أبناؤنا.. رواحل !


مع بداية كل عام دراسي جديد تنتفض الأسر رغمًا عنها، وتحاول لاهثة أن تعيد ترتيب أوراقها من الداخل من جديد..

ولكننى فكرت فى هذا العام أن أستعد للعام الدراسي من الإجازة ولا أربك نفسى ك"أم " وأن أستفيد مما مر بي من تجارب دراسية معلمة و"مؤلمة" أيضا..يقينا مني بأن الإستعداد لعام دراسي جديد هلت بشائره لا ينبغي أن يكون تدبير مصروفات الدراسة-وهو أمر مهم جدا بلا شك - بل وإعادة جدولتها لمواكبة تطورات الأسعار المذهلة ، والمحاربة أيضا ليلتزم الأبناء بمواعيد النوم والاستيقاظ ويحافظوا على نظام البيت.. فقط .

فقد كان هناك ما هو أهم ..كان علي الإنتباه لما فى شخصية أطفالى من ضعف ومواطن خلل

في الناحية الاجتماعية والنفسية والمهارية ..فاكتشاف ذلك والتعامل معه ليس بالأمر الهين وهو باب لا تسده معظم مدارسنا للأسف الشديد ومنه تأتى معظم مشاكل الأبناء الدراسية، فهذه خجولة لا تقول الإجابة رغم أنها تعرفها، وآخر أسد في البيت على إخوته إلا أنه كالفأر أمام زملائه؟

وعند اختيار الأنشطة نتردد ..بماذا ستلتحق يا بنى ؟ "أى حاجة" !!

..ماذا تحبين يا ابنتى ؟ "لا أدري "!!

ومن أول يوم فى الدراسة "لازم تطلع الأول ..وإلا فاتتك الدنيا وما فيها ..إياك أن يسبقك أحد"

من هنا كان القرار لتكون الإجازة رحلة يتعرف فيها الأبناء على ذواتهم ..يكتشفون قدراتهم ومواهبهم ..وأنا معهم أتعرف علي كنوزى المخبأة .

كان علي أيضا أن أصحح فهمى لـ" التفوق الدراسي " وهو أمر سيعيد إلي الكثير من الرضا وراحة البال وكذلك أبنائي.

فالتفوق هو تكامل النجاح في مجالات الحياة كلها بما فيها الاهتمام بالهوايات والأنشطة، أما النجاح في مجال على حساب باقي المجالات أو على حساب العلاقات والمشاعر نحو الآخرين فإنه الفشل بعينه .

فالتعليم المدرسي النظامي مجرد رافد من روافد التعلم بمعناه الواسع..وإذا كان التفوق الدراسي مطلوبا فلأنه بدايه جيدة للتفوق فى الحياة وليس هو كل الحياة.

كان علي أن أعمق وأعيد البريق الحقيقي للتفوق وأن أسير بصغاري خطوات عمليه فى ذلك.

بدايه الرحلة

لم تكن البدايه سهلة أبدا ..كان لابد من التفكير فى كيفية تنفيذ ما سبق ومن سيساعدنى, إذ لابد لذلك من جهة متخصصة, مهتمة

وبالفعل .."وجدتها ".."احدى صديقاتى متخصصة فى الإستشارات التربويه وشئون الطفولة ستقيم مركزا متخصصا فى تنمية الأسرة وتنميه المهارات واكتشاف القدرات وهناك قسم خاص الأطفال " كان هذا هو الخبر الذى تلقيته عبر الهاتف من احدى صديقاتى , وبالفعل توجهت إلي المكان وألحقت أبنائي ..

"هذا الصيف سنلعب ولكن سيكون اللعب من أجمل ما لعبتم في حياتكم " كانت هذه هي جملة التهيئة التى قلتها لأبنائى ونحن فى الطريق إلى هناك ..نعم سنلعب ولكن سنكتشف مواهبنا وسنتعرف على أنفسنا وليس على أصدقاء جدد فحسب .

وضعت صديقتى – حفظها الله – ثلاث أهداف للبرنامج الصيفى للأطفال هى

- التعرف على قدرات الأطفال .

- تنمية هذه القدرات .

- تعزيز تقدير الذات لدي الطفل .

وكانت أولى المرااحل التى قامت بها بالتعاون مع فريق العمل بالمركز هى عمل مجموعة من القياسات للأطفال وتقسيمهم إلى مجموعات عمرية, وشملت هذه القياسات.. قياس بروفيل الذكاءات المتعددة للطفل, قياس أدق للقدرات والمهارات الأساسيه المتضمنه فى كل ذكاء ثم قياس قدرات الذكاء الوجدانى وأخيرا قياس تقدير الذات .

وكانت الأنشطة هى:

- زاد إيمانى.

- رسم.

- كتابه ابداعيه .

- علوم – صناعات صغيرة .

- طباعه .

- دراما .

- ورشة تعليم تفكير .

- ورشة تنمية مهارات اجتماعيه .

- ورشة تركيز وانتباه .

- ورشة تفكير ابداعي .


فرحة وأمل

برنامج رائع وأهداف مطلوبة بل هى ما كنت أبحث عنه بالفعل ..هزمنا الصندوق الأسود "التلفاز " الذى كان يتربع على عرش الإجازة الصيفية ..وودعنا "التسمر " أمامه وإلغاء التفكير ..إلى الحركة اليوميه عقليا وجسديا بحب واستمتاع وفائدة

ألاحظ يوميا – رغم التعب والإرهاق الذى أصابنى فى تجهيز صغارى, ومتابعتهم , وتوصيلهم يوميا إلى المركز – النمو والتغيير إلى الأفضل على تصرفاتهم وسلوكياتهم وأعمالهم وطريقة تفكيرهم .

ومع نهاية الإجازة ..انتهى البرنامج الصيفي لإكتشف التالى :

- "نور الدين " ابنى الأكبر "9سنوات ..جاء فى المستوى الثانى بعد الطفل العبقري "فائق الذكاء " فى مجموعته بالمركز .

- نور الدين ..فاز بالمركز الثالث فى المنتخب القومى للرماية ..ونال ميداليه برونزيه فى حفل بهيج.
- "نور الدين "..ممثل وفنان مبدع بالرسم والدراما .

- "نور الدين" لديه حس صحفى وقدرة على إقامة العلاقات مع الآخرين .



- أما ست البنات "سندس " ..ابنتى الأصغر 8 سنوات فهى :

- تتمتع بمستوى تفكير ابداعى عالى.

- لديها القدرة على "الحكى "وتأليف القصص .

- ذاكرة قويه وحافظة جيدة لاقطة ولديها طلاقة لفظية واضحة .

- تناسق بصري حركى جيد جدا .

- سباحة ماهرة ..استطاعت التفوق على نفسها عندما سبقت كل من معها من المتسابقين الأقدم والأكبر سنا فى مسابقة النادى !

- لقد انعقد لسانى وعلتنى الدهشة يا سادتى وانا أشاهد بعينى أبنائى يؤدون عروضهم المسرحيه والفنيه والرياضيه ويحصدون الجوائز والتقدير فى نهاية برنامجهم الصيفي يا سادتى ..أهؤلاء هو أبنائي ؟!

- كان هذا هو السؤال الذي يتردد صداه داخلى ويخفق قلبى معه بالحمد لرب العباد أننى اكتشفت كنوزى وعرفت صغارى وإن كنت قد تأخرت قليلا ولكنها خطوة ستلحقها بإذن الله خطوات ..وصدق نبينا صلى الله عليه وسلم: إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة. رواه البخاري. والراحلة هي الناقة القوية سريعة السير، نادرة الوجود في الإبل.

وإن من أبنائكم –أعزائى – ل"رواحل " !

كل عام أنتم بخير ..سعداء بنجاح أبنائكم الدراسى والحياتى ..وفى النهايه تعالوا نأخذ بأيدى صغارنا إلى عتبات عام دراسي جديد و ..سعيد بإذن الله تعالى ..

بسم الله.. ربنا عليك توكلنا، وإليك أنبنا، وإليك المصير.. بسم الله.. توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. رب اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي.


منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووول

__________________