الــمـــيــول والحاجات الأساسية
يعتبر سلوك الاطفال نتيجة لعدد كبير جدا من العوامل فبينما يبدو أن سلوكهم قائم على ميولهم الخاصة إذ نجد أن أن وراء سلوكهم دوافع ومحركات أخرى تعمل على توجيه نشاطهم ... وهناك قدرات الطفل ومواهبه التي تعمل كمحركات لسلوكه ايضا ً ... ثم هناك الحاجة إلي النجاح والحاجة إلي الحصول على التقدير الاجتماعي من الغير , وكذلك الحاجة إلي الشعور بالأمن ... كما أن هناك حب المخاطرة والنزعة إلي التعبير عن النفس بمختلف الوسائل الابتكارية . وكل هذه تعتبر من محركات السلوك التي يصح أن ترتبط بميول الاطفال .
فمثلا الحاجة إلي الانتماء لجماعة أو للوجود بين الاصدقاء , يشعر الاطفال عادة بالحاجة إلي رضاء زملائهم عنهم , وخصوصاً الزملاء الذين يحبونهم ويبادلونهم الحب ... وغالباً مايكون تشابه الميول عاملاً أساسياً في تقبل الزملاء للفرد والرضا بوجوده في جماعتهم . واشتغال الفرد بالامور التي يميل إليها , يساعده على الشعور بالاطمئنان الداخلي . واشتغال الطفل في نشاط يتفق مع ميوله الطبيعية يساعده على الشعور باهميته الذاتية وعلى الشعور بقيمته وقدرته على النجاح في الحياة .
وهناك دافع قوي آخر وهو الرغبة في الابتكار والخلق ويمكننا أن نري ذلك في الاطفال الصغار عندما ينغمسون في اللعب بالطين , أو قص الورق , أو تلوين الصور ... ويظهر ذلك ايضاً فيما نشاهده من اقبال الاولاد الكبار على العمل مدد طويلة في تركيب نماذج القطارات او الطيارات أو غيرها . ونحن جميعاً نشعر بالرغبة في أن نقوم بعمل نافع وجميل . ويجب أن يحاول كل من في المنزل والمدرسة دائماً ان يشجع الطفل , ويهيئ له فرص القيام بالنشاط الابتكاري
وفيما يلي بعض الاقتراحات التي تفيد في مساعدة الاطفال على اشباع حاجاتهم الاساسية عن طريق الميول :
1. استغل معرفتك بميول الطفل فيما تقترحه من الهوايات التي يصح له ان يشترك فيها خارج المنهج الدراسي المعتاد . فقد يبدو أن الطفل الصغير يعرف مايناسبه من نواحي النشاط التي يصح أن يعمل فيها في وقت فراغه , ولكن كثير من الاطفال يتنقلون من عمل الي آخر مدفوعين بمجرد تقليد لغيرهم , أو الاشتراك في المجموعة التي يوجدون معها , أو لمجرد قتل الوقت ... مع إن لكل طفل ميوله الخاصة التي يجب البحث عنها . فإذا كانت اختبارات الميول مثلا تدل على وجود ميول علمية او ميكانيكية , فمن الممكن أن نوجه الطف بمقتضاها للعمل في الاعمال اليدوية أو عمل نماذج الطائرات باعتبار , على اعتبار أن هذه النواحي اقرب ماتكون إلي ميوله وهواياته .
2. ساعد الطفل على أن يتقن العمل الذي يميل غليه في وقت فراغه . فكثيراً مايكتسب الشخص الشعور بالمقدرة والاهمية من إحدي هواياته . ولذلك يجب ان نشجعه ونزوده بالكتب التي تساعده على اتقان مايعمله في هوايته مهما كان نوعها ... وإذا كنت تعرف من اصدقائك الكبار ممن عُرفوا بالميل لمثل تلك الهواية فإنه يصح ان ترتب للطفل وسائل الاتصال به للافاده من خبراته وتجاربه فيها .
3. ساعد الاطفال من ذوي الميول المشتركة والمتشابهين في هواياتهم على التلاقي وتكوين الجماعات التي تساعدهم في نواحي هواياتهم . فالميول المشتركة من اقوي العوامل التي توطد أواصر الصداقة . وعندما نتيح فرص التلاقي للاولاد ذوي الميول المشتركة فنحن انما نقوي عندهم الشعور بالتقدير الاجتماعي الذي يعتبر من أقوي حاجاتهم النفسية الهامة .
حـــدود مـــراعـــاة الــمـــيــول
هناك ظروف تستوجب أحياناً عدم التمسك بمراعاة الميول ... فالاولاد لايقدمون على عمل مايميلون إليه فقط , كما أنه من الصعب أحياناً أن نحبب إليهم الاعمال التي يجب ان يقوموا بها .
فإذا كان لدينا طالب لايميل للهندسة ولكن الكلية التي يريد الالتحاق بها تحتم عليه معرفة الهندسة لكي يتمكن من الدخول – فلابد لهذا الطالب ان يدرس نظريات الهندسة . وكذلك طالبة لاتكره المواد الاجتماعية ولكنها لابد أن تتقن دراسة قدر معين من المعلومات التاريخية لكي تنجح في الامتحان , ولهذا تضطر هذه الطالبة لدراسة التاريخ رغم كرهها له . من هنا نجد أن هناك دوافع أخري خلاف الميول . وهي في الحالات السابقة الرغبة في الالتحاق بكلية معينة . ومع أن للميول اهميتها التي لاتنكر إلا أن هناك حدوداً لهذه الاهمية . فالطلاب وكذلك الكبار قد تضطرهم بعض الظروف للقيام باعمال لايكون لديهم الميل الكافي إليها مادام هناك دوافع اخري وراء هذه الاعمال بصرف النظر عن ميلهم اليها أو نفورهم منها .
فإذا كان الهدف مهما بدرجة كبيرة وكان الجزاء بالقدر الكافي فسيعمل الطلاب مثلا على تحقيق ذلك الهدف , رغم كون العمل لتحقيقه مملاً أو غير مريح , بل رغم كونه مكروهاً تماماً .
وقد تكون مهمتنا كآباء ومدرسين أحياناً أن نجعل الاطفال يدركون الاهداف البعيدة التي يؤدي تحقيقها الي الحصول على الارتياح في المستقبل برغم ماتتطلبه هذه الاهداف من عمل أو دراسة لايميل إليها الاطفال الآن .
ومن مظاهر النمو فعلاً أن يتعلم كل واحد منا أن من الواجب عليه أن يقوم ببعض الاعمال التي لايميل إليها بل وحتى التي يكرهها اذا كان هناك هدف هام من ورائها .
وللحديث بقية للحديث عن غرس الميول