مفهوم الأرملة والمطلقة:
الأرملة مصطلح يطلق على كل امرأة مات عنها زوجها ولم تتزوج بعده مع فقرها وحاجتها، لأن لفظ أرامل يطلق أيضاً
على المساكين من رجال ونساء، لكنه استخدم في النساء أكثر، لأن العرب تقول أرمل فلان إذا نفد زاده وافتقر،
والمرأة إذا فقدت زوجها فقد فقدت من ينفق عليها فناسبها الوصف، وقد تكون الأرملة ذات أولاد صغار مما يزيد من
عنائها فتكون أرملة وأماً لأيتام، فالعطف، والشفقة عليها أهم لأنها تحملت المسؤولية لوحدها مع عجزها وضعفها.
أما المطلقة: فهي أكثر وضوحاً ولا يخفى أمرها على أحد، لكن المطلقات أنواع حسب لفظ الطلاق، وهي كل امرأة
فارقت زوجها في حياته بطلاقه لها، فهناك عامل مشترك بين المطلقة والأرملة وهو: أن كلاً منهما فارق الزوج، وهذه
الفرقة حصلت إما بموت أو طلاق، لكن الفرقة بالموت هي الفرقة الكبرى لأنه لا رجعة فيها، أما الفرقة بالطلاق فقد تعود
الزوجة إلى زوجها بالرجعة، أو بعقد جديد.
كما أن خفض الجناح لليتامى والبائسين دليل الشهامة والمروءة، ففي الحديث "صنائع المعروف تقي مصارع السوء".
وحري لكل من وجد قسوة في قلبه أن يعطف على يتيم ويمسح على رأسه.
ومن حقوق الأيتام بعد رعايتهم، وتربيتهم، والإشفاق عليهم، حفظ أموالهم، ومخالطتهم.
قال تعالى: "ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير، وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح".
فالغاية هي إصلاح اليتيم في نفسه، وماله، وقد توعد الله أصحاب النوايا السيئة الذين يتعدون على أموال اليتامى
وينكرونها، فقال جل شأنه: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا"،
وقال جل شأنه: "وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً".
فاليتيم قد يكون له نصيب كبير من مال والده بعد موته فهو لصغر سنه لا يستطيع حفظه وتنميته فيطمع وليه في ماله
ويعرض نفسه لهذا الوعيد الشديد، يقول السعدي -رحمه الله- (يبعث آكل مال اليتيم).
نظرة المجتمع للمطلقات:
هناك في المجتمع نظرة قاسية دونية للمطلقة كأنها ارتكبت ذنباً أو خطيئة، فهي في نظر المجتمع –غالباً-:
أ. أنها غير صالحة للتزويج، فقد فاتها قطار الحظ.
ب. أنها مصدر للمتاعب والمشاق فقدت دورها في الحياة.
ج. نظرة كره وأنانية من بنات جنسها خوفاً على أزواجهن منها.
تقول إحدى الأرامل:
مات زوجي وبعد خمس سنوات تزوجت من آخر، لم تستمر الحياة معه سوى عامين لمشكلات لا حصر لها مع زوجته
الأولى، فهي تعتقد أني خطفت زوجها منها. فكنت مطلقة مما زاد في أحزاني وهمومي.
فعلى كل أرملة أن تصبر وتحتسب، فالصبر مفتاح الفرج "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً".
وكل من يستصغر المطلقة أو يحتقرها فهو مخطئ وامرؤ فيه جاهلية.
أما نظرة الإسلام للأرامل والمطلقات فهي نظرة منصفة لهن ما لغيرهن من الحقوق والواجبات، وقد وضع الإسلام التدابير
الواقية من حدوث الطلاق وجعله أبغض الحلال إلى الله.
أمر الإسلام بحسن العشرة بين الزوجين وحث على التسامح والعفو، وأرشد إلى الطريقة المثلى في حال نشوز الزوج،
كما حرم التلاعب بالطلاق، وأوصى بالنساء خيراً، وأباح الطلاق إذا تعذر الوفاق.
كفالة الإسلام للأيتام – ومن هو اليتيم:
الأم الأرملة التي مات زوجها ولها منه أولاد صغار فهي أم لأيتام. لأن اليتيم في عرف الشرع من مات أبوه وهو صغير دون
سن البلوغ.
فإن مطلق العدالة في الإسلام حفظ الحقوق لأصحابها كما جاء في قول النبي –صلى الله عليه وسلم- "ليس منا من لم
يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا".
واليتيم في الغالب جمع بين اليتم والمسكنة، ولن يضيع يتيم في كنف الإسلام، فهذا محمد –صلى الله عليه وسلم- نشأ
يتيماً فآواه ربه ونصره كما قال سبحانه "ألم يجدك يتيماً فآوى".
فقد رغب الإسلام في كفالة اليتيم، وحسب كافل اليتيم أن يكون في معية النبي –صلى الله عليه وسلم- في الجنة كما
جاء في الحديث "أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى" فحق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به،
فهل هناك مكانة أومنزلة أعظم من هذه المنزلة في الجنة؟!، وهذا يدل على عظم حق اليتيم لضعفه ومعاناته بسبب فقد
والده الذي يحنو عليه ويحسن تربيته، وينفق عليه، ويقوم على تعليمه وتأديبه، فهو بأمس الحاجة إلى من يعوضه عما
فقده من أصحاب القلوب الرحيمة فيقوم على تربيته والإنفاق عليه، ورعايته، حتى يبلغ مبلغ الرجال.
ولقد عني القرآن الكريم بحق اليتيم ونهى عن قهره وإهماله، فقال تعالى: "فأما اليتيم فلا تقهر"، "كلا بل لا تكرمون
اليتيم"، "أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم".
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "إني أُحَرِّجُ حق الضعيفين اليتيم والمرأة"، وكان ابن عمر –رضي الله عنهما-
لا يجلس على طعام إلا على مائدته أيتام.
فكم من أم لأيتام تعاني مشقة تربيتهم، والإنفاق عليهم، وهي لا حول لها ولا قوة، تنتظر من يأخذ بأيديهم من المحسنين
ويمسح دمعتهم ويعوضهم خيراً "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً
سديداً".
بل إن ديننا الإسلامي يأمرنا بتنمية مال اليتيم وحفظه له يقول عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- "اتجروا في أموال
اليتامى لئلا تأكلها الصدقة"، حتى إذا بلغ اليتيم وأصبح رشيداً يستطيع أن يتصرف في ماله بنفسه دفع إليه ماله وهو
حقه الذي فرضه الله له كاملاً غير منقوص، يقول تعالى: "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً
فادفعوا إليهم أموالهم" وقال سبحانه: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" فكفالة اليتيم نوع من التكافل
الاجتماعي الذي يقره الدين الإسلامي، تحقيقاً لوحدة المسلمين، وتعاطفهم، وتراحمهم، وكثيراً ما يشكو بعض الأيتام من
ازدراء زملائهم لهم ومضايقتهم لهم في المنزل والشارع والمدرسة، وتعييرهم لهم بالفقر، والحاجة للناس، والضعف،
والمسكنة. وهذا أسلوب خطير جداً له أثره على حياة اليتيم النفسية، وسلوكه في الحياة، فإن احتقار اليتيم وإهماله
وصرف النظر عنه، يزيد من عنائه بل ربما يؤدي به إلى الجنوح، والانحراف، بسبب غياب السلطة الأبوية.
ولقد خطت المملكة –وفقها الله- خطوة مباركة حين أنشأت الجمعيات الخيرية لكفالة الأيتام التي تساند ما تقوم به وزارة
العمل والشؤون الاجتماعية من جهود مباركة في هذا الجانب.
واليتيم على مستوى الأمم والشعوب بحاجة إلى رعاية، وعناية خاصة، ويد حانية، تحتضنه وتخفف من معاناته، فهذا
واجب شرعي قبل أن يكون واجباً إنسانياً، فقد أورد الذهبي في ترجمة أبي علي حسان بن سعيد المنيعي المتوفى
463هـ أنه عم الآفاق بخيره وبره ومن ذلك أنه كان يكسو في الشتاء نحواً من ألف نفس.
وفي الحديث الصحيح: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" وما أحوج الأرامل، والمساكين إلى عطف المحسنين، ولنا في رسول ا
لله –صلى الله عليه وسلم- القدوة الحسنة، فكان عليه الصلاة والسلام لا يستكثر أن يمشي مع الأرملة والمسكين يقضي
له حاجته، وقد وصفه عمه أبو طالب بقوله: "ثمال اليتامى عصمة الأرامل"
أي كافيهم، وناصرهم، ومانعهم عما يضرهم، كانت أم المؤمنين زينب بنت خزيمة تعرف بأم المساكين، لكثرة إحسانها
إليهم.
5- حق الأرملة والمطلقة في التزويج:
كما ذكرت سابقاً فإن الأرملة والمطلقة امرأة لها كامل حقوقها الشرعية تحت ظل تعاليم الإسلام السمحة ولا يجوز لأحد
من الناس أن يبخسها شيئاً من حقوقها فلها الحق في أن تتزوج بعد فراغ عدتها وهذا أمر شرعه الله.
بل إن المرأة الأرملة والمطلقة تفوق غيرها في رجاحة عقلها وتجربتها في الحياة، فليس فيها ما يعيبها، فهذه زينب
بنت جحش –رضي الله عنه- لما طلقها زوجها زيد بن حارثة تزوجت من هو خير منه، رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
فأصبحت إحدى أمهات المؤمنين، ولم يتزوج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بكراً سوى عائشة -رضي الله عنها-، وإن
عزوف بعض الرجال عن الزواج بالأرامل والمطلقات ناتج عن الوضع الاجتماعي لهذه المرأة بسبب من تواجههم من بنات
جنسها من نظرة قاسية تحرمها من بعض حقوقها في الحياة، كما أنه يتولد لدى المطلقة خاصة خوف من الفشل في
الزواج الثاني بسبب تجربتها الأولى، ومتى قوبلت الأرملة والمطلقة بالإعراض وعدم الزواج، فإن لذلك أثره على المجتمع
حين يكثر العوانس في البيوت، ولا يتزوج المطلقة والأرملة إلا من يعرف قدرها وقيمتها فهي أم ومربية وواعية ومدركة
لكثير من مسؤولياتها الزوجية. وكثير من المطلقات والأرامل تزوجن وأصبحن من أفضل النساء.
ومن المطلقات من سرى إليها داء الظلم والسخرية حتى بعد زواجها الثاني فاتهمت بالأنانية، وإهمال أولادها.
ومن أحسن النية في زواجه بالمطلقة، والأرملة، فإنه يؤجر على ذلك، خاصة إذا كانت أم أولاد، واحتسب الأجر عند الله
في تربية أولادها، وتعليمهم، وتنشئتهم النشأة الصالحة، كما أن في زواجه بها إنقاذاً لحياتها من الذل والهوان الذي
تلاقيه كل يوم من مجتمع لا يعرف لهذه الإنسانة قدرها.
لكن بعض الأرامل ترفض من يتقدم لخطبتها بحجج واهية، إما وفاءً لزوجها، أو لئلا يتضرر أولادها بزواجها، وهذه
الأعذار لا تعادل مصلحة الزواج، بل قد يكون في زواجها مصلحة لأولادها حين تجد زوجاً صالحاً يقوم على رعاية الأولاد،
ويكون لهم الأب البار، وقد يكون خيراً لها من زوجها الأول.
يتبع