(3)
كنَّا قد عرفنا أهميّة الكتابة,
ولماذا يجبُ علينا أن نكون ماهرين في كتابتنا,
كذلك عدّدنا أنواع الكتابةِ العربيّة, وعرجنا على أهم الأدوات التي يجبُ على الكاتب العنايةُ بها
وفي هذا اللقاءِ سنتحدّث عن "مراحل النّص الكتابيّ". هل النَّص الكتابي يبدأ دفعة واحدة ؟ أو هناك مراحل يمرُّ بها الكاتب قبل أن يُخرج لنا نصّه أو كتابه؟
نقول لكلّ نصٍّ
ثلاث مراحل يمّر بها :
1- نشأة الفكرة .
لا يمكن أن تكتب شيئًا إلا ويدّل على فكرة مّا أو يحمل معلومة, إن الكتابة تبدأ منذ اللحظات الأولى الّتي تداهم فيها فكرة أو معلومة مّا مخيّلة الكاتب, وهذا ما يسمّى عند العلماء بتداعي الأفكار, وهو بداية نشوء أي نص كتابي. لذا نجد أنّ كثيرًا من الكتّاب المتمرسيّن إذا جاءتهم هذه الأفكار وهذا التداعي يبادرون إلى تدوينها بشكلٍ بدائي غير متناسق لئلا تذهب؛ لأن الأفكار كما تتداعى وتأتي إليك تذهب أيضًا, فأول ما عليكَ فعله المحافظة على الفكرةِ الّتي نشأت في ذهنك, دوِّن كل ما يتبادر إلى ذهنك من أفكار وخواطر, وهذا ما يطلق عليه الآن في السّلوك المهاري "العصف الذهني".
العصف الذهني: هو استجلاب الأفكار في الذهن حول موضوعٍ مّا, ولو لم يكن بينها ترابط وتناسق, وإثباتها بأن تجعلها في ورقةٍ بين يديك من غير ترتيب, لا تهتم في هذه المرحلة بالترتيب أو التنسيق أو التحسين, هذا كله لا يهمّك, ما يهمك في هذه المرحلةِ -فقط- أن تنقل الأفكار الّتي في ذهنك على الورق كيفما اتفق .
2- إخراجَ النَّص .
نشرع في هذه المرحلةِ إلى تفحصِّ العلاقات والمعلومات, ترتيب الأفكار ذات الصّلة بشكلٍ تسلسلي, نعيد النَّظر في الأفكار المتداعية بعيدًا عن التشويش والإرباك, في المرحلة الأولى كنّا حريصين على نقل الأفكار إلى الورق كيفما اتفّق, في هذه المرحلة نحن بحاجةٍ إلى الاسترخاء والهدوء, قد تحمل الورقة الّتي بين يديك عشرات الأفكار, احذف فكرة, استغني عن جملة, عن معنى, فكر بهدوء وستأتيكَ أفكار أخرى جميلة تجعلها مترابطة ومتناسقة .
عندما تتطور الأفكار وتكتب عناصر الموضوع يبدأ الكاتب حينئذ بالتفاعل مع حصيلته اللغويّة والثقافيّة, محاولًا إخضاع المفردات الّتي في ذهنه, كل منّا لديه حصيلة من المفردات, قد تبلغ حصيلتكَ اللغويّة آلاف الكلمات وأنت لا تلمسها بين يديك, فتقول: ما عندي قدرة لغويّة ! ثق أنَّ كلًّا منّا لديه مخزون لغوي كبير, سيتفاوت هذا المخزون على قدرِ الكم من القراءة .
3- مراجعة النَّص .
هذه المرحلة هي الأهم في عمليّة الكتابةِ ففيها نحوّل الفكرة إلى مادّة يطّلع عليها النَّاس, لا يتفاعل الكاتب مع إخراج النَّص دفعة واحدة, بل يتوزع هذا التفاعل على مراحل عدّة, تبدأ بمرحلة انتقاء المفردات, إنّ من أهم مراحل التدوين هو أن نختار ألفاظنا بعناية, وأن نحذف اللفظة غير السليمة ونأتي باللفظة السليمة, نحذف الأقل صحّة لنأتي باللفظة الصحيحة, لنعبر عن لغتنا بطريقة سليمة جميلة .
قطرة:
إذا عرفت أنَّ لغة العقل غير لغة الكتابة, وأدركتَ أنّ الكتابة تحتاج إلى كثيرٍ من التنظيم ستصل إلى أن تكون كاتبًا, لا تُخرج نصًّا كتبته كيفما اتفق,
فالّذين يكتبون كما يفكرون يخرجون كتابة رديئة, ولكي تكون كاتبًا يجب أن تحوّل ما يدور في عقلكَ إلى كلامٍ منظم.
قال أحد الظرفاء مرّة
وقد كتب كتابة كثيرة غير منظمة, قال:
... عذرًا على الإطالة فلم أجد وقتًا للاختصار!
سؤالي لكم :
حديثنا في هذا اللقاء
يخدم أيّ هدف من أهدافِ هذهِ الدورة ؟
تطبيق :
اعصف ذهنك واكتب في ردّ لكَ فكرة تدور ببالك الآن
اكتبها كيفما اتفق, لا تجمل أو تحسِّن فأنا لن أعلّق عليها أبدًا, ثُمَّ تعال بعد يومٍ أو يومين
رتِّب أفكارك وأعد صياغتها, وتأمل الفارق! يمكنكم فعل ذلك في كناشاتكم إن لم ترغبوا في الكتابة -هنا-.
إن واجهكم أيّ إشكال,
أو كان لديكم ما يثري اللقاء, فأطلبكم طرحه؛ لنستفيد جميعًا
شاكرة لكم حرصكم, داعية بالنفع لي ولكم, والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
" أوَّاهُ, ...
مَا أَشْقَى ذَكِيَّ القَلْبِ فِي الأَرْضِ الغَبِيَّة"!
|
مواقع النشر |
![]() |
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|