لقاء ممتع مع الرحالة بولين التي طافت العالم بدراجة هوائية من فرنسا حتى وصلت السودان
وصلت السودان بدراجة!!!!
الرحالة بولين: كلما اتجهت جنوباً وجدت الناس أكثر انسانية
ال
موضوع منقول من أحد الصحف السودانية
أجراه: أحمد عوض
تزور السودان
هذه الايام السيدة بولين رينو،
وهي رحالة تتخذ الدراجة الهوائية وسيلة للتنقل، وقد بدأت
رحلتها من مدينة «بون» بفرنسا مرورا بايطاليا،
ثم اليونان، وتركيا، سوريا، الاردن، مصر والسودان.. وسوف
تستمر رحلتها حتى جنوب افريقيا.. «الصحافة» التقت بولين
واجرت معها هذا الحوار:
* ما هي الدوافع التي دفعتك الى القيام بهذه الرحلة الطويلة من قلب
أوربا وحتى اخر نقطة في القارة
الافريقية؟
- كنت اعمل معلمة
وقد تقاعدت من الوظيفة في يوليو
الماضي واصبح لدي وقت فراغ كبير فقررت ان
استثمره في التعرف على الناس وعلى العالم.. ايضاً ما دفعني
لهذه الرحلة اسباب اخرى.. منها موت
صديقة عزيزة عملت معي في مجال التعليم، وقد رحلت وهي في
ريعان سنين عمرها، ولا تعرف شيئا عن
العالم غير فرنسا، ونسبة لان الموت قد يأتي بشكل مفاجيء دون
ان يمهلنا لحظة نتعرف فيها على العالم
ـ قررت ان انتهز هذا الفراغ واقوم بهذه الرحلة التي كانت هي امنية
مشتركة بيني وبين هذه الصديقة ، من
الاسباب الاخرى ايضا عرض التلفزيون او الاسلوب الذي يعرض فيه
قضايا العالم والشعوب الاخرى خارج اوروبا،
على سبيل المثال يصور لنا التلفزيون ان السودان هو «دارفور» غ
ير اني متأكدة ان هذه ليست الحقيقة
كلها، ولذلك احببت ان ازور السودان بنفسي لكي اعرف
ما هو السودان ومن هو شعبه، وبالفعل جئت
وجدت ان السودان بلد آخر غير الذي نعرفه عبر شاشات التلفزيون،
فالشعب السوداني شعب مرحاب
ومضياف جدا لدرجة لا يمكن وصفها.
* ماذا كنت تعرفين عن ادب الرحلات
قبل حضورك للسودان؟
- لقد قرأت كثيرا
عن ادب الرحلات، خاصة تلك التي
على ظهر دراجات، وحرصت على مقابلة بعض
الاشخاص الذين قاموا برحلات مماثلة على ظهر الدراجة وقطعوا مسافات طويلة
، اما معلوماتي عن السودان
فهي ضئيلة وعن افريقيا كذلك وفضلت الحضور بنفسي والاستكشاف،
ولكن معظم الذين قابلتهم ممن زاروا
السودان قالوا لي بقدرما ان شعب السودان اكثر شعب مضياف كما
وجدته فعلا، ايضا ذكروا لي انه يتمتع
بطرق وعرة وهذا ما وجدته، فقد كان من المستحيل ان اقود الدراجة
من حلفا الى دنقلا، ومن ثم للخرطوم.
* لماذا اخترت الدراجة تحديداً للقيام بهذه الرحلة؟
- اولا لان الدراجة
وسيلة نقل سريعة نسبيا فهي
اسرع من المشي على الاقدام، كما هي ابطأ من
السيارة عموما، وهذا يتيح لي ان ارى واتأمل، وفي نفس الوقت
رؤية امرأة تحمل هذا الكم من الاغراض على
ظهر دراجة يثير فضول الناس ويدفعهم، للحديث معي وهذا يعطيني
فرصة احتكاك مباشر معهم وبالتالي
التعرف عليهم عن قرب.
* هل تسافرين على حسابك الخاص،
ام هناك جهة تدعم هذه الرحلة؟
- لقد تحركت في الاصل
من مدينة «بون» وليس من
باريس وهي مدينة ما بين باريس ومدينة «ليل»، وقد
سافرت على حسابي الخاص ولم تكن هنالك جهة تدعمني، و
لم تواجهني مشاكل من الناحية المادية،
بحساب انني اصرف عشرة يورو في اليوم، كما ان الصرف في
الدول الافريقية اقل اذا ما قارناه بالدول
الاوروبية.
* هل يمكن ان نتتبع مسار رحلتك
حتى وصولك للسودان؟
- نعم قد جئت من
مدينة (بون) قطعت جزءا من فرنسا
حتى الجنوب بالدراجة، ثم حازيت الشاطيء الغربي
لايطاليا، حتى اليونان، وفي اليونان زرت اثينا وبعض المناطق الاخرى،
وقد قضيت شهرين في اليونان وانتابتني
فيها رغبة قوية جداً للرجوع الى فرنسا بسبب عدم التواصل،
لان اليونان لا يتحدثون غير لغتهم ولكن في اثينا
غيرت رأيي من العودة عندما اكتشفت ان الناس في اثينا يتكلمون
لغات اخرى غير اليونانية التي تسود في
الريف، ووجدت ان الشعب اليوناني لطيف ومضياف، ومن اثينا الى
جزيرة كريت، ومنها الى تركيا حتى جنوبها،
وكان الاستقبال طيبا جدا وازداد اكثر عندما وصلت الى سوريا،
ثم الاردن ومصر، وحتى الخرطوم. وقد
اكتشفت انه كل ما كانت الدول غنية كانت القيم المادية هي ا
لأهم بعكس الدول الفقيرة فان القيم
الإنسانية هي الاهم، وقد وصلت للسودان من مصر عبر بحيرة ناصر،
وكانت الحرارة، حرارة الطقس وحرارة
الناس.
* أهم المواقف الطريفة والمفارقات
خلال هذه الرحلة؟
- لم تواجهني مواقف صعبة
او حتى خطرة هددت
حياتي حتى وصلت هنا.. وقد مررت بالكثير من المواقف
الطريفة ولكن لا اذكرها الآن ولكن يمكن ان احكي عن موقف واجهني في تركيا،
عندما تعرفت على صياد
اسماك اعجبته رحلتي وكان يحدثني عن انواع الاسماك التي يصطادها
ولاننا لا نتحدث لغة واحدة كان يصف
لي طريقة سباحة هذه الاسماك حتى اعرفها، فكانت سهرة ممتعة
بالنسبة لي لاننا تحدثنا بلغة الاشارات
لأنني لا اعرف التركية كما هو لا يعرف لغة غيرها، فكانت ممتعة
رغم انعدام اللغة، غير المواقف الطريفة
واجهتني مواقف مؤثرة، اثبتت لي ان الناس غير محتاجين
ان يتحدثوا لغة واحدة حتى يتفاهموا ويتواصلوا، من
هذه المواقف فقد قضيت عدة ايام في خيمة بدو في سوريا،
وهم لا يتكلمون غير العربية، وانا لا اعرف العربية
واستطعت ان اتواصل معهم وكانت ايام جميلة جدا.
* ما هي اهم الخصائص التي
لفتت انتباهك بالنسبة لكل شعب من
الشعوب التي مررت ببلادهم؟
- هذا سؤال صعب
ولكن عموماً ما لفت انتباهي ان
الترحاب في اوروبا قليل اذا قورن ببلادكم او البلاد الاخرى
في اوروبا كان ما يلفت نظري العمران والتكنولوجيا. اما
من تركيا وحتى السودان ما لفت نظري الطبيعة
والبشر والحميمية والترحاب، وكنت ارسل صور الرحلة الى بناتي
في فرنسا وكانوا يلاحظون الفرق بين الصور
التي قمت بالتقاطها في اوروبا وبين التي التقطها هنا، وهي محتشدة
بالبشر والوجوه والسحنات.
* اخيرا.. ماذا بعد السودان؟
- سوف تستمر رحلتي
الى اديس ابابا وسوف استمر
حتى كيب تاون في جنوب افريقيا، ولا اعرف ما اذا
كنت سوف اصل اديس ابابا بالدراجة ام بالبص لان الطقس ساخن جدا..
المهم انني التقطت حتى الآن
حوالى اربعة آلاف صورة فتوغرافية سوف اقوم باهدائها للمدارس
حتى يتعلم التلاميذ ويعرفوا العالم من وجهه
الحقيقي .. وقد اكتشفت وانا في السودان ان هناك رحالة زار السودان
منذ قرنين اسمه فرديركو كايو
وسوف ابحث عن كتاباته لكي اقرأها واخيرا شكرا للشعب السوداني ولصحيفة
«الصحافة».