بسم الله
على الأمهات والآباء قراءة
أو حفظ هذه القصص الرائعة التي ترسخ مفاهيم الجهاد والعزة والتضحية
بالمال والنفس ومنها :
ما ورد في صحيح السنة من أخبار هذا الشوق الظامئ,
والحب الطهور الذي أكرم الله به هذه الكوكبة المؤمنة والطليعة الراشدة, ما لا يحده حد, ولا يستوعبه بيان:
القصة الأولى :
فمن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أنه قال:
انطق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر, وجاء المشركون
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونكم)),
فدنا المشركون فقال رسول الله : ((قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض)),
فقال عمير بن الحمام: يا رسول الله إلى جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: ((نعم)),
قال: بخ بخ, قال: ((ما يحملك على قول بخ بخ)) قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها,
فقال: ((فإنك من أهلها)), فأخرج تمرات من قرنه ـ وهو جعبة النبال ـ فجعل يأكل منهن,
ثم قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة, فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل.
فانظروا رحمكم الله كيف استبطأ رضي الله عنه الشهادة لتأخرها عنه دقائق معدودات,
القصة الثانية:
ولقد كانت كلمات بعضهم عند الشهادة صرخات مدوية زلزلت قلوب قاتليهم,
وحملتهم على الدخول في دين الله, هذا حرام بن ملحان رضي الله عنه أحد القراء الذين بعث
بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون قومًا من المشركين إلى الإسلام,
ويقرأون عليهم القرآن, فغدرت بهم رعل وذكون من قبائل العرب وقتلوهم عند بئر معونة,
فهذا حرام يصيح عند الاستشهاد في وجه قاتله: فزت ورب الكعبة, وأدبر قاتله من المشركين بعد إسلامه
وسأل عن معنى ذلك فقيل له إنه قصد الشهادة فكانت سببًا في إسلام هذا القاتل,
أخرج هذه القصة البخاري في صحيحه.
القصة الثالثة :
وكان بعضهم يأتيه من روح الجنة وريحها ما لا يملك معه إلا شدة الإقبال على القتال
وعلى الاستبسال فيه, فهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يقول غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر
فقال: يا رسول غبت عن أول قتال قاتلت المشركين لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع,
فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء, يعني أصحابه
وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين, ثم تقدم, واستقبله سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال
: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر إني لأجد ريحها دون أحد قال سعد: فما استطعت يا رسول ما صنع,
قال أنس: ووجدنا به بضعًا وثمانين ما بين ضربة بالسيف أو طعنة برمح, أو رمية بسهم, وجيء به
وقد مُثل به فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه
أخرجه البخاري ومسلم.
القصة الرابعة :
ثم استمعوا إلى خبر هذا الأعرابي المسلم كيف صدق الله
في طلب الشهادة فصدقه الله وبلّغه ما أراد, فقد أخرج النسائي في سننه بإسناد صحيح
عن شداد بن الهاد رضي الله عنه أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فآمن به واتبعه ثم قال: أهاجر معك فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه
فلما كانت غزاة غنم النبي صلى الله عليه وسلم فقسم وقسم له ـ للأعرابي ـ فأعطى أصحابه ما قسم له,
وكان ـ يعني الأعرابي ـ يرعى ظهرهم يعني إبلهم, وما يركبون من دواب, فلما جاء دفعوه إليه, فقال: ما هذا؟
قالوا: قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟
قال: ((قسمته لك)), قال الأعرابي: ما على هذا اتبعتك, ولكن اتبعتك على أن أرمى هاهنا
وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن تصدق الله يصدقك)),
فلبثوا قليلاً ثم نهضوا إلى قتال العدو فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم
حيث أشار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أهو هو؟ قالوا: نعم, قال: ((صدق الله فصدقه)),
ثم كفنه النبي في جبته, ثم قدمه فصلى عليه, وكان مما ظهر من صلاته : ((اللهم هذا عبدك خرج مهاجرًا
في سبيلك فقتل شهيدًا, أنا شهيد على ذلك)).
وأي شهادة يا إخواني أرفع وأسمى وأصدق وأخلص من هذه الشهادة الكريمة العظيمة,
وكم في حياة السلف أيها الأخوة من صور هذا الحب العاطر والشوق الظامئ إلى الظفر بمقام الشهادة,
ياله من مقام, وهكذا مضت على بذل الشهادة المضئ كواكب متتابعة وقوافل متعاقبة من الشهداء الأبرار الذين
بدمائهم الزكية أروع صحائف التضحية والبذل وأرفع أمثلة العطاء والجود, إنه الجود بالنفس,
وهو أقصى غاية الجود, فهاهم شهداء المسلمين في السودان وفي البوسنة والهرسك, وفي كوسوفا,
وفي الشيشان, ومن أفغانستان, وفي غيرها من ديار الإسلام,
وها نحن اليوم نرى بأم أعيننا, نرى ويرى العالم كله معنا هذه الصور العظيمة المتجددة
من صور الانتفاضة والشهادة في فلسطين
على أرض بيت المقدس,
وعلى كل أرض فلسطين المسلمة الصابرة, إننا في حاجة يا عباد الله إلى مواقف
وصور تحيي في ضمير الأمة معاني الشهادة وتبعث في روحها حب الاستشهاد من جديد سيرًا
على درب السلف رضوان الله عليهم, ذلك الدرب الذي سلكه من قبلهم رسول الله صلى الله عليه وسل
م والأنبياء من قبله نصرًا لدين الله ودحرًا لأعداء الله.
__________________
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)سورة الطلاق
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ الله عَنْه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
{ ما مَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعٌو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلاّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ }.[size=1]رواه مسلــم [/
size]،
أخوكم المحب الناصح همام hamam129