كان الدين بين كل زوج وزوجته،
فمهما اختلفا وتدابرا وتعقدت نفساهما، فإن كل عقدة لا تجيء إلا ومعها طريقة حلها،
ولن يُشادَّ الدين أحد إلا غلبه،
وهو اليسر والمساهلة،
والرحمة والمغفرة،
ولين القلب وخشية الله؛
وهو العهد والوفاء،
والكرم والمؤاخاة والإنسانية؛
وهو اتساع الذات وارتفاعها فوق كل ما تكون به منحطة أو ضيقة...!*
إن الزاهد يحسب أنه قد فر من الرذائل إلى فضائله’’
ولكن فراره من مجاهدة الرذيلة هو في نفسه رذيلة لكل فضائله’
وماذا تكون العفة والأمانة والصدق والوفاء والبر والإحسان وغيرها،
إذا كان فيمن انقطع في صحراء أو على رأس جبل؟
أيزعم أحد أن الصدق فضيلة في إنسان ليس حوله إلا عشرة أحجار؟
وايم الله إن الخالي من مجاهدة الرذائل جميعًا، لهو الخالي من الفضائل جميعًا...!
والسعادة في جملتها وتفصيلها أن يكونَ لك فكرٌ غيرُ مقيَّدٍ بمعنى تتألم منه، ولا بمعنى تخاف منه، ولا بمعنىً تحذرُ منه؛ والشقاء في تفصيله وجملته انحباس الفكر في معاني الألم والخوف والاضطراب....!*
الإيمان وحده هو أكبر علوم الحياة، يُبصِّرك إن عميتَ في الحادثة، ويهديك إن ضللت عن السكينة، ويجعلك صديق نفسِك تكونُ وإياها على المصيبة، لا عدُوَّها تكونُ المصيبةُ وإياها عليك، وإذا أخرجَتِ الليالي من الأحزان والهموم عسكر ظلامها لقتال نفس أو محاصرتها، فما يدفعُ المالُ ولا ترد القوة ولا يمنع السلطان، ولا يكون شيء حينئذ أضعف من قوة القويّ، ولا أضيعَ من حيلة المحتال، ولا أفقرَ من غِنى الغني، ولا أجهل من علم العالم، ويبقى الجهدُ والحيلة والقوة والعلم والغنى والسلطان_ للإيمان وحده؛ فهو يكسر الحادث ويقلل من شأنه، ويؤيد النفسَ ويضاعفَ من قوّتها، ويَرُدُّ قَدرَ الله إلى حكمة الله؛ فلا يلبثُ ما جاء أن يرجع، وتعود النفسَ من الرضا بالقدر والإيمان به، كأنما تشهد ما يقع أمامها لا ما يقعُ فيها...!*
“فالاطمئنان بالإيمان هو قتل الخوف الدنيوي بالتسليم والرضى،
أو تحويله عن معناهُ بِجَعْلِ البلاء ثوابا وحسنات،
أو تجريده من أوهامه باعتبار الحياة سائرة بكل ما فيها إلى الموت”
“إذا لم يكن الإيمان بالله اطمئنانا في النفس على زلازلها وكوارثها لم يكن إيمانا،
بل هو دعوى بالفكر أو اللسان لا يعدوهما،
كدعوى الجبان أنه بطل،
حتى إذا فجأه الرَّوْعُ أحدث في ثيابه من الخوف
ومن ثَمَّ كان قتل المؤمن نفسه لبلاء أو مرض أو غيرهما كفراً بالله وتكذيبا لإيمانه،
وكان عمله هذا صورة أخرى من طيش الجبان الذي أحدث في ثيابه!”