يقول ابن سعدي رحمه الله في معنى اسم الله ( اللطيف ) : اللطيف جل جلاله الذي يوصل رحمته لخلقه بالطرق الخفيّة ، فيلطف بهم من حيث لا يعلمون ، ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم .
وإذا أردت أن ترى شيئا من آثار هذا الاسم العظيم فتأمل خاتمة قصة يوسف - عليه السلام - " إن ربي لطيف لما يشاء " أي : يوصل برّه وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها . أ.هـ
ثم تأمل سرّ اقتران اسمه ( اللطيف ) باسمه (الخبير )
إذ باقتران الاسمين نستدل على عظم رحمة الله وسعة فضله . . فإنه ( خبير ) بعباده وباعمالهمو لا يخفى عليه شيء من أعمالهم - من خير أو شر - ومع ذلك فهو يلطف بهم حتى مع ما يكون من علمه جل وتعالى بدقائق أعمالهم . . وقد يكون في بعض أعمالهم معصية وذنباً وإثماً . .
وفي هذا الاقتران . . بعث لروح التفاؤل وحسن الظن بالله . .
فإن العبد قد يحدّث نفسه : وكيف أدعو الله أو أستغفره وأنا كثير الذنوب والآثام . .
فيأتي هذا الاقتران ليبعث في النفس : أن الله خبير بك وبعملك ولا يخفى عليه شيء من عملك وأن هذا الاعتراف بالذنب ينبغي أن يتبعه أمل وحسن ظن بالله وسؤاله تعالى ابتغاء لطفه . .
ومن بديع الرّبط بين موضوع الآية وخاتمتها قوله تعالى : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ"
فانظر كيف ختم آية ذكر ( المطر ) بلطفه جل وتعالى .. فهذا الماء الذي ينزل من السماء في بعض الأحيان قد تكون معه مهلكة . . وقد يقع معه أن تصبح الأرض مخضّرة .. ومع ذلك فهو في كلا الحالين فيه ( لطف ) بالعباد بلطف الله تعالى . .
فإن الكوارث التي قد تحدث بسبب المطر . . قد يحدث بعدها توبة وعودة ، وإصلاح وتغيير ..
فسبحانه وتعالى اقترن اسمه ( اللطيف ) باسمه ( الخبير ) . .
ومما يجدر التواصي والتناصح به لمن كان يشعر بأنه قد حُرم من أمرٍ ما أو تأخّر عنه رزق أو مطلوب . .
فمن الناس من يضجر . .
ومن تأمّل قول الله تعالى : " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " عرف أن الله إن حرمه أو منعه من شيء فهو لا يمنع بخلاً - تقدّس وتنزّه - إنما يمنع عن عبده لطفاً به . .
( والله يعلم وأنتم لا تعلمون )