تــــغـــيـــر الـــمــيــــول
تتطور ميول الاطفال من العابهم التخيلية في سني حياتهم الاولي إلي الألعاب الجماعية وإلي عمل الاشياء وصنعها ... وإلي الاهتمام بما يجري خارج المنزل . وتتميز مرحلة ماقبل البلوغ بما يظهر عند الطفل من حب الاستطلاع والميل إلي التساؤل عن الاشياء الكثيرة التي توجد حوله ... وتتوالي هذه الميول كلها واحداً في إثر الآخر في تتابع سريع .
وفي حوالي سن الخامسة عشرة تأخذ ميول الاطفال في الاستقرار ... ومع أن التغير فيها يظل عملية مستمرة إلا أن التغيرات التي تبدو في معظمها تكون في الناحية التعبيرية أكثر منها في اساس الميول ذاتها ... فمثلا الأولاد يعبرون عن ميلهم للنشاط الخارجي أو الخلوي بالذهاب للصيد أو الخروج في معسكرات فعندما يكبرون يعبرون عن ذلك الميل نفسه بالعمل في تنسيق الحدائق أو القيام بالرحلات والزيارات ... وكذلك الفتاة التي تعبر عن ميلها لرعاية الاطفال في سن الخامسة عشرة بالعناية بإخوتها الصغار تعبر عن هذا الميل نفسه عندما تكبر بالعمل في مهنة التدريس للاطفال
أهــــمـــيـــة مــــســــتـــوي النـــضـــج
لايتذوق الطفل في سن الرابعة أو الخامسة جمال قطعة موسيقية عالمية , ولايصح أن نتوقع منه ذلك , إذ أننا نعرف أن الطفل في هذه المرحلة يطرب لسماع الموسيقي والاغاني البسيطة المناسبة لمستواه . ويزداد نضجه وميله للموسيقى كلما نما وكبر اذا اتيحت له الفرص لأن يستمع ويتعلم الموسيقى . والطفل لايستطيع أن يتعلم اي نوع من النشاط مالم يكن قد وصل الي المرحلة الكافيةمن النضج الذي يناسب ذلك النشاط , سواء كان ذلك النشاط من نوع تنسيق عقود الخرز مثلا أم بناء بيت للعروسة , أم تعلم نشر الخشب بالمنشار مثلا . ولا يصح أن نتوقع منه أن يميل لنشاط معين من النوع المناسب لمن يسبقونه في النضج .
وقد أوضح هذه النقطة الدكتور
أرنولد جزل الذي قام بدراسات تتبعية دقيقة لتطور نمو الاطفال بالعيادة السيكولوجية التابعة لجامعة " ييل " حيث اثبت أن الطفل في سن الخامسة يميل إلي التسجيلات الموسيقية أكثر من ميله لسماع الراديو . وإنه يميل إلي الانصات طويلا لنفس النغمات المتكررة التي تسجل لاصوات الاطفال ... ولكن ميله لسماع الراديو يزداد عندما يبلغ سن السادسة ... ويكون ميله للاحاديث الكلامية أكثر من ميله للبرامج الموسيقية ... وعندما يبلغ سن السابعة يظهر ميله للاستماع للقصص المملوءة بالمغامرات والبطولة .... وعندما يبلغ التاسعة يزداد ميله للقصص والحكايات التي تتصف بالغموض وتتطلب البحث والاستقصاء كتتبع المجرمين والبحث عن الهاربين ... وعندما يكبر يتحول ميله للاستماع لانواع اخري من البرامج ... ويتوقف ميله للبرامج المختلفة بعد ذلك على عوامل كثيرة كالسن والقدرات العقلية والمؤثرات المدرسية والمنزلية وغيرها .
ومن الامثلة الأخري ان الطفل يميل لأن نقرأ له ليستمع في سن الخامسة , ولكنه عندما يبلغ التاسعة يفضل أن يقرا هو بنفسه ... وهذا يوضح لنا كيف يؤثر النضج على القدرة وكيف أن القدرة تؤثر بدورها على الميل ... فكون الطفل يستطيع أن يقرأ بنفسه في سن التاسعة يؤثر في ميله الخاص للقراءة والاطلاع .
الـــنــــضـــج ومــــدي الانـــــتـــبـــاه
يؤثر النضج على مظهر آخر من مظاهر الميل وهو طول المدة التي يستطيع الطفل فيها أن يواصل العمل في نشاط معين ... ففي سن الرابعة مثلا يتعب الطفل بسرعة من لعبة معينة فيتركها إلي غيرها ... وعندما يكون عنده عدد من اللعب نجده ينتقل بينها ويتبادل اللعب بها كلها واحدة بعد الأخري .
ولكن مدي الانتباه يزداد بالتدريج كلما كبر الطفل وترعرع ... فعندما يبلغ السادسة عشرة يستطيع أن يركز إنتباهه في نشاط معين مدة طويلة ويستطيع أن يعاود مواصلة العمل فيه حتى ينتهي منه .
الــــجــــو الإنــــفــــعـــالـــي
المديح والتشجيع عند القيام بعمل جديد – أو النجاح فيه – يشجع الطفل على مواصلة الميل إليه ... أما التعنيف والفشل يؤديان إلي تثبيط الهمة ... فن يستطيع الشخص أن يواصل العمل في نشاط معين في مواجهة التعنيف والفشل مالم يكن على درجة كبيرة من النضج ومالم يكن عنده الدافع القوي لمتابعة ذلك العمل .
وللحديث بقية