كم ساعة تلبث في البيت؟!
ناصر حسن
عمّ تبحث المرأة في الرجل؟ عن قلبه أم جسمه؟ أم كليهما معاً؟
وهل المطلوب من الزوج أن يبقى في البيت ليهب زوجته قلبه؟
أظنه سؤال جداً مهم، فلو تساءل كل واحد منا مع نفسه، كم ساعة أجلس في البيت، مع الزوجة ومع الأبناء، لرأينا أن الوقت الذي نمضيه هو قليل جداً، يكاد يكون معدوماً عند البعض. ويبرر الكثيرون بأن العمل هو السبب، وآخرون يتهمون الملل في حياتهم، وآخرون يأخذ التلفاز والانترنت من وقتهم.
صحيح أنه قد يجلس في البيت ولكن جلوسه أمام التلفزيون، أو أمام الانترنت، أو أمام هواياته من قراءة كتب، واطلاع على المجلات، واستقبال الأصدقاء في البيت وقضاء الوقت معهم، وقد يقضي بعضنا وقتاً قليلاً مع الأسرة على طاولة الطعام وهذا لا بأس به، وقد يكون هناك جلوس في البيت ولكنه جلوس انعزالي منفرد ليس فيه مشاركة، وليس فيه تفاعل مع الآخر، بمعنى جلوس صوري ليس إلاّ، لا يسمن ولا يغني من جوع، أو كما يعبرون ب "وجوده وعدمه واحد"، وبالخصوص حينما يكون الزوج من كثيري المشاغل فتكثر غفلته عن الأسرة، وهذا نوع من أنواع الإساءة للأسرة، فالأسرة بحاجة لوجود رجل في حياتها؛ وجود أب يلعب مع الأسرة ويتصابا مع الصبيان، رجل يشاركهم في الحديث في أمور حياتهم ودراستهم، ومشاكلهم، وعلاقاتهم، ولكن لنتساءل كم بقي من الوقت للتفرغ والجلوس مع الأبناء والزوجة؟!
أجرت مجلة "زهرة الخليج" استبيانين ، أحدهما موجه للرجال والآخر للنساء، وتألف من سؤالين هما:-
1- كم ساعة تقضي في البيت مع الزوجة والأولاد في اليوم (في المتوسط)؟
2- كم ساعة تقضي مع الزوجة والأولاد خارج البيت في اليوم (في المتوسط)؟
ولقد شمل الاستبيان 150 زوجاً عاملاً ، موزعين بالتساوي بين القطاعين الحكومي والخاص، حيث لوحظ أن 30% من الأزواج يقضون 3 ساعات في المتوسط داخل البيت (وهي أعلى نسبة من نوعها).
أما فيما يتعلّق بعدد الساعات التي يقضيها الزوج (أيّاً كان عمله) مع الأسرة، خارج البيت، فلوحظ أن 34% منهم يمنحون وقت الخروج ساعتين في المتوسط يومياً (وهي أعلى نسبة).
بيد أنه وعند مقارنة هذه النسب بين موظفي القطاعين الحكومي والخاص، لاحظنا وجود تفاوت بين عدد ساعات المكوث في البيت والخروج عند كل منهما.
فبالنسبة إلى الأزواج العاملين في القطاع الحكومي، تبيّن أن 43% منهم يقضون (4) ساعات في البيت، كأعلى نسبة.
ويتعيّن الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الساعات، لا تعني بالضرورة مشاركة الأُسرة الحياة اليومية، داخل البيت، فالنسب تشمل ساعات المكوث، لا ساعات المشاركة الفعلية أو التفاعل مع أفراد الأُسرة.
أما فيما يتعلّق بساعات الخروج مع الأُسرة ن التي تشمل التسوّق في الغالب، فلوحظ أن 30% من الأزواج يخرجون مع أُسرهم
3 ساعات يومياً (في المتوسط) وهي أعلى نسبة.
وبالانتقال إلى الأزواج العاملين في القطاع الخاص، تبيّن أن 37% منهم يقضون 3 ساعات يومياً في البيت مع الزوجة والأولاد كحد أعلى، في حين تمثلت النسبة الأدنى في فترة الأربع ساعات .
وفي ما يخص ساعات الخروج بالنسبة إلى الأزواج العاملين في القطاع الخاص، ذكر 39% منهم، أنهم يخرجون برفقة العائلة ساعتين في المتوسط يومياً، وهي أعلى نسبة.
ومن خلال عقد مقارنة سريعة بين نتائج الأزواج العاملين في القطاع الحكومي، وأولئك العاملين في القطاع الخاص نجد أن موظفي الحكومة يقضون وقتاً أطول مع الأُسرة خارج البيت.
وأما استبيان النساء فقد شمل 150 زوجة وتألّف من سؤالين هما :
1- كم ساعة يقضي زوجك في البيت معك ومع الأولاد في اليوم (في المتوسط)؟.
2-كم ساعة يقضي زوجك معك ومع الأولاد خارج البيت في اليوم (في المتوسط)؟.
وفي هذا الصدد لم نُفاجأ، حين قدّمت النساء أرقاماً متفاوتة (مالت إلى التقليل عموماً، خاصة من ساعات مكوث الزوج في البيت).
وفي جميع الأحوال أوضحت النساء انه حتى الوقت، الذي يقضيه الزوج في البيت يخصصه في الغالب لممارسة نشاط فردي، بعيداً عن متابعة أحوال الأُسرة، كأن يشاهد التلفزيون أو يقرأ الجريدة أو يتصفح الإنترنت وغيرها، فهو حاضر جسديا، غائب ذهنياً"(1).
فالغفلة عن الأسرة وضعف المشاركة مع الأسرة ينتج عنه حواجز نفسيه تراكمية قد تؤزم الوضع الأسري والعلاقاتي مع الأب، لأنهم فقدوا ابتسامتك ووجودك وعطفك وحنانك، فلا تعتقد أن الحياة فقط عمل من دون رعاية الأسرة فأحذر نتائجها!!.
المرأة تبحث عن القلب، وإن كان وجود الجسم يرضيها، غير أن إعطاءها بعض الوقت والخلوة بها هو من أهم حقوقها، ويمكن لنصف ساعة من الخلوة مع الزوجة قادرة على إنتاج مليون جالون من طاقة الحب لتزويد القلب بها.
ومن هنا فإن الأهل (الزوجة والأولاد) أولى بالإسعاد من غيرهم فـ "لايكن أهلك أشقى الناس بك" كما قال علي أمير المؤمنين لمالك في عهده.