التفسير الميسر لكتاب الله - الصفحة 49 - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
قديم 08-03-2017, 10:52 AM
  #481
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء الثالث بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 43 الى الآية 53 من سورة الشورى
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ (43)
ولمن صبر على الأذى، وقابل الإساءة بالعفو والصفح والسَّتر, إن ذلك من عزائم الأمور المشكورة والأفعال الحميدة التي أمر الله بها , ورتَّب لها ثوابًا جريلا وثناءً حميدًا.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)
ومن يضلله الله عن الرشاد بسبب ظلمه فليس له من ناصر يهديه سبيل الرشاد. وترى -أيها الرسول- الكافرين بالله يوم القيامة - حين رأوا العذاب- يقولون لربهم: هل لنا من سبيل إلى الرجوع إلى الدنيا؛ لنعمل بطاعتك؟ فلا يجابون إلى ذلك.
(وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)
وترى -أيها الرسول- هؤلاء الظالمين يُعْرَضون على النار خاضعين متذللين ينظرون إلى النار مِن طرْف ذليل ضعيف من الخوف والهوان. وقال الذين آمنوا بالله ورسوله في الجنة, لما عاينوا ما حلَّ بالكفار من خسران: إن الخاسرين حقًا هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة بدخول النار. ألا إن الظالمين- يوم القيامة- في عذاب دائم, لا ينقطع عنهم, ولا يزول.
(وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46)
وما كان لهؤلاء الكافرين حين يعذبهم الله يوم القيامة من أعوان ونصراء ينصرونهم من عذاب الله. ومن يضلله الله بسبب كفره وظلمه, فما له من طريق يصل به إلى الحق في الدنيا , وإلى الجنة في الآخرة؛ لأنه قد سدَّت عليه طرق النجاة, فالهداية والإضلال بيده سبحانه وتعالى دون سواه.
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47)
استجيبوا لربكم- أيها الكافرون- بالإيمان والطاعة من قبل أن يأتي يوم القيامة, الذي لا يمكن رده, ما لكم من ملجأ يومئذ ينجيكم من العذاب , ولا مكان يستركم , وتتنكرون فيه. وفي الآية دليل على ذم التسويف , وفيها الأمر بالمبادرة إلى كل عمل صالح يعرض للعبد, فإن للتأخير آفات وموانع.
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإنْسَانَ كَفُورٌ (48)
فإن أعرض هؤلاء المشركون -أيها الرسول- عن الإيمان بالله فما أرسلناك عليهم حافظًا لأعمالهم حتى تحاسبهم عليها , ما عليك إلا البلاغ. وإنَّا إذا أعطينا الإنسان منا رحمة مِن غنى وسَعَة في المال وغير ذلك , فَرِح وسُرَّ , وإن تصبهم مصيبة مِن فقر ومرض وغير ذلك بسبب ما قدمته أيديهم من معاصي الله, فإن الإنسان جحود يعدِّد المصائب, وينسى النعم.
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَـبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)
لله سبحانه وتعالى ملك السموات والأرض وما فيهما, يخلق ما يشاء من الخلق, يهب لمن يشاء من عباده إناثًا لا ذكور معهن , ويهب لمن يشاء الذكور لا إناث معهم، ويعطي سبحانه وتعالى لمن يشاء من الناس الذكر والأنثى, ويجعل مَن يشاء عقيمًا لا يولد له, إنه عليم بما يَخْلُق, قدير على خَلْق ما يشاء, لا يعجزه شيء أراد خلقه.
(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)
وما ينبغي لبشر من بني آدم أن يكلمه الله إلا وحيًا يوحيه الله إليه , أو يكلمه من وراء حجاب , كما كلَّم سبحانه موسى عليه السلام, أو يرسل رسولا كما ينـزل جبريل عليه السلام إلى المرسل إليه, فيوحي بإذن ربه لا بمجرد هواه ما يشاء الله إيحاءه , إنه تعالى عليٌّ بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله, قد قهر كل شيء ودانت له المخلوقات , حكيم في تدبير أمور خلقه. وفي الآية إثبات صفة الكلام لله تعالى على الوجه اللائق بجلاله وعظيم سلطانه.
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ (53)
وكما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك -أيها النبي- أوحينا إليك قرآنًا من عندنا , ما كنت تدري قبله ما الكتب السابقة ولا الإيمان ولا الشرائع الإلهية؟ ولكن جعلنا القرآن ضياء للناس نهدي به مَن نشاء مِن عبادنا إلى الصراط المستقيم. وإنك -أيها الرسول- لَتَدُلُّ وَتُرْشِدُ بإذن الله إلى صراط مستقيم- وهو الإسلام- صراط الله الذي له ملك جميع ما في السموات وما في الأرض، لا شريك له في ذلك. ألا إلى الله- أيها الناس- ترجع جميع أموركم من الخير والشر, فيجازي كلا بعمله: إن خيرًا فخير , وإن شرًا فشر.
انتهينا بحمد الله من سورة الشورى واللقاء القادم مع سورة الزخرف ان شاء الله تعالى


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 11-03-2017, 09:32 AM
  #482
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء الرابع بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 1 الى الآية 15 من سورة الزخرف
(حم (1)
سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
(وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)
أقسم الله تعالى بالقرآن الواضح لفظًا ومعنى.
(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)
إنَّا أنـزلنا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بلسان العرب؛ لعلكم تفهمون, وتتدبرون معانيه وحججه. وإنه في اللوح المحفوظ لدينا لعليٌّ في قَدْره وشرفه, محكم لا اختلاف فيه ولا تناقض.
(أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5)
أفنُعْرِض عنكم, ونترك إنـزال القرآن إليكم لأجل إعراضكم وعدم انقيادكم, وإسرافكم في عدم الإيمان به؟
(وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأوَّلِينَ (6) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (7) فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأوَّلِينَ (8)
كثيرًا من الأنبياء أرسلنا في القرون الأولى التي مضت قبل قومك أيها النبي. وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون كاستهزاء قومك بك, فأهلكنا مَن كذَّبوا رسلنا, وكانوا أشد قوة وبأسًا من قومك يا محمد, ومضت عقوبة الأولين بأن أهلِكوا؛ بسبب كفرهم وطغيانهم واستهزائهم بأنبيائهم. وفي هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم .
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)
ولئن سألت -أيها الرسول- هؤلاء المشركين من قومك مَن خلق السموات والأرض؟ ليقولُنَّ: خلقهنَّ العزيز في سلطانه, العليم بهن وما فيهن من الأشياء, لا يخفى عليه شيء.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)
الذي جعل لكم الأرض فراشًا وبساطًا, وسهَّل لكم فيها طرقًا لمعاشكم ومتاجركم ; لكي تهتدوا بتلك السبل إلى مصالحكم الدينية والدنيوية.
(وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11)
والذي نـزل من السماء مطرًا بقدر, ليس طوفانًا مغرقًا ولا قاصرًا عن الحاجة؛ حتى يكون معاشًا لكم ولأنعامكم, فأحيينا بالماء بلدة مُقْفِرَة من النبات , كما أخرجنا بهذا الماء الذي نـزلناه من السماء من هذه البلدة الميتة النبات والزرع, تُخْرَجون- أيها الناس- من قبوركم بعد فنائكم.
(وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12)
والذي خلق الأصناف كلها من حيوان ونبات, وجعل لكم من السفن ما تركبون في البحر, ومن البهائم كالإبل والخيل والبغال والحمير ما تركبون في البر.
(لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)
لكي تستووا على ظهور ما تركبون, ثم تذكروا نعمة ربكم إذا ركبتم عليه, وتقولوا: الحمد لله الذي سخر لنا هذا, وما كنا له مطيقين, ولتقولوا أيضًا: وإنا إلى ربنا بعد مماتنا لصائرون إليه راجعون. وفي هذا بيان أن الله المنعم على عباده بشتَّى النعم, هو المستحق للعبادة في كل حال.
(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15)
وجعل هؤلاء المشركون لله مِن خلقه نصيًبا, وذلك قولهم للملائكة: بنات الله. إن الإنسان لجحود لنعم ربه التي أنعم بها عليه, مظهر لجحوده وكفره يعدِّد المصائب, وينسى النعم.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 12-03-2017, 08:50 AM
  #483
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء الخامس بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 16 الى الآية 30 من سورة الزخرف
(أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16)
بل أتزعمون- أيها الجاهلون- أن ربكم اتخذ مما يخلق بنات وأنتم لا ترضون ذلك لأنفسكم, وخصَّكم بالبنين فجعلهم لكم؟ وفي هذا توبيخ لهم.
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17)
وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى التي نسبها للرحمن حين زعم أن الملائكة بنات الله صار وجهه مُسْوَدَّا من سوء البشارة بالأنثى, وهو حزين مملوء من الهم والكرب. (فكيف يرضون لله ما لا يرضونه لأنفسهم؟ تعالى الله وتقدَّس عما يقول الكافرون علوًا كبيرًا).
(أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)
أتجترئون وتنسبون إلى الله تعالى مَن يُرَبَّى في الزينة, وهو في الجدال غير مبين لحجته; لأنوثته؟
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)
وجعل هؤلاء المشركون بالله الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا, أحَضَروا حالة خَلْقهم حتى يحكموا بأنهم إناث؟ ستُكتب شهادتهم, ويُسألون عنها في الآخرة.
(وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (20)
وقال هؤلاء المشركون من قريش: لو شاء الرحمن ما عبدنا أحدًا من دونه, وهذه حجة باطلة, فقد أقام الله الحجة على العباد بإرسال الرسل وإنـزال الكتب, فاحتجاجهم بالقضاء والقَدَر مِن أبطل الباطل مِن بعد إنذار الرسل لهم. ما لهم بحقيقة ما يقولون مِن ذلك مِن علم, وإنما يقولونه تخرُّصًا وكذبًا؛ لأنه لا خبر عندهم من الله بذلك ولا برهان.
(أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21)
أَحَضَروا خَلْق الملائكة, أم أعطيناهم كتابًا من قبل القرآن الذي أنـزلناه, فهم به مستمسكون يعملون بما فيه, ويحتجون به عليك أيها الرسول؟
(بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22)
بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على طريقة ومذهب ودين, وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه متبعون لهم, ومقتدون بهم.
(وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)
وكذلك ما أرسلنا من قبلك -أيها الرسول- في قرية مِن نذير ينذرهم عقابنا على كفرهم بنا, فأنذروهم وحذَّروهم سخَطنا وحلول عقوبتنا, إلا قال الذين أبطرتهم النعمة من الرؤساء والكبراء: إنَّا وجدنا آباءنا على ملة ودين, وإنا على منهاجهم وطريقتهم مقتدون.
(قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)
قال محمد صلى الله عليه وسلم ومَن سبقه من الرسل لمن عارضه بهذه الشبهة الباطلة: أتتبعون آباءكم, ولو جئتكم مِن عند ربكم بأهدى إلى طريق الحق وأدلَّ على سبيل الرشاد مما وجدتم عليه آباءكم من الدين والملة؟ قالوا في عناد: إنا بما أرسلتم به جاحدون كافرون.
(فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)
فانتقمنا من هذه الأمم المكذبة رسلها بإحلالنا العقوبة بهم خَسْفًا وغرقًا وغير ذلك, فانظر -أيها الرسول- كيف كان عاقبة أمرهم إذ كذبوا بآيات الله ورسله؟ وليحْذَر قومك أن يستمروا على تكذيبهم, فيصيبهم مثل ما أصابهم.
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26)
واذكر -أيها الرسول- إذ قال إبراهيم لأبيه وقومه الذين كانوا يعبدون ما يعبده قومك: إنني براء مما تعبدون من دون الله.
(إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)
إلا الذي خلقني, فإنه سيوفقني لاتباع سبيل الرشاد.
(وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)
وجعل إبراهيم عليه السلام كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) باقية في مَن بعده؛ لعلهم يرجعون إلى طاعة ربهم وتوحيده, ويتوبون من كفرهم وذنوبهم.
(بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29)
بل متعتُ -أيها الرسول- هؤلاء المشركين من قومك وآباءهم مِن قبلهم بالحياة, فلم أعاجلهم بالعقوبة على كفرهم, حتى جاءهم القرآن ورسول يبيِّن لهم ما يحتاجون إليه من أمور دينهم.
(وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30)
ولما جاءهم القرآن من عند الله قالوا: هذا الذي جاءنا به هذا الرسول سحرٌ يسحرنا به, وليس بوحي مِن عند الله, وإنا به مكذِّبون.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 13-03-2017, 11:43 AM
  #484
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء السادس بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 31 الى الآية 45 من سورة الزخرف
(وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)
وقال هؤلاء المشركون مِن قريش: إنْ كان هذا القرآن مِن عند الله حقًا, فهلا نُزِّل على رجل عظيم من إحدى هاتين القريتين "مكة" أو "الطائف".
(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)
أهم يقسمون النبوة فيضعونها حيث شاؤوا؟ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في حياتهم الدنيا من الأرزاق والأقوات, ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات: هذا غنيٌّ وهذا فقير, وهذا قويٌّ وهذا ضعيف؛ ليكون بعضهم مُسَخَّرًا لبعض في المعاش. ورحمة ربك -أيها الرسول- بإدخالهم الجنة خير مما يجمعون من حطام الدنيا الفاني.
(وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33)
ولولا أن يكون الناس جماعة واحدة على الكفر, لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سُقُفا من فضة وسلالم عليها يصعدون.
(وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)
وجعلنا لبيوتهم أبوابًا من فضة, وجعلنا لهم سررًا عليها يتكئون, وجعلنا لهم ذهبًا, وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا, وهو متاع قليل زائل, ونعيم الآخرة مدَّخر عند ربك للمتقين ليس لغيرهم.
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)
ومن يُعْرِض عن ذكر الرحمن, وهو القرآن, فلم يَخَفْ عقابه, ولم يهتد بهدايته, نجعل له شيطانًا في الدنيا يغويه; جزاء له على إعراضه عن ذكر الله, فهو له ملازم ومصاحب يمنعه الحلال, ويبعثه على الحرام.
(وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)
وإن الشياطين ليصدون عن سبيل الحق هؤلاء الذين يعرضون عن ذكر الله, فيزيِّنون لهم الضلالة, ويكرِّهون لهم الإيمان بالله والعمل بطاعته, ويظن هؤلاء المعرضون بتحسين الشياطين لهم ما هم عليه من الضلال أنهم على الحق والهدى.
(حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38)
حتى إذا جاءنا الذي أعرض عن ذكر الرحمن وقرينُه من الشياطين للحساب والجزاء, قال المعرض عن ذكر الله لقرينه: وددت أن بيني وبينك بُعْدَ ما بين المشرق والمغرب, فبئس القرين لي حيث أغويتني.
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)
ولن ينفعكم اليوم -أيها المعرضون- عن ذكر الله إذ أشركتم في الدنيا أنكم في العذاب مشتركون أنتم وقرناؤكم, فلكل واحد نصيبه الأوفر من العذاب, كما اشتركتم في الكفر.
(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (40)
أفأنت -أيها الرسول- تُسمع مَن أصمَّه الله عن سماع الحق, أو تهدي إلى طريق الهدى مَن أعمى قلبه عن إبصاره, أو تهدي مَن كان في ضلال عن الحق بيِّن واضح؟ ليس ذلك إليك, إنما عليك البلاغ, وليس عليك هداهم, ولكن الله يهدي مَن يشاء, ويضلُّ مَن يشاء.
(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42)
فإن توفيناك -أيها الرسول- قبل نصرك على المكذبين من قومك, فإنَّا منهم منتقمون في الآخرة, أو نرينك الذي وعدناهم من العذاب النازل بهم كيوم "بدر", فإنا عليهم مقتدرون نُظهِرك عليهم, ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك.
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)
فاستمسك -أيها الرسول- بما يأمرك به الله في هذا القرآن الذي أوحاه إليك؛ إنك على صراط مستقيم, وذلك هو دين الله الذي أمر به, وهو الإسلام. وفي هذا تثبيت للرسول صلى الله عليه وسلم ، وثناء عليه.
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)
وإن هذا القرآن لَشرف لك ولقومك من قريش؛ حيث أُنـزل بلغتهم, فهم أفهم الناس له, فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به, وأعملهم بمقتضاه, وسوف تُسألون أنت ومَن معك عن الشكر لله عليه والعمل به.
(وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)
واسأل -أيها الرسول- أتباع مَن أرسلنا مِن قبلك من رسلنا وحملة شرائعهم: أجاءت رسلهم بعبادة غير الله؟ فإنهم يخبرونك أن ذلك لم يقع; فإن جميع الرسل دَعَوْا إلى ما دعوتَ الناس إليه من عبادة الله وحده, لا شريك له, ونهَوْا عن عبادة ما سوى الله.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 15-03-2017, 07:36 PM
  #485
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء السابع بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 46 الى الآية 61 من سورة الزخرف
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (47)
ولقد أرسلنا موسى بحججنا إلى فرعون وأشراف قومه, كما أرسلناك -أيها الرسول- إلى هؤلاء المشركين من قومك, فقال لهم موسى: إني رسول رب العالمين, فلما جاءهم بالبينات الواضحات الدالة على صدقه في دعوته, إذا فرعون وملؤه مما جاءهم به موسى من الآيات والعبر يضحكون.
(وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)
وما نُري فرعون وملأه من حجة إلا هي أعظم من التي قبلها, وأدل على صحة ما يدعوهم موسى عليه, وأخذناهم بصنوف العذاب كالجراد والقُمَّل والضفادع والطوفان, وغير ذلك; لعلهم يرجعون عن كفرهم بالله إلى توحيده وطاعته.
(وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49)
وقال فرعون وملؤه لموسى: يا أيها العالم (وكان الساحر فيهم عظيمًا يُوَقِّرونه ولم يكن السحر صفة ذم) ادع لنا ربك بعهده الذي عهد إليك وما خصَّك به من الفضائل أن يكشف عنا العذاب, فإن كشف عنا العذاب فإننا لمهتدون مؤمنون بما جئتنا به.
(فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (50)
فلما دعا موسى برفع العذاب عنهم, ورفعناه عنهم إذا هم يغدرون, ويصرُّون على ضلالهم.
(وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51)
ونادى فرعون في عظماء قومه متبجحًا مفتخرًا بمُلْك "مصر": أليس لي مُلْك "مصر" وهذه الأنهار تجري مِن تحتي؟ أفلا تبصرون عظمتي وقوتي, وضعف موسى وفقره؟
(أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52)
بل أنا خير من هذا الذي لا عزَّ معه, فهو يمتهن نفسه في حاجاته لضعفه وحقارته, ولا يكاد يُبين الكلام لعِيِّ لسانه, وقد حمل فرعونَ على هذا القول الكفرُ والعنادُ والصدُّ عن سبيل الله.
(فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53)
فهلا أُلقِي على موسى- إن كان صادقًا أنه رسول رب العالمين- أسْوِرَة من ذهب, أو جاء معه الملائكة قد اقترن بعضهم ببعض, فتتابعوا يشهدون له بأنه رسول الله إلينا.
(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)
فاسْتَخَفَّ فرعون عقول قومه فدعاهم إلى الضلالة, فأطاعوه وكذبوا موسى, إنهم كانوا قومًا خارجين عن طاعة الله وصراطه المستقيم.
(فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55)
فلما أغضبونا- بعصياننا, وتكذيب موسى وما جاء به من الآيات- انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عَجَّلناه لهم, فأغرقناهم أجمعين في البحر.
(فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلآخِرِينَ (56)
فجعلنا هؤلاء الذين أغرقناهم في البحر سلفًا لمن يعمل مثل عملهم ممن يأتي بعدهم في استحقاق العذاب, وعبرة وعظة للآخرين.
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)
ولما ضرب المشركون عيسى ابن مريم مثلا حين خاصموا محمدا صلى الله عليه وسلم، وحاجُّوه بعبادة النصارى إياه, إذا قومك من ذلك ولأجله يرتفع لهم جَلَبة وضجيج فرحًا وسرورًا, وذلك عندما نـزل قوله تعا لى (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون), وقال المشركون: رضينا أن تكون آلهتنا بمنـزلة عيسى, فأنـزل الله قوله: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ), فالذي يُلْقى في النار من آلهة المشركين من رضي بعبادتهم إياه.
(وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)
وقال مشركو قومك -أيها الرسول-: أآلهتنا التي نعبدها خير أم عيسى الذي يعبده قومه؟ فإذا كان عيسى في النار, فلنكن نحن وآلهتنا معه, ما ضربوا لك هذا المثل إلا جدلا بل هم قوم مخاصمون بالباطل.
(إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)
ما عيسى ابن مريم إلا عبد أنعمنا عليه بالنبوة, وجعلناه آية وعبرة لبني إسرائيل يُستدل بها على قدرتا.
(وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ (60)
ولو نشاء لجعلنا بدلا منكم ملائكة يَخْلُف بعضهم بعضًا بدلا من بني آدم.
(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
وإن نـزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة لدليل على قُرْبِ, وقوع الساعة, فلا تشُكُّوا أنها واقعة لا محالة, واتبعون فيما أخبركم به عن الله تعالى, هذا طريق قويم إلى الجنة, لا اعوجاج فيه.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 18-03-2017, 09:41 AM
  #486
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء الثامن بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 62 الى الآية 76 من سورة الزخرف

(وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62)
ولا يصدَّنكم الشيطان بوساوسه عن طاعتي فيما آمركم به وأنهاكم عنه, إنه لكم عدو بيِّن العداوة.
(وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلأبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63)
ولما جاء عيسى بني إسرائيل بالبينات الواضحات من الأدلة قال: قد جئتكم بالنبوة, ولأبيِّن لكم بعض الذي تختلفون فيه من أمور الدين, فاتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه, وأطيعون فيما أمرتكم به من تقوى الله وطاعته.
(إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64)
إن الله سبحانه وتعالى هو ربي وربكم جميعًا فاعبدوه وحده, ولا تشركوا به شيئًا, هذا الذي أمرتكم به من تقوى الله وإفراده بالألوهية هو الطريق المستقيم, وهو دين الله الحق الذي لا يقبل من أحد سواه.
(فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)
فاختلفت الفرق في أمر عيسى عليه السلام, وصاروا فيه شيعًا: منهم مَن يُقِرُّ بأنه عبد الله ورسوله, وهو الحق, ومنهم مَن يزعم أنه ابن الله, ومنهم مَن يقول: إنه الله, تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا, فهلاك ودمار وعذاب أليم يوم القيامة لمن وصفوا عيسى بغير ما وصفه الله به.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66)
هل ينتظر هؤلاء الأحزاب المختلفون في عيسى ابن مريم إلا الساعة أن تأتيهم فجأة, وهم لا يشعرون ولا يفطنون؟
(الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ (67)
الأصدقاء على معاصي الله في الدنيا يتبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة, لكن الذين تصادقوا على تقوى الله, فإن صداقتهم دائمة في الدنيا والآخرة.
(يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68)
يقال لهؤلاء المتقين: يا عبادي لا خوف عليكم اليوم من عقابي, ولا أنتم تحزنون على ما فاتكم مِن حظوظ الدنيا.
(الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)
الذين آمنوا بآياتنا وعملوا بما جاءتهم به رسلهم, وكانوا منقادين لله ربِّ العالمين بقلوبهم وجوارحهم, يقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وقرناؤكم المؤمنون تُنَعَّمون وتُسَرُّون.
(يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)
يطاف على هؤلاء الذين آمنوا بالله ورسله في الجنة بالطعام في أوانٍ من ذهب, وبالشراب في أكواب من ذهب, وفيها لهم ما تشتهي أنفسهم وتلذه أعينهم, وهم ماكثون فيها أبدًا.
(وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)
وهذه الجنة التي أورثكم الله إياها؛ بسبب ما كنتم تعملون في الدنيا من الخيرات والأعمال الصالحات, وجعلها مِن فضله ورحمته جزاء لكم.
(لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)
لكم في الجنة فاكهة كثيرة من كل نوع منها تأكلون.
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76)
إن الذين اكتسبوا الذنوب بكفرهم, في عذاب جهنم ماكثون, لا يخفف عنهم, وهم فيه آيسون من رحمة الله, وما ظلمْنا هؤلاء المجرمين بالعذاب, ولكن كانوا هم الظالمين أنفسهم بشركهم وجحودهم أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، وترك اتباعهم لرسل ربهم.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 19-03-2017, 10:04 AM
  #487
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء التاسع بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 77 الى الآية 89 من سورة الزخرف
(وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ(77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)
ونادى هؤلاء المجرمون بعد أن أدخلهم الله جهنم "مالكًا" خازن جهنم: يا مالك لِيُمِتنا ربك, فنستريح ممَّا نحن فيه, فأجابهم مالكٌ: إنكم ماكثون, لا خروج لكم منها, ولا محيد لكم عنها, لقد جئناكم بالحق ووضحناه لكم, ولكن أكثركم لما جاء به الرسل من الحق كارهون.
(أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)
بل أأحْكمَ هؤلاء المشركون أمرًا يكيدون به الحق الذي جئناهم به؟ فإنا مدبِّرون لهم ما يجزيهم من العذاب والنكال.
(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)
أم يظن هؤلاء المشركون بالله أنَّا لا نسمع ما يسرونه في أنفسهم, ويتناجون به بينهم؟ بلى نسمع ونعلم, ورسلنا الملائكة الكرام الحفظة يكتبون عليهم كل ما عملوا.
(قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)
قل -أيها الرسول- لمشركي قومك الزاعمين أن الملائكة بنات الله: إن كان للرحمن ولد كما تزعمون, فأنا أول العابدين لهذا الولد الذي تزعمونه, ولكن هذا لم يكن ولا يكون، فتقدَّس الله عن الصاحبة والولد.
(سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82)
تنـزيهًا وتقديسًا لرب السموات والأرض رب العرش العظيم عما يصفون من الكذب والافتراء من نسبة المشركين الولد إلى الله, وغير ذلك مما يزعمون من الباطل.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)
فاترك -أيها الرسول- هؤلاء المفترين على الله يخوضوا في باطلهم, ويلعبوا في دنياهم, حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يوعدون بالعذاب: إما في الدنيا وإما في الآخرة وإما فيهما معًا.
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)
وهو الله وحده المعبود بحق في السماء وفي الأرض, وهو الحكيم الذي أحكم خَلْقَه, وأتقن شرعه, العليم بكل شيء من أحوال خلقه, لا يخفى عليه شيء منها.
(وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)
وتكاثرت بركة الله, وكَثُر خيره, وعَظُم ملكه, الذي له وحده سلطان السموات السبع والأرضين السبع وما بينهما من الأشياء كلها, وعنده علم الساعة التي تقوم فيها القيامة, ويُحشر فيها الخلق من قبورهم لموقف الحساب, وإليه تُرَدُّون - أيها الناس- بعد مماتكم, فيجازي كلا بما يستحق.
(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)
ولا يملك الذين يعبدهم المشركون الشفاعة عنده لأحد إلا مَن شهد بالحق, وأقر بتوحيد الله وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون حقيقة ما أقروا وشهدوا به.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)
ولئن سألت -أيها الرسول- هؤلاء المشركين من قومك مَن خلقهم؟ ليقولُنَّ: الله خلقنا, فكيف ينقلبون وينصرفون عن عبادة الله, ويشركون به غيره؟
(وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (88)
وقال محمد صلى الله عليه وسلم شاكيًا إلى ربه قومه الذين كذَّبوه: يا ربِّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون بك وبما أرسلتني به إليهم.
(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
فاصفح -أيها الرسول- عنهم, وأعرض عن أذاهم, ولا يَبْدُر منك إلا السلام لهم الذي يقوله أولو الألباب والبصائر للجاهلين, فهم لا يسافهونهم ولا يعاملونهم بمثل أعمالهم السيئة, فسوف يعلمون ما يلقَوْنه من البلاء والنكال. وفي هذا تهديد ووعيد شديد لهؤلاء الكافرين المعاندين وأمثالهم.
انتهينا بحمد الله من سورة الزخرف واللقاء القادم بإذن الله مع سورة الدخان

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 20-03-2017, 11:35 AM
  #488
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء العاشر بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 1 الى الآية 21 من سورة الدخان
(حم (1)
سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
(وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7) لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ (8)
أقسم الله تعالى بالقرآن الواضح لفظًا ومعنى. إنا أنـزلناه في ليلة القدر المباركة كثيرة الخيرات, وهي في رمضان. إنا كنا منذرين الناس بما ينفعهم ويضرهم, وذلك بإرسال الرسل وإنـزال الكتب؛ لتقوم حجة الله على عباده. فيها يُقضى ويُفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة من الملائكة كلُّ أمر محكم من الآجال والأرزاق في تلك السنة, وغير ذلك مما يكون فيها إلى آخرها, لا يبدَّل ولا يغيَّر. هذا الأمر الحكيم أمر مِن عندنا, فجميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنه وعلمه. إنا كنا مرسلين إلى الناس الرسل محمدًا ومن قبله؛ رحمة من ربك -أيها الرسول- بالمرسل إليهم. إنه هو السميع يسمع جميع الأصوات, العليم بجميع أمور خلقه الظاهرة والباطنة. خالق السموات والأرض وما بينهما من الأشياء كلها, إن كنتم موقنين بذلك فاعلموا أن رب المخلوقات هو إلهها الحق. لا إله يستحق العبادة إلا هو وحده لا شريك له, يحيي ويميت, ربكم ورب آبائكم الأولين, فاعبدوه دون آلهتكم التي لا تقدر على ضر ولا نفع.
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)
بل هؤلاء المشركون في شك من الحق, فهم يلهون ويلعبون, ولا يصدقون به.
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)
فانتظر -أيها الرسول- بهؤلاء المشركين يوم تأتي السماء بدخان مبين واضح يعمُّ الناس, ويقال لهم: هذا عذاب مؤلم موجع, ثم يقولون سائلين رفعه وكشفه عنهم: ربنا اكشف عنا العذاب, فإن كشفته عنا فإنا مؤمنون بك.
(أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)
كيف يكون لهم التذكر والاتعاظ بعد نـزول العذاب بهم, وقد جاءهم رسول مبين, وهو محمد عليه الصلاة والسلام, ثم أعرضوا عنه وقالوا: علَّمه بشر أو الكهنة أو الشياطين, هو مجنون وليس برسول؟
(إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)
سنرفع عنكم العذاب قليلا، وسترون أنكم تعودون إلى ما كنتم فيه من الكفر والضلال والتكذيب، وأننا سنعاقبكم على ذلك.
(يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
يوم نعذب جميع الكفار العذاب الأكبر يوم القيامة وهو يوم انتقامنا منهم.
(وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17)
ولقد اختبرنا وابتلينا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون, وجاءهم رسول كريم, وهو موسى عليه السلام, فكذبوه فهلكوا, فهكذا نفعل بأعدائك أيها الرسول, إن لم يؤمنوا.
(أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)
وقال لهم موسى: أن سلِّموا إليَّ عباد الله من بني إسرائيل وأرسلوهم معي؛ ليعبدوا الله وحده لا شريك له, إني لكم رسول أمين على وحيه ورسالته.
(وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)
وألا تتكبروا على الله بتكذيب رسله, إني آتيكم ببرهان واضح على صدق رسالتي, إني استجرت بالله ربي وربكم أن تقتلوني رجمًا بالحجارة, وإن لم تصدقوني على ما جئتكم به فخلُّوا سبيلي, وكفُّوا عن أذاي.


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 21-03-2017, 11:09 AM
  #489
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء الحادي عاشر بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 22 الى الآية 39 من سورة الدخان
(فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)
فدعا موسى ربه- حين كذبه فرعون وقومه ولم يؤمنوا به- قائلا إن هؤلاء قوم مشركون بالله كافرون.
(فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23)
فأَسْر- يا موسى- بعبادي- الذين صَدَّقوك, وآمنوا بك, واتبعوك, دون الذين كذبوك منهم- ليلا إنكم متبعون من فرعون وجنوده فتنجون, ويغرق فرعون وجنوده.
(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)
واترك البحر كما هو على حالته التي كان عليها حين سلكته, ساكنًا غير مضطرب, إن فرعون وجنوده مغرقون في البحر.
(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)
كم ترك فرعون وقومه بعد مهلكهم وإغراق الله إياهم من بساتين وجنات ناضرة, وعيون من الماء جارية, وزروع ومنازل جميلة, وعيشة كانوا فيها متنعمين مترفين.
(كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28)
مثل ذلك العقاب يعاقب الله مَن كذَّب وبدَّل نعمة الله كفرًا, وأورثنا تلك النعم من بعد فرعون وقومه قومًا آخرين خلفوهم من بني إسرائيل.
(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)
فما بكت السماء والأرض حزنًا على فرعون وقومه, وما كانوا مؤخَّرين عن العقوبة التي حلَّت بهم.
(وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30)
ولقد نجَّينا بني إسرائيل من العذاب المُذلِّ لهم بقتل أبنائهم واستخدام نسائهم.
(مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31)
من فرعون, إنه كان جبارًا من المشركين, مسرفًا في العلو والتكبر على عباد الله.
(وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)
ولقد اصطفينا بني إسرائيل على عِلْم منا بهم على عالمي زمانهم.
(وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ (33)
وآتيناهم من المعجزات على يد موسى ما فيه ابتلاؤهم واختبارهم رخاء وشدة.
(إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (34) إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35)
إن هؤلاء المشركين مِن قومك -أيها الرسول- ليقولون: ما هي إلا موتتنا التي نموتها, وهي الموتة الأولى والأخيرة, وما نحن بعد مماتنا بمبعوثين للحساب والثواب والعقاب.
(فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36)
ويقولون أيضًا: فَأْتِ- يا محمد أنت ومَن معك- بآبائنا الذين قد ماتوا, إن كنتم صادقين في أن الله يبعث مَن في القبور أحياء.
(أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)
أهؤلاء المشركون خير أم قوم تُبَّع الحِمْيَري والذين مِن قبلهم من الأمم الكافرة بربها؟ أهلكناهم لإجرامهم وكفرهم, ليس هؤلاء المشركون بخير مِن أولئكم فنصفح عنهم, ولا نهلكهم, وهم بالله كافرون.
(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (39)
وما خلقنا السموات والأرض وبينهما لعبًا, ما خلقناهما إلا بالحق الذي هو سنة الله في خَلْقِه وتدبيرُه, ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون ذلك, فلهذا لم يتفكروا فيهما; لأنهم لا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 22-03-2017, 10:25 AM
  #490
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في التفسير الم

اللقاء الثاني عشر بعد المائة الرابعة من قراءتنا لكتاب التفسير الميسر
من الآية 40 الى الآية 59 من سورة الدخان
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40)
إن يوم القضاء بين الخلق بما قدَّموا في دنياهم من خير أو شر هو ميقاتهم أجمعين.
(يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (41) إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42)
يوم لا يدفع صاحب عن صاحبه شيئًا، ولا ينصر بعضهم بعضًا, إلا مَن رحم الله من المؤمنين, فإنه قد يشفع له عند ربه بعد إذن الله له. إن الله هو العزيز في انتقامه مِن أعدائه, الرحيم بأوليائه وأهل طاعته.
(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأثِيمِ (44)
إن شجرة الزقوم التي تخرج في أصل الجحيم, ثمرها طعام صاحب الآثام الكثيرة, وأكبر الآثام الشرك بالله.
(كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)
ثمر شجرة الزقوم كالمَعْدِن المذاب يغلي في بطون المشركين, كغلي الماء الذي بلغ الغاية في الحرارة.
(خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47)
خذوا هذا الأثيم الفاجر فادفعوه, وسوقوه بعنف إلى وسط الجحيم يوم القيامة.
(ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48)
ثم صبُّوا فوق رأس هذا الأثيم الماء الذي تناهت شدة حرارته, فلا يفارقه العذاب.
(ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)
يقال لهذا الأثيم الشقيِّ: ذق هذا العذاب الذي تعذَّب به اليوم, إنك أنت العزيز في قومك, الكريم عليهم. وفي هذا تهكم به وتوبيخ له.
(إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)
إن هذا العذاب الذي تعذَّبون به اليوم هو العذاب الذي كنتم تشكُّون فيه في الدنيا, ولا توقنون به.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)
إن الذين اتقوا الله بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه في الدنيا في موضع إقامة آمنين من الآفات والأحزان وغير ذلك.
(فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52)
في جنات وعيون جارية.
(يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53)
يَلْبَسون ما رَقَّ من الديباج وما غَلُظَ منه, يقابل بعضهم بعضًا بالوجوه, ولا ينظر بعضهم في قفا بعض, يدور بهم مجلسهم حيث داروا.
(كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)
كما أعطينا هؤلاء المتقين في الآخرة من الكرامة بإدخالهم الجنات وإلباسهم فيها السندس والإستبرق, كذلك أكرمناهم بأن زوَّجناهم بالحسان من النساء واسعات الأعين جميلاتها.
(يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55)
يطلب هؤلاء المتقون في الجنة كل نوع من فواكه الجنة اشتهوه, آمنين من انقطاع ذلك عنهم وفنائه.
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56) فَضْلا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58)
لا يذوق هؤلاء المتقون في الجنة الموت بعد الموتة الأولى التي ذاقوها في الدنيا, ووقى الله هؤلاء المتقين عذاب الجحيم؛ تفضلا وإحسانًا منه سبحانه وتعالى, هذا الذي أعطيناه المتقين في الآخرة من الكرامات هو الفوز العظيم الذي لا فوز بعده. فإنما سهَّلنا لفظ القرآن ومعناه بلغتك أيها الرسول; لعلهم يتعظون وينـزجرون.
(فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)
فانتظر -أيها الرسول- ما وعدتك من النصر على هؤلاء المشركين بالله, وما يحلُّ بهم من العقاب, إنهم منتظرون موتك وقهرك, سيعلمون لمن تكون النصرة والظَّفَر وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة, إنها لك -أيها الرسول- ولمن اتبعك من المؤمنين.
انتهينا بحمد الله من سورة الدخان وننتقل بمشيئة الله في اللقاء القادم الى سورة الجاثية
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!



التعديل الأخير تم بواسطة صاحب فكرة ; 22-03-2017 الساعة 10:30 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 AM.


images