بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وأسعد الله أوقاتكم جميعا بكل خير
عندما يحدث خلاف ما بين الزوجين يتم التحاور بينهما عما حصل , وكثيرا ما تخرج هذه الحوارات عن جوهر المشكلة موضوع النقاش لأمور جانبيه يضيع معها الموضوع الأصلي
وتصنع مشكلة بين الزوجين بسبب خلاف صغير تضخم بفعل لغة وإسلوب الحوار , وليس بسبب الخلاف البسيط الذي حصل .
اللغة والإسلوب المستخدم في إدارة الحوار لهما دور كبير بتضخيم الخلاف أو إذابته
فعندما يعاتب الزوج زوجته على تأخرها بإعداد طعام الغداء بوجه متجهم وعصبيه
ويتهما بالتقصير عموما - وهذا التعميم حاضر في أذهان أغلب الناس عندما يغضب -
هذا الإسلوب يجعل من الزوجه في حالة دفاع عن النفس أمام هذا الهجوم
وتستذكر تقصير زوجها في أمور مضت وتخاطبه بإسلوب هجومي , وهي بدورها تعمم أيضا
فيجتهد هو بدوره للدفاع عن نفسه أمام هذا الهجوم , ويصبح النقاش لماذا تحادثني أو تحادثيني بهذا الاسلوب
وهكذا يخرج الحوار عن القضية الأساسيه البسيطه لقضايا أخرى متشعبه ومعقده , تذكي الحساسية والجفاء بين الزوجين وتتطور لأمور لا تحمد عقباها .
هذا مثال لحوار سلبي بين الزوجين , يكون فيه الإنتصار للذات هو الهدف وليست المصلحة المشتركة هي الهدف
بينما لو كان الحوار بلغة هادئة , وحدد في قضيته الأساسية فقط بدون تعميم ولا عصبيه
وتعرف الزوج على سبب التقصير , ولو كان غير مقنعا يمكنه القول لزوجته : كنت أتمنى عند عودتي للمنزل أن أجد غدائي جاهزا
فأنا أتعب خارج المنزل من أجلنا وأنت تتعبي داخل المنزل من أجلنا أيضا فنحن نكمل بعضنا البعض , فأي تقصير منك سيؤثر علينا
وكذلك الحال عند حدوث تقصير مني , وعلى الزوجة هنا أن تعترف بتقصيرها .
برأيي أن هذا حوار إيجابي من أجل المصلحة المشتركة , وليس من أجل الإنتصار للذات وإحصاء الأخطاء من كل طرف على الآخر
و تخرج منه الزوجة بنفس راضية ويجعلها متفانية في قادم الأيام , ومن يتحاورا بهذا الإسلوب ستقل بينهما الخلافات والتقصير بشكل كبير جدا , ويسود الهدوء والود بينهما .
وما يقال عن الحوار السلبي والإيجابي بين الزوجين يمكننا تطبيقه على كل حواراتنا في الحياة
فعلى سبيل المثال هنا في المنتدى , عندما تكتب إحداهن عن تقصير الرجال في جزئية معينة
تجد الكثير من ردود الإخوان دفاعية عن الرجال هجومية على النساء , وأغلبهم لا يعترفون بهذا التقصير وفي الغالب يكون حوار الأعضاء كالتالي ..
أنتم أيها الرجال فيكم كذا وكذا , والرجال يهاجمون النساء وأنتن فيكن كذا وكذا
فيضيع الموضوع الأصلي وسط نقاش جانبي دفاعي هجومي , وكل جنس يصف نفسه بالكمال
وأن كل مشاكل الحياة والتقصير من الجنس الآخر , وينتهي الموضوع غالبا للاشيئ , إلا مزيدا من عدم التفاهم بين الجنسين .
بدلا من تبادل التهم ورمي الأخطاء وأسباب التقصير على الغير , والبحث عن شماعة متجددة لأخطائنا المتكرره وإضاعة الوقت بلوم الظروف والحظ والناس ..
الأفضل أن نعترف بأخطائنا وتقصيرنا , ولا نكابر لكي نتلافى التقصير ونطور أنفسنا
وعندها سيتغير حالنا كثيرا للأفضل بإذن الله
والناجح في حياته هو من يتلافى أخطائه ويطور نفسه , قبل أن يسلط المجهر على أخطاء غيره .