علي عزت بيجوفتش وما أدراك ماعلي عزت، في فترة مراهقتي وبداية شبابي كنتُ أبحث عن هوية فكرية لي، لم أكن مستقراً بحكم حداثة السن وبحكم الأسئلة المطلقة التي تدور في ذهني حول الحقيقة، نعم أصبت بقلق في ضل الأسئلة الملحة التي تحاصرني كل يوم حول الحياة والدين والحق والصحيح والخطأ والممكن والمستحيل والثابت والمتحول، وتجولت بين أكوام الكتب بمختلف تياراتها حتى سحبتني كتب علي عزت بيجوفتش نحو شاطئ الأستقرار والإيمان، فاستقر فكري وسكن على تلك الشواطئ الجميلة التي تسمى علي عزت بيجوفتش رحمه الله، لاشك أن له تأثير كبير في تشكيلي الفكري ومواقفي من الحياة والإنسان والدين، فهي يغوص في المعاني عميقاً ويستخرج منها كنوز المفاهيم ويكشف عن كنهها ويبين حقيقتها ومادتها الأصلية ليصل إلى خيرها أو شرها.

هنا مقطعين جميلين يستحقان التأمل وهما عن المرأة وطبيعتها:

1- في كتابه هروبي إلى الحرية يقول:
"فقط إذا اعتبرنا المرأة أماً، تبقى لها قيمتها المطلقة التي لا بديل عنها . إن كل من يهدم للمرأة دور الأم لا يمكن أن يرفع من قدرها ويزيد من إحترامها و أهميتها ، لا لأن حق الأمومة لا نزاع حوله ، بل لأن حق الأمومة أقدم حق عرفته البشرية في تاريخها .
إن تفوق المرأة المطلق في أداء هذه الوظيفة التي لا تقارن بوظيفة أخرى قد يقلل قدرة المرأة على القيام بوظائف أخرى لا تتصف بأهمية كبيرة ، لأن وظيفة الأم التي تحتاج إلى قلب كبير وغريزة وحب أعمى قد يتحدى الموت والعقل ،و لابد و أن يحد من قدرة المرأة على أداء بعض الوظائف ، وخاصة تلك التي تتطلب برودة المعاملة والحسابات المطولة والتعامل مع الجمادات . إن أي عمل بلا روح يخالف طبيعة المرأة ،لذلك لا يمكن أن نطالب المرأة بأداء دور القاضي والشاهد ،لأن أطفال المرأة والشخص الذي تحبه لا يمكن أن تدينهم المرأة أبدا .
و إذا كان القرآن الكريم يسجل هذه الحقيقة ، فإنه لا يحط من قدر شخصية المرأة ، ولكنه يقرر أشياء كثيرا ما تغيب عنا .:

2- وفي كتابه عوائق النهضة يقول:
سؤال : هل يقرر الإسلام مساواة الرجل و المرأة ؟
الجواب : نعم ولا .
#نعم ، إذا تحدث عن المرأة باعتبارها شخصية إنسانية ذات قيمة . شخصية مساوية تتحمل واجبات أخلاقية وجمالية و إنسانية .
#لا ، إذا كان الأمر يتعلق بالتساوي في الوظائف والدور في الأسرة والمجتمع ، كما يفهم معنى المساواة في أوروبا عادة .
ويمكن تصور قضية التفوق أو الدونية فقط بين أشياء من جنس واحد ، والمرأة ليست أعلى و لا أدنى لأنها - بكل بساطة - مختلفة عن الرجل ، لذلك تسقط المقارنة ، وبالتالي تحديد الأعلى أو الأدنى .

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..