بدايةً، أكثر الرجال في مجتمعاتنا الخليجية ينتمون للطبقة المتوسطة، هذه واحدة.
ثانياً، حديثي هنا بعيداً عن التنظير والتأطير والمثاليات التي لا نجدُ لها أثراً في حياتنا، هو حديثٌ واقعيّ أستقيه من مجتمعي الذي أعيش فيه.
عندما يفكر الرجل في الارتباط بامرأة، فإنه يضع في حسبانه وضع أهلها الماديّ. الرجل يعلم علم اليقين أنّه لن يستطيع أن يقدم للفتاة الغنيّة مايقدمه لها والدها أو والدتها أو أسرتها، إذا كانت تعيش في كنف أسرةٍ غنية.
أعرف بعض الناس يرون أنّ التكافؤ الماديّ أهمّ أحياناً من التكافؤ المعنويّ أو القبليّ. والحقّ أنّ في وجهة نظرهم تلك نظرةٌ تستحقّ الوقوف والتأمّل. لا أقول أنني أؤيدهم في ذلك، ولكن أقول بأن وجهة نظرهم جديرة بالاعتبار.
لن أستطيع وأنا موظفٌ في القطاع الخاص أن أقدّم نفس المستوى المعيشيّ الباذخ لفتاة يكسب أبوها في يومٍ واحد من شركته أو مصنعه أو مكتبه العقاريّ ما أجنيه أنا في سنةٍ كاملة!
القصور المنيفة الفارهة ذات الجنان، والفيلل الباذخة المكسوة بالحجارة والرخام، تمثل لي - شخصياً - حجاباً غليظاً ظاهره الخوف وباطنه الكرامة.
فتاةُ القرية وإن كانت تحظى بفرصٍ أقلّ في التعليم والمدنيّة، إلا أنّها جُبلتْ على حسن التبعّل والرِّضى بالقليل والصبر على ضَيِّقِ العيش. ثم إنها بمجرد أن تنتقل إلى بيئة المدينة فهي سرعانَ ما تنسجم مع ماحولها، وإن كان بدرجة أقل من فتاة المدينة. لا ينبغي أن يغيبَ عن أذهاننا أنّ فتيات القُرى أكثرهن متعلمات الآن، مابين تعليم ثانويّ وجامعي، وليس أقلّ من ذلك إلا فيما ندَر.
أخيراً، أرجو ألا يُفهم من ثنائي على فتاة القرية أنني أذم أو انتقص من فتاة المدينة، ومالحياة إلا وُجهات نظر.