حَانِقَةٌ على رُوحِي, والحزن يَتَسَلَّلُ إليَّ مِنْ أَوسعِ فُرج الخطِيئة المُمْتلئَة بها, بَعْضُ الأوْزارِ الِّتِي اغْتَسلْتُ مِنْها تتعاهَدُنِي بالزيَارةِ وَالسُّؤال, وتُلِّحُ علي بِالتكرار . بمناسَبة الأوزار الِّتِي لا تزورنِي, هِي ترى أنَّ الوَقْتَ كَفِيلٌ بجرِّي إليْها في عربة الهوى الّتي تتلقفني كبلهاء كُلَّ مرَّة, مخفية كل عيوبي فِي المقَاعد الخلفيَّة أتظاهر بالمثاليَّة مُؤمنةٌ أنَّ رجسَ الذّنب اغتالَ مَوَاطِنَ السَّلامةِ فِيّ فأفْسَدَهَا, وَأنا لسْتُ صَالِحَةً للبَقَاءِ !

ما زلتُ مُستمِّرة بِرَسْمِ صورتِي الَّتِي شوهتُها مُذْ ما يَقِلُ عنْ سَنَةٍ ونيف ولمْ أُتمَّ الرَّسم بعد, فأنَا أحاول التَّغير قبْل إتمامها لأضَع محسنَاتٍ أجْمل وأسقُط فِي كُلِّ مرَّةٍ بخيبة أكْبر, يَسْألونِي عنْ عددِ المرَّات الّتِي وقعتُ فِيها فِي الوحْلِ ليمُّدوا أيديهم فينْتشلوا ضعفِي وأزوِّر فِي كُلِّ مرَّة حكايَة سقُوطي وأدَّعِي أَنِّي لمْ أنْجُسُ بعد, رُغم رَائِحَةِ النتَنِ الَّتِي تتَصاعَدُ مِنّي أمَارِسُ خَطِيئة الكَذبِ العَمْدِ عَلَى نَفْسِي وَأُزوِّرَ صَلَاحَهَا .

ليْتنِي كُنْتُ خصلة فِي شَعْرِ أمِّي, أوْ صَفْحة مِنْ كتابٍ قديمٍ, أو قنديلًا فِي بيتٍ مهترئ, أوْ سُبْحةَ عجوزٍ لا تُفارقُ مصلاها, أوْ سُجادَّة عابدٍ لا تُطوى, أو أرْضًا يداسُ عليْها ولا أكون ما كُنتُ بالأمْس . كَبُرْتُ وَكَبُر ذَنْبِي وَضَمِيري الَّذِي ينْهَشُ بذَاكرتِي لا يُنْسِيني وقع خَطِيئتِي, يوْمَ وَقعت فَقَدتُ الجمال الّذِي ظننت وعُدتُ أَجُرُّ أذْيَال خيبتِي واسْتعلائِي لسترِّ الله عَليَّ, أعترفُ أنِّي سيئَةٌ بالقَدْرِ الَّذِي لمْ يبْلغه أحد, سَيئةٌ قدْر ستْر الله عليّ, قَدْرَ رحْمته الَّتي تسْبِقُ غَضَبَه, قَدْرَ إمْهاله الَّذِي يسْبقُ عَدْلَه, ... مُجْرمةٌ فِي حَقِ رُوحِي بعددِ أنْفاسِي, سَقطت كُلُّ أوْراقِي وكُشِف غطاء ذنْبِي وأخاف أنْ تَجُرنّي للنارِ خطاياي !

يا الله .. وأنَا لا أحْمِلُ قلبًا أبيْضًا هَذَا المَسَاء, ولا أتسرْبَلُ بِسرْبال التَّقْوى, ولا أُقدِّمُ بينْ يديّ شيئًا لتعْفو عنِّي ولا أدْرِي ما أُقدَّم, يا الله وأنَا أعلم أنَّ عفوكَ يسْبِقُ غَضبكَ, وَرحْمتكَ تسْبِقُ عقابكَ, ولسْتُ أهلًا للأولى ولا للثَّانيَة, يا الله وما بينِي وبيْنكَ سترٌ ولا يحجبني عنكَ حاجب وسبْعٌ طباقٌ تحجبك لحين ينْظُر إليْكَ منْ حُق لهم بكرمك وأبْقى أَعُضُ أصابع النَّدم وأنا أنْظُرهم, يا الله وكمْ زَوَّرنا لبعضنا لنُجمِّل صورنا وما تجمَّلت أرْواحنا ليومٍ تشْخصُ فِي الأبْصار !

يُخْبِرنِي الطَّارِقُ التَّاسِعُ منْ شياطِين قلبِي أنِّي لمْ أقترف خطِيئة تستَحِقُ كُل هَذَا العُذْر فَكَثِيرٌ منْ النَّاسِ كَفروا وآمنت وكَذَّبُوا وصَدَّقت فأحْشُو التُّرابَ فِي فِيه وَأَصُمُّ أذنِّي وألزمُ الاسْتغفَار, أتسَّكع بِخَطِيئتي فِي مُفْتَرَقِ الطُّرق, لا أقفُ فِي أيَّ محطَّة لأَشْحَذَ قِوَاي فمُحرِّكي المزَّود بِثلاثِين منْ الشيَّاطِينِ كَفِيلٌ أنْ لا يَقِفَ حتَّى آخر نفَسٍ فِيّ,... ضَعِيفَةٌ فِي عَزِيمتِي للنُّهوضِ وَاسْتقلال أقربَ طائِرة والسَّفر بعيدًا حيْث لا يصلون !

هَل أسْتطِيع العَيْشَ لِعشيَّة الغَدِ وَأَنَا بِهَذَا العَرَاءِ المُوحِشِ, والوَحْلِ المُقْرِفِ, يَصْعُب علَّي الاسْتمرارِ كَمَا أرَى, ولا يسْهُل عليّ النُّهوض, الأَرَق يأكُلنِي, الرِّيح تنْثُرنِي, والخطِيئة تَسْرِقُ منْ فمِي صوتَ الغناء, وَعُكَازي الذّي تبرَّأ منِّي أَخَذَ طَرِيقه إلى السمَاءِء فِي ثباتٍ وأنا لسْتُ أنا! أَكَلنِي ما عبرَ من الخطيئة ابْتلعنِي دُون مضغ,... كم هِي فضيحتِي حِين أطْرُق باب الرَّب زائِرة وأنا لا أحْمِلُ سِوى الذّنب, مَاذَا أَفْعَلُ وَأنَا كُلَّما حُمَّلتُ بحملٍ حسْن سرقنِي قُطَّاع الطُّرْق وأرْدونِي مع القَتْلى . الكَذِباتُ المُبهرجة تلتَفُ حوْل عُنْقِي, سَجِينة خَطِيئة الأمْس وما زلت, والعجزُ عنْ الهروب يشل قدميّ ولا أملك إحْصَاء أوزارِي, قاحلةٌ أرْضِي والأنْهار فِي سيْرها تَمْضِي وأنا بخطيئتِي أتعثَّر ! وأنادِي:[ يَا الله ؛

هند (كايزن) ..
أعلمُ أنّنا في جهادٍ أكبر,
"وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلنَا وَإِنَّ اللَّه لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"
أؤمن أنّ الله غفورٌ رحيم كريم ولا أنسى أنّه عادل قاهر شديد العقاب !!
ما يقلقنِي وقت أضعُ رأسي على وسادتِي لأنام [ ما الّذي يضمن لِي أنّي سأصحو في الغد ؟
ما يُخيفني أن تأتي ساعتي وأندم ! ما يُريحني ... أنّ هذا الألم في قلبِي اليوم بذرةُ خير وأخشى أن تنطفأ فأتعثّر لذا أنادي: [ يا الله !