قد يعتقد بعضهم أن الحياة الاجتماعية للأطباء مستقرة غاية الاستقرار مقارنة بحياة بعض العاملين في مهن أخرى تتميز بأنها أكثر كدحاً ومشقة، غير أن الواقع للأسف الشديد قد يكون بخلاف ذلك جملة وتفصيلا.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن زوجة الطبيب غالباً ما تعاني الأمرين من كثرة غياب زوجها عن البيت وأنه يكرس جل وقته لمهنته ومرضاه. كما أن تلك الزوجة المسكينة مطلوب منها دائماً أن تتحلى بسعة الأفق والصبر الجميل لسنوات طويلة خلال رحلتها الشاقة مع زوجها في حله وترحاله!

وإليكم قصة حقيقية رواها لي زميل مهنة مقرب يقول :

كنت طالباً في كلية الطب لا أجد وقتاً إلا لمتابعة الدروس والأبحاث وفجأة وجدت نفسي متزوجاً في سنة مبكرة من دراستي الجامعية، ورغم ما كان لهذا القرار الجريء من محاسن كثيرة ولله الحمد، إلا أنه يتخلله بعض المتاعب، من قبيل أن زوجتي كباقي النساء تريد وقتاً ومالاً وكلاهما محدود ذلك الوقت ، ولك أن تفكر في زوجة لا ترى زوجها الطالب داخلاً إلا ويداه محملتان إما بكتب أو سماعة أو بالطو، ومن كثرة ما ترى في ذلك بدأت تتخيل وكأن السماعة حبل مشنقة! والبالطو الأبيض كفن! والكتب طوب يغطي قبري!

أما أيام الاختبارات فلا تسأل عن حالي فهي استنفار وشد مئزر . كانت تنتظر ساعة تخرجي بفارغ الصبر حيث علقت آمالاً كثيرة ولسان حالها يقول مرحباً بسعة الوقت والرزق.

وبعد التخرج بأشهر تم ابتعاثي خارج البلاد لاستكمال دراستي العليا وكنت حديث التخرج فكان لابد من اقتراض مال لشراء سيارة واستئجار منزل وغيرها ( وكان هذا هو مفتاح الديون المتراكمة) وكانت المعاناة هناك أشد غربة- وحدة – غلاء – ديون – ضغط عملي ونفسي.

وبعد عدة أشهر قررت العودة إلا أن زوجتي (التي معاناتها أكبر) تصبرني وتشجعني على إكمال المشوار (يا لها من زوجة وفية) ومضت سنين وكأنها قرون، وحصلت على أعلى الشهادات ولله الحمد.

وبعد عودتي بأسابيع قالت لي زوجتي والشيب بدأ محياه في رأسي هل تسمح لي بشهر عسل مؤجل.
وتبسمتُ وقلت لها بل سنين عسل إن شاء الله إلا أن الأمر لم يكن كذلك.

فقد فوجئت أن معاشي الشهري لم يزد إلا بضع مئات فقط وأحسست بعدم ترحيب بل ومضايقة من قبل العمل وازدادت المسؤوليات العملية والبحثية وفشلت في تحقيق أسبوع عسل وفي يوم من الأيام همست لي زوجتي أم ....
يا فلان
لقد انتصف بي العمر أو زاد ومن حقي أن استمتع بالنصف الآخر أرجوك طلقني واستمتع بكتبك ومرضاك.
وأرجو أن يجمعني بك الله في الجنة يوم لقاه .




تحياتي