الإصابة بالإكتئاب بعد الولادة
ربما تلقيت تحذيرا أو تلقيت شيئا ما عن الفترة التلا تأتى خلا أول إسبوع بعد الولادة حيث يمكن أن تتحولى الى البكاء وتصابى بحالة من الشك والإحباط والكآبة، وتشير كل هذه العوارض الى حالة الإكتئاب. ففى هذه الفترة تتراوح مشاعرك بين الفرح الكبير بوصول المولود الجديد وبين حالات الهستريا لأدنى موجب من التوتر العصبى. أسباب حالة الإكتئاب هذه متعددة أهمها الإنقلابات الهرمونية داخل جسمك، الضغط والإثارة الناتجين عن الوضع والولادة، الإجهاد والإرهاق وأخيرا إدراك مسؤولية الأمومة تجاه شخص جديد لا حول ولا قوة له.
تحل معظم حالات الإكتئاب الناتجة عن الولادة مع الوقت والراحة والمساعدة والتفهم من قبل الآخرين.لكن هذه الحالة الباكرة تعد جانبا واحدا فقط من "الطيف"النفسى ما بعد الولادة،فما يأتى بعد الكآبة فى الأيام القليلة التالية للولادة هو حالة إكتئاب عام يمكن أن تتراوح بين الإكتئاب المعتدل والإكتئاب الحاد أو يمكن أن يكون رد الفعل ذهانيا بمعنى حصول اضطراب عام فى الحالة العقلية للأم.
لكن ما يخضع لبحث هذه الأيام هو الحالات المعتدلة حيث وصف أحد التقارير حالة إكتئاب ما بعد الولادة بأنها حالة عادية شائعة تحصل ضمن أول إثنى عشر شهرا بعد الولادة حيث يمكن أن تعانى ما نسبته 10 إلى 40 % من الأمهات من مزيج من العوراض التالية التى تتباين من حيث الحدة حسب الحالة:
• القلق النفسى anxiety أو
• الكآبة depression
• الإرهاق
• إضطراب النوم والشهية
• فقدان الطاقة
• صعوبات فى الذاكرة والتركيز
• شعور بالذنب
• الخجل
• الغضب
• عدم الكفاءة
• الإستسلام
• أفكار إنتحارية
• فقدا الرغبة الجنسية
• هواجس
• خوف من الخروج من المنزل
• مخاوف مبالغة من النفس والطفل والزوج
ويتابع التقرير ليقول أنه من ناحية أخرى لا تعانى الكثير من الأمهات الحوامل بعد الولادة من حالة إكتئاب رئيسية بل مجرد إختلال فى التكيف مع حالة كآبة من خلال صراعهن مع كل المكاسب والخسائر التى يعنيها مجيئ الطفل. كذلك يمكن أن يكون للزوج دورا فى هذه المعاناة .
ويقول التقرير إن حالة إكتئاب ما بعد الولادة Post Natal Depression (PDN) لا تميز بين الأشخاص ولا تصيب الفقراء فقط والمحرومين ماديا وعاطفيا بل تصيب كل طبقات المجتمع وكل أنواع الواج السعيد وغير السعيد. وحتى فى حال عدم حصولها لدى ولادة أول طفل فهى يمكن أن تحصل بعد ولادة الطفل الثانى أو الثالث وهكذا فإن كل النساء الحوامل معرضات للإصابة بهذا النوع من الإكتئاب.
وغالبا ما يكون أول ثمن لهذا الإكتئاب فقدان إحترام الذات والذى يستغرق شهورا وحتى سنوات ليتغير . وهنالك تقارير أخرى تؤكد بأن حالة كآبة ما بعد الولادة ناتجة أساسا عن تغيرات بيوكيميائية فى الجسد وتشير فى هذا الصدد إلى أن مستويات هورمونى الاسترجين والبروجسترون عند النساء وصول المخاض تكون أعلى بنسبة 50% بالمئة مما تكون عليه قبل الحمل. وفى أول يوم بعد الوضع تهبط هذه المستويات بشكل كبير بحيث يشابه تأثير ذلك الهبوط تأثيرالتوقف عن تناول مخدر ما، كذلك تهبط مستويات الدرقين( أو الخلاصة التى تفرزها الغدة الدرقية) أيضا بعد الولادة فضلا عن هبوط فى الهرمونات المتصلة بالأعصاب وتلك التى تجول فى مسالك الدماغ.
لقد روقبت التأثيرات الهرمونية على المزاج والسلوك لفترة طويلة ونجد من اهم مجالات الأبحاث الطبية اليوم الأبحاث المتعلقة بتأثيرات الهرمونات العصبية على نظام الغدد الصماء فى الجسد. العلاج العام حتى اليوم لحلات إكتءاب ما بعد الولادة كان بالأدوية المضادة للإكتئاب anti depressants ومن خلال العلاج النفسى العيادى ومؤخرا من خلال العلاج النفسى ضمن مجموعات اجتماعية grouptherapy .
ولقد تركز النقد فى الماضى على النقص فى التشخيص الدقيق والعلاج الفعال لكن اليوم يتم البحث فى إجراءات الوقاية وتلقينها للنساء الحوامل خلال فترة الحمل وما يشجع اليوم هو أن الحالة تلقى إهتمام المزيد من العاملين فى الحقول الطبية والنفسية والإجتماعية.
والنساء الأكثر تعرضا لإكتئاب ما بعد الولادة هن الواتى يملن الى العزلة ولا يملكن صداقات أو روابط عائلية جيدة واللواتى يملكن تاريخا من الإضطرابات النفسية أو اللواتى يهاجرن من مكان أو من بلد إلى آخر، وأخيرا اللواتى يواجهن صعوبات كبيرة فى الحمل والولادة. كذلك توجد صلة قوية بين حالة سابقة من عدم الخصوبة ثم الحمل المفاجئ والتوقعات الكبيرة منه يليها حالة إكتئاب قد تكون نوعا من خيبة الأمل.
المصدر: كتاب دليل المولود الجديد
اعداد مركز التعريب والبرمجة و لينه بسام شبارو