سألتها : كيف الحال ؟؟؟
نظرت إلي نظرة فيها من المعاني الكثير ,, وتنهدت بما جعلني أظن أن نارا خرجت من فم تنين أسطوري!!
عندها أجابت : تسألين عن الحال عموما ,, ولم تخصيني تحديدا ,, ولا ألومك على أي حال .
قلت لها : لم أفهم قصدك !!!
قالت : لم تقولى كيف الحال يا خاله .. وتملكك الخجل والأدب على أن تقولي يا فلانه ,, ولست أما حتى تقولي لي كيف الحال يا أم فلان ,, الأمر محير أليس كذلك ؟
قلت لها : إذا ما المطلوب ؟؟ ماذا تفضلين وكيف لي أن أرضيك؟؟
أعادت تلك التنهيدة وقالت : أرى فيك شيئ من القبول .. هل أجد في نفسك مكان لبث همي والبوح لك بحجم النار المتأججة في صدري ؟؟
قلت : تفضلي لن أخذلك بعون الله .
قالت أعلم أن الله تعالى لو قسم لي وتزوجت باكرا,, لكان لي إبنا أو بنتا في حدود عمرك مع ذلك شعرت بقربك مني وقررت أن أسمِعك أناتي , وأبث لك الهم الذي أطبق على أنفاسي سنين مضت ,, هي إرادة الله تعالى ,,أن أكون أسيرة ظلم أشقائي الذين حالوا دون زواجي ,, واستعبدوني حتى نسوا بل تناسوا أني بشر من ذرية آدم وحواء قبل أن أكون أنثى لها من الرغبات والمشاعر الكثير الكثير كرمني الله تعالى وأقر لي حقوقا تجاهلوها وضربوا بها عرض الحائط .
وصفوني بالمندفعه ذات التصرفات السخيفة الهوجاء وبأن تفكيري محدود ,,كنت صغيرة السن حينها قالوا بأنني لست أحمل الكفاءة القصوى للزواج ,, وصموني بصغيرة العقل وبأن زواجي سيجلب لهم المتاعب يوما ,, كيف لا وهم يتبوأن مواقع مرموقه في المجتمع مكانة وسمعة ,, لذلك أجمعوا على أن المتاعب التي ستأتي من قِبلي لا بد أن تمسهم يوما لذا هم في غنىً عن ذلك ,, حينها صدر حكمهم المجحف وأقره الجميع بما فيهم والداي الذين باركا القرار الجائر , وذلك من خلال وضع العقبات لكل طارق لبابنا طالبا الإقتران بي .
عشت سبية خاضعة خانعة لحكمهم,, وبدأ تنفيذ الحكم ,,
وبدأت معاناتي برحلة من الآهات والألام ولكنها رحلة لم تتجاوز قلبي الجريح ونار نفسي المستعره ولم تترجم حتى على محياي فباتت كدابة الأرض تأكل المنسأه .
هم بدورهم يسعدون مع عائلاتهم ويهنأون مع زوجاتهم ,, لم أتجاوز في نواظرهم قطعة أثاث في المنزل جامدة ساكنه مجردة من المشاعر الإنسانيه بعد أن حكموا عليها بالسجن في زنزانة مؤبده بل وبالإعدام كبتا وخنقا وحرقا .
بداية كنت أجاريهم وأدعي السعاده ,, وأريهم علامات الرضى والتفان في خدمتهم طواعية ,, حيث أن من العار المطالبة بحقي في الزواج ,, ولو كان مجرد التفكير في ذلك قد لامس خاطري للحظه ,, لأُُعلِنت علي حرب شعواء لا هدنة فيها ولا نهاية مكللة بنظرات الإستهجان والإستحقار والإنتقاص وكأني قد أقدمت على ما يشين .
لذلك مضت سنين عمري على هذه الوتيره لست أكثر من خادمة تعين هذا ,, وتساعد تلك ,, وتُعنى بذلك,, وتعتني بهذا ويُلقى على عاتقها ما يُستعصى القيام به ,
أما المقابل فهو تعبير أشقائي عن شفقتهم , بالعطايا والهدايا والمال ,, وكأن ذلك سيعوضني رغبتي الجامحه في أن أكون زوجة لها زوج محب أنيس يؤنس وحدتها وأما لأبناء سيبروها,, أو سيُنسيني مشاعري المتأججة نيرانا أو سيُهدأ من إستعارها ,, وأنا ألازم حجرتي وحيده ,, فكلهم في حجراتم ثنائيات,, إلا أنا,, أموت يوميا ألاف المرات عندما أستذكر دُعابات شقيقي مع زوجته ,, وحُمرة خدود شقيقتي عندما تتهامس مع خطيبها على الهاتف ,, ولهفة شقيقي الآخر ونظراته المحمله بالإعجاب لعروسه ليلة زفافه ,, أو صوت قرع باب البيت وأصوات الضيوف القادمون للسؤال عن بنات أشقائي الصغيرات يطلبوهم للزواج ,, وأقوم بدوري لاستقبالهم,, وأرحب بهم فيظنون بأنني والدة البنات ,,
والأمثلة اليومية كثيره عديدة لا حصر لها ,, ما يزيد حنقي على أشقائي بما يحملوه لي من هدايا ومال لقاء إشغال وقتي ,, لا أجدها إلا سيوفا مسلولة وخناجر حادة تمزقني إربا إربا .
الآن وبعد أن اشتعل الرأس شيبا ومضى بي قطار العمرإلى آخر محطة توقف ,, بت أريد الإنتقام فلكل فعل ردة فعل ففكرت بأن أنغص عيشهم بفضولي وتدخلي ,, وأرتدي حلل السخف والإندفاع التي وصفوني بها فأتسلى بمشاعرهم ,,أهزأ من هذا,, وأستخف بذلك وأحِرجُ تلك ,, وأسخر من ذاك ,,, أعترف بأن من غير اللائق ما أفعل فأنا لست كذلك,, ولكنها ردة الفعل اللاإراديه,, وذلك الفراغ العاطفي والوجداني الذي أبوا إلا أن يجعلوه خاويا على عروشه .
عندها قالت : تتسابق في عينيك التساؤلات أليس كذلك ؟
قلت : بصراحة نعم .
قالت : لعلك تتسائلين ماذا عساي أن أفعل من أجلك وقد مضى قطار العمر ؟؟
قلت : ليس بتلك الصوره ولكن فكرت للحظه بما قد يمكنني من المساعده ؟؟
قالت : أعلم علم اليقين بألا فائده مرجوه ,, ولكن الأمل قد ُبعِث لدي من جديد ولاح في أفقي ,, عندما تزوجت جارة لنا تكبرني بعشر سنوات وهي أقل حظا مني بكثير مكانة وجمالا وحسبا ,, تزوجت من مسن ,, نعم من مسن,, وقد يكون طاعنا في السن مع ذلك تزوجت وتحولت نارها إلى برد وسلام ,, لذلك حلمت وتأملت أن أذق طعم السعادة ولو لأيام معدوده,, وتقتٌ لأجد من يوصل آهاتي لإخوتي لعل وعسى ,, وقدر الله تعالى وجودك هذه الأيام فلعلك تكونين إنت ..
فبالله عليك هل أنا من الدمامة بحيث يستحيل على العطار أن يصلح ما أفسد الدهر ؟؟هل لاحظت بأنني لازلت أحتفظ برشاقتي على أقل تقدير؟؟ أرجوك لا تجامليني ,
أجبتها : أشكرك على شرف تلك الثقه وأؤكد لك بأن لديك من الصفات ما يؤهلك للزواج فعلا لم تفقدي الكثير ,, ولكن أنى لي أن أغير من مفاهيم وموروثات خاطئه أتخذت من عقول أشقائك ووالديك أعشاشا لها من سنين مضت !!!!؟؟؟
قالت : أدرك بأنها محاولة يائسه ,, ولكن أملي بالله كبير ولي نظرة صائبة في البشر لذلك وضعت ثقتي بك علك توصلي لهم بأنني على أعتاب خريف العمر ماذا بقي لي عندما أشيخ ,, هل سيبروني ؟؟هل سأجد من سيعتني بكبر سني ؟؟ هل سأنتظر منهم أو من زوجاتهم من سيعنى بتمريضي والإهتام بي ؟؟ لا أظن ذلك ,, هي محاولة يائسه أو صرخة استرحام أخيرة من قلب أدمته الجروح ليس إلا,, وهي رسالة أقرها لهم بأنني لن أسامحهم ما حييت وسأقتص منهم يوم الحساب .
هناك انتهى الحوار الذي دار بيننا ,, ومن حيث انتهينا بدأت أ فكر مليا بعد أن أسقط في يدي مع ضيق وقتي في تلك الآونه ودنو موعد مغادرتي ,,فلم أجد سبيلا غير قرع أبواب أشقاءها لاحادث زوجاتهم بشيء من التلميح فيم يتعلق بأمر تلك الفتاة الكبيرة الصغيره على أقل تقدير مع شعوري بشيء من الحرج فعلاقتي بتلك العائله لا تتجازو المجاملات ,,
فكانت أولى ردود أفعال زوجات الأشقاء عندما تحدثنا عن تلك الظاهرة بشكل عام ومررنا بحالة تلك البائسة بشكل خاص بأن قالوا : هل لديك عريس يقبل بها ؟؟
لم يطرق الباب أحد منذ زمن وليكن الجميع على ثقه بأننا سنكون أول المباركات لزواجها وسندفع أزواجنا لتقبل الأمر طواعية أو كرها ,, بعد أن ضقنا ذرعا بأفعالها مع يقيننا بأنها ليست بذلك السوء ,, ولكنها تتسلى فقط ولو كانت قد تزوجت لكانت أحسن حالا وأرجح عقلا .
عندها غادرت وكللي يقين بأن تلك الحاله هي نموذج مصغر لكثير من الفتيات في مجتمعنا ممن وقعن تحت سطوة ظلم الأهل وتحت نير إحتلال الأشقاء ممن حُرِمت قلوبهم من الرحمة,, وتملكتهم الأنانية والإستئثار بالرأي ,, ولا زال البحث جاريا للحصول على وسيلة لتحرير تلك البائسه اليائسه ممن تسبب في سجن إنسانيتها أملا في لملمة شظايا وحطام قلبها الكسير .
فيا من تقرأ كلماتي إن كانت لك شقيقة بمثل ذلك النموذج الذي ملء فراغه بسفائف الأمور فلتحذر من أن تملء شقيقتك فراغها بكبائر الأمور ممن ستحملك أوزارها فإن كان في قلبك شيء من الرحمه فاغتنمها وارحم من في الأرض يرحمك من في السماء .
20-09-2005, 06:09 PM
بوركتم مراقبنا الفاضل وجه الخير
ضوابط المشاركة
العرض العادي
