الأرنب والسلحفاة - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

مساحة فكر خواطر وقطع أدبية تربوية واجتماعية.

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 18-12-2014, 10:20 AM
  #1
قطرة الندى 7
عضو المنتدى الفخري
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 2,020
قطرة الندى 7 غير متصل  
الأرنب والسلحفاة




الأرنب والسلحفاة


[img]http://im66.***********/31D5Vj.gif[/img]


غريبةٌ هي هذه الحياة ، كيف تمرُّ مسرعةً مع أنها تمشي ببطء شديد !

إنَّها كالسُّلحفاة في قصّة " الأرنب والسلحفاة " ونحن طبعا الأرنب ..

نتحدَّاها ونسابقها ، ونغفو لنكتشف أنّ الحياة البطيئة قد سبقتنا ...


***

كانت الشمسُ على وشك الغروب ، وكانا يلعبان أمام المنزل عندما سمعا صوت والدتهما تناديهما ..

وقد كانا طفلين ارتبطا برابط الأخوة - أخوان من نفس الأمّ والأبّ - ولدا في نفس المنزل وفي نفس الوطن ..

سابقا الحياة معا ، اختلفا وتصالحا مرارا وتكرارا ككلَّ الأخوة الصغار ....

وكانت والدتهما تناديهما دائما عند الغروب ليدخلا المنزل ، فيجمعهما عشاء الأهل ، وسمر الصيف ، وبرد الشتاء ، وفراش دافئ ، وأيّامٌ أسريَّة كثيرة ....

لكنّهما في يوم من أيّام الحياة البطيئة ، كانا يتجادلان حول الميراث بعد موت والديهما ، وبأمور كثيرة ، فاختلفا وتقاتلا ، وشتما ...

وكلٌّ سار في طريق ... لم يتكلما منذ ذلك الوقت ، ولم يتصلا ببعضهما وتمنيَّا أن يختفي كلُّ واحد منهما من حياة الآخر .....


مرّتْ الحياةُ السلحفاة وتجاوزتهما ، وهما ظلّا كلًّا في طريق ، نسيا أو تناسيا وجود الآخر ...



تزوّجا وأصبح عندهما أولادا و بنات يكبرون ...


ابنةُ أحدهما الصغرى كانت تنبش في خزانة والدها ، لتجد صورة جميلة لشابين صغيرين يشبهان بعضهما ، مبتسمين ويد كلّ واحد فيهما على كتف الآخر ...

ركضتْ تحمل الصورة وتريها لوالدها وهي تسأله :


- من هذان الشابان يا أبي ، إنّهما يشبهانك ...


الأب حمل الصورة بيده ، وصفعةٌ قويّة من يد الزمن الصارمة ألهبتْ خدَّه ، وأفقدته القدرة على الكلام ..

لكنَّه تحت إصرار أسئلة الطفلة أجاب :

- هذا أنا ، وذاك أخي ..


وسألت الطفلة :

-هل أخوك ميت يا أبي ؟؟؟


وبُهت لسؤالها ، ولم يعرف أن يرد عليها ، وهي استمرت بالأسئلة البريئة ، حتى أجابها :

- لا أعرف .. إن كان ميتا أو ما زال على قيد الحياة ..

الطفلة :

- كيف لا تعرف ، أليس أخاك ؟؟ أنا أعرف أن أخي أحمد ليس ميتا ...



هو :

- لقد تخاصمنا منذ زمن طويل وافترقنا ولم أعرف عنه شيئا منذ ذلك الوقت ..


الطفلة :

- ولماذا تخاصمتما ؟!



حاول أن يتذكَّر لماذا تخاصما ، ولم يستطع التذكر ، فاغرورقت الدُّموع في عينيه ، وأحسّ بتفاهة شخصه واستصغر قيمته كإنسان ، حتى كاد أن يشمَّ رائحة عفن نفسه الصغيرة ...

وأجاب طفلته وهي تلحُّ بالأسئلة ، وكان يبتسم بمرارة :

- لا أتذكر لمَ تخاصمنا ، أتمنى أن يكون شيئا يستحقُّ أن أفقد أخي من أجله كلّ هذا الوقت ...



الطفلة بكل براءة :

- أتمنى أن يكون أخوك على قيد الحياة يا أبي ، حتى أزوره وأناديه عمي ..



لم يستطع أن يمنع دموعه من الانهمار ، ولم يستطع أن يمنع نفسه من الانهيار أمام صغيرته ، فبكى وأجهش بالبكاء ، وعانق ابنته الصغيرة بقوَّة حتى كاد أن يكسر عظامها ...

وكان يهمس لها بحروف يقطَّعُها بكاؤه :


- ستزورينه إن شاء الله ...



****


لم يكن الطريق صعبا لرؤية أخيه ، وكان يحدِّثُ نفسه وهو في طريقه :

" كيف أسدلتُ ستارة نافذتي كلّ هذا الوقت !،ومنعتُ ولوج أشعة الشمس ، وتكوَّرتُ على نفسي ، وغفوتُ كالأرنب الجبان الأحمق المغرور ، وسمحتُ للحياة أن تسبقني ، أن تأخذ أخي مني ، أن تتركني حتى من دون ذكريات أيامنا الجميلة معا ، لربّما كانت أيقظتني...."

صوتُ أخيه يناديه ، ينتشله من أفكاره ، ويبعد الستارة لتلج أشعة الشمس ، أشعة الأخوَّة والمحبة ، إلى عتمة نفسه المتكوِّرةِ على ذاتها ...

تعانقا ، أغرقا قميصَّي بعضهما بالدموع ، وحاولا الإمساك بيد بعضهما علَّهما يركضان معا ليسبقا السلحفاة ..

****

وكانت الشمس على وشك الغروب ، وصوت أطفالهما يناديهما ، فيدخلا ليتشاركا عشاءً أسريًّا ، وأمسية أسريَّة....

والغريب في الأمر أنهما معا لم يتذكرا لماذا تخاصما وافترقا ، وفي قرارة كل منهما ودَّا لو كان أمرا يستحقّ ....

****


النهاية ..

( بقلم : مؤيدة بنصر الله
منقول من مواضيعي في منتدى الفراشة )
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة قطرة الندى 7 ; 18-12-2014 الساعة 10:25 AM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر

الكلمات الدليلية
أرنب،سلحفاة،حياة،أخوة،


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:56 PM.


images