استكمالا للموضوع , وبما أنه متألف من جزئين :
1ـ الزواج بنية الطلاق .
2ـ الزواج من الكافرة .
والجزء الأول تم الجواب عليه ,,
واما الجزء الثاني فكماسبق يجوز الزواج من الكتابية دون المشركة ,, على ان هذا الحكم على العموم , وللحق فلابد من التفصيل الذي ذكره احد الإخوان , ولابد من نقله هنا اتماما للفائدة :
فالزواج بهن مشروط بشروط، من دونها لا يجوز، ذكرت الآية بعضها، وأخرى مستقاة من واقع الحال حين نزول الآية.:
- والشروط هي: أن تكون كتابية.. محصنة.. تخضع لقوامة الرجل.. وهذا تفصيلها:
1- أن تكون الكتابية..
كما جاء النص عليه في القرآن: يهودية أو نصرانية؛ مؤمنة بدينها، غير ملحدة، فلا يكفي أنها من بلد نصراني، أو أنها في أصلها نصرانية، من أبوين نصرانيين، بل لا بد كذلك أن تكون هي مقرة بدينها ملتزمة بالجملة بما فيه، وإلا فهو مانع من الإباحة.
2- أن تكون محصنة.
كما جاء النص في القرآن، أي عفيفة، كما قال ابن عباس، وقال الشعبي: "هو أن تحصن فرجها، فلاتزني، وتغتسل من الجنابة" (تفسير القرطبي 6/79)، فإذا كانت بغيّة، أو من اللاتي تهب نفسها لمن شاءت، وتتخذ الأصدقاء من الرجال، اتباعا لثقافات الحرية والانحلال السائدة في بيئتها، فتلك ليست بمحصنة، وهذا مانع من الإباحة.
وقد ورد أن عمر الخطاب رضي الله عنه أراد أن يفرق بين حذيفة وكتابية، فقال له حذيفة: "أتزعم أنها حرام، فأخلي سبيلها يا أمير المؤمنين؟، قال: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن". (تفسير القرطبي 3/68).
3- وهو الشرط المأخوذ من واقع الحال حين نزول الآية: أن تكون المرأة من اللاتي تخضعن للرجل، وتقر له بالقوامة، وما يتبع ذلك من الطاعة وعدم النشوز..
وذلك أن العرب حين نزول الآية كان للرجل الولاية على المرأة، فإذا تحقق هذا الشرط، وإلا فالمنع.. وتحقيق الشرط ألا يكونا في بلد يعطل قوامة الرجل على المرأة، ويعينها على النشوز، ويعطيها من الحقوق ما ليس لها، كأن تستحوذ على الأولاد بعد الطلاق، ونحو ذلك..
على أن لهذا الشرط دليلا مستنبطا من قوله تعالى:
{ولاتنحكوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم، أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون}..
فإن آية المائدة ما نسخت إلا الحكم في نساء أهل الكتاب دون الذكور، فبقي الحكم المنع في زواج المسلمات بأهل الشرك عموما، ومنهم أهل الكتاب،
إذا علم ما سبق، فإن أكثر أحوال الزواج بالكتابيات اليوم لاتتحقق فيها تلك الشروط الآنفة، أو بعضها، إلا قليلا:
- فالإلحاد يبسط سلطانه على كثير من بلاد الغرب، وهي ظاهرة منتشرة، فالبلاد النصرانية علمانية، لاتحتكم إلى الدين في شيء، ولاتأمر بذلك..
- والانحلال الخلقي، والعلاقات غير المشروعة هو الأصل في أوربا وأمريكا، ومن الظواهر السلبية: أن تكون الفتاة بلا صديق، والاختلاط هو الأصل، وكذا التعري، والحرية الجنسية، والفتاة لاتخضع لولاية أحد عقب الثامنة عشرة من عمرها، وعليها أن تنفق على نفسها، ولها أن تفعل ما تشاء، وفي مثل هذه الأوضاع أنى يمكن تحصيل العفيفة، إلا فيما ندر، والنادر لا حكم له؟!!.
- ثم قوانين تلك البلاد لاتعترف بالقوامة أصلا، بل تعده رجعية تخلفا، وكم عانى المتزوجون من الكتابيات من هذه القوانين، ففقدوا مصالحهم وأبناءهم، وتجرعوا الندم لما لحقهم من الخسران والوبال..
ولو أنهم راعوا الشروط السابقة لما نالتهم تلك المصائب، فإن كثيرا منهم تزوج من ليس لها من دينها إلا الاسم، ولاتلتزم به جملة ولا تفصيلا، وليست بمحصنة، بل بغية لم تتب، ولم تتبرأ من ذنبها، ولا تعترف بالقوامة والخضوع لولاية الرجل، تزوجها بدعوى أنها كتابية دون أن ينظر في تطبيق شروط الزواج بها، فناله ما ناله، مما نسمع به كل يوم..
فبعض الذين تورطوا ابتغوا تصحيح الخطأ، فسارعوا بالخروج بأبنائهم، خشية عليهم من الكفر، واضطروا للتحايل على قوانين تلك البلاد، التي لا تحكم بدين ولا بشريعة، فمنهم من نجاه الله فنفذ بهم إلى بلاد الإسلام، ومنهم من لم يقدر، ثم إن بعض تلك البلاد ما زلت تلاحق إلى اليوم من تسميهم رعايا لهم، وهم أولا هذا المسلم من تلك النصرانية، تلاحقهم إلى بلدانهم تطالب برجوعهم إلى حيث الكفر والرذيلة، بل ربما سعت في تدبير اختطافهم، وكم من هؤلاء الآباء في عنت وخوف، من أن يسرق منهم أبناؤهم.
فلو أنهم عملوا بالشروط، لما وقعوا فيما وقعوا فيه، وكان أمر الله قدرا مقدورا
وعليه / فمن توفرت بها الشروط السابقة جاز الزواج بها , ومن لا فلايجوز ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..