(2)
- كيفَ أكونُ كاتبًا ؟
ليسَ كُل من اشْترى قلمًا بأربعةِ ريالات, وورقة بريالين صار كاتبًا !
إِذَا أردْتَ أن تكونَ كاتبًا فعليْكَ أن تكتسبَ الأداة وتتقنها, مثل النَّجار وهو حرفي يكتسبُ أدواتَ هذه الحرفة المنشار, والمطرقة, والمسامير ويجيد استخدامها, نحنُ أيضًا حرفيون حرفتنا هذا القلم ولا يكفينا امتلاكه, هنالك أدواتٌ يجبُ علينا أن نكتسبها, من هذه الأدوات: إتقانك لجميع قواعد العربيَّة؛ لأنَّ الكتابَة مهما جادت إذا كانت فيها أخطاءٌ في اللغةِ العربيَّة فهي غير مقبولة, إذن يجبُ عليكَ أن تتقن جميع قواعد اللغة العربيَّة مما فيها قواعد النحو, وقواعد الإملاء ...
- كيفَ أكتسبُ الأداة ؟
1- بكثرة القراءة .
عقلُ الإنسانِ أشبه بوعاء, فكلَّما قرأتَ أكْثَر من الأساليبِ الأدبيَّة الرَّفيعة تخزن هذا المخزون فِي عقلك,
ومتى احتجته استطعتَ إخراجه على الورق. يقال في الأمثال: اقرأ مكتبة كاملة تكتب كتابًا, اقرأ كتابًا تكتبُ ورقة .
2- بذل الجهد في الحفظ .
قيل أنّ أبا نواس حين كان فتيًّا -وهو الشَّاعر- ذهب إلى خلف الأحمر وهو شاعر ناقد, وقال له: إنّي أقول الشّعر فأوصني, قال له خلف -فيما يروى-: احفظ عشرة آلاف ما بين قصيد ومقطوع, ورجز من شعر العرب, ثُمَّ أتى أبو نوَّاس بعد فترة إلى خلف, فقال: يا خلف حفظتها, قال له خلف: انْسها! فسكتَ أبو نوّاس قليلًا ثُمَّ قال: نسيتُها. لاحظ أيُّها المبارك خلف يقول لأبي نواس احفظ عشرة آلاف بيت ثُمَّ لمَّا حفظها يقول له: انسها فزعم أبو نواس أنَّه نسيها؛ لأنه فهم المغزى من وصيَّة خلف.
ومعنى هذه التوصيّة :
أن تحفظَ قدرَ استطاعتكَ, ثُمّ إن جئت تكتب لا تحاول أن تستخدم المحفوظ كما هو بل تناساه,
جد نفسكَ أنتَ, لتخرج شيئًا مختصًا بك, فإن أنتَ حفظتَ للمتنبي لا تكتب مثله لأننا إن أردنا أن نقرأ للمتنبي سنذهبُ إليه ولن نأتي إليك !!
3-الإلمام بالثَّقافة العصريَّة .
يجبُ على الكاتب أن يكون مثقفًا ليستطيع أن يقدِّمَ شيئًا,
نحنُ لن نقرأ لكَ لإشغال أوقاتنا -فقط-, نحن نقرأ لكَ لأنَّك ستعطينا شيئًا فإذا لم يكن عندك شيء لن تعطنا, لذا انتبه !
4- تكوين قاعدة فكريَّة داعمة لكلِّ شيءٍ تريدُ الكتابة فيه .
كَثيرٌ من علماء التفكير يقولون:
إنَّ الفكر لا يمكن أنْ يكون فكرًا إلا باللغة, والإنسان كلَّما اكتسب لغةً أكثرَ استطاع أن يفكرَ أكثرَ
؛لأنَّ هذه المفردات اللغويّة هي أدوات التَّفكير, كُلَّما زادت زاد التَّفكير, وكُلَّما قلّت قلّ التفكير, وهكذا فعليكَ لكي تكون كاتبًا أن تكون مفكرًا, ولتفكر عليكَ أن تكتسب اللغة .
- ما الكُتب الّتي يوصى بها عادَّة لتكوين ثروة لغويَّة ؟
إن أحدًا لن يستطيعَ أن يوصيك بما يجب عليك أن تقرأه,
فالكُتبُ كثيرةٌ لا تُحدّ والمكتباتُ عامرة بِكل شيء, أنتَ الّذي تختار, فتِّش عن هواك واعرف ما تريد .
ومن المهم جدًا : أن تقرأ للكتاب ذوي الأساليب الرّفيعة وتجنّب القراءة لأصحاب الكتابة الرّديئة / الرّكيكة, لأن هذا سيؤثر عليكَ .
*
الشّعر
أُشِيرُ قبل الشّروع في أقسام الكتابة الأدبيّة,
إلى أنَّ الشِّعر ليسَ كسائِر الفنونِ الكتابيّة فهو يحتاجُ موهبةً حقيقيةً موسيقيّةً وخياليّةً لن تتوفر عند الجميع,
ولأنَّنا لن ندرسه لن أُفرد له لقاءً خاصًا, وسَأبدأ بنبذةٍ عنه:
الشّعر:
هو محاولة جعل الكلام مطابقًا للعواطفِ, معنى, وصورة, وموسيقى, ولفظًا .
والشِّعرُ أنواع, لم يكن في الشعر القديم إلا شكلًا واحدًا [ الشعر العمودي ], وَحدِيثًا له ثَلاثةُ أشْكَال:
1. العامودي
يلتزمُ فيه الشّاعر بِنظَام الوزنِ والقَافِية .
مِثاله ما قاله الشاعر: عبدالله البردوني, في قصيدته (عروس الحزن).
"صوتها دمع و أنغام صبايا
................ و ابتسامات و أنّات عرايا
كلّما غنّت جرى من فمها
............... جدول من أغنيات و شكايا
أهي تبكي أم تغنّي أم لها
................ نغم الطير و آهات البرايا؟
صوتها يبكي و يشدو آه ما
.......... ذا وراء الصوت ما خلف الطوايا؟
هل لها قلب سعيد و لها
................ غيره قلب شقيّ في الرزايا؟
أم لها روحان : روح سابح
........ في الفضا الأعلى وروح في الدنايا؟"
2. التفعِيلة:
ويُسمّى: (الحُر
يلتَزِمُ بِالوزنِ -فقط-.
مثاله ما قال محمود درويش:
"وأرى التَّاريخ
في هيئة شيخٍ يلعبُ النّرد
ويمتص النُّجوم"
أيضًا سامح القاسم
انظر كيف رثا صاحبه, انظر إلى التّجديد يقول:
"يا صاحبي
يا أيُّها النّهم البخيل !
فِي القبرِ متَّسعٌ لصعلوكين, كيفَ رحلتَ وحدكَ
دون صاحبكَ القتيل؟"
3. النثر:
لا يلتزمُ بوزنٍ ولا قَافِية
وهِو شَكْلٌ لا يعترفُ به الشعراء الحَقِيقيون,
إذ ليْسَ فِيه من الشّعر إلّا نية صَاحبه, واللغة والصّور المستفادة من الشّعر .
وَحَقِيقةُ ظهوره :
1. التأثر الشدِيد بِالشّعر المترجم .
2. مُسَايرة الحركاتِ التجدِيدية غير الوَاعِية .
3. عجز أصْحَابه عَن الالتِزَامِ بأنظِمةِ الوَزْنِ والقَافِية .
مثاله :
قصيدة (نافورة)
لرائدة قصيدة النثر في منطقة الخليج: فوزية أبو خالد
"غافلتني كملكة لا تريد أن ترى
الرعية نزواتها
قطفت نجوم المساء
وملأت القصيدة زبيبا
وتينا
وماء زمزم
ولكن
كيف يفور السكر في الكلمات
عندما تمرين بالورقة"
قطرة :
إذا لم تفهم المغزى من أي قصيدة نثر تقرأها
فاعلم أن من خصائصها الغموض والفذلكة لذا لا تبتئس !
المراد بذكر أنواع الشعر :
أن تصل إلى أنَّ الإبداع لا حدود له, فإيّاك أن تكون حارسًا للإبداعِ,
ترفضُ ما لا تعرفه؛ لأنَّ الإبداع ليس- فقط- ما تعرفه وما تُجيده -أنت-,
وليس بإمكانك على المستوى العام أن تجبرَ النّاس على ذوقك, تذكر هذا جيّدًا !
- كيف أكتبُ الشعر ؟
من وجد في نفسه الشّعر ونقصه تعلّم العروض
فليرجع إلى كتاب "أهدى سبيل إلى علمي الخليل العروض والقافية" تأليف الدكتور: إبراهيم
وميزة هذا الكتاب أنَّ التدريبات الّتي وردت فيه حلّها المحقق جميعها .
هذا ما تيَّسر لنا سرده, وأرجو أن يعم نفعه
ثُمّ سلامُ الله عليكم, ورحماته وبركاته تتنزّل إليكم .
" أوَّاهُ, ...
مَا أَشْقَى ذَكِيَّ القَلْبِ فِي الأَرْضِ الغَبِيَّة"!
مواقع النشر |
![]() |
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|