منتدى عالم الأسرة والمجتمع

منتدى عالم الأسرة والمجتمع (http://www.66n.com/forums/index.php)
-   الثقافة الاسلامية (http://www.66n.com/forums/forumdisplay.php?f=2)
-   -   مسير أم مخير (http://www.66n.com/forums/showthread.php?t=222691)

خاله بيتا 21-04-2011 02:00 PM

مسير أم مخير
 
هل الانسان مخير أم مسير ؟؟؟

سؤال تكرر وتحير فيه الكثيرين فما هي معلوماتكم أخواني وأخواتي عن هذا الموضوع ؟

ولعل بموضوعي السابق اشارة سريعة لاجابة الشيخ الشعراوي في المسألة

http://www.66n.com/forums/showthread.php?t=221998

شاركوني بآرائكم لعلنا نفيد ونستفيد ....

أطياف المجد 22-04-2011 10:02 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياك الله أبلة بيتا :22:

أمممممم معلوماتي قديمة جدا قراءتها وأنا في نهاية المتوسط أو بداية الثانوي لذا فلا تسأليني عن المصدر لأني لا أتذكر في أي كتاب قرأته!!:30:


الإنسان مخير ومسير كيف؟؟

الله عزوجل يقول ((وهديناه النجدين )) إذن الأنسان مخير وله مشيئة وإلا لما كنا محاسبين فالله عادل ولن يحسبنا على شيء لا مشيئة ولا إرادة لنا فيه

إلا أننا في ذات الوقت مسيرين لأن مشيتنا تقع تحت مشيئة الله المطلقة

مثال توضيحي / رجل يريد الوصول إلى مكان ما وليكن البنك وهو ليس من أهل البلد وقف أمام طريقين أحدهما هو الموصل للبنك

فأخبره المرشد بأنه إن سلك يمينا فسوف يصل إلى الهدف البنك بينما لوسلك يسارا سيضل الطريق

المرشد على أرض الواقع هوالرسول صلى الله عليه وسلم فهو هادي وهدايته هداية دلالة وإرشاد ثم تأتي هداية التوفيق من الله عزوجل

نعود للرجل التائه في المثال أعلاه عندما يسلك الطريق الصحيح ياتي التوفيق والهداية الألهية فكلما مضى في الطريق الصحيح كلما زاد هداية وتوفيقا من الله

وأقترب من هدفه والعكس صحيح عندما يسلك الطريق الخطأ كلما ضل وابتعد عن الهدف أكثر

قال تعالى " والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)) ويقول جل في علاها((وقد أضلوا كثيرا ولاتزد الظالمين إلا ضلالا ".

فعلى الانسان أن يخطو الخطوة الأولى وأن يبذل السبب ليحصل على الهداية الإلهية قال تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا "

طيب لو قال قائل ألم يكتب الله علينا ونحن في بطون أمهاتنا إن كنا سعداء أم أشقياء فكيف يستقيم ذلك مع كوننا مخيرين

الأجابة بسيطة نقول لو أن هناك مدرس خبير بمستوى طلابه وقام ووضع قائمة بأسماء الطلاب وأمام كل اسم تقديره لمستواه الدارسي المتوقع عند اجتياز الأختبار

يعني فلان ممتاز وفلان جيد وفلان ضعيف ألن تصدق توقعاته بناء على معرفته بطلابه

أنظري لنفسك أنت أم ألا تستطيعين تقدير مستويات أبناءك بناء على معرفتك بمهاراتهم ومستوياتهم هذا مثال بسيط والله المثل الأعلى

أرأيتي لو أنك أخترعتي جهازا ألن تكوني على علم بأدق تفاصيله بالطبع ستكوني ملمة به فأنت مخترعته

فكيف بالله وله المثل الأعلى فقد خلقنا وهو أعلم بنا من أنفسنا فالله يعلم وأنتم لا تعلمون

موفقة

رجل الرجال 22-04-2011 10:47 PM

أختي الكريمة بيتا
أفادك الله
هذا السؤال يحتاج إلى تهيئة بالأسئلة التالية:
1- الإنسان مسير( س في ماذا ) أم مخير ( س بين ماذا وماذا)
2- من السائل وما هو اعتقاده ليكون الجواب على السؤال وفق ضوابطه فلو كان ملحداً فلن يقبل بأدلة الأديان مهما كانت.
وإذا كان من دين اليهودية أو المسيحية فلن يقبل بأدلة المسلمين من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
3- هل هذا السؤال يوافق منطق ومفهوكم عقيدة الإسلام أم لا ؟؟؟؟
والجواب أنه غير صحيح هو أن العبد من ناحية الخلق والقدرة والمصير فهو تحت إرادة الله وقدرته الكونية العامة فكل ما سواه تحت قدرته وإرادته.
وهل للإنسان المسلم اختيار نعم في الإرادة الشرعية لله وهي أن الله وضع الإنسان ديناً هو الإسلام ووعده بالجنة إن أطاع وتوعده بالنار إن عصى وترك له حرية الاختيار في هذين الطريقين وأي اختيار له لن يكون خارج ملك الله وقدرته.
4- كيف دخل هذا السؤال الإسلام والجواب دخل بعد توسع المسلمين في البلاد غير الإسلامية وحصصولهم على الكتب الجدلية العقيمة ومن سذاجة عقول بعض المنحرفين عن العقيدة الإسلامية يعتقدون أن الإسنان يملك نفسه ومصيره وأن الله لا يقدر عليه أو يسيره كما يشاء حتى إلى المعصية وهنا الكفر.
وهذا الموضوع يدخلنا في بحوث القدر وهي منزلق خطير في العقيدة يحذر العلماء من الدخول فيها.
الخلاصة
الإنسان المسلم
مسير في الكون بإرادة الله وقدرته وفي الشريعة الإسلامية من حيث الطاعة والمعصية مخير
وسيجد نتيجة اختياره ومهما أختارلن يكون ذلك إلا في محيط قدرة الله وإرادته.
لعلي أفدتك أختي الكريمة

حواء 22-04-2011 11:48 PM

بارك الله بك .. أحببت المشاركة بموضوعك وقد شدني عنوانه
خاصة أن الموضوع تحير فيه الكثير .. وقبل ذكر ما لدي أود التنويه بالمشاركات هنا وأنها مشاركات جيدة تنم عن وعي شرعي جيد
بيد أن الموضوع بحاجة لتقعيد أكثر ، خاصة عندما نقسمها قسمة ثنائية قدرية وشرعية، فلا يسلم بالتسيير في إحداهما والتخيير
في الأخرى بإطلاق، إذ من الأمور الكونية ما يخير فيها الإنسان، كتخيره الأكل وعدمه، أو الزواج وعدمه، أو الذهاب إلى مكان أو لا
وهي ليست من الأمور الشرعية بحال، وفي المسائل الشرعية، يقول تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا
أن يكون لهم الخيرة من أمرهم
) . لذا تناول الموضوع من هذه الوجهة شائك ويدخله استثناءات عدة.

رجل الرجال 22-04-2011 11:54 PM

أبنتي الكريمة حواء
ما ذكرتيه ليس من الإرادة الكونية لله لأنها عامة فيما يحصل داخل ملك الله فسواءً ذهب أو رجع أكل أو لم يأكل فهو تحت إرادة الله ولا نقول أن الله أراد له الذهاب وأراد خو الرجوع.
والآية التي ذكرتيها ليس هي المقصودة هنا في التخيير لأنها تعني النهي عن الخيرة في النظام الشرعي المنظم لحياة الانسان لا في تطبيقة.
بارك الله فيك وفي الأبنة صاحبة الموضوع وفي الجميع.

حواء 23-04-2011 12:21 AM

وفهم موضوع القدر بجلاء يبدأ من معرفة مراتب القدر، وهي مراتب لابد من الإيمان بها، ليتم للمسلم الإيمان بالقدر، وهي:
1- العلم: أن الله علم كل شيء قبل حدوثه أزلاً، والأدلة على ذلك متوافرة متعاضدة منها: ( ذلك لتعلموا أن الله على كل شيء قدير
وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا
) سورة الطلاق : 12 وقال - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سئل عن أولاد المشركين:
"الله أعلم بما كانوا عاملين "رواه البخاري برقم: 2660

2- الكتابة: أي أن الله - تعالى - قد كتب تلك المقادير التي علمها بعلمه الشامل لكل شيء، وهذه الكتابة في اللوح المحفوظ.
والأدلة أيضًا متوافرة، منها قوله تعالى: (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ) النمل : 75 وقال الرسول
- صلى الله عليه وآله وسلم - : "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة"رواه مسلم برقم: 2653

3- الإرادة والمشيئة: وهي أن كل ما في الكون إنما يجري بمشيئة الله، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.. فشاء سبحانه ما علمه وكتبه.
ومن أدلتها الكثيرة قوله تعالى: ( إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد ) هود: 107، وقال - عليه الصلاة والسلام لما قال له رجل
ما شاء الله وشئت : "أجعلتني لله عدلا، بل ما شاء الله وحده "رواه أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 139

4- الخلق، وهو أن الله تعالى - خلق كل شيء، ومن ضمن ذلك أفعال العباد، فهو خالقها بمعنى خالق إرادة الفعل والقدرة عليه في نفس العبد
والعبد هو الفاعل على الحقيقة، وهذه التي فيها النزاع بين الطوائف، قال تعالى: ( والله خلقكم وما تعملون ) الصافات: 96 وقوله
- عليه الصلاة والسلام - : "اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها "رواه مسلم برقم: 2722 ووجه الدلالة أن الفاعل
حقيقة هو الله - عز وجل - من حيث هداية العبد وخلق القدرة في نفسه الإذن له بفعل الأمر.

--------

ثم بعد بيان تلك المراتب أقول أن هناك قواعد ينبغي أن تكون راسخة في المعتقد لتحل إشكاليات قد يقع فيها الإنسان في باب القدر، من تلك القواعد:

1- علم الله كامل محيط بكل شيء، فهو يعلم الأمور قبل حصولها، فكتب في اللوح المحفوظ ما علم أن العباد سيفعلونه
لا ما أجبرهم عليه، ويمكن تصور ذلك، فهذه الأم تعطي أبناءها مالا وهي تدرك في نفسها تقول أعلم أن فلانا سيشتري بها كذا
وفلانا سيدخر هذا المال، وفلانة ستفعل كذا، لأنهم أبناءها وتدرك طبيعتهم وكيف يفكرون وماذا سيختارون، ولله المثل الأعلى
فربنا يعلم ماذا سأختار وماذا ستختارين أنت، لذلك كتب ما علمه سبحانه بعلمه المحيط لكل شيء ( وسع كل شيء علمًا) .


2- الله غني غنى كاملاً عن عباده، فلا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، وإنما الإنسان يُقدم لنفسه ما أمر أن يعمله.
والله ليس بحاجة إلى العباد حتى يجبرهم ويكتب عليهم الذنب ثم يعذبهم عليه.


3- الله لا يظلم الناس شيئًا، فهو كامل العدل سبحانه.


4- الله - عز وجل - لما كلفنا بالأوامر والنواهي، فقد أقام علينا الحجة، فلا يحتج أحد على الله بالقدر وذلك من وجوه:
- أن الله لا يكلف إلا البالغ العاقل.
- لا يكلف الله إلا المختار، فيحاسبه، أما المكره المجبر على عمل فإن الله لا يكلفه ولا يحاسبه، ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)
- لا يكلف الله إلا القادر، أما العاجز فلا يكلفه ولا يحاسبه على تقصيره بسبب عجزه.

5- قامت الحجة علينا جميعا بإرسال الرسل وإنزال الكتب وتشريع الشرائع، فلا حجة لأحد يقول فيم العمل؟
لأن الله ميسرنا جميعًا لما سنختاره نحن بمحض إرادتنا التي خلقها الله، وقد علم الله سابقا ما سنختاره
وكتبه عنده، ولم يأمرنا أن نفتش عما كتبه وعلمه، إنما أمرنا أن نعمل، وسنجد الجزاء ..


وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى

والله أعلم

حواء 23-04-2011 12:40 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الرجال (المشاركة 2605742)
أبنتي الكريمة حواء
ما ذكرتيه ليس من الإرادة الكونية لله لأنها عامة فيما يحصل داخل ملك الله فسواءً ذهب أو رجع أكل أو لم يأكل فهو تحت إرادة الله ولا نقول أن الله أراد له الذهاب وأراد خو الرجوع.
والآية التي ذكرتيها ليس هي المقصودة هنا في التخيير لأنها تعني النهي عن الخيرة في النظام الشرعي المنظم لحياة الانسان لا في تطبيقة.
بارك الله فيك وفي الأبنة صاحبة الموضوع وفي الجميع.

شكر الله لكم أيها الأستاذ الكريم ، لكن ما تذكره ترده النصوص الشرعية والتي هي عمدة فهم العقيدة
قال تعالى : ( ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ) سورة البقرة
وقوله تعالى : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) سورة التكوير
وقوله تعالى : ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم )
فأدخل أعمال العباد ومشيئتهم ضمن إرادته العامة كونية كانت أو شرعية .. فيقال أكل بإرادة الله
اقتتلوا بإرادة الله، لم يخرجوا لأن الله لم يرد ..
ومن أوضحها دلالة ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) فوقوع الضرر بالسحر إنما هو من إذن الله
وإرادته الكونية لا الشرعية ..

ولعل من نافلة الأمر توضيح معنى الإرادة الكونية والإرادة الشرعية
الإرادة الكونية: كل ما وقع وحصل سواء أحبه الله أم لم يحبه ، كقوله تعالى ( والله لا يحب الفساد )
مع ذلك أراد وقوعه فقال: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)

- الإرادة الشرعية: كل ما يحبه الله، سواء وقع أم لم يقع. فدين الله إرادة شرعية، وإذا اختاره العبد ووقع منه
فصلى مثلاً، أو وحد الله ، أو بر بوالديه ففي حقه اجتمعت الإرادة الكونية والشرعية، أما إلم يفعل فلم يحقق
الإرادة الشرعية باختياره.

وبهذا يتضح أن الآية التي سقتُها إنما هي مقصودة في الحديث، وآمل أن يكون اتضح للأستاذ الكريم وجه إيرادها.

شاكرة لكم.. والله تعالى أعلم

رجل الرجال 23-04-2011 10:59 AM

الاستاذة الكريمة حواء الهيئة الشرعية
أفادك الله ووفقك ونغعك بعلمك ونفع بك على بسطك المبارك.
تعليقي على الآية التي أوردتيها في البداية فيها منحى دقيق جداً وهو أنها تقدم تعريف الإرادة الشرعية بوضع نظام الدين للمكلف به وليس في إرادة العبد فيه في تطبيق هذا الدين .. إذ يملكون الاختيارفي التطبيق لا الوضع, وعليه يحاسبون هذا ما رميت إليه.
وقد أحسنت بقولك أنه موضوع شاك فهو متداخل مع القدر وما فيه وهو خطر على القارء غير المتمكن من ذلك فلعلي بناءً على ذلك أقترح قفل الموضوع بعد رأي صاحبته والإدارة الموقرة.

أطياف المجد 23-04-2011 11:43 AM

مع إحترامي وبالغ تقديري لك أخي الفاضل رجل رجال

لاأرى داعٍ لإغلاق الموضوع بل أرى أن المعلومات التي أضيفت للموضوع أثرته بطريقة تكاملية لا تضارب فيها

كما أننا لم نقع في المحذور ولله الحمد ومسألة أن الأنسان مخير أم مسير مسألة تحدث فيها العلماء ولم نأتي فيها ببدع من القول

وإنما تبنينا ماقاله علماؤنا حفظهم الله ورحم من مات منهم ونشرنا علمهم ليستفيد من يطلع .


ويبقى الرأي الأخير لصاحبة الموضوع

بالتوفيق


رجل الرجال 23-04-2011 12:34 PM

مع كل الشكر والتقدير لك أختي الكريمة أطياف الرياض
قصدت من إقفاله أن مثل موضوع القدر يتم نقاشه بين علماء يعلمون ما يسمعون ولا يخشى على عقائدهم من موضوع القدر ولكن نقاشه للعامة بشكل عام قد يؤذي الجاهل الذي لا يتقن دراسة الموضوع وقد سبق أن تم تنبيهنا من علمائنا في كلية الشريعة بالرياض ( قبل 30 سنة) من الحديث عن أبواب القدر مع العوام.
وأكرر شكري وتقديري.

انتظار الفرج 23-04-2011 06:00 PM

جزاكِ الله خيراً ، سئل والدنا سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله هذا السؤال فكان جوابه:


الإنسان مسير وميسر ومخير، فهو مسير وميسر بحسب ما مضى من قدر الله، فإن الله قدر الأقدار وقضى ما يكون في العالم قبل أن يخلق السماء والأرض بخمسين ألف سنة، قدر كل شيء سبحانه وتعالى، وسبق علمه بكل شيء، كما قال عز وجل: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ، وقال سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا، وقال عز وجل في كتابه العظيم: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ، فالأمور كلها قد سبق بها علم الله وقضاؤه سبحانه وتعالى، وكل مسير وميسر لما خُلق له، كما قال سبحانه: هو الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وقال سبحانه: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء)) أخرجه مسلم في صحيحه.

ومن أصول الإيمان الستة: الإيمان بالقدر خيره وشره، فالإنسان ميسر ومسير من هذه الحيثية لما خُلق له على ما مضى من قدر الله، لا يخرج عن قدر الله، كما قال سبحانه: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وهو مخير أيضاً من جهة ما أعطاه الله من العقل والإرادة والمشيئة، فكل إنسان له عقل إلا أن يسلب كالمجانين، ولكن الأصل هو العقل، فمن كان عنده العقل فهو مخير يستطيع أن يعمل الخير والشر، قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وقال جل وعلا: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ فللعباد إرادة، ولهم مشيئة، وهم فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وقال تعالى: إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ، فالعبد له فعل وله صنع وله عمل، والله سبحانه هو خالقه وخالق فعله وصنعه وعمله، وقال عز وجل: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وقال سبحانه: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فكل إنسان له مشيئة، وله إرادة، وله عمل، وله صنع، وله اختيار ولهذا كلف، فهو مأمور بطاعة الله ورسوله، وبترك ما نهى الله عنه ورسوله، مأمور بفعل الواجبات، وترك المحرمات، مأمور بأن يعدل مع إخوانه ولا يظلم، فهو مأمور بهذه الأشياء، وله قدرة، وله اختيار، وله إرادة فهو المصلي، وهو الصائم، وهو الزاني، وهو السارق، وهكذا في جميع الأفعال، هو الآكل، وهو الشارب. فهو مسؤول عن جميع هذه الأشياء؛ لأن له اختياراً وله مشيئة، فهو مخير من هذه الحيثية؛ لأن الله أعطاه عقلاً وإرادة ومشيئة وفعلاً، فهو ميسر ومخير، مسير من جهة ما مضى من قدر الله، فعليه أن يراعي القدر فيقول: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، إذا أصابه شيء مما يكره، ويقول: قدر الله وما شاء فعل، يتعزى بقدر الله، وعليه أن يجاهد نفسه ويحاسبها بأداء ما أوجب الله، وبترك ما حرم الله، بأداء الأمانة، وبأداء الحقوق، وبالنصح لكل مسلم، فهو ميسر من جهة قدر الله، ومخير من جهة ما أعطاه الله من العقل والمشيئة والإرادة والاختيار، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار))، فقال بعض الصحابة رضي الله عنهم: ففيم العمل يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ن وكلها تدل على ماذكرنا ، والله ولي التوفيق.



أرى ان الموضوع أخذ حقه في الايضاح ،لذا يغلق مع الشكر الجزيل للأخت بيتا

حواء 23-04-2011 06:11 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الرجال (المشاركة 2605902)
الاستاذة الكريمة حواء الهيئة الشرعية
أفادك الله ووفقك ونغعك بعلمك ونفع بك على بسطك المبارك.
تعليقي على الآية التي أوردتيها في البداية فيها منحى دقيق جداً وهو أنها تقدم تعريف الإرادة الشرعية بوضع نظام الدين للمكلف به وليس في إرادة العبد فيه في تطبيق هذا الدين .. إذ يملكون الاختيارفي التطبيق لا الوضع, وعليه يحاسبون هذا ما رميت إليه.
وقد أحسنت بقولك أنه موضوع شاك فهو متداخل مع القدر وما فيه وهو خطر على القارء غير المتمكن من ذلك فلعلي بناءً على ذلك أقترح قفل الموضوع بعد رأي صاحبته والإدارة الموقرة.

شكر الله للأستاذ الكريم رده ومتابعته، ويبدو أن المعنى المراد بالآية سيتضح أكثر من خلال عرض أقوال المفسرين
ومنهم شيخ المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله - فقد قال في تفسيره [ 19 : 112 ] :
لقول في تأويل قوله تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ( 36 ) ) [ ص: 271 ]

يقول - تعالى ذكره - : لم يكن لمؤمن بالله ورسوله ، ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاء أن يتخيروا
من أمرهم غير الذي قضى فيهم ، ويخالفوا أمر الله وأمر رسوله وقضاءهما فيعصوهما ، ومن يعص الله ورسوله
فيما أمرا أو نهيا ( فقد ضل ضلالا مبينا ) يقول : فقد جار عن قصد السبيل ، وسلك غير سبيل الهدى والرشاد .
"

وبهذا يتضح أن المراد في تخير العبد بين التطبيق وعدمه، لذا يحاسب الله - عز وجل - ويعاقب من تخلفت إرادته
عن إرادة الله الشرعية. والله أعلم.

بالنسبة لتحذير العلماء من الخوض في القدر فعلى الطريقة الكلامية المتفلسفة القائلة بالنفي أو الجبر
أما الكلام في القدر تعليمًا على منهج أهل السنة والجماعة، فهو أمر حسن وتعليم يُحتس الأجر فيه.
ولعلكم تعلمون أن من ضبط العلم فإنه يستطيع توضيح ما يشكل في الباب..

وجميل أننا من ذات الكلية مع فارق في الزمن،،

وفقكم الله جميعًا

خاله بيتا 23-04-2011 06:45 PM

مسير أم مخير
 
أعتذر عن تأخري في دخول المنتدى والرد :)

كما أشكر جزيل الشكر كل من أخي رجل الرجال والاخت حواء والاخت أطياف الرياض على مداخلاتهم

ففيها الفائدة للجميع سواء العامة منا أو المتخصصين فالسؤال يخطر على بال أي كان سواء تخصص أم لا وبعد أن انتشر المسلمون بكل أرجاء الأرض فلا بد من أن يواجه أي منهم بهذا السؤال أو غيره من الأسئلة المحيرة في وقت ما فيحتار المسلم وربما يدخل الشك قلبه لأن الأفاضل من العلماء ممن لا ننكر فضلهم وعلمهم ولا نشك للحظة أن منبع تكتمهم هو خوفهم على دين الله وعلى العقيدة في قلوب المسلمين بما وافق اجتهادهم وتفكيرهم .
لكن هذا لا يمنع أن نجتهد نحن أيضا في ضوء ما جد علينا وفي اطار علمنا ونقول بوجوب نشر كل العلوم ولا نخص بها أحد دون غيره فنحن في زمان انتشرت فيه وسائل علم واتصال لم تكن على زمنهم تدفعنا للإتجاه الى طريق غير التي سلكوها فإن احتكرنا الجواب فسيجد العوام ( أتحفظ على هذا اللفظ ) سيجدون السؤال ولا يجدون له جواب وهنا نخاف على عقيدتهم .

وقد واجهت بعض من هذه التساؤلات عند سفري وفي محاضر العلم ... فكان لزاما علي البحث عن اجابة سلسة سهلة كإجابة الاخت أطياف ولا بأس بإجابة متعمقة كإجابة أخي رجل الرجال وأختي حواء . ولن أصبح متخصصة في العلم الشرعي ان استطعت فهم ما يشرحه الأفاضل منكم أو أحد شيوخنا لكني سأصبح أكثر قدرة على رد السائلين (المشككين إن أسأنا الظن بهم والباحثين إن أحسنا الظن بهم ).
أقول هذا من منطلق تجربة قريبة واقعية مررت بها مع احدى طالبات علم قراءة القرءان لغير العرب والتي درست اليهودية وقد كانت مسيحية الديانة قبل زواجها بمسلم عربي فكانت تسأل أسئلة في العقيدة كهذا السؤال فإن أجبتها بأن هذا خارج اختصاصي تستغرب وتقول لي أولست بمسلمة ؟؟؟ أوليست هذه عقيدتك ؟؟ كيف لا تعرفين الاجابة حتى لو كانت خارج اختصاصك العلمي فهي في صميم إيمانك ؟؟؟

فأجيبها مع تأكيدي لها بأن إجابتي من علمي كمسلمة عادية غير متخصصة وبأنها ما أجتهد فيه ... وأحمد الله عز وجل الذي كان ينير بصيرتي بإجابة شافية لها وعندما أعود لبيتي وأبحث أكثر لأتأكد مما قلت أجده سليما فأحمد الله على حفظه لدينه وتنوير بصيرتي ..

أتوقع بأن الموضوع نال نصيبه من الاجابات الشافية وتم الرد على السؤال بما يستحق فأتمنى اغلاق الموضوع

ترددت قليلا قبل طلب الاغلاق فقد تحسبت لسائل يود طرح استفساره وأرغب بإيصال المعلومة للجميع لكني أيضا خشيت من دخول محبي الجدل لمجرد الجدل وممن يسأل السؤال دون تكلفة نفسه عناء النظر والتمعن بالمشاركات السابقة .
لهذا أطلب اغلاق الموضوع مع الرجاء ممن عنده استفسار فعلي بطرح استفساره بموضوع مستقل وربما تدمج الإدارة الموضوعين إن رأت ذلك .
أكرر شكري لكل من شارك .. جعله الله في ميزان حسناتكم :)


الساعة الآن 09:28 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©