![]() |
التفكر في الاخـــره
₪ ₪ التفكر في الآخرة ₪ ₪ ·عن عون بن عبد الله قلت لأم الدرداء : أي عبادة أبي الدرداء أكثر ؟ قالت : التفكر والاعتبار . ·عن أبي الدرداء قال : تفكر ساعة خير من قيام ليلة . ·عن أبي الدرداء لما حضرته قال : من يعمل لمثل يومي هذا ، لمثل مضجعي هذا ؟ ·قال الحسن البصري : خرج هرم بن حيان وعبد الله بن عامر بن كريز ، فبينما رواحلهما ترعى إذ قال هرم : أيسرك أنك كنت هذا الشجرة ؟ قال : لا والله لقد روقني الله الإسلام ، وإني لأرجو ، قال : والله لوددت أني كنت هذه الشجرة ، فأكلتني هذه الناقة ، ثم بعرتني فاتخذت جلة ، ولم أكابد الحساب ، يا ابن أبي عامر ويحك ! إني أخاف الداهية الكبرى . ·عن مطرف بن عبد الله العامري قال : لأن يسألني الله تعالى يوم القيامة : يا مطرف ألا فعلت أحب إلى من أن يقول لي لَم فعلت ؟ ·عن محمد بن الحنفية قال : إن الله جعل الجنة ثمناً لأنفسكم فلا تبيعوا بغيرها . ·قال بُرد - مولى ابن المسيب - لسعيد بن المسيب : ما رأيت أحسن ما يصنع هؤلاء قال سعيد : وما يصنعون ؟ قال : يصلي أحدهم الظهر ، ثم لا يزال صافاً رجليه حتى يصلي العصر فقال : ويحك يا بُرد ، أما والله ما هي العبادة ، إنما العبادة التفكر في أمر الله ، والكف عن محارم الله ·قال ابن أبي مليكة : شهدت عبد العزيز بن مروان عند الموت يقول : يا ليتني لم أكن شيئاً .. يا ليتني كهذا الماء الجاري . وقيل : قال : هاتوا كفني : إف لك ، أقصرك طويلك وأقلك كثيرك . ·روى الثوري عن أبيه قال : كان الربيع بن خثيم إذا قيل له : كيف أصبحتم ؟ قال : ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا . عن الشعبي : ما بكيت من زمان إلا بكيت عليه . ·قال القاسم بن ابي أيوب : سمعت سعيد بن جبير يردد في هذه الآية في الصلاة بضعاً وعشرين مرة ** واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله } . ·عن بكير بن عتيق قال : سقيت سعيد بن جبير شربة نم عسل في قدح فشربها قم قال : والله لأسألن عنه قلت : لم ؟ قال : شربته وأنا أستلذه . عن طاووس بن كيسان : ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أُحصي عليه حتى أنينه في مرضه . ·قال بلال بن سعد الكسوني : يا أهل التقى إنكم لم تخلقوا للفناء ، وإنما تنقلون من دار إلى دار ، كما نقلتم من الصلاب إلى الأرحام ، ومن الأرحام إلى الدنيا ومن الدنيا إلى القبور ، ومن القبور إلى الموقف ، ومن الموقف إلى الخلود في جنة أو نار . ·قال عطاء بن أبي رباح قال : إن مَنْ قبلكم كانوا يعدون فضول الكلام ، ما عدا كتاب الله ، أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر ، أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها ، أتنكرون أن عليكم كراماً كاتبين عن اليمين وعن الشمال قعيد ، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ، أما يستحي أحدكم لو نُشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره ، وليس فيها شيء من أمر آخرته . ·حج سليمان بن عبد الملك مع عمر بن عبد العزيز فأصابهم بَرْق ورعد حتى كادت تنخلع قلوبهم ، فقال سليمان : يا أبا حفص هل رأيت مثل هذه الليلة قط أم سمعت بها ؟ قال : يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمة الله فكيف لو سمعت صوت عذابه ؟ ·عن عطاء قال : كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون . مما يروى لعمر بن عبد العزيز : أيقظانُ أنتَ اليومَ ؟ أم أنت نائم؟ *** وكيف يُطيقُ النوم حيرانُ هائمُ فلو كنتَ يقظانَ الغداةِ لخرَقْت *** مدامعَ عينيك الدموعُ السواجمُ تُسر بما يَبْلى وتَفرحُ بالمُنى *** كما اغتر باللذات في النوم حالمُ نهارُك يا مغرورُ سهوٌ وغفلةٌ *** وليلُك نوم والردى لك لازمُ وسعيُك فيما سَوْف تَكْرَه غِِبَه *** كذلك في الدنيا تعيشُ البهائم قال مكحول : بأي وجه تلقون ربكم ، وقد زهدكم في أمر فرغبتم فيه ، ورغبتم في أمر فزهدتم فيه ؟ . ·عن الشافعي قال : لما بنى هشام بن عبد الملك الرصافة بقنسرين ، أحب أن يخلو يوماً لا يأتيه فيه غم ، فما انتصف النهار حتى أتته ريشة بدمٍ من بعض الثغور فقال : ولا يوم واحد ! ·قال صالح المري لعطاء السلمي : يا شيخ قد خدعك إبليس ، فلو شربت ما تقوى به على صلاتك ووضوئك ؟ فأعطاني ثلاثة دراهم وقال : تعاهدني كل يوم بشربة سويق ، فشرب يومين وترك وقال : يا صالح إذا ذكرت جهنم ما يسعني طعام ولا شراب . قيل : إن عطاء السليمي بكى حتى عمش ، وربما غُشي عليه عند الموعظة . ·عن أبي حازم المديني قال : ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم . ·وقال : انظر كل عمل كرهت الموت من أجله فاتركه ، ثم لا يضرك متى مت . ·قال أبو حازم المديني : يسرُ الدنيا يُشْغِلُ عن كثير الآخرة . ·قال أبو حازم المديني : وما إبليس ؟ لقد عُصي فما ضر ، ولقد أُطيع فما نفع . ·عن أبي حازم المدني قال : إذا رأيت ربك يُتابع نعمَه عليك ، وأنت تعصيه فاحذره . ·قال حماد بن زيد : سمعت يونس بن عبيد يقول : توشك عيني أن ترى ما لم تر ، وأذنك أن تسمع ما لم تسمع ، ثم لا تُخرج من طبقة ، إلا دخلت فيما هو أشد منه ، حتى يكون آخر ذلك الجواز على الصراط . ·جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقاً من حاله ومعاشه واغتماماً بذلك فقال : أيسرك ببصرك مائة ألف ؟ قال : لا . قال : فبسمعك ؟ قال : لا . قال : فبلسانك ؟ قال : لا . قال : فبعقلك . قال لا . في خلال وذكره نعم الله عليه ثم قال يونس : أرى لك مئين ألوفاً وأنت تشكو الحاجة. عن عبد الله بن مسعود قال : يا أيها الناس إنكم مجموعون في صعيد واحد يسمعكم الداعي وينفذكم البصر ، ألا وإن الشقي في بطن أمه ، والسعيد من وُعظ بغيره . ·إن بعض الخلفاء سأل عمر بن ذر عن القدر فقال : ها هنا ما يشغل عن القدر ، قال : ما هو ؟ قال : ليلة صبيحتها يوم القيامة ، فبكى وبكى معه . ·عن القاسم بن معن أن أبا حنيفة قام ليلة يردد قوله تعالى : ** بَلِ الساعةُ موعِدُهُم والساعة أدهى وأمر } ويبكي ويتضرع على الفجر . كان مسعر بن كدام ينشد له أو لغيره : نهارك يا مغرور سهو وغفلة *** وليلك نوم والردى لك لازم وتتعب فيما سوف تكره غبه *** كذلك في الدنيا تعيش البهائم ·قال جعفر بن عون : سمعت مسعر بن كدام ينشد : ومُنشَيدٍ داراً ليسكُنَ دارَه *** سكنَ القبورَ ودارُه لم تُسْكَنِ عن يوسف بن أسباط قال : قال لي سفيان الثوري بعد العشاء : ناولني المطهرة أتوضأ ، فناولته . فأخذها بيمينه ، ووضع يساره على خده ، فبقي مفكراً ، ونمت ثم قمت وقت الفجر ، فإذا المطهرة في يده كما هي ، فقلت : هذا الفجر قد طلع . فقال : لم أزل منذ ناولتني المطهرة أتفكر في الآخرة حتى ساعة . ·قال يوسف بن أسباط : كان الثوري إذا أخذ في ذكر الآخرة يبول الدم . ·عن أحمد بن يونس : سمعت الثوري ما لا أحصيه يقول : اللهم سلم سلم ، اللهم سلمنا وارزقنا العافية في الدنيا والآخرة . ·عن سفيان الثوري : من سُر بالدنيا نُزِع خوف الآخرة من قلبه .عن شقيق البلخي قال : أخذت الخشوع عن إسرائيل بن يونس كنا حوله لا يعرف مَنْ عن يمينه ، ولا نم عن شماله من تفكره في الآخرة ، فعلمت أنه رجل صالح . ·عن ابن السماك قال : هِمةُ العاقل في النجاة والهرب ، وهمة الأحمق في اللهو والطرب ، عجباً لعين تلذ بالرقاد ، وملك الموت معها على الوساد ، حتى متى يُبلغنا الوعاظُ أعلام الآخرة ، حتى كأن النفوس عليها واقفة ، والعيون ناظرة ، فلا منتبه من نومته ؟ أو مستيقظ من غفلته ؟ ومفيق من سكرته ؟ وخائف من صرعته ؟ كدحاً للدنيا كدحاً ، أما تجعل للآخرة منك حظاً ؟ أقسم بالله لو رأيت القيامة تخفق بأهوالها والنار مشرفة على أهلها ، وقد وضع الكتاب ، وجيء بالنبيين والشهداء ، لسرك أن يكون لك في ذلك الجمع منزلة ، أبعد الدنيا دارُ معتمل أم إلى غير الآخرة منتقل ؟ هيهات ولكن صُمت الآذان عن المواعظ ، وذُهلت القلوب عن المنافع ، فلا الواعظ ينفع ولا السامع ينتفع . وعنه : هب الدنيا في يديك ، ومثلُها ضُم غليك وَهبِ المشرق والمغرب يجيء إليك فإذا جاءك الموت فماذا في يديك ؟ ألا من امتطى الصبر قوي على العبادة ، ومَنْ أجْمَعْ الناس ، استغنى عن الناس ، ومن أهمته نفسه لم يول مَرَمتها غيره ، ومن أحب الخير وفق له ، ومن كره الشر جُنبَهُ ، ألا متأهب فيما يوصف أمامه ، ألا مستعد ليوم فقره ، ألا مبادر فناء أجله ما ينظر من ابيضت شعرته بعد سوادها ، وتكشر وجهه بعد انبساطه ، وتقوس ظهره بعد انتصابه ، وكل بصره وضعف ركنه ، وقل نومه ، وبلي منه شيء بهد شيء في حياته ، فرحم الله امرءاً عقل الأمر وأحسن النظر واغتنم أيامه . ·وعنه : الدنيا كلها قليل ، والذي بقي منها قليل ، والذي لك من الباقي قليل ، ولم يبقَ من قليلك إلا قليل ، وقد أصبحت في دار العزاء وغداً تصير على دار الجزاء ، فاشتر نفسك لعلك تنجو قال المسيب بن واضح الزاهد العمري بمسجد منى يقول: للهِ دَرٌ ذوي العُقُولْ *** والحِرْصِ في طلبِ الفُضُولِ سُلابُ أكْسِيةِ الأراملِ *** واليتامى والكُهُولِ والجامعينَ المكثرينَ *** من الجِنَاية والغُلُولِ وضعوا عقولَهم من *** الدنيا بمَدْرَجَة السُيولِ ولهو بأطرافِ الفُروع *** وأغفلوا عِلْمَ الأصولِ وتتبعوا جَمْعَ الحطامِ *** وفارقوا أثرَ الرسولِ ولقد رأوا غيلانَ رَيِبِ *** الدهر غولاً بعد غولِ ·عن ابن المبارك قال : المرءُ مثلُ هِلالِ عند رؤيتِه *** يبدو ضئيلاً تراه ثم يَتَسِقُ حتى إذا ما تراه ثُم أعقبه *** كَر الجديدين نَقْصاً ثم يَمْحِقُ ][/COLOR] يتبــــــــــــــــــــــع |
إن ابن المبارك مر براهب عند مقبرة ومزبلة فقال : يا راهب عندك كنز الرجال ، وكنز الأموال ، وفيها معتبر .
·قال الفضيل : لو خُيرت بين أن أعيش كلباً وأموت كلباً ولا أرى الآخرة لاخترت ذلك . ·عن الفضيل قال : والله لأن أكون تراباً أحب إلي من أن أكون في مسلاخ أفضل أهل الأرض ، وما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذا لطاش عقلي ولم أنتفع بشيء . عن الفضيل قال : ليست الدنيا دار إقامة ، وإنما آدم أُبط على الدنيا عقوبة ، ألا ترى كيف يزويها عنه ، ويمررها عليه بالجوع وبالعري ، كما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها مرة حُلواً ومرة صبراً وإنما تريد بذلك ما خير له . ·عن الفضيل قال : إنما أمس مثل ، واليوم عمل ، وغد أمل . ·قال أبو سليمان الداراني : كان علي بن الفضيل لا يستطيع أن يقرأ القارعة ولا تقرأ عليه . ·كان علي بن الفضيل عند سفيان بن عُيينة فحدث بحديث فيه ذكر النار فشق علي شهقة ووقع ، فالتفت سفيان فقال : لو علمت أنك ها هنا ما حدثت به ، فما أفاق إلا بعد أن شاء الله . ·عن إبراهيم بن بشار قال : الآية التي مات فيها علي بن الفضيل في الأنعام : ** ولو ترى إذ وُقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نُرد } مع هذا الموضع مات وكنت فيمن صلى عليه. ·عن سفيان بن عُيينة قال لي أبو بكر بن عياش : رأيت الدنيا في النوم عجوزاً شوهاء . ·قال سفيان بن عُيينة : دخلت على هارون الرشيد فقال : يا أبا إسحاق إنك في موضع وفي شرف ، قلت : يا أمير المؤمنين ذلك لا يُعني عني في الآخرة شيئاً وقال الأصمعي : سمعت يحيى بن خالد يقول : الدنيا دُول ، والمال عارية ، ولنا بمن قلبنا أسوة ، و ( فينا ) لمن بعدنا عبرة . ·قال أبو نواس : سبحانَ ذي الملكوتِ أيةُ ليلةٍ *** مَخضت صبيحتُها بيوم الموقفِ لو أنْ عيناً وهمتْها نفسها *** ما في المعادِ مصوراً لم تطرفِ ·وله : ألا كل حي هالك وابن هالكٍ *** وذو نسبٍ في الهالكين عريق إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفتْ *** له عن عدو في ثياب صديقِ وقيل للشافعي : ما لك تُكثر من إمساك العصان ولست بضعيف ؟ قال : لأذكر أني مسافر . ·قال الذهبي : سمعت أبا مسهد ينشد : ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له *** من الله في دار المُقام نصيبُ فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنه *** متاعٌ قليل والزوالُ قريبُ وعن بشر بن الحارث : أمس قد مات ، واليوم في السياق ، وغداً لم يولد . ·وعن فتح الموصلي : من أدام النظر بقلبه أورثه ذلك الفرح بالله . ·وكان محمد بن سلام يقول : أفنيت ثلاثة أهلين ماتوا ، وها أنا في الرابعة ولي أولاد . ·قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين ، يقول : ما الدنيا إلا كحلم ، والله ما ضر رجلاً اتقى الله على ما أصبح وأمسى ، لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة ، خرجت راجلاً من بغداد إلى مكة ، هذا من خمسين سنة كأنما كان أمس . وكنت أسمع أحمد بن حنبل كثيراً يقول : اللهم سلم سلم . ·وقال عبد الله بن احمد : سمعت أبي يقول : وددت أني نجوت نم هذا الأمر كفافاً لا علي ولا لي . ·يقول أحمد بن حنبل : والله لقد أعطيت المجهود من نفس ، ولوددت أني أنجو كفافً . ·سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : ما شَبهتُ الشبابَ إلا بشيء كان في كُمي فسقط . ·وعن موسى بن معاوية قال : صلى بنا هارون الخليفة الصبح في المسجد الحرام ، فقرأ بالرحمن والواقعة ، فتمنيت أنْ لا يسكت من حسن قراءته ، فقمت إلى الفضيل ، فسمعته يقول : مسكين هارون ، قرأ الرحمن والواقعة ولا يدري ما فيها . ·قال الجنيد : وسمعت السري السقطي يقول : إني لأنظر على أنفي كل يوم مخافة أن يكون وجهي قد اسود ، وما أحب أن أموت حيث أعرَف ، أخاف أن لا تقبلني الأرض ، فأُفتضح . ·سمعت محمد بن يحيى يقول : تقدم إلى عالِم ، فقال : علمني وأوجز ، قال : لأوجزن لك ، أما لآخرتك : فإن الله أوحي إلى نبي من أنبيائه : قل لقومك : لو كانت المعصية في بيت من بيوت الجنة لأوصلت إليه الخراب ، وأما لدنياك : فإن الشاعر يقول : ما الناسُ إلا مع الدنيا وصاحبِها *** وكيف ما انقلبت يوماً به انقلبوا يُعَظْمون أخا الدنيا فإنْ وَثَبَت *** يوماً عليه بما لا يشتهي وثبوا قال محمود بن والان : سمعت عبد الرحمن بن بشير ، سمعت ابن عُيينة يقول : غضب الله داء لا دواء له . ·قال الذهبي : دواء كثرة الاستغفار بالسحر والتوبة النصوح . ·قال الذهبي : قد كان يعقوب بن شيبة صاحب أموال عظيمة وحشمة وحرمة وافرة ، بحيث إن حفيده حكى ، قال : لما ولدت عمد أبواي ، فملأ لي ثلاثة خوابي ذهباً ، وخبأها لي ، فذكر أنه طال عمره ، وأنفقها وفنيت ، واحتاج . محمد بن خالد بن يزيد بمكة ، سمعت عطية بن بقية يقول: يا عطيةً بن بقية *** كأن قد أتتك المنيهْ بكرة أو عشيةْ فتفكر وتذكر *** وتجنب الخطيةْ وذكر الله بتقوى *** واتبع القول بنية وأبى شيخُ البرية *** فاكتبوا عني بنية في قراطيس نقية ·قال يحيى بن معاذ الرازي : الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة ، وهو يسألك عن جناح بعوضة . ·وعنه قال : لست أبكي على نفسي إن ماتت ، إنما أبكي على حاجتي إن فاتت . ·وعن وصيف الخادم ، قال : سمعت المعتضد يقول عند موته : تَمَتَع من الدنيا فإنك لا تبقى *** وخُذ صَفْوَها ما إنْ صفت ودَعِ الرنْقا ولا تأمَنَن الدهرَ إني أمِنْتُه *** فلم يُبق لي حالاً ولم يَرْع لي حقا قتلتُ صناديدَ الرجال فلم أَدَع *** عدواً ، ولم أُمْهل على ظِنةٍ خلقا وأخليتُ دورَ الملك من كلْ بازلٍ *** وشتتهم غرباً ومزقتهم شرقا فلما بلغتُ النجم عِزا ورفعة *** ودانت رقابُ الخلْق أجمع لي رِقا رماني الردى سهماً فأخمد جَمْرتي *** فها أنا ذا في حُفْرتي عاجلاً مُلْقى فأفسدتُ دنياي وديني سَفَاهةً *** فنم ذا الذي منى بمصرعه أشقى فيا ليتَ شعري بعد موتي ما أرى ***إلى رحمةِ الله أم نارَه ألقى ؟ ولعبد الله بن المعتز يرثيه : يا ساكنَ القبر في غبراءَ مُظلمةٍ *** بالظاهريةِ مُقْصى الدار منْفرداً أينَ الجيوش التي قد كنتَ تَسْحَبُها ؟ *** أين الكنوزُ التي أحصيْتَها عددا ؟ أين السريرُ الذي قد كنت تملؤُه *** مهابةً مَنْ رأته عينُه ارتعدا ؟ أين الأعادي الأولى ذَللت مَصْعَبَهم ؟ *** أين الليوثُ التي صيرتَها بُعَداً ؟ أين الجيادُ التي حجلْتَها بدم؟ *** وكُن يحمِلْن منك الضبغَم الأسَدا أين الرمالُ التي غذيتَها مُهَجا ؟ *** مُذْ مِت ما وَرَدَت قَلْبها ولا كَبِدا أين الجِنانُ التي تجري جداوِلُها *** وتستجيبُ إليها الطائرَ الغَردا؟ أين الوصائفُ كالغِزلان رائحة *** يَسْحَبن من حُلًلٍ مَوْشِيةِ جُداً أين الملاهي ؟ وأين الراحُ تسَبُها *** ياقوتةً كُسِيَتْ من فِضةٍ زَرَدَا؟ أين الوُثُوب إلى الأعداد مُبْتغياً *** صلاحَ مُلكِ بني العباس إذْ فَسَدا؟ ما زِلت تَقْسِْر منهم كل قَسْوَرةٍ *** وتَخُبِطُ العالي الجبارَ مُعْتَمدا ثم انْقَضَيْتَ فلا عينٌ ولا أثرٌ *** حتى كأنك يوماً لم تَكُنْ أحدا إن أبا بكر بن أبي الدنيا دخل على يوسف القاضي ، فسأله عن قُوته ، فقال القاضي : أجدني كما قال سيبويه : لا يَنْفَع الهِلْيُونُ والأطريفلُ انْخرقَ الأعلى وخارَ الأسفلُ ونحنُ في جِد وأنت تَهْزلُ · يتبــــــــــــــــــــــــعSIZE][/COLOR] |
فقال: ابن الدنيا :
أراني في انتقاصٍ كل يوم *** ولا يبقى مع النقصان شيء طوى العصران ما نشراه مني *** فأخلق جدتي نشرٌ وطي ·وقيل : أنشأ ابن مقلة الوزير داراً عظيمة فقيل : قل لابن مقلةَ مَهْلاً لا تكن عَجِلا *** واصبرْ فإنك في أضْغاثِ أحلامِ تبني بأنقاضِ دورِ الناس مُجْتهداً *** داراً شَتُهْدم أيضاً بعد أيامِ ما زلتْ تختارُ سَعْدَ المشتري لها *** فلم تُقَ به من نَحْسِ بَهْرامِ إن القرآنَ وبطليموسَ ما اجتمعنا *** في حالِ نقضٍ ولا في حال إبرامِ أُحرقت بعد ستة أشهر ، وبقيت عبرة . ·قال إبراهيم بن فاتك : سمعت أبا يعقوب ، يقول : الدنيا بحر ، والآخرة ساحل ن والمركب التقوى ، والناس سفر . ·ومن قول ابن علي الثقفي : يا مَنْ باع كل شيء بلا شيء واشترى لا شيء بكل شيء . ·وقال : أف من أشغال الدنيا إذا أقبلت ، وأف من حسراتها إذا أدبرت . العاقل لا يركن إلى شيء إن أقبل كان شغلاً ، وإن أدبر كان حسرةً . قال الحاكم : سمعت الأصم ، وقد خرج ونحن في مسجده ، وقد امتلأت السكة من الناس في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثلاث مئة . وكان يملي عشية كل يوم اثنين من أصوله . فلما نظر إلى كثرة الناس والغرباء وقد قاموا يطرقون له ، ويحملونه على عواتقهم من باب داره ( إلى مسجده ) ، فجلس على جدار المسجد ، وبكى طويلاً ، ثم نظر إلى المستملي ، فقال : أكتب : سمعت محمد بن إسحاق الصفاني يقول : سمعت الأشج ، سمعت عبد الله بن إدريس يقول : أتيت يوماً باب الأعمش بعد موته فدقت ( الباب ) ، فأجابني جارية عرفتني : هاي هاي ( تبكي ) : يا عبد الله ، ما فعل جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب ؟ ثم بكى الكثير ، ثم قال : كأني بهذه السكة لا يدخلها أحد منكم ، فإني لا أسمع وقد ضعف البصر ، وحان الرحيل ، وانقضى الأجل ، فما كان إلا بعد شهر أو أقل منه حتى كف بصره وانقطعت الرحلة ، وانصرف الغرباء ، فرجع أمره إلى أنه كان يناول قلماً ، فيعلم أنهم يطلبون الرواية ، فيقول : حدثنا الربيع ، وكان يحفظ أربعة عشر حديثاً ، وسبع حكايات ، فيرويها ، وصار بأسوأ حال حتى توفي . جاور أبو يزيد المروزي بمكة سبعة أعوام ، وكان فقيراً يقاسي البرد ويتكتم ويقنع باليسير . أقبلت عليه الدنيا في آخر أيامه ، فسقطت أسنانه ، فكان لا يتمكن من المضغ ، فقال : لا بارك الله في نعمة أقبلت حيث لا ناب ولا نصاب ، وعمل في ذلك أبياتاً . ·قال الُسٌلميُ : سمعت أبا عثمان المغربي يقول : ( ليكن ) تدبرك في الخلق تدبر عبرة ، وتدبرك في نفسك تدبر موعظة ، وتدبرك في القرآن تدبر حقيقة . قال الله تعالى : ** أفلا يَتَدَبَرُونَ القُرءانَ } . جرأك به على تلاوته ، ولولا ذلك لكلت الألسن على تلاوته . ·أنشدني الوليد بن بكر النحوي لنفسه : لأي بلائِك لا تدكرْ *** وماذا يَضُرٌك لو تَعْتبرْ بكاءٌ هنا وبُرَاحٌ هناك *** ومَيْتٌ يُساق وقبرُ حُفِرْ وبيانَ الشبابُ وحل المشيبُ *** وحانَ الرحيلُ فما تنتظرْ كأنك أعمى عُدِمتَ البصرُ *** كأن جَنابكَ جِلْدْ حَجَرْ وماذا تُعاينُ نم آيةٍ *** لو أن بقلبك صح النظرْ قال ابن أبي زمنين : لا تَطْمَئٍن إلى الدنيا وزُخرفِها *** وإنْ تَوَشحْت من أثوابها الحسنا أين الأحبةٌ والجيرانُ ما فعلوا *** أين الذين هم كانوا لنا سَكَنا سقاهم الدهرُ كأساً غيرَ صافيةٍ *** فصيرتُهم لأطباقِ الثرى رَهَنا قال ابن الجوزي : ·عقارب المنايا تلسع ، وجُدران جسم الآمال يمنع ، وماء الحياة في إناء العمر يرشح . ·ومن شعر الإسلام أبي عمر محمد بن أحمد المقدسي : ألم تَكُ منهاةً عن الزهْوِ أنني *** بدا لي شيبُ الرأسِ والضعفِ والألمُ ألم بي الخطبُ الذي لو بكيتُه *** حياتي حتى ينفذ الدمعُ لَمْ أُلَمُ أنشدني ابن الدهان : أيها المغرورُ بالدنيا انتبه *** إنها حالٌ ستفنى وتحولْ واجتهدْ في نَيْلِ مُلكٍ دائمٍ *** أيٌ خيرٍ في نعيم سيزولْ لو عقلنا ما ضحكنا لحظةً *** غيرَ أنا فُقِدَتْ منا العقولُ قال أسعد بن يحيى السنجاري : لله أيامي على رامةٍ *** وطيبِ أوقاتي على حاجرِ تكاد لسرعةِ في مَرها *** أولُها يَعْثَرُ بالآخر كان قاضي القضاة يوسف بن رافع يَتمثل : مَنْ يتمن العمر فَلْيدرع *** صبراً على فَقْدِ أحبابِهِ ومَنْ يُعمرْ يَلْقَ في نفسِه *** ما قد تمناه لأعدائهِ وفي سنة أربع وخمسين : كان ظهور الآية الكبرى وهي النار بظاهر المدينة النبوية ، ودامت أياماً تأكل الحجارة ، واستغاث أهل المدينة إلى الله وتابوا ، وبكوا ، ورأى أهل مكة ضوءها من مكة ، وأضاءت لها أعناق الإبل ببصرى ، كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه . وكسف فيها الشمس والقمر ، وكان فيها الغرق العظيم ببغداد ، وهلك خلق من أهلها ، وتهدمت البيوت ، وطفح الماء على السُور . إذا تم أمر بدا نقصه *** توقع زوالاً إذا قيل تم ومن شعر ابن حزم : هَلِ الدهرُ إلا ما عرفنا وأدركنا *** فَجائِعُه تَبْقى ولذاته تفنى إذا أمكنتْ فيه مَسَرة ساعة *** تَولت كَمَر الطرْفِ واستهلت حزنا إلى تبعاتِ في المعادِ وموقفٍ *** نَوَدٌ لديه أننا لم نَكُنْ كنا حنينٌ لما وَلى وشُغْلٌ بما أتى *** وهم لما نَخْشى فَعَيْشُك لا يَهْنا حصلنا على هَم وإثْمٍ وحَسْرةٍ *** وفاتَ الذي كنا نَنَلذُ به عنا كان الذي كنا نُسَرُ بكونه *** إذا حققته النفسُ لفظ بلا معنى ومن شعر علي بن الحسين الربعي : إنْ كنتَ نِلْتَ من الحياة وطيبِها *** نم حُسْنِ وجهِك عِفةً وشبابا فاحذرْ لنفسك أنْ ترى متمنيا *** يوم القيامة أن تكون تُرابا ·ومن شعره أيضاً : تَنَكَر لي دهري ولم يَدْرِ أنني *** أعز وأحداثُ الزمان تهونُ فباتَ يثرِيني الخَطْبَ كيف اعتداؤُه *** وبِتُ أُريه الصبرَ كيف يكونُ وقال الحافظ ابن عساكر في ( تاريخه ) : سمع ابن ابي كدية يوماً قائلاً ينشد قول أبي العلاء المعري : ضحكنا وكان الضحكُ منا سفاهةً *** وحُق لسكان البسيطة أن يَبْكو تُحطمُنا الأيامُ حتى كأننا *** زجاجٌ ولكنْ لا يُعادُ لنا سَبْكُ ·فقال ابنُ أبي كُدية يجيبه : كَذَبتَ وبيتِ الله حِلْفَةُ صادقٍ *** سيَسْكبُها بعد النوى مَنْ له المُلْكُ وتَرجعُ أجساماً صحاحاً سليمة *** تَعَارَفُ في الفردوسِ ما عندنا شَكٌ اجتاز أبو بكر الشلبي على بقال ينادي على البقل : يا صائم من كل الألوان . فلم يزل يكررها ويبكي ، ثم أنشأ يقول : خليلي إنْ دام همُ النفوسِ *** على ما أراه سريعاً قَتَلْ فيا ساقي القوم لا تَنْسَني *** ويا ربة الخِدرِ غَني رَمَلْ لقد كان شيءٌ يُسَمى السرورُ *** قديماً سمعنا به ما فعلْ ومن شعر الميداني قوله : تَنفَس صُبحُ الشيبِ في لَيْل عارضي *** فَقُلْت عساه يكتفي بعَذاري فلما فشا عاتبتُه فأجابني *** ألا هل يُرى صبحٌ بغير نهار ومن شعر الحلواني الشافعي : حالي مع الدهرِ في تقلٌبهِ *** كطائرٍ ضم رجلَه شَرَكُ هِمته في فكاك مُهْجَتِه *** يَرُوم تخليصَها فتشتبكُ من شعر الخليفة الراشد بالله العباسي زمانٌ قد استتْ فِصالُ صروفِه *** وذلل آسادَ الكرامِ لذي القَرْعى أكولتُه تَشْكو صروفَ زمانِه *** وليسَ لها مَأوى وليسَ لها مَرْعى فيا قلبُ لا تَأسَفْ عليه فربما *** تَرى القوم في أكنافِ أفنائه صَرْعى ومن شعر ابن عساكر : أيا نفسُ ويْحَك جاءَ المشيبْ *** فماذا التصابي وماذا الغزلْ تَوَلى شبابي كأنْ لم يكنْ *** وجاء مشيبي كأنْ لم يَزلْ كأني بنفسي على غُرةٍ *** وخَطْبِ المنون بها قد نزلْ فيا ليتَ شعري ممنْ أكونَ *** وما قَدَر الله لي في الأزَلْ قال ابن الجوزي : وكان الوزير ابن هبيرة مبالغاً في تحثيل التعظيم للدولة ، قامعاً للمخالفين بأنواع الحيل ، حسم أمور السلاطين السلجوقية ، وقد كان آذاه شحنة في صباه ، فلما وزر ، استحضره وأكرمه ، وكان يتحدث بنعم الله ، ويذكر في منصبه شدة فقره القديم ، وقال : نزلت يوماً إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به . وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء ، ويبذل لهم الأموال ، فكانت السنة تدور وعليه ديون ، وقال : ما وجبت على زكاة قط . وان إذا استفاد شيئاً من العلم ، قال : أفادنيه فلان . وقد أفدته معنى حديث ، فكان يقول : أفادنيه ابن الجوزي ، فكنت أستحيي ، وجعل لي مجلساً في داره كل جمعة ، ويأذن للعامة في الحضور ، وكان بعض الفقراء يقرأ عنده كثيراً ، فأعجبه ، وقال لزوجته : أريد أن أزوجه بابنتي ، فغضبت الأم . وكان يقرأ عنده الحديث كل يوم بعد العصر ، فحضر فقيه مالكي ، فذكرت مسألة ، فخالف فيها الجمع ، وأصر ، فقال الوزير : أحمار أنت ! أما ترى الكل يخالفونك ؟! فلما كان الغد ، قال للجماعة : غنه جرى مني بالأمس في حق هذا الرجل ما لا يليق ، فليقل ، لي كما قلت له ، فما أنا إلا كأحدكم ، فضج المجلس بالبكاء ، واعتذر الفقيه ، قال : أنا أولى بالاعتذار ، وجعل يقول : القصاصَ القصاصَ ، فلم يزل حتى قال يوسف الدمشقي : إذ أبى القصاص فالفداء ، فقال الوزير : له حكمه . فقال الفقيه : نعمك علي كثيرة ، فأي حم بقي لي ؟ قال : لا بد . قال : علي دين مئة دينار ، فأعطاه مئتي دينار ، وقال : مائة لإبراء ذمته ، ومائة فبرأ ذمتي . قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي : وقد اضطر ورثة الوزير ابن هبيرة إلى بيع ثيابهم وأثاثهم ، وبيعت كتب الوزير الموقوفة على مدرسته ، حتى لقد بيع ( البستان ) لأبي الليث السمرقندي في الرقاق ( بخط منسوب وكان مذهباً ) بدانقين وحبة ، وقيمته عشر دنانير ، فقال واحد : ما أرخص هذا البستان ! فقال جمال الدين بن الحسين : لثقل ما عليه من الخراج – يشير إلى الوقفية – فأُخذ وضُرب وحُبس . هذة أقوالـــهم وأفعالهم فماهي أقوالنا وأفعالنا؟؟؟T |
الساعة الآن 08:25 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©