باقة مشاعر
كم هو مبهج للنفس هذا التطور في علاقتك مع أهلك
فرحت بها -والله-
هل رأيتم ماذا فعل الدعاء؟
لكن ماذا تبقى عليك؟ هل تقفين إزاء هذا الوضع مكتوفة الأيدي؟
إنها فرصتك!!
لقد أعجبني موقفك من والدك، وأجمل منه تذكرك لسنين طفولتك، وجميل والدك عليك.
ورائع جدا صلحك مع والدتك
هذا ما استطعت تذكره
إلا أن هناك مواقف لا تذكرينها حتما ولا تعرفينها
حينما كنت صغيرة جدا، دون مرحلة التذكر، حين كانت دمعات والديك تنزل لدى أدنى وعكة صحية تصيبك، وحين كانا يسهران الليل يتابعان حالتك، فلما اشتد عودك وصلب، بقي أن يلقيا منك الرعاية والحب والحنان.
ربما لم يحسن أهل بيتك التعامل معك، وربما ظنوا أن في التعامل القاسي نوعا من التربية الصحيحة، وربما ظنوا أن التعامل اللين، وكلمات الحب إنما هو تدليل مسرف في التربية! هكذا ظنوا! ونحن معك أن هذا نوع من الخطأ، وهذا رابط لمقال كتبته في المنتدى يصب في الموضوع ذاته تقريبا وعنوانه (قبل أن يغازلها الآخرون)
إلا أننا هنا لا نخاطب أهل بيتك، إنما نخاطبك أنت، وأنت لا تملكين قلوب والديك، أو مشاعرهم، ولا تملكين أيضا تغيير أساليب التعامل، لهذا أنت مطالبة بتغيير نفسك فيما تقدرين عليه، تستطيعين أن تصنعي أشياء تغير مشاعرهم نحوك، وتستطيعين أن تصنعي أشياء تبقى لك ذخرا، وهذه الأعمال والأشياء التي نطالبك بها، قد تؤثر في أهلك، وقد يكون لها مردود واضح وظاهر للعيان، وقد يكون تأثيرها دون المطلوب، أو لا يكون لها تأثير، ولكنها في كل الأحوال لن تضيع سدى، فإن نسيها والداك وضاعت في ركام السنين، فإنها محفورة محفوظة في كتاب، لا يضل ربي ولا ينسى، (أحصاه الله ونسوه) وستجدين مع الاحتساب والإخلاص كل ما قدمته يداك، بل ستجدينه فوق عملك، وفوق تصورك.
ربما تنتظرين مني أن أمدك بشيء من الأفكار التي قد يكون لها أثر في تغيير أساليب التعامل معك، وهنا أقول:
أولا:أنت أعلم وأعرف بمداخل ودهاليز أهلك
ثانيا: هناك حل واحد ذكره من سبقوني هنا إنه الإحسان إليهم، اقرئي قول الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسان إحسان
ولما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو إليه قرابته الذين يصلهم ويقطعونه، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه إن كان كما يقول: فكأنما يُسِفُّهم المَلَّ، أي: كأنما يضع في أعينهم الرمل ا لحار.
كل ما أطلبه منك أن تظلي على حسن الرعاية وحسن الطاعة، فإن لم تجدي نتيجة في الدنيا –وإن كنت لا أظن ذلك- فحتما ستجدين النتيجة في الآخرة، إذا احتسبت الأجر عند ربك.
هناك أيضا: الدعاء، وقد رأيت أثرا من آثاره، وهو الآخر لا يضيع، فإن وجدت أثره في الدنيا –وهو الأصل-وإلا فإن الله يدخره لك عنده، أو يرد عنك أسوأ منه، أو يعطيك أفضل منه.
أيضا: تذكري الأجر المترتب على الصبر، فإن هذا مما يذيب أحجار الألم، ويحيلها إلى ماء زلال.
أيضا: احرصي على تصغير المشاكل، وعدم تحميلها أكبر مما تحتمل، بل اجعليها أصغر مما تحتمل، كما يقولون: (هونيها وتهون) فتشاغلي عن مشاكلك، وصغريها، وأحسني الظن بوالديك، واعتبري ما يحصل منهم سببه إما الجهل، أو حالة نفسية معينة، أو نحو ذلك، وليس هناك شيء عن سوء قصد.
إنك لو اخترمتك المنية قبل والديك، لربما رأيت من دموعهما ونشيجهما وبكائهما ما يثير في نفسك الرحمة.