتجيبني ان هذا يعد من حسن الخاتمة فأدعو

أن يجعل الله يوم وفاتي قبلها , فتجيبني : الله يجعل يومنا واحد وندفن سويا

فكلانا لا يقوى على فراق الآخر , فتدمع عيني وأضمها الى صدري وأرجوها

أن تغلق الموضوع .

وأذكر انني استيقظت في احدى الليالي على شهقانها , فسألتها جزعا عما بها

فقالت لي : أشعر أنني سأموت أثناء الولادة ورأيت ذلك في منامي , فهدأت من

روعها , ولم أنم ليلتها من شدة همي وحزني , حتى تمنيت أنها لم تحمل أصلا

ثم أتت الليلة الأخيرة من شعبان وكان أهلها قد أصروا عليها أن تقيم عندهم

لمراعاتها , وكنا قد ذهبنا في ذلك اليوم للمراجعة , وكان وضع الجنين لا يطمئن

ونبضه قد أصبح ضعيفا نوعا ما , وحددت الطبيبة لها اليوم التالي لاجراء عملية

قيصرية لاخراج الجنين , ونزل الخبر علي كالصاعقة , وكانت هي اكثر هدوءا

مني وتقبلت الخبر بثبات عجيب و ونصحتها الطبيبة بالمشي لربما اعتدل وضع

الجنين , وسهل ولادته بطريقة طبيعية , وخرجنا من المستشفى , وكنا

قد اعتدنا أن نمشي سويا ونتسامر منذ بداية شهرها التاسع , فسألتها في ذلك

اليوم بعد خروجنا من المستشفى : أين تحبين أن نمشي ؟ فأجابتني ضاحكة :

في الملاهي .. وذهيت بها الى هناك ولعبت طفلتي الحبيبة بسعادة لا يخالطها

قلق وكنت أعلم أنها تفعل ذلك من اجلي لكي أنسى جزعي وخوفي عليها

ومشينا في السوق كثيرا , نتبادل الحديث والضحك بعد أن ذهب عني قلقي

وشرينا المزيد من الأغراض لمولودنا الذي ننتظره غدا

وتاولنا عشاءنا والآيس كريم الذي تفضله , وأوصلتها الى بيت أهلها

واحتضنتها طويلا مودعا اياها وراجيا منها ان تعتني بنفسها حتى اراها

في الغد , ثم ايقظتني لصلاة الفجر , واتصلت بها عند ذهابي لعملي وكان

ذلك في أول أيام شهر رمضان المبارك عام 2009 , ومضى يومي قلقا

مضطربا , أفكر في موعد العملية ليلا , واود ان اسمع صوتها فاخشى ان

تكون نائمة , حتى كان موعد عودتي من عملي في الثانية ظهرا , واتصلت

بها فجاءني صوتها مرحا , هادئا , لا يشوبه أدنى قلق , تسألني عن يومي

كيف أمضيته , فأخبرتها أنني في الطريق اليها فرجتني أن أعود لبيتي وأرتاح

ونلتقي بعد الإفطار وأجبتها كارها الى مطلبها

ثم نمت بعد صلاة العصر , واستيقظت على اذان المغرب فأفطرت وصليت المغرب

وتهيئت للذهاب لزوجتي , واذ بوالد زوجتي يتصل ويطمئن علي ويسألني : هل

نمت جيدا بعد عودتك من عملك ؟ وهل أفطرت جيدا ؟ فأجبته بالإيجاب فأخبرني

أن زوجتي في المستشفى منذ الثالثة ظهرا

يا ألله !! لماذا لم تخبرني ؟ كلمتها في الثانية وكانت على مايرام , وقطعت الطريق

الى المستشفى بسرعة الصاروخ ويعلم الله عن حالي وقتها , كنت اتخيل الامها

بكائها , واجري بكل قوتي في ردهات المستشفى حتى وصلت الى غرفتها , فما

ان دخلت حتى استقبلتني بابتسامتها واحتضنتني كما تحتضن الطفلة أباها

وبكيت وانا اردد : لماذا لم تخبريني ؟ فأجابتني لم أشأ أن تقلق علي وأنت

صائم ومتعب , وعلمت من والدتها انها شاهدت علامة الولادة بعد افتراقنا ليلا

ثم داهمتها الام الطلق في الواحدة ظهرا

كانت تكلمني وتمازحني في المكالمة وهي تعاني الام الطلق

يا الله !! أي قلب تحمل غاليتي , وأي تضحية هذه التي تقدمها من أجلي و حتى

وهي في أشد لحظات تألمها واحتياجها لي لاتريد أن تقلقني .

وضممتها الى صدري والمحاليل بيدها وجهاز قياس الطلق ونبض الجنين مثبت

على بطنها , وقاومت دموعي بصعوبة , وكتمت بكائي بمعجزة , واحترم اهلها

تلك اللحظات فغادرونا قليلا

وراقبت الطبيبة كيف تقيس اتساع الرحم , فانتفض جسدي ارتياعا , كيف تتحمل

المسكينة هذا العذاب ؟

واشتدت بها الآم الطلق فكانت تدفن رأسها في صدري وتئن أنينا مكتوما بالكاد

أسمعه .

واقترب موعد خروج الجنين فألبستها معطف العمليات , واستدارت لي تمازحني

من بين دموعها : لو سمحت مراية اشوف شكلي , فأجبتها من بين دموعي :

تجنني يا روحي بالفستان الجديد


ثم سألتني سؤالها المعهود : راضي عني يا حبيبي ؟ فبكيت حينها ورجوتها أن

تسامحني عن تقصيري معها وأنني سبب الامها التي تعانيها , فأسكتتني بقولها

الله يسعدك كما أسعدتني , ومسحت عني دموعي

ورافقتها الى غرفة العمليات وقدمي بالكاد تحملني , وكان أخر كلمة قالتها لي :

أحبك , قبل أن يفصلنا الباب

ووقفت أمام الباب ابكي كالأطفال , وحاول أهلها تهدئتي بلا جدوى , وانزويت في

ركن اصلي وأدعو ربي أن يحفظها من أجلي , لم أكن أهتم بسلامة الجنين , فقط

كنت أفكر فيها , ومضى الوقت ثقيلا بطيئا , ثم ارتفع بكاء الجنين معلنا قدومه الى

الدنيا

فلم يهدأ لي بال وخرجت الممرضة تهنئني بخروج الطفل سليما معافى , فسألتها

عن زوجتي فأجابتني أنها بخير

ثم تتابع دخول الأطباء لغرفة المخاض , وشعرت ان هناك شيئا غير طبيعي وطلبت

الدخول لرؤية زوجتي فأخبروني ان هذا ممنوع حاليا , وعلي أن أتحلى بالصبر

ثم خرج أحد الأطباء من الغرفة وأمسك بيدي برفق وسار بي بعيدا عن الغرفة وهو

يكلمني عن الايمان بالقضاء والقدر فلم أنتظره ليكمل حديثه واستدرت اجري الى

الغرفة الكئيبة , ووجدت حبيبتي مسجاة ساكنة , قد أسلمت الروح لبارئها , ولم

أشعر بنفسي بعدها , بكيت كبكاء أمها الثكلى وابيها المكلوم , لا أذكر ماذا فعلت

وقتها , كل ما اذكره أنني كنت أضمها وابكي بجنون وأرجوها أن تكلمني , وحاول

من حولي تهدئتي واخراجي من الغرفة , لكنني كنت فاقدا لصوابي , كنت أتخيل

أنها ستقوم لترى صغيرها , ووقعت عيني على دماء الولادة فأصبحت أهذي :

ماذا فعلتم بها , ويخبرني من حولي أن هذا قضاء الله وليس خطئا طبيا وأنها لم

تحتمل الولادة _ رغم أنها كانت طبيعية - فيرفض عقلي الاستجابة لذلك .

ولن أطيل عليكم أكثر من ذلك في وصف ذلك المشهد الكئيب , ولا كيف كان حالي

أثناء صلاة الجنازة أو مواراتها الثرى , او تلقي العزاء فيها , لكنني أذكر أني

جلست ابكي على قبرها ساعات وساعات كان دعائي خلالها اللهم الحقني بها .


ولم أكن قد رأيت طفلي بعد , وتضاربت مشاعري وانا أراه للمرة الأولى , طاف بي

طائف من الشيطان انه سبب وفاة والدته فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم ,

وحملته فاذا هو نسخة مصغرة من الحبيبة الغالية , الجمال الملائكي ذاته , الشعر

الناعم , لون العيون , بياض البشرة , حتى غمازة الذقن والخدين ورثها عنها ,

وأجهشت بالبكاء وانا أضمه لصدري , وأدعو لحبيبتي بالرحمة , كم كانت ستسعد

برؤياه , وأحسست وقتها بأن حزن الدنيا كله قد تجمع في قلبي , ومرت أسابيع

بعدها , وأنا طريح الفراش , لا أذوق طعاما , ولايدخل جسدي سوى الشراب و

المحاليل , فأصبح وزني 48 بعد أن كان 65

وفقدت القدرة على الكلام من هول الصدمة , وفقدت الرغبة في الحياة

وراودتني رغبة قوية في الانتحار لولا لطف الله ورحمته بي ثم بدعم أهلي

وأصهاري_ رغم مصابهم _ لي ومساعدتهم لي كي أتجاوز محنتي

ودخلت بيتي عقب شهر من رحيل حبيبتي , فألفيته مظلما كئيبا يتشح بالسواد

كأرملة تقضي فترة حداد

أطالع لمساتها في البيت , كل ركن هنا , كل زاوية تنتظر عودتها , ودخلت الى

غرفة النوم وارتميت على السرير أحتضن وسادتها وأبكي بكل ما أوتيت من قوة

ولا أذكر كم بقيت على هذا الوضع حتى أوشكت أن أفقد وعيي من شدة بكائي

وأخرجت صور زواجنا , رحلاتنا , وظللت أطالعها طوال الليل وأنا أنتحب ,

وأردد لماذا تركتيني ؟

أحسست أنني أحيا في كابوس مرعب لا أستطيع أن أستفيق منه , كنت أشعر

أن كل ما أنا فيه سيختفي فجأة وأعود الى حياتي الأولى , عقلي يرفض التصديق

أنني فقدتها , ثم دخلت في دوامة أشبه ما تكون بالهلوسة , أراها أمامي بشحمها

ولحمها , وأسمع صوتها , وأتذكر كل ما كان بيننا ويصوره لي عقلي الباطن

عيانا بيانا , ثم تصيبني نوبة بكاء عنيف حينما أدرك أنها قد رحلت للأبد

وحاول من حولي _ جزاهم الله عني خير الجزاء _ التخفيف من مصابي ,

فتعاطف معي رئيسي في العمل ومنحني اجازة طويلة حتى أسترد عافيتي

وغمرتي الأهل والأصدقاء بالعاطفة والرعاية , فلم يكونوا يتركونني سوى

وقت نومي

وتعالجت لفترة طويلة عند طبيب نفسي هو من خيرة الأطباء والله ,

وبدأت معه برنامجا علاجيا يتضمن ارشادا سلوكيا وعلاجا دوائيا ولكن

كل هذا بلا جدوى


وانطرحت بين يدي أرحم الراحمين أرجوه أن يهون علي ما أنا فيه , وأن

يساعدني في محنتي , وسافرت الى مكة لأعتمر عنها , فما أن وطئت قدمي

المسجد الحرام وشرعت في قول ( أعوذ بالله العظيم , وبوجهه الكريم ,,,)

حتى أجهشت بالبكاء وتذكرت اعتمارنا سويا , وكيف كانت رفيقتي

هناك , ويعلم الله كيف أديت عمرتي بمشقة وصعوبة لا أكف عن البكاء

ثم صليت الفجر وتلى الإمام ما تيسر له من الآيات حتى وصل الى قوله تعالى

( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) فوالله ما استشعرتها بقلب

واع متدبر كما استشعرتها في تلك اللحظة , وكأن الله يخاطبني بها

وأحسست بسكينة وراحة عجيبة , ثم أنهيت صلاتي وجلست

عند الملتزم أرنو الى الكعبة المعظمة , قد ربط الله على قلبي , ولم

أشعر بروحي وقتها , وكأنها قد انفصلت عن جسدي ورفرفت بالأعلى

وغمرني شعور روحاني يستحيل أن أصفه , وكأن اتصالا خفيا قد

تم َّ بين روحينا آنذاك , فأحسست بها تخاطبني : ألا يكفيك حزنا و

لوعة ؟ انا هنا بين يدي من أكرم وفادتي ونزلي , واذا بي ارد عليها

في أعماقي دون ارادة مني : والله ما اعترضت على قضاءه ولكنها

لوعة الفراق والشوق الى اللقاء .

لا أعرف كيف أصف لكم , لكنه كان حديثا متناغما بين روحينا , سكنت

به روحي المنهكة , واطمئنت به نفسي المتعبة , وأحسست ببرد وسلام

يغمرني , وعدت أدراجي وأنا أفضل حالا مما أتيت , وتيقنت حقا وصدقا من

مقولة ( حق على المزور أن يكرم زائره ) , فوالذي نفسي بيده لقد أكرمني

كرما عظيما في جواره .


ومرت علي الأيام والشهور بعد ذلك كئيبة , قاسية , مريرة , لم أعرف

للراحة معني , ولا للسعادة مغزى , ومرت علي الأعياد بدونها أتراحا

حتى مضى على رحيلها عامان

عامان مرا ولازلت أبكيها بكاء مرا , كأنها رحلت بالأمس , كل مكان جمعنا سويا

ينكأ جراحي , كل تاريخ له مناسبة يجدد أحزاني ,حتى روتين الحياة اليومي كان له

مذاقا خاصا معها , أرتدي ملابسي صباحا فأذكر كيف كانت تساعدني في

ارتدائها , وتعطرني , وكان لا يطيب لي الإفطار الا معها , ثم تودعني عند الباب

وترافقني دعواتها , وكثيرا ما كانت تصاحبني في الطريق الى عملي عبر المكالمات

, وكم هونت علي عناء العمل برسالة رقيقة , أو باتصال عذب ينسيني ما أنا فيه .

عامان مرا ولازلت أتناول المهدئات الكريهة التي أتناولها منذ ذلك اليوم والتي

لاتسبب لي سوى شعورا أقرب مايكون الى التبلد منه الى الهدوء .

عامان مرا وأنا أرقب صغيرنا وهو يكبر شيئا فشيئا ويدرج أمامي ويلهو ويلعب

أتفرس في وجهه فأرى فيه ملامح حبيبتي , أتابع حركاته ودلعه وشقاوته المحببة

فأتذكر مداعباتها ودلالها وشقاوتها , ويتفجر الحزن في قلبي وأضمه الى صدري

والأسى يعتصرني , ولن تتخيلوا كيف بكيت في المرة الأولى التي نطق فيها كلمة

ماما !!

ماما يا صغيري : التي حرم كلانا منها , واختطفها الموت منا وهي في ريعان

شبابها لم تتجاوز الرابعة والعشرين من عمرها

ماما يا حبيبي التي منحت أباك السعادة شهدا مصفى , وماء رقراقا زلالا , فكان

معها من أسعد الرجال في هذا الكون

ماما التي كانت _ وستبقى _مهجة قلب والدك وقرة عينه وثمرة فؤاده , وفلذة

كبده , فتجرع عشقها حتى الثمالة , وذاب في هواها حتى النخاع , وشكى قلبه

من وطأة حبها حتى ما كاد يحتمله .

تلك التي كانت تشعرني أنني أعظم رجل في الوجود , رغم تقصيري في حقها

وضحت من أجلي وقدمتني على نفسها كثيرا , ولم تمن علي أبدا بشيء فعلته

لي , أو تغتر يوما بجمالها , أو تفخر بحسبها , فكانت تشعرني أنها مني

وأنا منها , وتتضايق من مديحي لها , وتثنيني عن ذلك دوما


رحمك الله يا حبيبتي , وأسكنك فسيح جناته , وجعلك حوريتي في الجنة كما

كنت كذلك في الدنيا .

اللهم انك توفيتها وأنا راض عنها , فارض عنها وأكرم نزلها يا أكرم الأكرمين



قد تتساءلون الآن : مالذي ستضيفه لي الكتابة هنا ؟

وأجيبكم أنني أطمح الى دعائكم الصالح لها بالرحمة , ولي بالثبات والصبر حتى

يأذن الله والقاها , ولطفلي بالصلاح , كما آمل أن أجد بين حروفكم مايخفف عني

شجني , ويساعدني على مواصلة الحياة حتى يحين الأجل .

كذلك أود أن أضيف بعض الأمور التي استنبطتها من تجربتي الناجحة التي

عشتها عل َّ الله أن ينفع بها الأزواج والزوجات في حياتهم وتكون نبراسا

لهم على درب السعادة بإذن الله , وسأكتبها لاحقا ان شاء المولى, نظرا

لإرهاقي الآن , معتذرا لكم عن الاطالة وشاكرا لكم منحي الفرصة للكتابة ,

واصغائكم لي , علما بأن هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها تجربتي ,,,

ودمتم بخير




لا بارك الله في الدنيا اذا انقطعت *** أسباب دنياك من أسباب دنيانا

التعديل الأخير تم بواسطة أحمد الأزهري ; 08-08-2011 الساعة 01:43 AM
قديم 08-08-2011, 02:05 AM
  #2
البليغ
عضو المنتدى الفخري
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 5,761
البليغ غير متصل  
أيها الأزهري:
لقد لمع خاطر الوفاة في بالي من سطورك الأولى؛ حيث تنبأتُ يقيناً أنها انتقلت إلى رحمة الله.
أيها الأزهري:
العرب تعرف صدق الرثاء؛ لأنه لا يخرج إلا صادقاً لا تزلف فيه ولا مرية.
أيها الأزهري:
حقيقة لا أدري ماذا أضيف لموضوعك هذا؛ فهو أكبر من إضافة شيء عليه بسبب صدقه، وحرقته، وألمه، ووجعه، وآهاته.
أيها الأزهري:
اعذرني فأنا لا أستطيع الإكمال والاستغراق فقد حملتنا معك إلى جزيرة الصدق والوجع، لكن ربما أعود في وقت لاحق أو أكتفي بالمتابعة أو أكتفي بالدعاء لك.
:::
كلما أتأمل في الأقدار، وكيفية تصريفها، ودقتها، وعجائبها أجد نفسي مسمّراً في مكاني من بديع صنع الخالق، وتدبيره في الكون، فأسلّم وأستسلم مع مخالطة هذا -بعض الأحيان-بالحزن البشري الطبيعي.
:::

يقول بدوي الجبل:
يا سامر الحيّ هل تعنيك شكوانا*رقّ الحديدُ وما رقّوا لبلوانا

التعديل الأخير تم بواسطة البليغ ; 08-08-2011 الساعة 02:08 AM
قديم 08-08-2011, 02:13 AM
  #3
بحرالعطاء
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 161
بحرالعطاء غير متصل  
لا حول ولا قوة الا بالله ...
لم استطع ان اكمل القراءه الا بصعوبه فدموعي تنهمر ....
اثارت اسطرك مشاعري . .. وغدوت اخوض في ايام خوالي .. اسأل الله ان يعوضني في سنين الحرمان خيرا .... ويجمعني بزوجي ويقر به عيني

الله يرحمها ويعفوا عنها .. هنيئا لها رضاك عنها ..
اللهم ابدلها دارا خيرا من دارها.. وجواراً خيرا من جوارها ...


واسأل الله ان يلهمك الصبرويحفظ لك ابنك ويجعله لك قرة عين ...


لم اعد ارى الكيبورد .. حسبي الله ونعم الوكيل .

التعديل الأخير تم بواسطة بحرالعطاء ; 08-08-2011 الساعة 02:22 AM
قديم 08-08-2011, 02:14 AM
  #4
انسه طفشانه
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 580
انسه طفشانه غير متصل  
معقوله القصه حقيقيه؟
يالله دممممعت عيوووني على الي صار لك
بس قضاء الله وقدرره
الله يرحمها ويغفرررر لها
ويصبرررك على حزنها ويسعدك انتا وولدك
وتربيه احسن تربيه باذن لله وتفرح فيه معررس يارب
قديم 08-08-2011, 02:28 AM
  #5
البليغ
عضو المنتدى الفخري
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 5,761
البليغ غير متصل  
أرجو أن لا تظن أنني أرقص على جراحك، أو أستلذ بمعاناتك، أو أنني أستعرض أمامك ذوقي اللغوي والشعري..لا والله ما كان هذا قصدي...
إنما تبادرت إلى ذهني الآن قصيدة ابن رزيق البغدادي فأخذت منها هذه المقتطفات:
قـد كـان مضطلعـاً بالخطـب يحملـه
فضيقـت بخطـوب الدهـر أضلـعـهُ
يكفيـه مـن لوعـة التشتيـت أن لــه
مـن النـوى كـل يـوم مـا يروّعـهُ
والدهر يعطي الفتى مـن حيـث يمنعـه
إرثـاً ويمنعـه مـن حيـث يطمـعـه
:::
ودعـتـه وبــودي لــو يودعـنـي
صفـوُ الحـيـاة وأنــي لا أودعــهُ
وكم تشبّث بـي يـوم الرحيـل ضحـىً
وأدمـعـي مسـتـهـلاتٌ وأدمـعــهُ
:::
لا أكـذب الله, ثـوب الصبـر منخـرقٌ
عـنـي بفرقـتـه لـكـن أرقّـعُــهُ
اعتضت من وجـه خلّـي بعـد فرقتـه
كأسـاً أجـرّع منهـا مــا أجـرعـهُ
:::
إنــي لأقـطـع أيـامـي وأنفـدهـا
بحسـرة منـه فـي قلـبـي تقطـعـهُ
بمـن إذا هجـع الـنـوام بــتُّ لــه
بلوعـة منـه ليلـي لـسـت أهجـعـهُ
:::
ما كنـت أحسـب أن الدهـر يفجعنـي
بــه ولا أن بــي الأيــام تفجـعـهُ
حتـى جـرى البيـنُ فيمـا بيننـا بيـدٍ
عسـراء تمنعنـي حـظـي وتمنـعـهُ
:::
ثم تذكرت قصيدة الشاعر العربي الكبير محمد مهدي الجواهري حين أتاه نعي زوجته فاخترت منها ما يلي:
في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أَجِــدُ
أهذهِ صَخرةٌ أم هذهِ كَبِـــدُ
قدْ يقتلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُـدوا
عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِــدوا
تَجري على رَسْلِها الدنيا ويَتْبَعُها
رأْيٌ بتعليـلِ مَجْراهـا ومُعْتَقَـدُ
أَعْيَا الفلاسفةَ الأحرارَ جَهْلُهمُ
ماذا يُخَبِّـي لهم في دَفَّتَيْـهِ غَـدُ
:::
ليتَ الحياةَ وليتَ الموتَ مَرْحَمَـة ٌ
فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لَبدُ
ولا الفتاةُ بريعانِ الصِّبا قُصِفَـتْ
ولا العجوزُ على الكَـفَّيْنِ تَعْتَمِـدُ
:::
عَزَّتْ دموعيَ لو لمْ تبعثي شَجناً
رَجعتُ منهُ لحرَّ الدمعِ أَبْـتَــرِدُ
خلعتُ ثوبَ اصطبارٍ كانَ يستُرُنـي
وبانَ كَذِبُ ادَّعائي أنني جَلِـدُ
بَكَيْتُ حتى بكا مَنْ ليسَ يعرفُني
ونُحْتُ حتىَّ حكاني طائرٌ غَــرِدُ
كما تَفجَّر عيناً ثـرةًً حَجَـــرُ
قاسٍ تفجَّرَ دمعاً قلبيَ الصَّلِــدُ
إنَّا إلى اللهِ! قولٌ يَستريحُ بــهِ
ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحَدُوا
مُدي إليَّ يَداً تـُمْدَدْ إليكِ يَـدُ
لا بُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نَتَّحِـدُ
كُنَّا كشِقَّيْنِ وافى واحِـدا ً قَـدَرٌ
وأمرُ ثانيهما مِن أمـرهِ صَـدَدُ
ناجيتُ قَبْرَكِ أستوحـي غياهِبَـهُ
عنْ حالِ ضَيْفٍ عليه مُعْجَلاً يَفِـدُ
وردَّدَتْ قَفْرَة ٌ في القلب ِ قاحِـلة ٌ
صَدى الذي يَبتغي وِرْدَاً فلا يَجِـدُ
ولفَّني شَبَـحٌ ما كانَ أشبهَــهُ
بِجَعْدِ شَـعْرِكِ حولَ الوجهِ يَنْعَـقِدُ
ألقيتُ رأسـيَ في طَّياتِـهِ فَزِعَـاً
نَظِير صُنْعيَ إذ آسى وأُفْتَــأدُ
أيّامَ إنْ ضاقَ صدري أستريحُ إلـى
صَدْرٍ هو الدهـرُ ما وفّى وما يَعِدُ
لا يُوحِشُ اللهُ رَبْعَاً تَـنْزِليـنَ بـهِ
أظُنُّ قبرَكِ رَوْضَاً نورُهُ يَقِــدُ
وأنَّ رَوْحَـكِ رُوحٌ تأنَسِينَ بهـا
إذا تململَ مَيْتٌ رُوحُهُ نَـكَــدُ
كُنَّا كنَبْتَـةِ رَيْحَـانٍ تَخَطَّمَهـا
صِرٌّ فأوراقُـها مَنْزُوعَة ٌ بَــدَدُ
:::
ضاقتْ مرابِعُ لُبنان بما رَحُبَـتْ
عليَّ والتفَّتِ الآكامُ والنُجُــدُ
تلكَ التي رَقَصَتْ للعينِ بَهْجَتُـها
أيامَ كُنّـا وكانتْ عِيشَةٌ رَغَـــدُ
سوداءُ تَنْفُخُ عن ذكرى تُحَرِّقُـني
حتَّـى كأنّي على رَيْعَانِهَا حَــرِدُ
واللهِ لم يَحْلُ لي مَغْـدَىً ومُنْتَقَلٌ
لما نُـعِيتِ ولا شخصٌ ولا بَلَـدُ
أين المَفَـرُّ وما فيها يُطَارِدُنـي
والذكرياتُ ، طَرِيَّاً عُودُها، جُـدُدُ
أألظـلالُ التي كانَـتْ تُفَيِّئُنَـا
أمِ الهِضَابُ أمِ الماءُ الذي نَــرِدُ
أمْ أنتِ ماثِلَة ٌ؟ مِن ثَمَّ مُطَّـرَحٌ
لنا ومِنْ ثَـمَّ مُرْتَاحٌ ومُتَّـسَـدُ
سُرْعَانَ ما حالَتِ الرؤيا وما اختلفتْ
رُؤَىً , ولا طالَ- إلا ساعة ً- أَمَـدُ
:::









قديم 08-08-2011, 02:33 AM
  #6
حلم وتحقق....
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 946
حلم وتحقق.... غير متصل  
اللهم اغفر لها وارحمها واجعلها في منزلة الشهداء والأبرار
أسأل الله العظيم أن يجلو حزنك ويجبر كسرك ويجمعكما في دار الخلد والمقام

اخي الكريم
سنتان مرت على فراقها..حاول ان تتغير..لاتفكر كثير فيها
الذكريات موجعة ومؤلمـــــة..لاتدمج حاضرك بماضيك..احرص على ماينفعك..واستعن بالله ولاتعجز
اعذرني أخي..فلقد أشفقت عليك..وأتمنى أن تتجاوز تلك المحنة لتقى بإذن الله المنحة في الدنيا والآخرة

يسر الله أمرك..ورزقك زوجة صالحة تعينك في دنياك وتكون لطفلك نعم الأم
__________________
اللهم صلي وسلــم على سيدنا محمد
وعلى أصحـــاب وأزواج سـيدنا محـــمد
يارب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحميـــــن..لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
قديم 08-08-2011, 03:22 AM
  #7
بَوحٌ سَمآوي !
عضو مميز
 الصورة الرمزية بَوحٌ سَمآوي !
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 625
بَوحٌ سَمآوي ! غير متصل  
/

وربُّ محمدْ لِـ أول مره يتوقفُ قلمِي عن الكتابةِ ؛
آبكيتنَا يَ رجلْ ؛
و اللهِ وأنآ أتبعُ سلسلةِ الأحداثْ شيئاً ما يعصرُ القلبْ مراً فيمزقه ألماً
فَـأستعيذُ بالله وآشهقُ و أحآدثُ نفسي خيراً ؛ فلم أعتد أن اخذ الحياةَ من قبسٍ مظلمْ
لكنْ المرارةِ ان تقفْ اعيينَا حيثُ لآ نريدْ . .
رحمها الإله وأسكنها فسيحُ الجنآنْ وجمعكَ بها في عليينْ ؛ المكان الموعود الذِي تتسابق الأرواح لها شوقاً
أخي أحمد / ربطَ اللهُ على قلبكِ و هذَا من حب الإله لكمْ ؛
ولتستشعرْ عظمْ ماقاله الرسول عليه الصلاة والسلآمْ ( أن الله إذا أحب عبداً إبتلاه )
هنيئاً لك بحبُ الإله ؛ هنيئاً لك بحبْ الإله
وتَذكر أخِي هذه الدنيَا طبعتْ على كدرٍ ونحن ( نُريدها ) صفواً من الآلآمِ والأحزآنْ . .
/

حقيقةَ ؛ لا أعلم أي حرفٍ أرسو عليه ؛
لكنْ
ي صبر آيوب :"" ،
هلآ أجتحت أوردته ، ربآه هبه صبر لآينفذ ، قلده بقوة لآتفني ، يآ ربآه .
يآربْ و هب له مآ يشتهي, وبث !!عبير الجنه بين روحه ,

/

تباً للفقدْ تباً :"(
آستسمحكمْ فقدْ يكون حرفِي مغلفٌ ألماً
أسأل الربَّ أن يجازيكمْ الحسنَى وآن يحفظَ لك آبنكْ ويرزقك برهـ وصلآحه ..
__________________
-
يَاربِ تمّم بالفَلاحِ مَسيرتي ..
قديم 08-08-2011, 03:30 AM
  #8
مشكلة والله !
عضو مثالي
 الصورة الرمزية مشكلة والله !
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 640
مشكلة والله ! غير متصل  
سامحك الله لقد ابكيتني كثيراً كثيراً !!!!!!

رحمها الله ورضي عنها ،،،،،،
__________________

ربي .. إلى من تكلني ؟! ,, ~
قديم 08-08-2011, 03:32 AM
  #9
مشكلة والله !
عضو مثالي
 الصورة الرمزية مشكلة والله !
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 640
مشكلة والله ! غير متصل  
ردد دائماً الحمد لله على كل حال

سبحان الحي القيوم الذي لايموت وكل شي يموت ويفنى !
__________________

ربي .. إلى من تكلني ؟! ,, ~
قديم 08-08-2011, 03:33 AM
  #10
أبونادية
قلم وفي
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 81
أبونادية غير متصل  
الله يرحم زوجتك ويسكنها فسيح جناته وأن يلهمك الصبر والسلوان
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:21 PM.


images