الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين - الصفحة 16 - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
قديم 28-01-2018, 10:09 AM
  #151
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، ما هي أركان الصلاة؟
الجواب: صفة الصلاة التي ذكرناها آنفاً تشتمل على أركان الصلاة وواجباتها وسننها، وأهل العلم رحمهم الله ذكروا أن ما يقع في هذه الصلاة، أو أن ما يكون من هذه الصفة ينقسم إلى أركان وواجبات وسنن، على اتفاق فيما بينهم في بعض الأركان والواجبات، وخلاف فيما بينهم في بعضها، فنذكر مثلاً من الأركان:
الأول: القيام مع القدرة: وهذا ركن في الفرض خاصة، لقوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة: 238) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين: " صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" (رواه البخاري) .
الثاني من الأركان: تكبيرة الإحرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر" (رواه البخاري ومسلم) . ولابد أن يقول: الله أكبر، فلا يجزئ أن يقول: الله أجل، أو الله أعظم، وما أشبه ذلك. وينبغي أن يعلم أنه لا يصح أن يقول: الله أكبر بمد الهمزة، لأنها تنقلب حينئذ استفهاماً، ولا أن يقول: الله أكبار بمد الباء، لأنها حينئذ تكون جمعاً للكبر، والكَبَر هو الطبل، فأكبار كأسباب جمع سبب، وأكبار جمع كبر، هكذا قال أهل العلم فلا يجوز أن يمد الإنسان الباء، لأنها تنقلب بلفظها إلى جمع كبر، وأما ما يقوله بعض الناس: الله وكبر فيجعل الهمزة واواً، فهذا له مساغ في اللغة العربية، فلا تبطل به الصلاة.
الركن الثالث: قراءة الفاتحة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (رواه البخاري ومسلم) ، ولكن إذا كان لا يعرفها فإنه يلزمه أن يتعلمها، فإن لم يتمكن من تعلمها، قرأ ما يقوم مقامها من القرآن إن كان يعلمه، وإلا سبح وحمد الله وهلّل.
الركن الرابع: الركوع: لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) (الحج: 77) ، ولقول البني صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أساء في صلاته ولم يصلها على وجه التمام: " ثم اركع حتى تطمئن راكعاً" *.
الركن الخامس: الرفع من الركوع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ثم ارفع حتى تطمئن قائماً" (رواه البخاري ومسلم) .
الركن السادس: السجود، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) (الحج: من الآية77) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً (رواه البخاري ومسلم) .
الركن السابع: الجلوس بين السجدتين، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " ثم ارفع حتى تطمئن جالساً (رواه البخاري ومسلم) .
الركن الثامن: السجود الثاني، لأنه لابد في كل ركعة من سجودين لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً" (رواه البخاري ومسلم) بعد أن ذكر قوله: " ثم ارفع حتى تطمئن جالساً".
أما الركن التاسع: فهو التشهد الأخير، لقول ابن مسعود رضي الله عنه: كنا نقوم قبل أن يفرض علينا التشهد، فدل هذا على أن التشهد فرض.
الركن العاشر: وهو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، هذا المشهور من مذهب الإمام أحمد.
الركن الحادي عشر: الترتيب بين الأركان: القيام، ثم الركوع، ثم الرفع منه، ثم السجود، ثم الجلوس بين السجدتين، ثم السجود، فلو بدأ بالسجود قبل الركوع لم تصح صلاته، لأنه أخل بالترتيب.
الثالث عشر: الطمأنينة في الأركان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ثم اركع حتى تطمئن"، ثم ارفع حتى تطمئن "، "ثم اسجد حتى تطمئن".
والطمأنينة: أن يسكن الإنسان في الركن حتى يرجع كل فقار إلى موضعه، قال العلماء: وهي السكون وإن قل، فمن لم يطمئن في صلاته فلا صلاة له ولو صلى ألف مرة.
وبهذا نعرف خطأ ما نشاهده من كثير من المصلين من كونهم لا يطمئنون ولا سيما في القيام بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، فإنك تراهم قبل أن يعتدل الإنسان قائماً إذا هو ساجد وقبل أن يعتدل جالساً إذا هو ساجد، وهذا خطأ عظيم، فلو صلى الإنسان على هذا الوصف ألف صلاة لم تقبل منه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي كان يخل بالطمأنينة، فجاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع فصل فإن لم تصل" (رواه البخاري ومسلم) ، وهذا يدل على أن من صلى صلاة أخل فيها بشيء من أركانها أو واجباتها على وجه أعم، فإنه لا صلاة له، بل ولو كان جاهلاً في مسألة الأركان، فإنه لا صلاة له.
والركن الأخير وهو الرابع عشر: التسليم، بأن يقول في منتهى صلاته: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، والصحيح أن التسليمتين كلتاهما ركن، وأنه لا يجوز أن يخل بواحدة منهما، لا في الفرض ولا في النفل، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الركن التسليمة الأولى فقط في الفرض والنافلة، وذهب آخرون إلى أن الركن التسليمة الأولى فقط في النافلة دون الفريضة، فلابد فيها من التسليمتين، لكن الأحوط أن يسلم الإنسان التسليمتين كلتيهما، هذه هي الأركان.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 29-01-2018, 09:15 AM
  #152
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، ما حكم من ترك ركناً من هذه الأركان؟
الجواب: إذا ترك ركناً من هذه الأركان متعمداً فصلاته باطلة، تبطل بمجرد تركه، أما إذا كان ناسياً فإنه يعود إليه، فلو نسي أن يركع، ثم سجد حين أكمل قراءته، ثم ذكر وهو ساجد أنه لم يركع، فإنه يجب عليه أن يقوم فيركع ثم يكمل صلاته، ويجب عليه أن يرجع للركن الذي تركه ما لم يصل إلى مكانه من الركعة الثانية، فإن وصل إلى مكانه من الركعة الثانية قامت الركعة الثانية مقام الركعة التي تركه منها.
فلو أنه لم يركع، ثم سجد، جلس بين السجدتين، وسجد الثانية، ثم ذكر، فإنه يجب عليه أن يقوم فيركع، ثم يستمر فيكمل صلاته، أما لو لم يذكر أنه ركع إلا بعد أن وصل إلى موضع الركوع من الركعة التالية، فإن هذه الركعة الثانية تقوم مقام الركعة التي ترك ركوعها.
وهكذا لو نسي الإنسان السجدة الثانية، ثم قام من السجدة الأولى، ولما قرأ ذكر أنه لم يسجد السجدة الثانية، ولم يجلس أيضاً بين السجدتين فيجب عليه حينئذ أن يرجع ويجلس بين السجدتين، ثم يسجد السجدة الثانية، ثم يكمل صلاته، بل لو لم يذكر أنه ترك السجدة الثانية والجلوس بين السجدتين إلا بعد أن ركع، فإنه يجب عليه أن ينزل، ويجلس، ويسجد، ثم يستمر في صلاته، أما لو لم يذكر أنه ترك السجود الثاني من الركعة الأولى إلا بعد أن جلس بين السجدتين في الركعة الثانية، فإن الركعة الثانية تقوم مقام الأولى، وتكون هي ركعته الأولى.
وفي كل هذه الأحوال، أو في كل هذه الصور التي ذكرناها، يجب عليه أن يسجد سجود السهو، لما حصل من الزيادة في الصلاة بهذه الأفعال، ويكون سجوده بعد السلام، لأن سجود السهو إذا كان سببه الزيادة فإن محله بعد السلام، كما تدل على ذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فضيلة الشيخ، هذا بالنسبة لمن تأكد لديه أنه ترك ركناً من الأركان، لكن لو شك في تركه ماذا يفعل؟
الجواب: إذا شك في تركه، فهو لا يخلو من ثلاث حالات:
إما أن يكون هذا الشك وهماً لا حقيقة له، فهذا لا يؤثر عليه، يستمر في صلاته ولا كأنه حصل له هذا الشك، وإما أن يكون هذا الشك كثيراً معه، كما يوجد في كثير من الموسوسين، نسأل الله لنا ولهم العافية، فلا يلتفت إليه أيضاً، بل يستمر في صلاته حتى لو خرج من صلاته وهو يرى أنه مقصر فيها فليفعل ولا يهمنه ذلك، وإما أن يكون شكه بعد الفراغ من الصلاة، فكذلك أيضاً لا يتلفت إليه ولا يهتم به، ما لم يتيقن أنه ترك.
أما إذا كان الشك في أثناء الصلاة، فإن العلماء يقولون: من شك في ترك ركن فكتركه، فإذا كان الشك في أثناء الصلاة، وكان شكاً حقيقياً، ليس وهماً ولا وسواساً فلو أنه سجد وفي أثناء سجوده شك هل ركع أو لم يركع، فإنا نقول له: قم فاركع، لأن الأصل عدم الركوع، إلا إذا غلب على ظنه أنه ركع، فإن الصحيح أنه إذا غلب على ظنه أنه ركع، فإنه يعتد بهذا الظن الغالب، ولكن يسجد للسهو بعد السلام.
وسجود السهو في الحقيقة أمر مهم، ينبغي للإنسان أن يعرفه، ولا سيما الأئمة، وقد كان كثير منهم يجهل ذلك، وهو أمر لا ينبغي من مثلهم، بل الواجب على المؤمن أن يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.
فضيلة الشيخ، بعض الناس يأتي بعد إقامة الصلاة، ويدخل مع الإمام، وينسى عدد الركعات التي فاتته، ثم يقتدي بمن في جانبه ممن دخل الصلاة معه فما حكم ذلك؟
الجواب: هذا يقع كثيراً كما قلت، يدخل اثنان مع الإمام، ثم ينسى أحدهما كم صلى، أو كم أدرك مع إمامه، فيقتدي بالشخص الذي إلى جنبه، فنقول: لا بأس أن يقتدي بالشخص الذي إلى جنبه، إذا لم يكن عنده ظن يخالفه أو يقين يخالفه، لأن هذا رجوع إلى ما يغلب على ظنه، والرجوع إلى ما يغلب على ظنه في باب العبادات لا بأس به على القول الراجح.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 30-01-2018, 09:05 PM
  #153
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، عرفنا صفة الصلاة وأركانها، ونود أن نعرف ما هي واجبات الصلاة؟
الجواب: واجبات الصلاة: هي الأقوال أو الأفعال التي إذا تركها الإنسان عمداً بطلت صلاته، وإن تركها سهواً فإنه يجبرها بسجود السهو، فمنها التكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، فإنها من واجبات الصلاة، أما تكبيرة الإحرام فإنها ركن من أركان الصلاة، لا تنعقد الصلاة إلا بها، ويستثنى من هذه التكبيرات: تكبيرة الركوع، إذا أتى المأموم والإمام راكع، فإنه يكبر تكبيرة الإحرام قائماً منتصباً، فإذا أهوى إلى الركوع، فإن التكبير في حقه سنة، هكذا قرره الفقهاء رحمهم الله.
ومن الواجبات: التسبيح في الركوع والسجود، ففي الركوع: سبحان الله ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى.
ومن الواجبات: التشهد الأول وجلسته.
ومن الواجبات أيضاً: التسميع والتحميد، أي قول: سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع، وقول: ربنا ولك الحمد بعد القيام من الركوع للإمام والمنفرد.
أما المأموم فإنه يقول: ربنا ولك الحمد، حين رفعه من الركوع.
هذه الواجبات إذا تركها الإنسان متعمداً بطلت صلاته، وإن تركها سهواً فصلاته صحيحة، ويجبرها سجود السهو، لحديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الركعتين فلم يجلس في صلاة الظهر، فلما قضى الصلاة وانتظر الناس التسليمة، سجد سجدتين ثم سلم (رواه البخاري) .

سنن الصلاة
فضيلة الشيخ، مادمنا عرفنا واجبات الصلاة، نود أن نعرف أيضاً شيئاً من سنن الصلاة؟
الجواب: إذا عرف الإنسان أركان الصلاة وواجباتها، فكل ما عداها فهو سنن، فمن ذلك: الزيادة على الواحدة في تسبيح الركوع والسجود.
ومن ذلك: صفة الجلوس في الصلاة، فإنه يجلس مفترشاً في جميع جلسات الصلاة، والافتراش: أن يجلس على رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى - أي القدم - إلا في الجلسة الثانية في الصلاة ذات التشهدين، فإنه يجلس متوركاً، والتورك: أن ينصب قدمه اليمنى، ويخرج رجله اليسرى من تحت الساق من يمينه.
ومن السنن في الصلاة: أن يرفع الإنسان يديه إلى حذو منكبيه، أول إلى فروع أذنيه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، والسنن كثيرة يعرفها من تتبع كتب الفقهاء في هذا.

لجواب: سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك.
فالزيادة: مثل أن يزيد الإنسان ركوعاً، أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً.
والنقص: مثل أن ينقص الإنسان ركناً، أو ينقص واجباً من وجبات الصلاة.
والشك: أن يتردد كم صلى ثلاثاً أم أربعاً مثلاً.
أما الزيادة: فإن الإنسان إذا زاد في الصلاة ركوعاً، أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً متعمداً بطلت صلاته، لأنه إذا زاد متعمداً فقد أتى بالصلاة على غير الوجه الذي أمر به الله ورسوله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (رواه مسلم) .
أما إذا زاد ذلك ناسياً، فإن صلاته لا تبطل، ولكنه يسجد للسهو بعد السلام، ودليل ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم من ركعتين في إحدى صلاته، إما الظهر وإما العصر، فلما ذكروه، أتى صلى الله عليه وسلم بما بقي من صلاته وسلم، ثم سجد سجدتين بعدما سلم (البخاري ومسلم) ، ولحديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بهم الظهر خمساً، فلما انصرف قيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: "وما ذاك؟ " قالوا: صليت خمساً، فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين (البخاري ومسلم) .
أما النقص: فإن نقص الإنسان ركناً من أركان الصلاة، فلا يخلو، إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده، وإما ألا يذكره حتى يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلاً عن الذي تركه منها، فيأتي بدلها، أي بدل الذي تركها منها بركعة، وفي هاتين الحالين يسجد بعد السلام.
مثال ذلك: رجل قام حين سجد السجدة الأولى من الركعة الأولى، ولم يجلس، ولم يسجد السجدة الثانية، ولما شرع في القراءة، ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين، فحينئذ يرجع ويجلس بين السجدتين، ثم يسجد، ثم يقوم فيأتي بما بقي من صلاته، ويسجد للسهو بعد السلام.
ومثال من لم يذكره إلا بعد وصوله إلى محله من الركعة الثانية، أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى، ولم يسجد السجدة الثانية، ولم يجلس بينها وبين الأولى ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين من الركعة الثانية، ففي هذه الحال تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى، ويزيد ركعة في صلاته، ويسلم ثم يسجد للسهو.
أما نقص الواجب: فإذا أنقص واجباً وانتقل من موضعه إلى الموضع الذي يليه، مثل أن لو نسي قول " سبحان ربي الأعلى" ولم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود، فهذا قد ترك واجباً من واجبات الصلاة سهواً، فيمضي في صلاته ويسجد للسهو قبل السلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ترك التشهد الأول، مضى في صلاته، ولم يرجع، وسجد للسهو قبل السلام (صححه العلامة أحمد شاكر) .
أما الشك: فإن الشك هو التردد بين الزيادة والنقص، بأن يتردد المصلي هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، وهذا لا يخلو من حالين: إما أن يترجح عنده أحد الطرفين الزيادة أو النقص، فيبني على ما ترجح عنده، ويتم عليه، ويسجد للسهو بعد السلام، وإما ألا يترجح عنده أحد الأمرين، فيبني على اليقين وهو الأقل، فيتم عليه، ويسجد للسهو قبل السلام.
مثال ذلك: رجل صلى الظهر، ثم شك هل هو الآن في الركعة الثالثة أو الرابعة، وترجح عنده أنها الثالثة، فيأتي بركعة، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو، ومثال ما يستوي فيه الأمران: رجل يصلي الظهر، فشك هل هذه الركعة الثالثة أو الرابعة، ولم يترجح عنده أنها الثالثة أو الرابعة، فيبني على اليقين وهو الأقل، فيجعلها الثالثة، ثم يأتي بركعة، ويسجد للسهو قبل أن يسلم.
وبهذا تبين أن سجود السهو يكون قبل السلام، فيما إذا ترك واجباً من الواجبات، أو إذا شك في عدد الركعات ولم يترجح عنده أحد الطرفين، وأنه يكون بعد السلام، فيما إذا زاد في صلاته أو شك وترجح عنده أحد الطرفين.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 01-02-2018, 10:39 PM
  #154
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، لكن إذا كان سجود السهو بعد الصلاة هل يلزم أيضاً سلام؟
الجواب: إذا كان السجود بعد السلام، فإنه يجب له السلام فيسجد سجدتين ثم يسلم.
فضيلة الشيخ، وهل يجب له التشهد.
الجواب: في هذا خلاف بين العلماء، والراجح أنه لا يجب له التشهد.
فضيلة الشيخ، ما هي مبطلات الصلاة ولو على سبيل الإجمال؟
الجواب: مبطلات الصلاة تدور على شيئين: إما ترك ما يجب فيها، أو فعل ما يحرم فيها.
فأما ترك ما يجب: فمثل أن يترك الإنسان ركناً من أركان الصلاة متعمداً، أو شرطاً من شروطها متعمداً، أو واجباً من واجباتها متعمداً.
مثال ترك الركن: أن يترك الركوع متعمداً.
ومثال ترك الشرط: أن ينحرف عن القبلة في أثناء الصلاة متعمداً.
ومثال ترك الواجب: أن يترك التشهد الأول متعمداً، فإذا ترك أي واجب من واجبات الصلاة متعمداً فصلاته باطلة، سواء سمي ذلك الواجب شرطاً أم ركناً أم واجباً.
الشيء الثاني مما يدور عليه بطلان الصلاة: فعل المحرم فيها، كأن يحدث في صلاته، أو يتكلم بكلام الآدميين، أو يضحك، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي هي حرام في أثناء الصلاة، يفعلها متعمداً، فإن صلاته تبطل في هذه الحال.
فضيلة الشيخ، تحدثنا عن الصلاة، وحكمها، وشروطها، وكذلك الأركان، والواجبات، وأيضاً عن السجود للسهو لها، ونود أن نسأل ونركز على حكم صلاة الجماعة؟
الجواب: صلاة الجماعة اتفق العلماء على أنها من أجل الطاعات وأوكدها وأفضلها، وقد أشار الله تعالى إليها في كتابه وأمر بها حتى في صلاة الخوف، فقال الله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) (النساء: 102) .
وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث العدد الكثير الدال على وجوب الصلاة مع الجماعة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" (البخاري) ، وكقوله صلى الله عليه وسلم: " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر" (صحيح الجامع) ، وكقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الأعمى الذي طلب منه أن يرخص له في الصلاة في بيته: "أتسمع النداء؟ " فقال: نعم قال: " فأجب" (رواه مسلم) . وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - أي عن صلاة الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق، أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (رواه مسلم) . والنظر الصحيح يقتضي وجوبها، فإن الأمة الإسلامية أمة واحدة، ولا يتحقق كمال الوحدة إلا بكونها تجتمع على عباداتها، وأجل العبادات وأفضلها وأوكدها: الصلاة، فكان من الواجب على الأمة الإسلامية أن تجتمع على هذه الصلاة.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله بعد اتفاقهم على أنها من أوكد العبادات وأجل الطاعات، اختلفوا: هل هي شرط لصحة الصلاة، أو أن الصلاة تصح بدونها مع الإثم، مع خلافات أخرى، والصحيح أنها واجب للصلاة، وليست شرطاً في صحتها، لكن من تركها فهو آثم، إلا أن يكون له عذر شرعي، ودليل كونها ليست شرطاً لصحة الصلاة هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وتفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ يدل على أن في صلاة الفذ فضلاً، وذلك لا يكون إلا إذا كانت صحيحة.
وعلى كل حال فيجب على كل مسلم ذكر بالغ أن يشهد صلاة الجماعة، سواء كان ذلك في السفر أم في الحضر.
فضيلة الشيخ، مادمنا عرفنا حكم صلاة الجماعة، فما هي علاقة المأموم بإمامه
الجواب: أما علاقة المأموم بإمامه، فإنها علاقة متابعة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً، فصلوا قعوداً أجمعون" (رواه أبوداود) .
ومقام المأموم مع إمامه في هذه الناحية يتنوع إلى أربع مقامات: متابعة، وموافقة، مسابقة، وتأخر.
فأما المتابعة: فأن يأتي الإنسان بأفعال الصلاة بعد إمامه مباشرة، إذا ركع ركع بدون تأخر، وإذا سجد سجد بدون تأخر، وهكذا في بقية أفعال الصلاة.
وأما الموافقة: فأن يفعل هذه الأفعال مع إمامه، يركع مع ركوعه، ويسجد مع سجوده، ويقوم مع قيامه، ويقعد مع قعوده.
وأما المسابقة: فأن يتقدم إمامه في هذه الأفعال، فيركع قبله، ويسجد قبله، ويقوم قبله، ويقعد قبله.
وأما التأخر: فأن يتوانى في متابعة الإمام، فإذا ركع الإمام، بقي واقفاً يقرأ الفاتحة، وإذا سجد بقي قائماً يحمد وهكذا، وكل هذه المقامات مذمومة إلا مقام المتابعة.
فالموافق لإمامه مخالف لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: " لا تكبروا حتى يكبر الإمام، ولا تركعوا حتى يركع" .
والسابق له واقع في التحذير الشديد الذي حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: " أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار" (البخاري ومسلم) .
والمتخلف: لم يحقق المتابعة، لأن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: " إذا كبر الإمام فكبروا، وإذا ركع فاركعوا" جملة شرطية تقتضي أن يقع المشروط فور وجود الشرط، وألا يتأخر عنه، فهو منهي عنه.
فالمسابقة: حرام. والموافقة: قيل: إنها مكروهة، وقيل: إنها حرام. والتأخر: أقل أحواله الكراهة. أما المتابعة فهي الأمر الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 03-02-2018, 05:46 PM
  #155
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، لكن أي الحالات الثلاث أشد: المسابقة، أم الموافقة أم التخلف عنه؟
الجواب: المسابقة أشدها، لأنه ورد فيها الوعيد الذي سمعت، ولأن القول الراجح أن الإنسان إذا سبق إمامه، بطلت صلاته، سواء سبقه إلى الركن أو بالركن، لأنه إذا سبق إمامه فقد فعل فعلاً محرماً في الصلاة.
والقاعدة الشرعية: أن من فعل فعلاً محرماً في العبادة، فإن العبادة تبطل به.
فضيلة الشيخ، نود أن تحدثونا عن صلاة التطوع من حيث الفضل والأنواع؟
الجواب: من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، أن جعل لكل نوع من أنواع الفريضة تطوعاً يشبهه، فالصلاة لها تطوع يشبهها من الصلوات، والزكاة لها تطوع يشبهها من الصدقات، والصيام له تطوع يشبهه من الصيام، وكذلك الحج، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده ليزدادوا ثواباً وقرباً من الله تعالى، وليرقعوا الخلل الحاصل في الفرائض، فإن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة. فمن التطوع في الصلاة: الرواتب التابعة للصلوات المفروضة، وهي أربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وتكون بعد دخول وقت صلاة الظهر، ولا تكون قبل دخول وقت الصلاة، وركعتان بعدها، فهذه ست ركعات، كلها راتبة للظهر، أما العصر فليس لها راتبة، أما المغرب فلها راتبة ركعتان بعدها، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، وتختص الركعتان قبل الفجر، بأن الأفضل أن يصليهما الإنسان خفيفتين، وأن يقرأ فيهما بـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) (الكافرون: 1) في الركعة الأولى، و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص: 1) في الركعة الثانية، أو بقوله تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) الآية، في سورة البقرة في الركعة الأولى، و (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) (آل عمران: 64) الآية في سورة آل عمران في الركعة الثانية، وبأنها - أي راتبة الفجر -تصلى في الحضر والسفر، وبأن فيها فضلاً عظيماً، قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" (رواه مسلم) .
ومن النوافل في الصلوات: الوتر، وهو من آكد النوافل، حتى قال بعض العلماء بوجوبه، وقال فيه الإمام أحمد رحمه الله: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة. وتختم به صلاة الليل، فمن خاف ألا يقوم من آخر الليل أوتر قبل أن ينام، ومن طمع أن يقوم آخر الليل، فليوتر آخر الليل بعد إنهاء تطوعه، قال النبي عليه الصلاة والسلام: " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" (البخاري ومسلم) ، وأقله ركعة واحدة، وأكثره إحدى عشر ركعة، وأدنى الكمال: ثلاث ركعات، فإن أوتر بثلاث فهو بالخيار، إن شاء سردها سرداً بتشهد واحد، وإن شاء سلم من ركعتين، ثم أوتر بواحدة ثم صلى واحدة، وإن أوتر بخمس سردها جميعاً بتشهد واحد وسلام واحد، وإن أوتر بسبع فكذلك، يسردها جميعاً بتشهد وحد وسلام واحد، وإن أوتر بتسع فإنه يسردها، ويجلس في الثامنة ويتشهد، ثم يقوم فيأتي بالتاسعة ويسلم، فيكون فيها تشهدان وسلام واحد، وإن أوتر بإحدى عشرة ركعة، فإنه يسلم من ركعتين ويأتي بالحادية عشرة وحدها.
وإذا نسى الوتر، أو نام عنه، فإنه يقضيه من النهار، لكن مشفوعاً، لا وتراً، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث، صلى أربعاً، وإن كان من عادته أن يوتر بخمس، صلى ستاً وهكذا، لأنه ثبت في الصحيح، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل، صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة" (رواه مسلم) .
فضيلة الشيخ، هل هناك فرق بين صلاة الفرض والنافلة؟
الجواب: نعم هناك فوارق بين صلاتي الفرض والنافلة، من أوضحها: أن النافلة تصح في السفر على الراحلة، ولو بدون ضرورة، فإذا كان الإنسان في سفر، وأحب أن يتنفل وهو على راحلته، سواء كانت الراحلة السيارة، أم طيارة، أم بعيراً، أم غير ذلك، فإنه يصلي النافلة على راحلته متجهاً حيث يكون وجهه، يومئ بالركوع والسجود، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك (البخاري ومسلم) .
ومن الفروق بين الفريضة والنافلة: أن الإنسان إذا شرع في الفريضة حرم أن يخرج منها إلا لضرورة قصوى، وأما النافلة فيجوز أن يخرج منها لغرض صحيح، وإن كان بغير غرض فإنه لا يأثم إذا خرج منها ولكنه يكره كما ذكر ذلك أهل العلم.
ومن الفروق: أن الفريضة يأثم الإنسان بتركها، وأما النافلة فلا.
ومن الفروق: أن الفريضة تشرع لها صلاة الجماعة، وأما النافلة فلا تشرع، إلا في صلوات معينة، كالاستسقاء، وصلاة الكسوف على القول بأنها سنة، ولا بأس أن يصليها الإنسان - أي النافلة - أحياناً جماعة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ببعض أصحابه جماعة في بعض الليالي، فقد صلى معه مرة ابن عباس، ومرة حذيفة، ومرة ابن مسعود.
وأما في رمضان، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أقام بهم ثلاث ليال ثم تأخر خوفاً من أن تفرض على الناس (البخاري ومسلم) ، وهذا يدل على أن صلاة الجماعة في قيام رمضان سنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها، ولكن تركها خوفاً من أن تفرض، وهذا مأمون بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 04-02-2018, 12:11 PM
  #156
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

انتهينا من فتاوى الصلاة ونشرع بحول الله ومدده في فتاوى الزكاه
جزاكم الله خيرا على المتابعة ونفعكم بهذا العلم وغفر لنا ولكم
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 04-02-2018, 12:16 PM
  #157
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فتاوى الزكاة
فضيلة الشيخ، ما المقصود بالزكاة في اللغة، وفي الشرع؟ وما العلاقة بين المفهومين؟
الجواب: الزكاة في اللغة: الزيادة والنماء، فكل شيء زاد عدداً، أو نما حجماً فإنه يقال: زكا. فيقال: زكا الزرع، إذا نما وطال.
وأما في الشرع: فهي التعبد لله تعالى بإخراج قدر واجب شرعاً في أموال مخصوصة لطائفة أو جهة مخصوصة.
والعلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي، أن الزكاة وإن كان ظاهرها النقص، نقص كمية المال، لكن آثارها زيادة المال، زيادة المال بركة، وزيادة المال كمية، فإن الإنسان قد يفتح الله له من أبواب الرزق ما لا يخطر على باله إذا قام بما أوجب الله عليه في ماله، قال الله تعالى: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (الروم: 39) ، وقال تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ: 39) ، يخلفه: أي يأتي بخلفه وبدله.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نقصت صدقة من مال" (رواه مسلم) . وهذا أمر مشاهد، فإن الموفقين لأداء ما يجب عليهم في أموالهم يجدون بركة فيما ينفقونه، وبركة فيما يبقى عندهم، وربما يفتح الله لهم أبواب رزق يشاهدونها رأي العين، بسبب إنفاقهم أموالهم في سبيل الله.
ولهذا كانت الزكاة في الشرع ملاقية للزكاة في اللغة من حيث النماء والزيادة.
ثم إن في الزكاة أيضاً زيادة أخرى، وهي زيادة الإيمان في قلب صاحبها، فإن الزكاة من الأعمال الصالحة، والأعمال الصالحة تزيد في إيمان الرجل، لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن الأعمال الصالحة من الإيمان، وأن الإيمان يزداد بزيادتها، وينقص بنقصها، وهي أيضاً تزيد الإنسان في خلقه، فإنها بذل وعطاء، والبذل والعطاء يدل على الكرم والسخاء، والكرم والسخاء لا شك أنه خلق فاضل كريم، بل إن له آثاراً بالغة في انشراح الصدر، ونور القلب، وراحته، ومن أراد أن يطلع على ذلك فليجرب الإنفاق، يجد الآثار الحميدة التي تحصل له بهذا الإنفاق، ولا سيما فيما إذا كان الإنفاق واجباً مؤكداً كالزكاة، فإن الزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وهي التي تأتي كثيراً مقرونة بالصلاة التي هي عمود الإسلام، وهي في الحقيقة محك تبين كون الإنسان محبا لما عند الله عز وجل، لأن المال محبوب إلى النفوس، وبذل المحبوب لا يمكن أن يكون إلا من أجل محبوب يؤمن به الإنسان وبحصوله، ويكون هذا المحبوب أيضاً أحب مما بذله.
ومصالح الزكاة، وزيادة الإيمان بها، وزيادة الأعمال، وغير ذلك أمر معلوم، يحصل بالتأمل فيه أكثر مما ذكرنا الآن.
فضيلة الشيخ، ذكرتم تعريف الزكاة أو مفهوم الزكاة اللغوي والشرعي، والعلاقة بينهما، ثم تحدثتم أيضاً عن الآثار التي تنعكس على الفرد، لكن أيضاً مادمنا عرفنا الآثار التي تنعكس على الفرد، فما هي الآثار التي تنعكس على المجتمع، وعلى الاقتصاد الإسلامي أيضاً؟
الجواب: آثار الزكاة على المجتمع وعلى الاقتصاد الإسلامي ظاهرة أيضاً، فإن فيها من مواساة الفقراء والقيام بمصالح العامة ما هو معلوم ظاهر من مصارف هذه الزكاة، فإن الله سبحانه وتعالى قال في مصارف هذه الزكاة: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (التوبة: 60) .
وهؤلاء الأصناف الثمانية منهم من يأخذها لدفع حاجته، ومنهم من يأخذها لحاجة المسلمين إليه، فالفقراء والمساكين والغارمون لأنفسهم، هؤلاء يأخذون لحاجتهم، وكذلك ابن السبيل والرقاب، ومنهم من يأخذ لحاجة الناس إليه، كالغارم لإصلاح ذات البين، والعاملين عليها والمجاهدين في سبيل الله.
فإذا عرفنا أن توزيع الزكاة على هذه الأصناف يحصل بها دفع الحاجة الخاصة لمن يعطاها، ويحصل بها دفع الحاجة العامة للمسلمين، عرفنا مدى نفعها للمجتمع.
وفي الاقتصاد تتوزع الثروات بين الأغنياء والفقراء، بحيث يؤخذ من أموال الأغنياء هذا القدر ليصرف إلى الفقراء، ففيه توزيع للثروة حتى لا يحدث التضخم من جانب والبؤس والفقر من جانب آخر.
وفيها أيضاً من صلاح المجتمع: ائتلاف القلوب، فإن الفقراء إذا رأوا من الأغنياء أنهم يمدونهم بالمال، ويتصدقون عليهم بهذه الزكاة التي لا يجدون فيها منة عليهم، لأنها مفروضة عليهم من قبل الله، فإنهم بلا شك يحبون الأغنياء ويألفونهم ويرجون ما أمرهم الله به من الإنفاق والبذل، بخلاف ما إذا شح الأغنياء بالزكاة وبخلوا بها واستأثروا بالمال، فإن ذلك قد يولد العداوة والضغينة في قلوب الفقراء، ويشير إلى هذا ختم الآيات الكريمة التي فيها بيان مصارف الزكاة بقوله تعالى: (فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة: 60) .
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 05-02-2018, 10:55 AM
  #158
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، حبذا لو عرفنا شروط وجوب الزكاة؟
الجواب: شروط وجوب الزكاة: الإسلام، والحرية، وملك النصاب، واستقراره، ومضي الحول، إلا في المعشرات.
فأما الإسلام: فإن الكافر لا تجب عليه الزكاة، ولا تقبل منه لو دفعها باسم الزكاة، لقول الله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة: 54) الآية.
ولكن ليس معنى قولنا إنها لا تجب على الكافر ولا تصح منه ولا تقبل منه، أنه معفى عنها في الآخرة، بل إنه يعاقب عليها، لقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (38) (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ) (39) (فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ) (40) (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (41) (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (42) (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (43) (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (44) (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) (45) (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (46) (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) (المدثر38-47) ، وهذا يدل على أن الكفار يعذبون على إخلالهم بفروع الإسلام، وهو كذلك.
وأما الحرية: فلأن المملوك لا مال له، إذ إن ماله لسيده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من باع عبداً له مال، فماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع" (أخرجه أبو داود وفي إسناده مجهول وهو الراوي عن جابر رضي الله عنه، ويشهد له بالصحة حديث ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: ".. ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع". أخرجه البخاري) . فهو إذن غير مالك للمال حتى تجب عليه الزكاة، وإذا قدر أنه أي العبد ملك بالتمليك، فإن ملكه في النهاية يعود إلى سيده، لأن سيده له أن يأخذ ما بيده، وعلى هذا ففي ملكه نقص، ليس مستقراً استقرار أملاك الأحرار.
وأما ملك النصاب: فمعناه أن يكون عند الإنسان مال يبلغ النصاب الذي قدره الشرع، وهو يختلف باختلاف الأموال، فإذا لم يكن عند الإنسان نصاب فإنه لا زكاة عليه، لأن ماله قليل لا يحتمل المواساة، والنصاب يختلف باختلاف الأموال، ففي المواشي الأنصبة فيها مقدرة ابتداء وانتهاء، وفي غيرها الأنصبة مقدرة فيها ابتداء وما زاد فبحسابه.
وأما مضي الحول: فلأن إيجاب الزكاة في أقل من الحول يستلزم الإجحاف بالأغنياء، وإيجابها فيما فوق الحول يستلزم الضرر في حق الفقراء، فكان من حكمة الشرع أن يقدر لها زمناً معيناً تجب فيه وهو الحول، وفي ربط ذلك بالحول توازن بين حق الأغنياء وحق أهل الزكاة، وعلى هذا فلو مات الإنسان مثلاً أو تلف المال قبل تمام الحول سقطت الزكاة، إلا أنه يستثنى من تمام الحول ثلاثة أشياء: ربح التجارة، ونتاج السائمة، والمعشرات.
أما ربح التجارة: فإن حوله حول أصله، وأما نتاج السائمة: فحول النتاج حول الأمهات، وأما المعشرات فحولها تحصيلها أي وقت تحصيلها مثال ذلك في الربح: أن يشتري الإنسان سلعة بعشرة آلاف ريال، ثم قبل تمام حول الزكاة بشهر تزيد هذه السلعة أو تربح نصف الثمن الذي اشتراها به، فيجب عليه زكاة رأس مال وزكاة ربح وإن لم يتم للربح حول، لأنه فرع، والفرع يتبع الأصل.
وأما النتاج: فمثل أن يكون عند الإنسان من البهائم نصاب، ثم في أثناء الحول يتوالد هذا النصاب حتى يبلغ نصابين، فيجب عليه الزكاة للنصاب الذي حصل بالنتاج وإن لم يتم عليه الحول، لأن النتاج فرع فيتبع الأصل.
وأما المعشرات: فحولها حين أخذها مثل الحبوب والثمار، فإن الثمار في النخل مثلاً لا يتم عليه الحول حتى يجذّ، فتجب الزكاة عند جذه، وكذلك الزرع يزرع ويحصد قبل أن يتم عليه الحول، فتجب عليه الزكاة عند حصاده، لقول الله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) (الأنعام: 141) .
فهذه الأشياء الثلاثة تستثنى من قولنا إنه يشترط لوجوب الزكاة تمام الحول.
فضيلة الشيخ، ذكرتم من شروط وجوب الزكاة وعددتم منها أن يكون مالك المال حراً، وتحدثتم عن مال المملوك وأن المملوك لا يؤدي أو لا يجب عليه زكاة، لأن المال مال مالكه، لكن: هل يعفى المال من التزكية أم يدفع المالك من المال؟
الجواب: زكاة المال الذي عند المملوك على مالكه، لأنه هو مالك المال كما أسلفنا من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "من باع عبداً له مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع" (تقدم تخريجه) ، وعلى هذا فتكون الزكاة على مالك المال، وليس على المملوك منها شيء، ولا يمكن أن تسقط الزكاة عن هذا المال.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 06-02-2018, 10:17 AM
  #159
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، ما هي الأموال التي تجب فيها الزكاة، ومقدار الزكاة في كل نوع منها؟
الجواب: الأموال التي تجب فيها الزكاة هي:
أولاً: الذهب والفضة، والزكاة فيهما واجبة بالإجماع من حيث الجملة، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (34) (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (التوبة: 34-35) .
وكنز الذهب والفضة هو ألا يخرج الإنسان ما أوجب الله عليه فيه من زكاة أو غيرها، وإن كان ظاهراً على سطح الأرض، وإذا أخذ الإنسان ما يجب لله فيه من الزكاة وغيرها فهو غير كنز وإن دفن في الأرض، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة: " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
والزكاة في الذهب والفضة واجبة على أي حال كان، سواء كانت دراهم من الفضة ودنانير من الذهب، أو كانت تبراً أي قطعاً من الذهب أو كانت قطعاً من الفضة، أو كانت حلياً يستعمل أو لا يستعمل، لعموم الأدلة الواردة في ذلك، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في خصوص الحلي حين أتته امرأة معها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتؤدين زكاة هذا؟ " قالت: لا. قال: " أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار". فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: هما لله ورسوله (قال الحاكم : حديث حسن صحيح) . وهذا نص صريح في وجوب الزكاة في الحلي ولو كان ملبوساً. وإنما وجه النبي صلى الله عليه وسلم الخطاب إلى أم البنت لأنها هي ولية أمرها.
وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء أعني مسألة الحلي ولكن الراجح ما قلناه، لأن الأحاديث عامة، والأحاديث الخاصة فيها جيدة، بل صححها بعضهم، ولا شك أنها تقوم بها الحجة، لأنه يشهد بعضها لبعض، والأصل وجوب الزكاة في الذهب والفضة حتى يقوم دليل على التخصيص.
والواجب في الذهب والفضة ربع العشر، أي واحد من أربعين، وطريقة استخراج ذلك أن تقسم ما عندك على أربعين، فما خرج من القسمة فهو الزكاة، فإذا كان عند الإنسان أربعون ألفاً من الفضة، أي أربعون ألف درهم، فليقسم الأربعين على أربعين، يخرج واحد فهو الزكاة.
وكذلك لو كان عنده أربعون ديناراً، أن يقسم الأربعين على أربعين يخرج واحد أي دينار واحد فهو الواجب، وعلى هذا فقس، قل المال أو كثر، بشرط أن يبلغ النصاب.
نصاب الذهب خمسة وثمانون جراماً (85) وتساوي عشرة جنيهات سعودية ونصف وزيادة قليلة، يعني خمسة من ثمانية، فإذا كان الذهب تبلغ زنته هذا وجبت فيه الزكاة، وإن كان دون ذلك لم تجب فيه الزكاة.
أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، وهي أيضاً خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً (595) ، وتساوي بالدراهم دراهم الفضة السعودية ستة وخمسين ريالاً، أي ما يزن ستة وخمسين ريالاً من ريال الفضة السعودية، فإذا بلغ عند الإنسان من الفضة ما يزن ذلك، فقد وجبت فيه الزكاة، ومادون هذا لا زكاة فيه.
وليعلم أن القول الراجح من أقوال أهل العلم، أن الذهب لا يضم إلى الفضة في تكميل النصاب، لأنهما جنسان مختلفان، وهما وإن اتفقا في المنفعة والغرض، فإن ذلك لا يقتضي ضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، لأن الشارع قدر لكل واحد منهما نصاباً معيناً يقتضي ألا تجب الزكاة فيما دونه، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص بضم أحدهما إلى الآخر، وكما أن البر لا يضم إلى الشعير في تكميل النصاب مع أن مقصودهما واحد، فكذلك الذهب والفضة.
وبناء على ذلك: لو كان عند الإنسان نصف نصاب من الذهب، ونصف نصاب من الفضة، لم تجب عليه الزكاة في واحد منهما، لما ذكرنا من أنه لا يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب.
ويلحق بالذهب والفضة ما جعل بدلاً عنهما في كونه نقداً يتعامل به، كالأوراق النقدية المعروفة بين الناس اليوم، فإذا كان عند الإنسان من هذه الأوراق ما تساوي قيمته نصاباً من الذهب أو الفضة، فإن الزكاة تجب عليه فيها، لأنها نقود وليست عروض تجارة، إذ إنها هي قيم الأشياء التي تقدر بها، وهي وسيلة التبادل بين الناس، فكانت كالدنانير والدراهم وليست كعروض التجارة كما زعمه بعضهم.
وليعلم أن الزكاة في الذهب والفضة واجبة وإن كان الإنسان قد ادخرهما لنفقاته وحاجاته، فإذا كان عند الإنسان عشرة آلاف درهم، أعدها لشراء بيت يسكنه، فإن الزكاة واجبة فيها ولو بقيت سنوات، وكذلك لو كان قد أعدها ليتزوج بها فإن الزكاة واجبة فيها ولو بقيت سنة أو أكثر.
المهم أن الزكاة واجبة في عين الذهب والفضة، فتجب فيهما بكل حال، وما يظنه بعض الناس من أن الدراهم إذا أعدت للنفقة، أو لحاجة الزواج ونحوه لا زكاة فيها، فإنه ظن خاطئ لا أصل له، لا في الكتاب، ولا في السنة، ولا في أقوال أهل العلم، وهذا بخلاف العروض، فإن العروض هي التي يشترط فيها نية التجارة، أما الذهب والفضة فالزكاة في أعيانهما فتجب فيهما بكل حال.
هذا أحد الأموال التي تجب فيها الزكاة، وهو الذهب والفضة.
الثاني: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) (البقرة: 267) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر" (رواه البخاري) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" (رواه البخاري) ، فتجب الزكاة في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، من الحبوب: كالبر والذرة، والأرز وغيرها.
ومن الثمار: كالنخيل والأعناب التي تزبب ويحصل منها الزبيب، وأما الأعناب التي لا تزبب ففيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنه لا زكاة فيها، لأنها ملحقة بالفواكه، كالبرتقال والتفاح، ومنهم من قال: إنها تجب فيها الزكاة اعتباراً بأصل العنب، لأن أصل العنب أن يزبب، فهو شبيه بثمار النخيل، أي شبيه بالتمر، والاحتياط أن يخرج الإنسان الزكاة منه، وأما ما ليس بحبوب ولا ثمار، يكال ويدخر، مثل الفواكه على اختلاف أنواعها، والخضروات على اختلاف أنواعها، فإنه لا زكاة فيها ولو كثرت.
ومقدار الزكاة في الحبوب والثمار العشر، أي: عشرة في المائة إذا كانت تسقى بلا مؤونة، كالذي يشرب بعروقه، لكون الأرض رطبة، أو الذي يشرب بالطل، أو الذي يشرب بالأنهار، أو الذي يشرب بالقنوات التي تضرب في الأرض ثم ينبع منها الماء، هذا كله يجب فيه العشر، لأنه لا مؤونة في استخراج الماء الذي يسقى به، وأما إذا كان يسقى بمؤونة، كالذي يسقى بالسواني أو بالمكائن أو بالغرافات، أو ما أشبهها، فإن الواجب فيه نصف العشر، فأسقط الشارع عنه نصف العشر مراعاة لحاله، ونصف العشر خمسة في المائة، فإذا قدرنا أن هذه المزرعة أنتجت خمسة آلاف صاع، كان الواجب فيها إذا كان الزرع يسقى بلا مؤونة خمسمائة صاع، وإذا كان يسقى بمؤونة كان الواجب مائتين وخمسين صاعاً، وعلى هذا فقس.
ولكن لا تجب الزكاة في الحبوب والثمار حتى تبلغ نصاباً، والنصاب خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مجموع الآصع ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فما دون ذلك فلا زكاة فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" (رواه البخاري) .
هذان مالان مما تجب فيهما الزكاة.
للحديث بقية
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 07-02-2018, 11:11 AM
  #160
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، بالنسبة للفواكه التي لا زكاة فيها، هل إذا باعها الإنسان وجب عليه الزكاة في قيمتها"؟.
الجواب: هذه الفواكه والخضروات لا زكاة فيها، ولكن الإنسان إذا باعها، فإن في ثمنها الزكاة إن بقي حتى تم عليه الحول وكان من النقدين، الذهب والفضة أو ما جرى مجراهما، أما لو باعها بعروض، مثل أن باعها بسيارات أو بأقمشة أو بأواني، فإنه لا زكاة فيها أيضاً ما لم ينو التجارة بما جعله بدلاً، فإن نوى التجارة كانت الزكاة واجبة وجوب زكاة العروض التي سنتكلم عنها إن شاء الله تعالى فيما بعد.

تابع الأصناف التي تجب فيها الزكاة
ومن الأموال الزكوية التي تجب فيها الزكاة: بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، ولكن يشترط لوجوب الزكاة فيها شرطان: الشرط الأول: أن تكون معدة للدر والنسل والتسمين، لا للبيع والشراء.
والشرط الثاني: أن تكون سائمة الحول أو أكثره، يعني أن تتغذى على السوم- وهو الرعي - الحول أو أكثره.
فإن كانت غير معدة للدر والتسمين، وإنما هي معدة للاتجار والتكسب، فهي عروض التجارة، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى، وإن كانت معدة للدر والتسمين، ولكنها تعلف فإنها لا زكاة فيها، فلو كان عند الفلاح عشرون بعيراً أبقاها للتناسل وللدر والتسمين وللقنية، فإنها لا زكاة عليها في ذلك مادام يعلفها أكثر الحول لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فيما كتبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه في فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم قال: "في الغنم في سائمتها" (رواه البخاري) . وفي حديث بهز بن حيكم عن أبيه عن جده: " في الإبل في سائمتها" (ابوداود والنسائي) . وهذا يدل على أن غير السائمة ليس فيها زكاة وهو كذلك.
وأما مقدار الزكاة في البهائم - أي بهيمة الأنعام - فإنه يختلف، وذلك لأن الأنصبة في بهيمة الأنعام مقدرة ابتداء وانتهاء، ولكل قدر منها واجب خاص به، فمثلاً في الغنم في كل أربعين شاة شاة واحدة، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، فما بين الأربعين إلى مائة وعشرين ليس فيها إلا شاة واحدة، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، فما بين مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين ليس فيه إلا شاتان، ثم في كل مائة شاة، ففي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي ثلاثمائة وواحدة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه، وهلم جرا، ولهذا لا يمكن أن نحدد الواجب في بهيمة الأنعام، وذلك لاختلاف الأنصبة ابتداء وانتهاء، ومرجع ذلك إلى كتب الحديث وأهل الفقه.
أما غير السائمة، كالخيل والحمير والبغال، فهذه لا زكاة فيها ولو كثرت، ولو سامت، إذا لم تكن للتجارة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة" (رواه البخاري) .
فلو كان عند الإنسان مائة فرس يعدها للركوب والجهاد وغير ذلك من المصالح، فإنه لا زكاة عليه فيها ولو كانت تساوي دراهم كثيرة. إلا إن كان يتّجر في الخيل، يبيع ويشتري، ويتكسب، فعليه فيها زكاة العروض. هذه ثلاثة أموال تجب فيها الزكاة، النقدان وهما الذهب والفضة، والخارج من الأرض، والثالث بهيمة الأنعام.
الرابع: عروض التجارة، وعروض التجارة هي الأموال التي عند الإنسان يريد بها التكسب، ولا تختص بنوع معين من المال، بل كل ما أراد به الإنسان التكسب من أي نوع كان من المال ففيه الزكاة، سواء كان المال عقاراً، أو حيواناً، أو مملوكاً من الآدميين، أو سيارات أو أقمشة، أو أواني، أو أطياب، أو غير ذلك، المهم كل ما أعده الإنسان للتجارة والتكسب ففيه الزكاة، ودليل ذلك عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) (24) (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (المعارج: 24-25) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم (رواه البخاري) ، فالأصل في الأموال وجوب الزكاة إلا ما دل عليه الدليل، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (رواه البخاري) .
وصاحب العروض إنما نوى قيمة العروض، ليس له حاجة أو غرض في نفس العروض بدليل أنه يشتري السلعة في أول النهار، فإذا ربحت في آخر النهار باعها، وليس كالإنسان المقتني للسلع الذي يبقيها عنده سواء زادت أم نقصت، فإذن يكون مراد هذا المالك هو القيمة، وهي الذهب والفضة أو ما جرى مجراهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
ولأننا لو قلنا بعدم وجوب الزكاة في العروض لسقطت الزكاة عن كثير من أموال التجار، لأن غالب أموال التجار التي يتجرون بها إنما هي عروض التجارة.
هذه أربعة أنواع من المال تجب فيها الزكاة، واختلف العلماء في العسل، هل تجب فيه الزكاة أو لا تجب؟ فمنهم من قال لا تجب الزكاة فيه، ومنهم من قال: إنها تجب، واستدلوا بأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والمسألة عندي محل توقف، والعلم عند الله.
وبناء على ذلك: فإنه لا زكاة على الإنسان فيما يقتنيه من الأواني والفرش، والمعدات، والسيارات، والعقارات، وغيرها، حتى وإن أعده للإجارة، فلو كان عند الإنسان عقارات كثيرة تساوي قيمتها الملايين، ولكنه لا يتجر بها، أي لا يبيعها ويشتري بدلها للتجارة مثلاُ، وإنما أعدها للاستغلال، فإنه لا زكاة في هذه العقارات ولو كثرت، وإنما الزكاة فيما يحصل منها من أجرة أو نماء، فتجب الزكاة في أجرتها إذا تم عليها الحول من العقد، فإن لم يتم عليها الحول فلا زكاة فيها، لأن هذه الأشياء - ما عدا الأصناف الأربعة السابقة - الأصل فيها براءة الذمة حتى يقوم دليل على الوجوب، بل قد دل الدليل على أن الزكاة لا تجب فيها، في قول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس على المؤمن في عبده ولا فرسه صدقة" (رواه البخاري) . فإنه يدل على أن ما اختصه الإنسان لنفسه من الأموال غير الزكوية ليس فيه صدقة، أي ليس فيه زكاة، والأموال التي أعدها الإنسان للاستغلال من العقارات وغيرها لا شك أن الإنسان قد أرادها لنفسه ولم يردها لغيره، لأنه لا يبيعها بل يستبقيها للاستغلال والنماء.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:38 AM.


images