التربية هي فن ومنهجية يقوم بها الأبوين تجاه أبنائهما آملاً بأن يكونوا صالحين أو وفق الطريقة الصحيحة التي ينبغي على الأبناء اتباعها، ولكل أمة منهجها وثقافتها التي تحدد من خلالها أسلوب التربية.
المدقق في المجتمع وفي علاقات الوالدين بأبنائهم يستائل كثيراً ماهي وسائل التربية التي يختطها الوالدين مع أبنائهم، هل هي ممنهجة ومدروسة وفيها من الأفكار واللمسات العميقة والتي تستهدف بعداً أكبر على الصعيد التربوي أم أنها مجرد ردود فعل وعواطف متنوعة يستحثها الموقف!؟
الواقع في نظري أن تربيتنا نتيجة عواطف وردود فعل يستحثها الموقف أو السلوك، بجانب ذلك الحرص الشديد والرغبة الدفينة داخل صدور الوالدين على تلبية طلبات الأبناء ليكونوا سعداء ولكي لايشعروا بالنقص عن نظرائهم، يتعامل الوالدان بحساسيةٍ مفرطة مع أبنائهم، إذ لاتقوى قلوبهم على رؤية حزن أبنائهم كونوه لم يحقق مرادهم، وبالتالي يتم تحقيق ذلك المراد بغض النظر عن سلبيات ذلك الشيء أو الطلب أو المراد، المهم إلا يحزن الأبن/الأبنة.
هذا السلوك يشيع بقوة في مجتمعنا، وربما عند بعض المجتمعات الأخرى، والغريب أنه حتى أولئك الأباء والأمهات اللذين كنا شديدي القسوة على ابنائهم وحرمانهم الشيء الكثير وربما حتى بعض الأساسيات، نجدهم الآن أرق أفئدة وقلوباً وتنازلاً لأجل رضى ذلك الأبن أو تلك الإبنة.
قاد ذلك إلى خلق جيل واهن، لايرضى أبداً بالرفض ولا حتى بالمبررات، لأنه نشأ على تحقيق وتنفيذ الطلبات التي يرغب بها، ليصبح بالتالي انعكساته وتوابعه وارتدادته على صعد مختلقة، منها تكوين الشخصية والأداء الدراسي، والعلاقة بالأطراف الأخرى، سواء زملاء أو أزواج أو غير ذلك.
هذه النتيجة هي وبلا شك غياب المنهجية في التربية من قبل الأبوين تجاه أبنائهم، وانتشار ثقافة الدلع والحماية الزائدة والمبالغ فيها، في السابق كنا غير منهجيين في تربيتنا من خلال استخدام أسلوب الشدة والقسوة، والآن نحن لسنا منهجيين في تربيتنا من خلال استخدام أسلوب المبالغة في تحقيق الطلبات والرغبات التي يطلبها الأبناء، والحرص على امتاعهم وتسليتهم بشكل سلبي من خلال تدفق العاطفة الرقيقة من قبل الأبوين.