كيف تكون عبدا خاشعا لله في حياتك وصلاتك - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 09-06-2013, 07:15 AM
  #1
ابن عمر محمد
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 335
ابن عمر محمد غير متصل  
كيف تكون عبدا خاشعا لله في حياتك وصلاتك

كيف تكون عبدا خاشعا لله في حياتك وصلاتك

بقلم
أبي سليمان المختار بن العربي مؤمن


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي أوجدنا من عدم، وهدانا من ضلال، وبَصَّرَناَ من عَمَى، وأسبغَ عَلَيْنَا نعمه ظاهرةً وباطنةً، ومن أعظمها نعمةُ الإسلامِ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للأنام سيدنا ونبينا محمد أفضل رسول وخير إمام، كانت راحته في الصلاة، وقرة عينه في الخشوع والقيام، وعلى آله وأصحابه الأئمة أولي النهى والأحلام، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم حشر الأنام.

بين يدي الإصدار:
ما أجمل العبد حينما يقف بين يدي سيده ومولاه ذليلا، معترفا بفقره إليه، راجيا رحمته في ذل وخضوع، فذلك هو العبد الذي امتلأت جوارحه بالخشوع والطمع في مرضاة الله تعالى، يبتغي جنة الفردوس التي وعدها الله المؤمنين المفلحين ﴿ قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾، وهانحن نأخذ بيديك لمعرفة طريق الخاشعين المخبتين فهلمّ لنسلكها معا بتوفيق من الله تعالى.

المقدمة:
إنّ أعظم ما تقرّب به المتقرّبون، وأجلّ ما ذاق حلاوةَ طَعْمِهِ المؤمنون، هو عيشهم لله خاشعين،وفي رحمته طامعين، ومن عذابه مشفقين.

ولما كانت الصلاة من أجلّ القُرب، وفيها قرّة عين كلّ موحّد، فرضها الله فوق السّبع الطّباق، وجعل أجر الخمسين فيها باق، تفضُّلا منه، ومِنَّةً ورحمةً لكلِّ أوّابٍ مُشتاق.

وطلب من المؤمنين الخشوع فيها ليكون لها معنى وقوف العبد الذَّليل بين يدي ربّه العظيم الجليل، وأخبر بفلاح من خشع في الصلاة، فقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾[1]، ولماّ كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم سيّد الأوّلين والآخرين يجد قرّة عينه في الصّلاة، دلّ أنّ صلاةً بلا خشوع ناقصة، وأنّ صاحبها بعيدٌ عن حقيقتها الشّاخصة،ولقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر: إنّ الرّجل لَيَشِيبُ عارِضَاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا يتمّ خشوعَها وتواضُعَهَا وإقبالَه على الله عزَّ وجلّ "[2].

ولقد جاء في الأثر بأنّ النّاس يأتي عليهم زمان قلّما تجد فيهم خاشع في صلاته [3]، وهذا الذي نعيشه في أيّامنا وأحوالنا، فمساجدنا عامرة وقلوبنا لاغية إلاّ من رحم الله، فهذا مشغول في صلاته بلحيته، والآخر (بغترته)، وثالث بساعته، ورابع قد صَدَحَتْ أنْغَامُ جَوَّالِهِ فسمّمت الأجواء، وآذت عباد الله وملائكة الأرض والسّماء، وخامس تَاهَ في سوقه فباع واشترى، وأخذ واكترى، فلم يرجع لصلاته إلاّ مع سلام إمامه،وهو لا يدري يمينه من شماله، فلم يبق من حقيقة صلاته إلاّ شُخُوصُهَا، ومن أجرها إلاَّ ما عقل منها.

ولستُ مقتصرا في كلامي عن الخشوع في الصّلاة وإن كانت من أهمّ الأعمال، ولكن نحاول التّجوال في رياض الخاشعين في حياتهم،وكيفية الاقتداء بهم، لعلّنا نكون في زمرتهم ؛ وقبل ذاك لابدّ من طرح أسئلة تلوح في الأفق فنقول:

ما هو الخشوع؟ لنعرف في أيّ فلك ندور، وهل هو خاصّ بالصلاة أم عام في جميع العبادات؟ وهل هو فرض في الصلاة أم شرط في صحتها؟ فيجب علينا تحصيله، أم سنّة مستحبّة؟ فنحاول إيجاده وتأصيله، وهل يستوي الخاشعون مع غيرهم؟ وما هي منزلتهم عند الله تعالى؟، وكيف كانت حال الأنبياء في مناجاتهم ربهم؟ وكيف كانت حال السلف في الصلاة؟ نساؤهم ورجالهم؟ وهل لازال الخشوع في الناس أم قد رفع في زماننا؟ وما هي علامات ذلك؟ وكم يحصل العبد من الأجر في صلاته؟. وما هي الطرق المثلى والسبل الجُلَّى لتحصيل الخشوع؟ وما هي ثمار الخشوع؟

هذه الأسئلة وغيرها نحاول الإجابة عليها في هذه الصّفحات فكن معنا في رحلتنا لنبحث عن أغلى كنز مفقود في أعظم عبادة نؤدّيها.

ما هو الخشوع؟:
إنّ تحديد الهدف هو البداية الصّحيحة للوصول للنّتيجة، وإذا عرّفنا معنى الخشوع، وضعنا أيدينا على الآثار التي تعرِّفنا على الكنز المفقود.

الخشوع أيُّها الموفَّقُ هو: الإخبات[4]، والطُّمأنينة في الصّلاة وغيرِها من العبادات، وقيل: "هو قيام القلبِ بين يدَيِ الرَّبّ بالخضوع، والذُّلّ "[5].

نعم ليس قيام الجوارح فحسب فهذا يستوي فيه المنافق والمؤمن، ولكن قيام القلب أي حضوره وقت المناجاة،وانشغاله بالوقوف بين يدي ربّ الأرض والسّموات خاضعا ذليلا غير منصرف في شعاب الحياة، لاهثا وراء وساوس الشّيطان والملذّات، فإذا فعل ذلك دانت له الجوارح وخضعت.

الخشوع أيها الفاضل هو أن تعلم علم اليقين أنّك واقف بين يدي سيّدك في كلّ أحوالك وأفعالك وأقوالك، فهل رأيت عبدا ينشغل بغير سيّده وهو واقف بين يديه؟ نعم: إنّهم نحن المساكين، الذين إذا حضرت الصّلاة حضر الشّيطان، وحضر كلّ ما نسيناه وما لم ننسه من هموم الدّنيا ومتاعبها، وأفراحها وأتراحها، وسرحنا في أودية الدنيا، فاللّهمّ رحماك بنا يا أكرم الأكرمين.

يُحْكَى أنّ رجلا كان له نصيب من المال فغيَّبه في مكان لا يراه فيه أحد، وبعد مدّة احتاج للمال فأراد أن يأخذه فنسيَ المكان، فذهب إلى الإمام أبي حنيفة يستشيره هل عنده من حيلة في كشف ما نزل به؟، فقال له الإمام: لا أرى لك إلاَّ أن تذهب هذه اللّيلة فتتوضّأ وتحسن الوضوء ثمّ تتهجد في الثلث الأخير من اللّيل، لعلّ الله يفتح عليك في ذلك، فلمّا أقبل اللّيل فعل ما أمره به الإمام، فما كان أن كبّر في الصّلاة حتّى تذكّر المكان، فقطع الصّلاة مباشرة وذهب إلى كنزه فوجده، فلمّا أصبح ذهب إلى الإمام أبي حنيفة يبشره، فتعجب الناس من رأي الشيخ، فقال الإمام: أنا لا أعلم الغيب ولكن علمت أن الشيطان لا يتركه يصلّي،وسيذكره بكل شيء.

وقد سئل الشيخ ابن الصلاح -غفر الله له- عن بعض الأئمة أنّه سها في الصلاة، فاختلف هو والمصلّون، وكان هناك شخص يتوسّمون فيه العقل والسّمت، فرجعوا إليه فقال: والله ما أدري، أنا كلّ يوم حين أُكَبِّر آخذ في طريقي إلى الشّام، وأنزل في المحلّ الفلاني، ثمّ المحلّ الفلاني، ثمّ نبيع ثمّ نرجع، وكلّ مرة أصل إلى هنا وأعود والإمام في السلام، أما هذه المرة فقد سلّم الإمام وأنا في نصف الطريق.

فمثل هذا ماذا نقول في صلاته؟ ((ليس للمرء من صلاته إلاّ ما عقل منها))[6].

والخشوع أيّها الحبيب هو: السّكون، والطّمأنينة، والتُّؤَدَةُ، والوَقَارُ، والتَّوَاضعُ. والحامل عليه الخوف من الله ومراقبته "[7].

هكذا قال الصّالحون إنّ الذي يحمل على الخشوع هو الخوف من الله، ومراقبته، فهل رأيت غيرَ الخائفِ خاشعاً مخبتا منيبا، كلاّ والله !.

قال الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى: "وأما الخشوع فيسند إلى البدن كقوله تعالى: ﴿ خاشعين لله[8]. ويُسند إلى بعض أعضاء البدن كقوله تعالى: ﴿ خُشَّعاً أبصارُهم[9]، وقوله: ﴿ وخشعت الأصوات للرّحمان فلا تسمع إلا همساً[10]، قال الحافظ رحمه الله تعالى: وَالْخُشُوعُ تَارَةً يَكُونُ مِنْ فِعْل الْقَلْب كَالْخَشْيَةِ، وَتَارَة مِنْ فِعْلِ الْبَدَن كَالسُّكُونِ"[11].

والخشوع قسمان:
فالأوّل: خشوع إيمان وسكينة واطمئنان، وهو نوعان: خاصّ ببعض العبادات، وعام دائم في قلب المؤمن، يقول السّعدي رحمه الله تعالى:وأمّا الخشوع فهو حضور القلب وقت تلبُّسِهِ بطاعة الله، وسكون ظاهرِه وباطِنِهِ، فهذا خشوع خاصّ، وأمّا الخشوع الدّائم الذي هو وصف خواصّ المؤمنين فينشأ من كمال معرفة العبد بربّه ومراقبته، فيستولي ذلك على القلب كما تستولي المحبّة "[12].

وهو الذي قال عنه الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: " فأصل الخشوع: هوَ خشوع القلب، وهو انكساره لله، وخضوعه وسكونه عن التفاته إلى غير من هوَ بين يديه، فإذا خشع القلب خشعت الجوارح كلّها تبعا لخشوعه ؛ ولهذا كانَ النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: ((خشع لك سمعي، وبصري، ومخي، وعظامي، وما استقلّ به قدمي))[13].

تأمّل بارك الله فيك خشوع نبيّنا الحبيب صلى الله عليه وسلم خشع لك سمعي فلا يسمع غير كلامك وندائك، وبصري فلا يبصر شيئا لا ترضاه، ومخي لأنه مركز قوة عظامي فلا أصرف جهده في غير ما تحب، وعظامي في قيامها ووقوفها في الحياة كلّها بين يديك، وكلّ

ما استقلّ به قدمي من شعر وعصب وعظام فهو خاشع لك، هكذا كان خشوع النبي صلى الله عليه وسلم فتأمّله لتصلّي مثل صلاته،وليس تلك الحركات الجوفاء الّتي نؤدّيها خالية من الذّلّ بين يدي الله.

ولذلك فإنّ العبادة الخالية من هذا الخشوع دليل على أنّها عبادة ميّتة، أو ضعيفة تحتاج إلى إحياء وتجديد.


يا مَنْ لَهُ تَعْنُو الوُجوهُ وتَخْشَعُ *** ولأمرهِ كلُّ الخلائقِ تَخْضَعُ
أَعْنُو إليكَ بجَبْهَةٍ لمْ أَحْنِهَا *** إلاّ لوجهكَ ساجدًا أتضَرَّعُ [14]



وأما القسم الثاني فهو: خشوع النّفاق: وهو الذي مقته السّلف، وكانوا يحذِّرون منه، ومن تَصَنُّعِ صاحبه، وهو أنّ الرّجل يُرِي النّاسَ من نفسه أنَّه خاشعُ القلب، وما هو بخاشع، وسمَّوه خشوعَ النّفاق،قال حذيفة رضي الله عنه : "إيّاكم، وخشوعَ النّفاق ؛ فقيل له: وما خشوع النّفاق؟ قال: أن ترى الجسدَ خاشعاً، والقلبَ ليس بخاشع ".

وقال الفضيل بن عياض:" كان يُكرهُ أن يُرِيَ الرّجلُ من الخشوع أكثر ممَّا في قلبه' ورأى بعضهم رجلا خاشعَ المنكبين، والبدن ؛ فقال: يا فلان، الخشوع هاهنا، وأشار إلى صدره، لا هاهنا وأشار إلى منكبيه "[15].


دَعَانِي أناسٌ زاهداً حينَ أَبْصَرُوا *** خُشُوعِي ألاَ في الزُّهدِ أَصْبَحْتُ أَزْهَد
نَصَبْتُ لهمْ تحتَ الخشوعِ مَكَايدِي *** وللرِّفق أحياناً عواقبُ تُحْمَد
تشّبهتُ بالزّهَادِ والحربُ خُدْعَةٌ *** وَرَاءَيْتُ بالتَّسبيح والكفّ تعقد


ولقد كان الخوارج صنفا من تلك الأصناف التي يظهر عليها الخشوع،ولكنّهم شرّ من مشى تحت أديم السماء، ووطء الحصا، فقد روى الدولابي والبخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ رجلا كان يتعبّد في واد من تلك الأودية حسنَ الهيئة، حسن الخشوع، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه أبا بكر، قال: (( اذهب فاقتله )) فذهب فرآه على تلك الحالة، فرجع،ثم أرسل عليا فذهب، فلم يجده، فبلغنا- والله أعلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن هذا لو قتلتموه لقطع عنكم الطريق، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدّين مروق السَّهْمُ من الرَّمِيَّةِ شرُّ البرية فاقتلوهم )) [16].

عتاب من الله لأوليائه :
قال تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ[17].

يقول سيّد قطب رحمه الله تعالى: عتاب فيه الودّ، وفيه الحضّ، وفيه الاستجاشة إلى الشعور بجلال الله، والخشوع لذكره، وتَلَقِّي ما نزل من الحقِّ بما يليق بجلال الحقّ من الرّوعة والخشية والطّاعة والاستسلام، مع رائحة التنديد والاستبطاء في السؤال:

﴿ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ ﴾؟، وإلى جانب التّحضيض والاستبطاء تحذير من عاقبة التّباطؤ والتّقاعس عن الاستجابة، وبيان لما يغشى القلوب من الصّدأ حين يمتدّ بها الزّمن بدون جلاء، وما تنتهي إليه من القسوة بعد اللّين حين تغفل عن ذكر الله، وحين لا تخشع للحق"[18].اهـ

" وفي الآية تلويح بما كان عليه أهل الكتاب من قسوة أورثتهم الفسق في الأعمال، ومن هنا كان التّحذير الشّديد من مآلهم، حيث طال عليهم الزّمان، واستمرت بهم الغفلة، فاضمحلّ إيمانهم، وذهب إيقانهم.

ثم قطع الله دابر اليأس، وبَعَث الأمل ؛ فإنّ القلب القاسي يمكن عودته إلى الله وإِقْبَالُهُ عليه ؛ كالأرض يحييها الله بعد موتها، قال تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾[19]، خاطبهم بكلّ ذلك ؛ ليزدادوا قرباً منه تعالى، فتوجل قلوبهم لذكره، وتسكن قلوبهم لأمره ؛ ليكونوا من المخبتين، فيتأهلوا لدار كرامته، ويصيروا من أهل النّفوس المطمئنة لتُنادى بالنّداء الكريم العظيم: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾[20].

هذا هو خشوع الإيمان الذي يريده الله من عباده، ليس منه الزّعيق والصّياح، ولا الرّقص والتّصفيق، ولا ضرب الخدود وشقّ الجيوب. وشتّان بين خشوع الإيمان وخشوع النّفاق الذي يبدو على الجوارح تصنّعاً وتكلّفاً ومراءاةً، مع كون القلب غير خاشع، والنّفس منطوية على إرادة الشهوات[21].

وقال ابن كثير يقول الله تعالى: أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله، أي: تلين عند الذّكر، والموعظة، وسماع القرآن، فتفهمه، وتنقادُ له، وتسمع له، وتطيعه.

قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: إنّ الله استبطأ قلوبَ المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن، فقال:...الآية، وعن ابن مسعود، رضي الله عنه قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلاّ أربع سنين "[22].

يقول مجاهد:جمعا بين كلامي ابن عباس وابن مسعود، قال: ذلك لاختلاف إسلام بعضهم البعض" [23].

"وقد سمع كثير من الصّالحين هذه الآية تتلى،فأثّرت فيهم آثارا عظيمة:
"فإنّها قرئت بين يدي أبي بكر رضي الله عنه وعنده قوم من أهل اليمامة فبكوا بكاء شديداً فنظر إليهم فقال: هكذا كنّا حتىّ قست القلوب"، ومن الصّالحين من مات عند ذلك لانصداع قلبه بها، ومنهم من تاب عند ذلك وخرج عمّا فيه "[24]، كما وقع للعبد الصّالح، والعالم النّاصح، والعابد الخاشع، إمام الحرمين أبي عليّ الفُضَيل بن عياض يقول الذّهبي: عن الفضل بن موسى قال: كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنّه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تاليا يتلو: ﴿ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم ﴾[25] فلمّا سمعها قال: بلى يا ربّ، قد آن، فرجع فآواه اللّيل إلى خَرِبَةٍ، فإذا فيها سابِلةٌ (مسافرون)، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتّى نصبح فإنّ فضيلاً على الطّريق يقطع علينا. قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى باللّيل في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلاّ لأرتدع، اللّهمّ إنّي قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام ".[26]

هذا حال الصّحابة والصّالحين أخي الكريم، تُغَيِّرُ حيَاتَهُم آية،وتُخَوِّفُهُم آية،وتَلين قلوبُهُم لذكر، وتقشعر جلودهم فكيف هو حالنا، إنّه قطعا يحتاج إلى تجديد إن كان وبَلِيَ، أو إنشاءٍ إن لم يكن، ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ[27].

وإليك: الجامع لهيئات الخاشعين في الصّلاة:
"إنّ الجامع لهيئات الخاشعين في الصلاة هي:
الطمأنينة، والهدوء، ووجود النّعيم بها، واللّذة، وإصغاء القلب للفهم، وخشوعه للتّواضع، وسكون الجوارح للهيبة، ثمّ التّرتيل في القراءة، والتّدبّر لمعاني الكلام، وحسن الافتقار إلى المتّكلم في الإفهام، والإيقاف على المراد، وصدق الرّغبة في الطّلب.

وإنْ مرّ بآية رحمةٍ سأل الله رحمته،ورغب إليه أن يدخله جنته، وإن مرّ بآية عذاب فزع واستعاذ بالله من شر عذابه وأليم عقابه، أو مرّ بآية فيها تسبيح أو تعظيم حمد وسبّح وعظّم، وهذا أحد الوجهين في قوله تعالى ﴿ يتلونه حقّ تلاوته أولئك يؤمنون به ﴾ "[28]

خشوع الأنبياء والأولياء:
وهو من النّوع الأوّل، والطّراز الأكمل، أي من خشوع الإيمان، فإنّ الله جلّ جلاله حينما ذكر الأصفياء من خلقه وهم الأنبياء، ومن اقتدى بهديهم، واتّبع سبيلهم، نعتهم بأجمل النّعوت التي يحبّها، وتُقَرِّبُهُمْ إليه فقال: ﴿ وكانوا لنا خاشعين[29]، قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

قال ابن عبّاس: أي مصدّقين بما أنزل الله.

وقال مجاهد: مؤمنين حقّا.

وقال أبو العالية: خائفين.

وقال أبو سِنَان: الخشوع هو الخوف اللاَّزِمُ للقلبِ، لا يفارقه أبدًا.

وعن مجاهد أيضًا ﴿ خَاشِعِينَ ﴾ أي: متواضعين.

وقال الحسن، وقتادة، والضَّحاك: ﴿ خَاشِعِينَ ﴾ أي: متذلّلين لله عزّ وجلّ، وكلّ هذه الأقوال متقاربة[30].

ومما أوحى الله إلى بعض أنبياءه: هب لي من قلبك الخشوع، ومن نفسك الخضوع ومن عينك الدموع، وسلني فإني قريب مجيب "[31].

ولقد امتدح الله طائفة من أهل الكتاب كانت على الحق قائمة،ولله خاشعة فقال: ﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم ، وما أنزل إليهم ، خاشعين لله ، لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا...[32] كعبد الله بن سَلامٍ من اليهود، وأَصْحَمَةَ النّجَاشِيّ من النّصارى، وكلّ من أسلم من أهل الكتاب، فإنهم المؤمنون حقّاً المستحقون للتّكريم والإنعام.

وكذلك سلك الله الخاشعين في زمرة المغفور لهم، المحصِّلين للأجور العظيمة فقال سبحانه: ﴿ والخاشعين والخاشعات ﴾... إلى قوله تعالى: ﴿ أعدّ الله لهم مغفرة وأجرا عظيما [33]؛ وأثنى ثناء عطِرا على أوليائه من أهل العلم العاملين الذين تحلّوا بحلية الخشوع، والتذلُّل للرَّبِّ والخضوع، حيث يُتلى عليهم كلامُ الله بصوتٍ مسموعٍ فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا[34]،" لما يزيدهم علماً ويقيناً بأمر الله تعالى على ما حصل عندهم من الأدلة"[35].

ولقد ذكر الله صفات عباده المؤمنين المخبتين، الخائفين الوجلين فقال جلّ ذكره: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِم ْخَاشِعُونَ ﴾[36]، أفلحوا والله لأنهم: خائفون، ساكنون، عاملون، مشفقون.

ولذلك لمّا رأى سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى رجلا يعبث بلحيته في صلاته فقال: لو خشع قلبُ هذا لخشعَتْ جوارحُه[37].

فالقلب ملك الجوارح وسلطانُها، إذا خشع خشعَت، وإذا لَهَى لَهَتْ وانْشَغَلَتْ.

وقال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ[38].

﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾ قال مجاهد: المطمئنين، وقال الضّحاك، وقتادة: المتواضعين. وقال السّديّ: الوجلين. وقال عمرو بن أوس: المخبتون: الذين لا يَظلمون، وإذا ظُلموا لم ينتصروا.

وقال الثّوري: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾ قال: المطمئنين الرّاضين بقضاء الله، المستسلمين له.

وقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو الله في ركوعه فيقول: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ،خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي)) وفي رواية (( ومااسْتَقَلَّ بِهِ قَدَمِي )) [39].

وعن مجاهد، في قول الله عزّ وجلّ تبارك وتعالى: ﴿ سيماهم في وجوههم من أثر السّجود[40]، قال: (( هو الخشوع ))[41].

قال أسد بن موسى في كتاب الورع:حدثنا مبارك بن فضالة: كان الحسن رحمه الله تعالى يقول إنّ المؤمنين لما جاءتهم هذه الدّعوة من الله صدّقوا بها،وأفضى يقينها إلى قلوبهم وأبدانهم وأبصارهم، وكنتُ والله إذا رأيتُهم رأيتُ قوما كأنّهم رأي عين، فوالله ما كانوا بأهل جدل ولا باطل ولا اطمأنوا إلاّ إلى كتاب الله، ولا أظهروا ما ليس في قلوبهم، ولكن جاءهم عن الله أمر فصدّقوا به فنعتَهم الله تعالى في القرءان أحسنَ نعت فقال: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ قال: حلماء لا يجهلون، وإذا جهل عليهم حلموا، يصاحبون عباد الله نهارهم بما يسمعون، ثم ذكر ليلهم خير ليل فقال: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ تجري دموعهم على خدودهم فرقا من ربّهم "[42].

"كما أنّ الخشوع يُسهل فعل الصلاة ويُحببها إلى النفس، قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ أي فإنها سهلة عليهم خفيفة؛ لأن الخشوع وخشية الله ورجاء ما عنده يوجب له فعلها منشرحًا بها صدره، لترقُّبِهِ للثواب وخشيته من العقاب. كما أن الخشوع هو العلم الحقيقي" [43].

نماذج من صلاة الخاشعين:
إنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام هم قدوة النّاس في كلِّ عملٍ صالح،وقربةٍ طيّبةٍ مباركةٍ لله تعالى، ولقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم هو سيد الخاشعين، الذي كان له في الانكسار لله تعالى والذلّ بين يديه أكمل الأحوال، فقد رؤي يصلّي، وفي صدره أزيز كأزيز الرّحى من البكاء، -والرَّحى الطّاحون- [44]، وربّما بكى فَبَلَّ حِجْرَه، ولحيته، والأرض تحته[45]، وكان كثير الذّكر والاستغفار والتّوبة، وكذا صاحبه الصّديق رضي الله عنه كان وَجِلاً رقيقاً، إذا صلّى أو قرأ القرآن بكى[46]، وأمّا الفاروق رضي الله عنه فيكفيك أنّه مرض مرّة لسماع القرآن وعاده النّاس في مرضه لا يدرون ما به ! ؛ وقد أصاب سهمٌ أحدَ الصّحابة وهو في صلاته فأزاله ورماه وأتمّ صلاته.

هكذا تعلّم الصّحابة الأخيار صفة الخشوع من النبيّ المختار صلى الله عليه وسلم، فسكنت جوارحهم، وامتلأت قلوبهم من هيبة الله تعالى، فحبسوها عن التّجوال فيما سوى الوقوف بين يدي ذي العزّة والجلال، فلم يشعروا بما طاف حولهم، ولا حدّثتهم أنفسهم بغير ما هم فيه من المناجاة.

وقد وصف صاحبُ الحلية[47] كثيرا من الصّحابة والتّابعين بصفة الخشوع فقال: ومنهم القويّ الخاشع، القارئ المتواضع، صاحب الصيام والقيام عبدالله بن عمرو بن العاص كان بالحقائق قائلا، وعن الأباطيل مائلا، يعانق العمل ويفارق الجدل، يطعم الطعام ويفشي السلام ويطيب الكلام ؛ ومنهم عبدالله بن الزبير الذي كان إذا قام في الصلاة كأنّه عود ؛ وكان مجاهد يقول: ذاك من الخشوع في الصّلاة، قال: وحدّث أن أبا بكر كان كذلك ؛ و عن محمّد عن رجل من أسْلَمَ (وأسلم قبيلة معروفة سالمها الله) من المبكرّين إلى المسجد قال: كان الرَّبيع بن خُثَيْمٍ إذا سجد كأنّه ثوب مطروح فتجئ العصافير فتقع عليه.

وعن ابن عون قال: رأيت مسلمَ بن يسار يصلّي كأنّه وتِدٌ لا يميل على قدم مرّة، ولا على قدم مرّة ولا يتحرّك له ثوب"، هذا حاله فكيف حال أثوابنا كأنها رايات خفاقة، وأقدامنا لا تثبت على حال حتى تنتقل إلى أخرى.

وهذا أبو عبد الله النباجي[48] يوما صَلَّى بأهلِ طَرَسُوس فَصِيحَ بالنفير فلم يخفف الصلاة، فلما فرغوا قالوا: أنت جاسوس.

قال: ولم، قالوا: صيح بالجهاد وأنت في الصلاة فلم تخفف.

قال: ما حسبت أن أحدا يكون في الصلاة فيقع في سمعه غير ما يخاطبه به الله عز وجل"[49].

وعن ميمون بن حيان قال: ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتا في صلاته قط، خفيفة ولا طويلة، ولقد انهدمت ناحيةُ المسجدِ ففزع أهل السوق لهدمه،وإنه في المسجد في صلاته فما التفت ؛ هكذا الخشوع وإلاّ فلا، ينهدم الجدار،ويخرج النّاس ويفرّون،ولا يشعر بهذا كله، فانظر إلى صلاتنا وأحوالنا معها، لو دخلت علينا ذبابة لحسبنا أنها دبابة،ووقعت الحرب،وكثر الحراك والضّرب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي الكبير.

وصدق علينا قول القائل:

صَلَّتِ الفَرْضَ صَلاةً جَمَعَتْ *** كلَّ ما في نفسِِها، إلاّ الخشوع


أي أنها صلّت صلاة بحسب الظاهر، لكن نفسها حدَّثتها بجميع هموم الدّنيا وآمالها، اللّهمّ إلاّ الخشوع فهي بعيدة منه كلّ البُعد.

وانظر إلى حال هذا العبد الصالح خلف بن أيوب رحمه الله تعالى عندما سئل : ألاَ يُؤْذِيكَ الذّباب في صلاتك فتطردها فقال: لا أُعَوِّدُ نفسِي شيئا يُفسدُ عليَّ صَلاَتِي ؛ قيل له: وكيف تصبر على ذلك: قال بلغني أنّ الفُساق يصبرونَ تحت أسْواط السّلطان، فيقال: فلان صَبُورٌ،ويفتخرون بذلك فأنا قائم بين يدي ربّي أفأتحرَّك لذبابة، فلله دّره كم درره.

ولقد كانوا يأخذون عن مشايخهم الخشوع والسّمت الصّالح كما يتعلّمون المسائل، بل ربّما أشدّ لأنّه ثمرة العلم النّافع، فقد كان الصحابةُ رضي الله عنهم عندما يسمعون حديث الرسولِ صلى الله عليه وسلم كأنَّ على رؤوسهم الطَّيْرَ من الخشوعِ والعظمةِ لأمرِ النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن شقيق قال: أخذت لباس الدُّونِ[50] عن سفيان، وأخذت الخشوعَ من إسرائيل، وأخذت العبادة من عبَّاد بن كثير، والفقه من زُفَر".[51]

وهذا بشر بن المنذر يقول: رأيت الأوزاعيّ كأنّه أعمى من الخشوع.

وعن ابن زبر حدثنا إسحاق بن خالد سمعت أبا مسهر يقول: ما رُئِيَ الأوزاعيُّ باكيا قطّ، ولا ضاحكا حتى تبدو نواجذه، وإنما كان يتبسم أحيانا، كما روي في الحديث، وكان يُحْيِى اللَّيلَ صلاةً وقرآناً وبُكَاءً. وأخبرني بعض إخواني من أهل بيروت: أنّ أمّه كانت تدخل منزل الأوزاعيّ، وتتفقّد موضع مصلاّه، فتجده رطبا من دموعه في اللّيل "[52].

وقال القوصي: كان ابن عساكر رحمه الله تعالى كثير البكاء سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التّواضع والخضوع، كثير التّهجد قليل الهجوع، مبرّزا في علميِ الأصول والفروع "[53].

وعن حاتم الأصم رحمه الله تعالى أنّه سئل عن صلاته فقال: إذا حانت الصلاة، أسبغت الوضوء، وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي، ثم أقوم إلى صلاتي وأجعل الكعبةَ بين حَاجِبَيّ، والصّراطَ تحت قَدَمي، والجنّةَ عن يميني والنَّارَ عن شمالي، وملكَ الموت ورائي، والله ناظر إليّ، وأظنُّها آخرَ صلاتي ثمّ أقوم بين الرّجاء والخوف، وأُكَبِّرُ تكبيراً بتحقيق، واقرأُ قراءةً بِتَرْتِيل واركع ركوعا بتواضع واسجد سجودا بتخشُّع،وأقعدُ على الوَرِكِ الأيسر وأفرشُ ظهر قدَمِهَا، وأنصبُ القدمَ الأيمن على الإبهام، وأتبعها بإخلاص ثمّ لا أدري أقُبِلَتْ منّي أم لا؟، هذه صلاة المودّعين حقا.

ونساء خاشعات عابدات قانتات:
وعلى رأسهنّ أمّهات المؤمنين رضي الله عنهنّ، قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه غدوت يوما، وكنت إذا غدوت بدأت بعائشة رضي الله عنها أُسلِّم عليها فغدوت يوما إليها فإذا هي تصلِّي الضَّحى وهي تقرأ ﴿ فمنَّ الله علينا ووقانا عذاب السّموم ﴾، وتبكي وتدعو،وتردّد الآية، فقمت حتىّ مللت، وهي كما هي فلمّا رأيت ذلك ذهبت إلى السّوق فقلت: أَفْرُغُ من حاجتي ثمّ أرجع ففرغت من حاجتي ثم رجعت، وهي كما هي تردّد الآية وتبكي وتدْعُوا.

هذه عبادة أمّنا الطّاهرة المبرّأة فأين عبادة بناتها المقتديات بها، وأين سَمْتُ نسائِنَا من سَمْتِ نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وخشوعهُنَّ من خشوعهن.

وعن هشام قال: كانت حفصة بنت سيرين رحمها الله تعالى تسرج سراجها من اللَّيل ثم تقوم في مصلاّها فربمّا طفئ السّراج فيضيء لها البيت حتى تُصْبِحَ، هنيئا لك بهذه الكرامة يا أمة الله، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾[54] أضَأْتِ اللَّيالِي الحالكاتِ بنورِ القرءان، فأضاءَ اللهُ لكِ حَلَك اللَّيل بنوره، فاللَّهمَّ إنَّا نسألك من فضلك؛ آمين.

إذا خشع جبّار الأرض رحم جبّار السّماء:
قال الحسن بن محمد: قحط النَّاس في بعض السِّنين آخر مدّة النَّاصر، فأمر القاضي مُنْذِرُ بنُ سَعِيدٍ البَلُوطِيّ- وكان إماما ربانيا قانتا خاشعا- بالبروز إلى الاستسقاء بالناس، فصام أيّاما وتأهّب، واجتمع الخلق في مصلّى الرَّبض، وصعد النّاصر في أعلى قصره ليشاهد الجمع، فأبطأ منذر ثمّ خرج راجلا متخشّعا، وقام ليخطب، فلمّا رأى الحال بكى ونشج، وافتتح خطبته بأن قال: سلام عليكم، ثم سكت شبه الحسير، ولم يكن من عادته، فنظر النّاس بعضهم إلى بعض، لا يدرون ما عراه[55] ثمّ اندفع فقال: ﴿ سلام عليكم كتب ربّكم على نفسه الرحمة ﴾ [56] استغفروا ربّكم وتوبوا إليه، وتقرَّبوا بالأعمال الصالحة لديه، فضجّ النّاس بالبكاء، وجأروا بالدّعاء والتّضرع، وخطب فأبلغ، فلم ينفضّ القوم حتىّ نزل غيث عظيم، واستسقى مرّة فقال يهتف بالخلق ﴿ يا أيّها النّاس أنتم الفقراء إلى الله ﴾ [57] فهيّج الخلق على البكاء.

قال: وسمعت من يذكر أنّ رسولَ النّاصر جاءه للاستسقاء فقال للرّسول: ها أنا سائر، فليت شعري ما الّذي يصنعه الخليفة في يومنا هذا؟ فقال: ما رأيته قط أخشع منه في يومه هذا، إنّه منفرد بنفسه، لابس اخشن الثّياب مفترش التّراب، قد علا نَحِيبُهُ واعترافه بذنوبه يقول: ربِّ هذه ناصيتي بيدك، أتُرَاكَ تعذّب الرّعية؟ وأنت أحكم الحاكمين وأعدلهم أن يفوتك منّي شيء (أي أنك قادر أن تنتقم مني أو تجازيني فلا يعجزك شيء)، فتهلّل منذر بن سعيد وقال: يا غلام احمل الممطرة معك، إذا خشع جبّار الأرض، رحم جبّار السّماء "[58].

خشوع المخلوقات:
لقد وبّخ الله تعالى الذين لا يحترمون القرءان،ولا يتدّبرونه، ولا تتحرك قلوبهم عند تلاوته، ولا تخشع لعظيم آياته، وسلطان إعجازه فقال تعالى: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [59] قال ابن كثير : أي: فإن كان الجبل في غلظته وقساوته، لو فهم هذا القرآن فتدبّر ما فيه، لخشع وتصدّع من خوف الله، عزّ وجل، فكيف يليق بكم أيّها البشر ألاَ تلين قلوبكم وتخشع، وتتصدّع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره وتدبّرتم كتابه؟ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.

كان الحسن يقول:" يا ابن أدم إذا وسوس لك الشيطان في خطيئة، أو حدثت بها نفسك فاذكر عند ذلك ما حملك الله في كتابه مما لو حملته الجبال الرواسي لخشعت وتصدّعت. أما سمعته يقول: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ... ﴾.

وهذا الجذع يحنّ ويبكي لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان يجده من المواعظ الخاشعة، والتّذكرة النافعة، فلما فقد ذلك ضجَّ بالبكاء، والعويل والرّغاء حتّى ضمّه الهادي صلى الله عليه وسلم لصدره الشّريف فهدأ روعه [60]، هكذا تنفطر قلوب المحبين عند فقد أحبابها، ولذلك كان الحسن البصري يقول: عجبا لكم يحنّ الجذع للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا تحنون.

رفع الخشوع من الأرض:
إنّ الأمم تبقى أُمَماً حيَّة إذا عملت بما أنزل إليها من ربّها، واقتفت أثر رسلها عليهم صلوات الله وسلامه، ولكن إن تنكَّبت طريقهم، حلّ عليها سخط الله تعالى، ونزلت عليها نقمته، وليس بالضّرورة أن يكون السّخط حجارة من السّماء،أو خسفا من تحت أرجلهم، ولكن قد يشغلهم بأنفسهم،وينزع من قلوبهم خشيته وحبّه، وخشوعهم له، حتىّ يصير النّاس كالبهائم لا ترى نعمة عليها سوى نعمة الشّهوات والخوض في غمرات الملذّات، فيأخذهم بغتة وهم لا يشعرون، وقد جاء بذلك الحديث صريحا فصيحا فعن جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ:

بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ذَاتَ يَوْمٍ، فَنَظَرَ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَوَانُ الْعِلْمِ أَنْ يُرْفَعَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ: أَيُرْفَعُ الْعِلْمُ يَا رَسُولَ اللهِ، وَفِينَا كِتَابُ اللهِ، وَقَدْ عَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ ضَلاَلَةَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، وَعِنْدَهُمَا مَا عِنْدَهُمَا مِنْ كِتَابِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ.

فَلَقِيَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ بِالْمُصَلَّى، فَحَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ: صَدَقَ عَوْفٌ، ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ تَدْرِي مَا رَفْعُ الْعِلْمِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ أَدْرِي، قَالَ: ذَهَابُ أَوْعِيَتِهِ، قَالَ: وَهَلْ تَدْرِي أَيُّ الْعِلْمِ أَوَّلُ أَنْ يُرْفَعَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ أَدْرِى، قَالَ: الْخُشُوعُ، حَتَّى لاَ تَكَاد تَرَى خِاشَعًا )) [61].

وفي لفظ رواه الحاكم قال جبير: فلقيتُ عبادة بن الصّامت فقلت له: ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ و أخبرته بالذي قال: صدق أبو الدرداء إن شئت لأحدثك بأوّل علم يرفع من الناس: الخشوع ؛ يوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيه رجلا خاشعا )) [62].

قال ابن رجب رحمه الله:رُوي عن سعيد بن بشير عن الحسن،وروي نحوه عن حذيفة رضي الله عنه أنّهم قالوا: "أوّل علم يُرفع من النّاس الخشوع حتى لا ترى خاشعًا"[63].

وقال عمر بن عبد العزيز محذّرا أهل العلم: اتّقوا الله فإنّكم في زمان رَقَّ فيه الورع، وقَلَّ فيهِ الخُشُوعُ، وحمل العلم مفسدوه فَأَحَبُّوا أن يُعْرَفُوا بِحَمْلِهِ، وَكَرِهُوا أن يُعرفوا بإضاعته، فنطقوا فيه بالهوى لِما أدخلوا فيه من الخطأ، وحرَّفوا الكلمَ عما تركوا من الحقّ إلى ما عملوا به من باطل، فذنوبهم ذنوبٌ لا يُستغفر منها، وتقصيرهم تقصير لا يعترف به ! كيف يهتدي المستدلّ المُسْتَرْشِدُ إذا كان الدّليل حائرا؟!" [64].

وعن أبي إدريس الخولاني أنّه قال: يرفع من هذه الأمّة الخشوع حتى لا ترى خاشعا.

آه، ثم آه !!!، لقد أصبحت صلواتنا خالية من الخشوع إنْ في الفرائض أو النوافل، فكثير من النّاس همّهم أن يخلّصهم الإمام بركيعات سريعة لا يعرفون ما قرأ، ولا يحصون كيف سجد أو ركع، واختفى الخشوع في صيام كثير من النّاس فهمّهم النّوم، وديدنهم الكلام المذموم، وكما قيل: يأكلون الأرطال ويشربون الأسطال، وينامون اللّيل ولو طال،والصّحيح واقعا في حياة كثير من النّاس ينامون نهار رمضان ويتسكعون في ليله، فلا قيام ولا صيام، أمّا في الحجّ فلا يبالي كثير من النّاس بالخشوع لله في إحرامهم، وتلبيتهم، وسائر نسكهم، فتراهم يزدحمون على الحجر التحام القتال، لا يبالي أحدهم بالصغير والكبير، والقوي والضعيف، ويسعون ويطوفون جريا رغبة متى يتخلّص أحدهم من النّسك ليضع عن عاتقه واجبا يراه، ونسي لبّ تلك العبادات وما دراه، فهل أحسن لمن يراه، فاللهم عفوك يا من ترانا ولا نراك.

أدعية مباركة لاستسقاء غيث الخشوع على القلوب المجدبة:
منها ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم في ركوعه:(( اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي ))وفي رواية(( وما اسْتَقَلَّ بِهِ قَدَمِي))[65].

ومنها عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ،وَالْهَرَمِ،وَعَذَابِ الْقَبْرِ،اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا،وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا )) رواه مسلم [66].

قال النّووي رحمه الله تعالى: " هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره مِنْ الْأَدْعِيَة الْمَسْجُوعَة دَلِيل لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاء، أَنَّ السَّجْع الْمَذْمُوم فِي الدُّعَاء هُوَ الْمُتَكَلَّف، فَإِنَّهُ يُذْهِب الْخُشُوعَ وَالْخُضُوعَ وَالْإِخْلَاصَ، وَيُلْهِي عَنْ الضَّرَاعَة وَالِافْتِقَار وَفَرَاغ الْقَلْب، فَأَمَّا مَا حَصَلَ بِلَا تَكَلُّف ولا إِعْمَال فِكْر لِكَمَالِ الْفَصَاحَة وَنَحْو ذَلِكَ، أَوْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَا بَأْس بِهِ، بَلْ هُوَ حَسَن ".

هل الخشوع فرض في الصّلاة أم شرط في صحتها؟ فيجب علينا تحصيله، أم سنّة مستحبّة؟ فنحاول إيجاده وتأصيله.

قال ابن القيم: اختلف الفقهاء على قولين: وهما في مذهب أحمد وغيره، وعلى القولين اختلافهم في وجوب الإعادة على من غلب عليه الوسواس في صلاته، فأوجبها ابن حامد من أصحاب أحمد وأبو حامد الغزالي في إحيائه ولم يوجبها أكثر الفقهاء ؛ واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من سها في صلاته بسجدتي السهو، ولم يأمره بالإعادة مع قوله: (( إنّ الشّيطان يأتي أحدَكم في صلاته فيقول اذكر كذا،اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى )) [67]، ولكن لا نزاع أنّ هذه الصّلاة لا يثاب على شيء منها إلاّ بقدر حضور قلبه وخضوعه كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولفظه: (( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ، تُسْعُهَا، ثُمْنُهَا، سُبْعُهَا، سُدْسُهَا، خُمْسُهَا، رُبْعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا))[68]، وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما :"ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها ".

فليست صحيحة باعتبار ترتب كمال مقصودها عليها وإن سميّت صحيحه باعتبار أنّا لا نأمره بالإعادة، ولا ينبغي أن يعلّق لفظ الصّحة عليها فيقال: صلاة صحيحة مع أنّه لا يثاب عليها فاعلها، والقصد أنّ هذه الأعمال واجبها ومستحبّها هي عبودية القلب، فمن عطّلها فقد عطّل عبودية الملك، وإن قام بعبودية رعيته من الجوارح، والمقصود أن يكون ملك الأعضاء وهو القلب قائما بعبوديته لله سبحانه هو ورعيته "[69].

وذهب شيخه ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أنّه واجب، وقال: قال الله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾[70]. وهذا يقتضي ذمّ غير الخاشعين... والذّم لا يكون إلاّ لترك واجب، أو فعل محرّم " واستدلّ أيضا بأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم توعّد تاركيه، كالذي يرفع بصره إلى السّماء، فإنّه حركته ورفعه، وهو ضدّ حال الخاشع... " [71].

والخلاصة:" أنّ جماهير أهل العلم على أنّ الخشوع في الصّلاة مندوب إليه، بل ادّعى النّووي الإجماع على عدم وجوب الخشوع في الصّلاة، مع أنه قد قال بوجوبه جمع من أهل العلم فالغزالي في الإحياء أطال في تقرير الوجوب، وابن رجب يرى وجوب الخشوع في الصّلاة، لكنّ الجمهور على عدم وجوبه، بمعنى أنّ الصلاة تصحّ إذا أدّيت مكتملة الشّروط والأركان والواجبات ولو لم يعقل منها شيء لكن يفوته الثّواب المرتب عليها[72].

هل يستوي الخاشعون مع غيرهم؟ وما هي مراتب المصلّين عند الله تعالى؟، لا يستوي عبدان قائمان بين يدي الله تعالى، أحدهما روحه تحوم حول العرش، يتلو كتاب الله ويتدبّره، أناخ راحلةَ قَلْبِهِ أمامَ بابِ الملكِ يرجُو رحمته ويخاف عذابه، وآخر هائم في أودية الدنيا لا تجدُ نفسُهُ واديا قد اخضَّرَ من زينة الدّنيا إلاّ وقفت به ترعى، ولذلك نجد النّاس مراتب وأصناف في صلاتهم كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " والنّاس في الصّلاة على مراتب خمسة:

إحداها: مرتبة الظالم لنفسه المفرّط وهو الذي انتقص من وضوئها، ومواقيتها، وحدودها، وأركانها.

الثاني: من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظّاهرة ووضوئها، لكن قد ضيَّع مجاهدة نفسه بالوسوسة فذهب مع الوساوس والأفكار.

الثّالث: من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار فهو مشغول في مجاهدة عدوّه لئلا يسرق من صلاته فهو في صلاة وجهاد.

الرّابع: من إذا قام إلى الصّلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها واستغرق قلبه مراعاة حدودها لئلا يضيع منها شيء بل همّه كلّه مصروف إلى إقامتها كما ينبغي.

الخامس: من إذا قام إلى الصّلاة قام إليها كذلك،ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه سبحانه وتعالى ناظرًا بقلبه إليه مراقبًا له ممتلئًا من محبته وتعظيمه كأنه يراه ويشاهده فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض.

فالقسم الأوّل: معاقب، والثّاني: محاسب، والثّالث: مُكَّفر عنه. والرّابع: مثاب. والخامس: مقرَّب من ربّه لأنّ له نصيبًا ممن جعلت قرّة عينه في الصلاة فاستراح بها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أرحنا يا بلال بالصّلاة)) رواه أبوداود (4987)[73].

ويقول: ((وجُعِلَت قُرَّةُ عَينِي في الصَّلاة ))[74]، ومن قرَّت عينه بالله قرَّت به كلّ عين، ومن لم تقرّ عينُهُ بالله تقطَّعت نفسه على الدّنيا حسرات. وإنّما يَقْوَى العبدُ على حضوره في الصّلاة واشتغاله فيها بربّه إذا قهر شهوتَه وهواه، وإلاّ فقلب قد قهرته الشّهوة، وأسره الهوى، ووجد الشيطان فيه مقعدًا تمكّن فيه، كيف يخلص من الوساوس والأفكار انتهى.

الطّرق الموصلة لعبادة الخشوع بوجه عام:
1- تلَقِّي أوامرَ الله تعالى بالقبولِ والامتثالِ، وعدم معارضتها بشهوة أو رأي.

2- الحرص على الإخلاص، وإخفاء الأعمال عن الخلق قدر المستطاع، ومطالعة عيوب النفس ونقائص الأعمال ومفسداتها من الكبر والعجب والرياء وضعف الصدق، والتقصير في إكمال العمل وإتمامه.

3- الإشفاق من ردّ الأعمال وعدم قبولها.

4- مشاهدة فضل الله وإحسانه، والحياء منه؛ لاطّلاعه على تفاصيل ما في القلوب ، وتذكّر الموقف والمقام بين يديه، والخوف منه، وإظهار الضّعف والافتقار إليه والتّعلق به دون غيره.

5- طلب هدايته وتوفيقه وتسديده.

6- ومن أعظم الطرق: معرفة الله جلّ جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا.. والعلم النافع، وهو: العلم بآيات الله الكونية والشرعيّة، الذي يربط القلب بالله.

وكذلك الإكثار من ذكر الموت، والجنّة والنّار، والإكثار من ذكر الله تضرّعاً وخِيفة، ودعائه تضرعاً وخُفية، فإنّ ذلك أعظم إيماناً وأبلغ في الأدب، والتّعظيم، والتّضرع، والخشوع، والإخلاص، وجمعية القلب على الله تعالى"[75].

ويمكن تحصيل ذلك كلّه بالإقبال على كتاب الله الكريم، مع تعاهد التّلاوة، وإدامة النّظر، وطول التّأمل وكثرة التدبّر، الّذي يورث الصّلة بالله تعالى، والمسارعة في الطّاعات، واستباق الخيرات، وهو الأمر الذي لأجله أنزل الله القرآن الكريم.

خطوات مهمّة في كيفية معالجة الخشوع في الصّلاة:
يقول الشيخ عطية بن محمد سالم رحمه الله تعالى: الخشوع لبّ الصلاة وروحها، فلا يعرف عظمة الصلاة من لم يذق الخشوع فيها، وعلى قدر الخشوع يكون الأجر، ولمّا كان الخشوع بهذه المنزلة فإنّ الشّارع الحكيم قد أحاط الصّلاة بسياج منيع من الأحكام التي غايتها وفائدتها الحفاظ على المصلّي من كلّ ما يشغله عن الصلاة حتى لا يضيع عليه الخشوع"[76]؛ ولمعالجة هذا الأمر نقترح هذه الخطوات لعلّها تعين المصلّي في التّوصل لصلاة خاشعة.

1- مراقبة الله تعالى في جميع الأحوال.

2- أكل الحلال الطيّب،واجتناب الحرام، فالحلال بناء والحرام هدم.

3- الاستعداد النّفسي للعبادة.

4- إحضار النية والإخلاص عند الوضوء والاغتسال.

5- أخذ الزّينة قبل الصّلاة، واجتناب الألبسة التي تشغلك أو غيرك في الصلاة، وقد بوَّب كثير من الأئمة في كتبهم عن وجوب إزالة ما يلهي المصلي عن الخشوع[77].

6- قطع الشّواغل قدر المستطاع، كالاحتقان بأحد الأخبثين، أو الصّلاة وقت الهجير وشدّة الحرّ أو البرد، أو الأشياء التي يراها أو يسمعها، وترك الاختصار (أي وضع اليد على الخاصرة )، أو فرقعة الأصابع ونحو ذلك.

7- استحضار الوقوف بين يدي الله تعالى وأنّه إذا أقبل على صلاته أقبل الله عليه.

8- وضع السّترة بين يديّ المصلّي.

9- تمعن العبد في تكبيرة الإحرام، وتذوّق معناها لأنّ الله أكبر من كلّ كبير.

10- قراءة دعاء الاستفتاح وتنويعه، وقراءة الاستعاذة في بداية الصّلاة.

11- تدبّر القراءة وتفهم التّلاوة، مع حسن التّرتيل، وإعطاء الحروف حقّها ومستحقّها، مع حسن الوقوف والابتداء، وتنويع السّور والآيات، فإنّ من اعتاد قراءة سورة واحدة أو سورتين لا يبالي بمعناهما.

12- سكون الجوارح، ووضع اليدين إحداهما على الأخرى، والنّظر إلى موضع السجود.

13- عدم الالتفات في الصلاة لغير ضرورة مُلِحّة.

14- تنويع أذكار الركوع والسجود الواردة،فإنّ القلب عادة يلتفت إلى الجديد.

15- تذكر الموت في الصلاة: لقوله صلى الله عليه وسلم (( اذكر الموت في صلاتك، فإنّ الرّجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريّ أن يحسن صلاته، وصلّ صلاة رجل لا يظنّ أنّه يصلّي غيرها )) [78].

وفي هذا المعنى أيضا: وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أيّوب رضي الله عنه لما قال له:(( إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ )) رواه أحمد ، وهو في صحيح الجامع رقم 742. يعني: صلاة من يظنّ أنّه لن يصلي غيرها، وإذا كان المصلي سيموت ولابدّ، فإن هناك صلاة مّا هي آخر صلاة له، فليخشع في الصّلاة التي هو فيها، فإنه لا يدري: لعلها تكون هذه هي.

وختاما أخي الحبيب لسنا أفضل منك ولو سقنا زينةَ الحديث، ولكن نرجو أن نتلمس الطريق، ونستجدي الرَّفيق، ليدعوَ لنا أن نكون من الخاشعين المخبتين.

علامات الخشوع:
" وهي أمارات يتعرّف بها الإنسان على حال قلبه،وقد تكلم كثير من العلماء عن حقيقة الخشوع وعلاماته منهم ابن أبي الورد حيث قال: يحتاج المصلّي إلى أربع خلال حتى يكون خاشعا: إعظام المقام، وإخلاص المقال، واليقين التَّمام، وجمع الهمّ"[79] ؛ ومنها:

حبّ الصلاة والاشتياق إليها، والمسارعة إليها، وكونها سهلة خفيفة تشرح الصدر ويطمئن لها القلب.

حضور القلب عند تلاوة القرآن، والذكر والدعاء، وسماع المواعظ والخطب، وتدبر كل ذلك بيسر وسهولة.

دوام الشكر عند حصول النعم واندفاع النقم، وبقاء القلب على وجل من كون ذلك استدراجاً.

دوام الصبر عند وقوع البلاء وتلقيه بالرضى والاستسلام والطمأنينة.

كثرة التّدبّر والتّأمل والتّفكر في مخلوقات الله، وفي حال النّفس، وأحوال العصاة، والشفقة عليهم، وسؤال الله العافية.

وممّا ذكر الله من صفات الخاشعين: الخوف من الله بمجرد ذكر اسمه،والبكاء من خشيته، وعند سماع كلامه، والصبر، وإقامة الصلاة، والإنفاق، وتعظيم شعائر الله، واليقين بملاقاة الله تعالى، والمسارعة في الخيرات، ودعاء الله رغَباً ورهَباً.

آثار الخشوع:
"يُضْفِي الخشوعُ على الأفراد والأمم آثاراً كثيرة، منها:
1- أنه يبعث الحياة في العمل، فيؤتي ثمرته المرجوة وغايته المقصودة.

2- أنه يجعل العبادة محببة للنفس، خفيفة غير ثقيلة.

3- المسارعة إلى الإذعان للحق والدعوة إليه، وبذل غاية الوسع في التعليم

والدعوة والتربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

4- توحيد المشاعر والاتجاهات والمقاصد نحو الله تعالى لا شريك له،فيتوجه

العمل والنشاط والعبادة نحو غاية واحدة، فيحصل من ذلك:
إحياء الأمّة وقوّتها وانتصارها، بصلاة الخاشعين ودعائهم وإخلاصهم، ولا يصلح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلُح به أولّها "[80].

الخـاتمة


دَوّى الأَذَانُ ! فَيَا منَابِرُ أَوِّبي *** شَوقاً إلى خُضْرِ الجِنَانِ وَرَدّدي
خَشَعَتْ لَهُ الدّنيا ! فَيا لَجَلالِهِ *** وجَمَاله وجَلالِ ذاكَ المشْهَدِ
كلُّ المرابعِ أَخْبتَتْ لِلّه خا *** شِعَةً فمِنْ وَادٍ يَرفُّ وأَنْجُدِ


لاشكّ أنّ الكلام في موضوع الرّقائق، جميل ورائق، ولكنّ المشكلة في تطبيق ذلك على أرض القلوب المتعطّشة، ونحسب أنّ الحلّ الأمثل نستطيع أن نُوجِدَه إذا أصلحنا نياتِنا، واستعنّا بربّ القلوب فندعوه ليُصلحَهَا، ويذيقنا حلاوةَ الخشوعِ، وصدق الإخبات، والتوجّه إليه، ومن طرق الأبواب دخل، ومن سأل الله بصدق وصل، فاللهمّ إنا نسألك قلوبا خاشعة لجلالك،وأعينا دامعة من خشيتك، وألسنة تلهج طول حياتها بذكرك يا وليّ الصّالحين، اللهم إنا نعوذ بك من قلوب لا تخشع،وعيون لا تدمع،ونفوس لا تشبع،وعلوم لا تنفع، اللهم إنا نعوذ بك من أعمال البطالين،ومن إعراض الغافلين، يا من له خشعت قلوب الخائفين، وفرغت آمال المقصرين، وذلت قلوب العارفين، هب لنا إساءتنا بفضلك، وجللنا بسترك واعف عنا بكرم وجهك إذا وقفنا بين يديك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




[1] سورة المؤمنون.

[2] كما في قوت القلوب في معاملة المحبوب لمحمد بن علي بن عطية الحارثي المشهور بأبي طالب المكي(2/170) دار النشر : دار الكتب
العلمية – بيروت / لبنان 1426 هـ -2005 م،


[3] كما سيأتي في حديث حذيفة رضي الله عنه.


[4] الإخبات مصدر خبت، والمُخْبت : المتواضع الذي لا تكبُّر عنده. وأصل المخبت مَن سلك الخَبْت. وهو المكان المنخفض ضد المُصعد، ثم استعير للمتواضع كأنه سلك نفسه في الانخفاض.التحرير والتنوير (9/349).

[5] -. المدارج (1/520 ).


[6] روي هذا من قول سفيان الثوري، وحكي إجماعا عن العلماء كما قال الشيخ البسام صاحب تيسير العلام لقوله تعالى : " وأقم الصلاة لذكري
" وقوله " ولا تكن من الغافلين" ولما رواه أبو داود والنسائي وابن حبان مرفرعا : " إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له، عشرها ولا
سدسها ".


[7] تفسير ابن كثير ط. دار الشعب ( 6/414).


[8] في آخر سورة آل عمران ( 199 ).


[9] في سورة القمر ( 7 ).


[10] في سورة طه ( 108). انظر تفسير التحرير والتنوير (13/226).


[11] الفتح (2/225).


[12] تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي.


[13] أخرجه مسلم ( 1848)، ولفظ ( ومااستقلت به قدمي ) أخرجه أحمد ( 2/268)(960)، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين، و البيهقي (2143 ).

[14] ديوان الشيخ العلامة يوسف القرضاوي 32

[15] مدارج السالكين (1/521).

[16] الكنى (الدولابي( باب الذال ) (1/30)، والبخاري في الكنى( 262).

[17] الآيتان من سورة الحديد، ويأن من أنى الأمر يأنى إذا جاء إناه أي وقته.

[18] الظلال (6/ ).

[19] من الآية (17 ) من سورة الحديد.

[20] الآيات من سورة الفجر.


[22] صحيح مسلم برقم (3027).
[21] انظر : الروح لابن القيم (ص 520، 521 ) ومقال في الخشوع منزلته، موجباته، آثاره بقلم : عبد الحكيم بن محمد بلال مجلة البيان
عدد(112).

[23] شرح الأربعين النووية للشيخ عطية بن محمد سالم (المتوفى : 1420هـ).

[24] الخشوع في الصلاة لابن رجب (18).وانظر تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل عند تفسير الآية.

[25] الآية(16) من سورة [ الحديد 16 ].


[26] سير أعلام النبلاء (8/423).

[27] الآية (23 ) من سورة الزمر.


[28] الوعظ المطلوب من قوت القلوب لجمال الدين القاسمي (204).بتصرف يسير

[29] من الآية ( 90) من سورة الأنبياء.

[30] تفسير ابن كثير ( 3/236 ) ط/ :تحقيق محمود حسن/ دار الفكر/ الطبعة الجديدة 1414هـ/1994م ,.

[31] بهجة المجالس وأنس المجالس المؤلف : ابن عبد البر


[32] من الآية (199) آل عمران.

[33] من الاية (35) من سور الاحزاب.

[34] الآيات من سورة الإسراء.

[35] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للألوسي.

[36] الآيتان من سورة المؤمنون.

[37] رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما،ورواه ابن المبارك في كتاب الزهد عن ابن المسيب (1188).،

[38] الآيتان من سورة الحج.

[39] أخرجه مسلم ( 2/185(1762)،وفي 2/186(1763)، والرواية الأخيرة أخرجها أحمد (1/119) (960) و"الدارِمِي" 1238 و1314.

[40] من الآية ( 29 ) من سورة الفتح.

[41] الزهد لابن المبارك (179).

[42] الخشوع في الصلاة لابن رجب (20).

[43] الخشوع في الصلاة للحازمي (8).

[44] سنن أبي داود، ح/904، وانظر صحيح سنن أبي داود، ح/799.وفي بعض الألفاظ : كأزيز المرجل، والمرجل القدر، والأزيز : صوت الغليان.

[45] أخرجه ابن حبان، ح/620، وصحح محققه إسناده.

[46] صحيح مسلم، ح/418.

[47] حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني.

[48] انظر تاريخ مدينة دمشق لأ أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي ؛ وفي بعض المراجع ( الساجي ).

[49] صفة الصفوة 4/279.

[50] أي اللباس البسيط الذي لايظهر عليه علامة الترف والاسراف.

[51] سير أعلام النبلاء للذهبي (9/315).

[52] المرجع السابق(7/120).

[53] المرجع السابق( 22/ 187).

[54] من الآية (40) من سورة النور .

[55] ما أصابه ومنه قوله تعالى ﴿ إِنْ نقولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بعض ألِهَتِنا بسُوءٍ ﴾ من سورة هود (54).

[56] الآية (الأنعام 54 ).

[57] الآيتان ( فاطر 15 16 (

[58] سير أعلام النبلاء (16/173).

[59] الآية (21) من سورة الحشر.

[60] رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب صحيح،(505) وابن ماجة (1414)، وعند الدارمي: (وقال : اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه فتكون كما كنت، وإن شئت أن أغرسك في الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل أولياء الله من ثمرتك ونخلك فعلت فزعم أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له نعم قد فعلت مرتين فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : أختار أن أغرسه في الجنة” قال حسين سليم أسد : إسناده فيه ضعيفان : محمد بن حميد وصالح بن حيان.

[61] رواه ابن حبان (6720)،وأحمد 6/26(24490) و"البُخَارِي" في "خلق أفعال العباد"(42)، و"النَّسائي" في "الكبرى(5879) قال أبو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، عَقِب حديث أَبي الدَّرْدَاء (2653) : هذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.


[62] المستدرك للحاكم (1/ 179).ورواه الدارمي (288) قال حسين سليم أسد : إسناده ضعيف عبد الله بن صالح سيئ الحفظ وفيه غفلة وباقي
رجاله ثقات.



[63] الخشوع في الصلاة لابن رجب (16).

[64] الإمام الدارمي في ( سننه ) ( 675 ) طبعة حسين سليم أسد.



[65] أخرجه مسلم"( 2/185(1762) ، والرواية الأخيرة أخرجها (أخرجه أحمد 1/93(717).



[66] أخرجه مسلم ( 1848)، ولفظ ( وما استقلت به قدمي ) أخرجه أحمد ( 2/268)(960)، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين، و البيهقي (2143 ).



[67] أخرجه مالك (الموطأ) 66 عن أبي الزناد. و(أحمد) 2/460(9933) و(البُخاري) 608و(مسلم) 788. ( إن يدري ) أي لا يدري.

[68] « سنن أبي داود -675 (2/450) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود -796 (2/296).


[69] التفسير القيم لابن القيم جمع وترتيب / محمد أويس الندوى (1/96).



[70] -من الآية ( 45) من سورة البقرة.



[71] مجموع الفتاوى 22/553-558.


[72] (فتح الباري(2/226)،وانظر مهمات شرح باب الحث على الخشوع في الصلاة من بلوغ المرام للشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير.



[73] الوابل الصيب لابن القيم (38).



[74] رواه النسائي -3878 (12/288) وأحمد -11845 (24/391) وصححه الألباني في سنن النسائي برقم (3940).،والحاكم في المستدرك وقال (هذا
حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه )قال الذهبي قي التلخيص : على شرط مسلم.



[75] الخشوع منزلته، موجباته، آثاره بقلم : عبد الحكيم بن محمد بلال مجلة البيان العدد( 112 ).


[76] شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم رحمه الله تعالى.



[77] انظر فتح الباري (1/482) والشرح الكبير (1/309) و سبل السلام للصنعاني ( 2/28) وشرح النووي على مسلم (5/44).



[78] السلسلة الصحيحة للألباني 1421، ونقل عن السيوطي تحسين الحافظ ابن حجر رحمه الله لهذا الحديث.



[79] الكشف والبيان لأبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري دار النشر: دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان 1422هـ 2002م ( تفسير سورة المؤمنون).

[80] المرجع السابق.




المصدر : شبكة الألوكة
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2013, 07:31 AM
  #2
فجر الاعياد
كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 1,809
فجر الاعياد غير متصل  
رد : كيف تكون عبدا خاشعا لله في حياتك وصلاتك

بارك الله فيك ,,,

وجعله في موازيين حسناتك ,,,
__________________
مُساعدتك للآخرين وإن نسوا ؛ خيرٌ لا ينساهُ .. الله ♥ !
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:09 PM.


images