عليل يداوي الناس
فتح ياسر بريده الالكتروني ليبحث عن رسالة الدعوة التي وصلته لتقديم ورقة عمل في المؤتمر الدولي لجراحي المخ و الاعصاب ، فهو احد اعلام هذا التخصص ومن الخيرة المشهود لها في هذا المجال. أجاب بالموافقة فوراً للمشاركة و عاد للبت في قائمة الاعمال المجدولة للشهر القادم : الاعتذار عن دعوة افتتاح ، الموافقة على تقديم محاضرة ، الموافقة على المشاركة في ورشة عمل حول اتخاذ القرار حيث سيخاطب المشاركين في الدورة عن حتمية اتخاذ القرارات وخطورتها في مجال عمله.
في طريق العودة للبيت تذكر ان الاجواء غير مناسبة للعودة هناك خاصة بعد شجاره الاخير و المتكرر مع والدته. تارة تذكره بفشله في تكوين عائلة و تارة تستعطفه بدموعها حين تخشى الموت وهي لم ترى اولاده. ضحك وهو يتذكر دموع امه التي لم يعد لها اثر عنده. فهي منذ سنوات وضعته على مفترق طرق : اما زواجه بابنة اخيها او غضبها عليه لابد الدهر.
امران كلاهما مر ، فسعاد ابنه خاله التي فرضت عليه و حُرِّم عليها غيره لا يعيبها امر الا انه يعلم ان زواجه بها هو مراسم اجتماعية لااكثر. فسعاد لها اهتماماتها التي لا تتجاوز قراءة المجلات و متابعة المسلسلات. وبالنسبة لياسر فهو يتوق للزواج بامرأة متقدة الذكاء ، امرأة تشاطره اهتماماته و لها القدرة ان تؤثر على حياته و حياة ابناءهما ايجاباً.
حاول ياسر ان يتمرد بطرح فكرة الزواج من اجنبيه غربية لعل امه تتراجع ، الا انه واجه عاصفة هوجاء من محيطه. فالاجنبية باختصار دخيله على مجتمعه و لها عادات و تقاليد تختلف عنهم و قبل اي شي اخر ، فهي لها القدرة على اخذ الابناء في اي وقت و حرمانه منهم باعتبارها قادرة على منحهم جنسيتها حتى لو لم يوافق هو ذلك. والدته ترى ان هذه الاجنبية ليس لها هدف من ترك بلدها سوى طمعها بالمستوى الاجتماعي الذي سيوفره لها وسيختصر عليها سنوات العمل لتتركه مع اول خلاف بالابناء و بتعويض مالي ضخم.
حين خاطر ياسر بالتقديم لاخت زميله ، سرعان ما بدأت حملتها المضادة. ياسر لا يصلي ، ياسر عاق لامه ، ياسر مغرور طائش وله علاقاته مع نساء خارج بلده. حملة نسفت كل الاحلام و جعلته من فئة المنبوذين. صلاته في المسجد رياء و تزلف ، مرافقته لامه في مواعيدها لطبيب العظام هي محاولة سخيفة لتلميع صورته ، سفره المزعوم للمؤتمرات و المحاضرات هو ستار لسلوكياته المشكوك فيها اصلاً و التي اثبتهها امه. بعد ان تشكك الناس في صدق كلام امه، عادت لتقول انه مسحور و لا يفك سحره سوى ساحر.
اوصلته افكاره لبيته وهو الذي كان يفكر في الاتجاه لمكان اخر بعيداً عن حديث امه بسعاد التي لا يرغبها. عاد للتفكير بسعاد ، عمرها تجاوز الثلاثين و هو قارب الخمس و الثلاثين. تضاءلت فرص سعاد بالزواج ، فوالدها يرد كل خاطب بانها مخطوبة لابن عمتها ، على الرغم من ان ياسر قد اوضح في اكثر من مناسبة انه سيكون اول المهنئين بزواج سعاد الا ان العائلة تنتظر معجزة تعيد ياسر لصوابه.
سنوات مرت ، لم تسعد سعاد ببناء اسرة و لم يتيسر امر ياسر لتغيير رأي أمه.
كما بدأنا في المرة السابقة ، نبدأ بالمحاور الاولية للنقاش
1- أليس من حق ياسر وأمثاله اتخاذ قرار حياة المستقبل مع الفتاة التي يريدها ها ويحلم بها ؟
2- يقدم ياسر محاضرات في حتمية اتخاذ القرارات وعلى الرغم من ذلك عجز عن اتخاذ أهم قرار في حياته ؟ ما السبب ؟ وما تعليقك ؟
3-على الرغم من التعليم والثقافة التي تحصل عليها ياسر إلا أنه لا زال أسير العادات والتقاليد فهل تؤيده فيما لو اتخذ قرارا من الزواج من فتاة ليست ابنة خالته وأغضب والدته ومجتمعه ؟
4- ماذا تتوقع من أم انتظرت سنين طويلة حياة ابنها مع فتاة قريبة لها ثم تفاجأت بأن ابنها تزوج من غريبة ليست لهم بها ذات قرابة ؟
5 - هل ترى أن في رفض ما عاشته الأم من أحلام وخيالات لحياة ابنها مع قريبتها ثم الزواج من أجنبية يعد عقوقا ؟
6- مال الحل الذي تقترحه على ياسر ؟ وما الحل الجذري الذي تقترحه على المجتمع بأكمله ؟
7- لو كنت مكان ياسر ماذا سوف تعمل ؟ نريد الجواب من واقعك وليس من طموحك ؟