قراءة يومية في السيرة النبوية - الصفحة 3 - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
قديم 03-08-2016, 08:49 PM
  #21
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في السيرة النبوية

اللقاء التاسع عشر من لقاءات السيرة العطرة
مكيدة قريش بمهاجري الحبشة :
شق على المشركون أن أفلت منهم المسلمون ، ووصلوا إلى مأمن يأمنون فيه على أنفسهم وإيمانهم ، فأرسلوا رجلين من دهاتهم ليسترداهم إلى مكة ، وهما : عمرو بن العاص ، وعبد الله بن ربيعة ، وكانا إذ ذاك على الشرك .
ونزل الرجلان بالحبشة تحت خطة مدبرة ، فاتصلا أولاً بالبطارقة ، وساقا إليهم الهدايا ، وذكرا لهم الهدف ، ولقناهم الحجة ، حتى وافقوهما ، ثم حضرا إلى النجاشي ، فقدما إليه الهدايا ، ثم كلماه ، فقالا :
أيها الملك :إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء فارقوا دينهم ، ولم يدخلوا في دينك ، وجاءوا بدين ابتدعوه ، لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم ، فهم أعلى بهم عيناً ، وأعلم بما عابوا عليهم ، وعاتبوهم فيه
وأيدهما البطارقة فيما قالاه حسب الخطة .
ولكن النجاشي احتاط في الأمر . ورأى أن يسمع القضية من الطرفين حتى يتضح له الحق . فدعا المسلمين ، وسألهم : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ، ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه الملل ؟
فتكلم جعفر بن أبي طالب عن المسلمين ، وقال : أيها الملك : كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسئ الجوار ، ويأكل منا القوي الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ، نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته ، وعفافه . فدعانا إلى الله لنوحده ، ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان : وأمرنا بصدق لحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، وأمرنا أن نعبد الله وحده ، لا نشرك به شيئاً ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام – فعدد عليه أمور الإسلام – فصدقناه وآمنا به ، واتبعناه على ما جاء به دين الله ، فعبدنا الله وحده ، فلم نشرك به شيئاً ، وحرمنا ما حرم الله علينا ، وأحللنا ما أحل لنا . فعدا علينا قومنا ، فعذبونا ، وفتنونا عن ديننا ، ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله تعالى ، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث ، فلما قهرونا ، وظلمونا ، وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا إلى بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندك ، أيها الملك !
فلما سمع النجاشي هذا ، طلب من جعفر قراءة شئ من القرآن ، فقرأ عليه صدراً من كهعيص – سورة مريم – فبكى النجاشي حتى اخضلت – أي ابتلت – لحيته ، وبكى الأساقفة حتى أخضلوا – أي بلوا – مصاحفهم ، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة .
ثم خاطب مندوبي قريش وقال : انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما ، ولا يُكادون ، فخرجا .
وفي اليوم الثاني احتال عمرو بن العاص حيلة أخرى ، فقال للنجاشي : إنهم – أي المسلمين – يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً .
فدعاهم النجاشي وسألهم عن ذلك ، فقال جعفر : نقول فيه الذي جاءنا به النبي – صلى الله عليه وسلم - : هو عبدالله ورسوله ، وروحه ، وكلمته ، ألقاها إلى مريم العذراء البتول .
فأخذ النجاشي عوداً من الأرض ، ثم قال : والله ماعدا – أي ما جاوز – عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود . اذهبوا فأنتم شيوم – أي آمنون – بأرضي ، من سبكم غرم ، من سبكم غرم ، من سبكم غرم . ما أحب أن لي دبراً – أي جبلاً – من ذهب ، وأني آذيت رجلاً منكم .
ثم أمر برد الهدايا على مندوبي قريش فخرجا مقبوحين ، وأقام المسلمون بخير دار مع خير جار .


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 06-08-2016, 09:05 PM
  #22
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في السيرة النبوية

اللقاء العشرون من لقاءات السيرة العطرة
حيرة المشركين :
لما منى المشركون بالخيبة والفشل في استرداد المسلمين من الحبشة استشاطوا غضباً ، وكادوا يتميزون غيظاً ، وينقضون على بقية المسلمين بطشاً ، ولا سيما وقد كانوا يرون أن النبي – صلى الله عليه وسلم- ماض في دعوته ، ولكنهم رأوا أن أبا طالب قائم بنصرته رغم التهديد والوعيد الشديد ، فاحتاروا في أمرهم ، ولم يدروا ماذا يفعلون ؟ فربما غلبت عليهم الضراوة ، فعادوا إلى التعذيب والتنكيل بالنبي - صلى الله عليه وسلم- وبمن بقي معه من المسلمين ، وربما فتحوا باب النقاش والجدال ، وربما عرضوا الرغائب والمغريات ، وربما حاولوا المساومة واللقاء في منتصف الطريق ، وربما فكروا في قتل النبي - صلى الله عليه وسلم- والقضاء على دعوة الإسلام . إلا أن شيئاً من ذلك لم يجد لهم نفعاً ، ولم يوصلهم إلى المراد ، بل كانت نتيجة جهودهم الخيبة والخسران ، وفيما يلي نقدم صورة مصغرة لكل من ذلك .

التعذيب ومحاولة القتل :

كان من الطبيعي أن يعود المشركون إلى ضراوتهم بعد الفشل ، وفعلاً عادوا إلى الشدة والبطش بالبقية الباقية من المسلمين ، بل مدوا أيديهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -
فمن ذلك أن عتيبة بن أبي لهب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : هو يكفر بالذي ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) ثم تسلط عليه بالأذى ، وشق قميصه ، وتفل في وجهه - صلى الله عليه وسلم- إلا أن البزاق رجع على عتيبة فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : اللهم أرسل عليه كلباً من كلابك ، فخرج عتيبة في ركب إلى الشام ، فلما نزلوا في الطريق طاف بهم الأسد ، فقال : هو والله آكلي ، كم دعى محمد علي ، قتلني وهو بمكة وأنا بالشام ، فلما ناموا جعلوه في وسطهم ، ولكن جاء الأسد وأخذه برأسه من بين الإبل والناس ، وقتله .
ومن ذلك أن عقبة بن أبي معيط وطئ برجله على رقبة النبي -صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد حتى كادت عيناه تبرزان .
ويؤخذ في سياق الحوادث أن المشركين بعد فشلهم في شتى محاولاتهم لكف الدعوة أخذوا يفكرون بجد في قتل النبي -صلى الله عليه وسلم - ولو أدى ذلك إلى سفك الدماء .
ومما يدل على ذلك أن أبا جهل قال يوما لقريش : أن محمداً قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا ، وشتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وشتم آلهتنا ، وإني أعاهد الله لأجلسن له بحجر ما أطيق حمله ، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه ، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني ، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم ، قالوا : والله لا نسلمك لشي أبداً ، فامض لما تريد .
فلما أصبح أبو جهل أخذ حجراً كما وصف ، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقام يصلي ، وغدت قريش في أنديتهم ينتظرون ما يفعله أبو جهل ، وأقبل أبو جهل حتى دنا ، ثم رجع منهزماً ، منتقعاً لونه ، مرعوباً ، قد يبست يداه على حجره ، حتى قذفه من يده . فقالت له قريش : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : قمت لأفعل ما قلت البارحة ، فعرض لي فحل من الإبل ما رأيت مثل هامته وقصرته وأنيابه لفحل قط ، فهم بي أن يأكلني .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :" ذاك جبريل لو دنا لأخذه " .
ثم حدث ما هو أشد من ذلك وأنكى ، وذلك أن قريشاً اجتمعوا يوماً في الحطيم ، وتكلموا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وبدأ يطوف بالبيت ، فلما مر بهم غمزوه ، فعرف ذلك في وجهه ، ثم مر بهم الثانية ، فغمزوه بمثلها ، فعرف ذلك في وجهه ، ثم مر بهم الثالثة ، فغمزوه بمثلها ، فوقف ، ثم قال : أتسمعون يا معشر قريش : أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح ، فأخذت القوم كلمته ، كأن على رؤوسهم طائراً وقع ، حتى إن أشدهم فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد .
فلما كان الغد اجتمعوا كذلك يذكرون أمره ، إذ طلع عليهم ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، فأخذوا بمجامع ردائه ، وقالوا : أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباءنا ؟ قال : أنا ذاك ، فانقضوا عليه ، هذا يحثه ، وهذا يبلبله ، وأقبل عقبة بن أبي معيط فلوي ثوبه في عنقه ، فخنقه خنقاً شديداً ، وأتى الصريخ إلى أبي بكر : أدرك صاحبك ، فجاء وأخذ بمنكبي عقبة ودفعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وأخذ يضرب هذا ، ويجاهد هذا ، وهو يقول : ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ، فانصرفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر ، وضربوه ضرباً لا يعرف وجهه من أنفه ، وكانت له أربع غدائر فما يمسون منها شيئاً إلا رجع ، فحملته بنو تيم في ثوب وأدخلوه منزله ، ولا يشكون في موته ، فتكلم آخر النهار ، فسأل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فلاموه ، وخرجوا من عنده ، وعرض عليه الطعام والشراب فأبى أن يأكل أو يشرب حتى يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فلما هدأ الليل وسكن الناس أوصلوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو في دار الأرقم ، فلما وجده بخير ساغ له الطعام والشراب .
وقد خرج أبوبكر – رضي الله عنه - يريد الهجرة إلى الحبشة بعدما اشتد عليه الأذى تضايقت عليه سبل الحياة ، ولما بلغ برك الغماد لقيه مالك بن الدغنة سيد القارة والأحابيش (القارة : اسم قبيلة عظيمة ، والأحابيش مجموعة قبائل تحالفوا عند جبل حبشي فسموا بذلك ( فسأله عن قصده ، فأخبره ، فقال : مثلك يا أبا بكر لا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار ، فارجع واعبد ربك ببلدك ، ثم رجعا إلى مكة ، وأعلن ابن الدغنة في قريش عن جواره لأبي بكر ، فلم ينكروا عليه ، ولكن قالوا له : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ولا يستعلن ، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا وضعفتنا ، فلبث أبو بكر بذلك فترة ، ثم بنى مسجداً بفناء داره ، واستعلن بصلاته وقراءته ، فذكره ابن الدغنة بجواره . فرد عليه أبو بكر جواره ، وقال : أرضى بجوار الله .
وكان رجلاً بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن ، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم ، وهم يعجبون منه ، وينظرون إليه ، فكان المشركون يؤذونه لأجل ذلك .

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:19 AM.


images