والأمر الآخر هو أن قصص الحب والغرام الكثيرة والمعروضة في وسائل الإعلام المنوعة نجد أنها ترسخ في أذهان الفتيات طرق خيالية أو غير واقعية في اختيار الزوج، وتبدأ الفتاة في نسج الأحلام حول فتى الأحلام، وتتخيل أن يكون مثل الممثل الفلاني في الفيلم العلاني، وتتمنى الارتباط بالشاب الطويل العريض، جميل الشكل، حسن الصورة، قوي البنية.. وقد تتعلق بأحد هؤلاء المشهورين وهكذا ترفض كل من يتقدم إليها في انتظار فارس الأحلام الذي رسمته وسائل الإعلام في خيالها، وطبعا في الأفلام والمسلسلات لا يمثل إلا من له صفات معينة في الشكل والمنظر حتى يكون مقبولا من الجماهير، وهي لا تعلم أي خلفية عن حقيقة هذا الشاب، ولا تدري أنه لا يصلح أن يكون زوجا مناسبا لمجرد شكله الجميل، وتنسى أن هؤلاء غالبا منغمسين في الرذيلة، والزواج يحتاج لمؤهلات دينية وخلقية ثم مادية وصحية ومعنوية، يحتاج لرجل يتحمل المسؤولية.
وبذلك تتمنى الفتاة رجلا لا يعيش إلا في خيالها وترفض بسبب ذلك كل من يتقدم إليها حتى يبدأ الأهل في التدخل و إرغامها على القبول بأي أحد.
وأرجو ألا ينصرف ذهنك إلى أن الفتاة ليس لها رأيا في اختيار الزوج، بل الإسلام يشدد على عدم تزويج البنت إلا برضاها، وهذه قضية لا خلاف حولها، لكن الذي يعنينا هنا هو كيف تختار الفتاة زوجا مناسبا.
فهذه الفتاة لو تربيت على أسس سليمة تتعلم منها كيفية الاختيار الصحيح لشريك الحياة، إضافة لما تتحمله وسائل الإعلام من مسؤولية وقوع الأبناء في مخالفات منوعة، وعدم نجاح الوسائل التربوية في المدارس والجامعات لتأهيل الفتاة للقيام بواجبات الحياة الزوجية، وتعليمها كيف تؤسس أسرة ناجحة.
وقد كان التعليم أو التربية قديما يركز - سواء من البيت أو الأهل أو المجتمع - يركز على قضية إنضاج الفتاة جيدا وتأهيلها لتكون زوجة مثالية وأما صالحة. أما بعد تعرض معظم الدول الإسلامية للاحتلال وأساليب الغزو الفكري، والإبعاد المتعمد عن المنهج الإسلامي، فالفتاة يتأخر نضجها كثيرا وتحتاج لتعليم إضافي لتكون أما ناجحة أو زوجة مناسبة، وتتعلم كيف تختار الزوج الصالح.
اقبلي عمن يتكامل معك في صفاتك لا يهم من يتوافق معك في كل الصفات، أو من يكمل لك بعض عيوبك أو يعوض بعض النقص الموجود فيك، فإن وجدت ما تبحثي عنه فلا بأس أن يكون ممن يرتكب بعض المخالفات الصغيرة، مع امتلاكه لقوة إرادة تمكنه من التحسن والتغيير، واعلمي أن البحث عن إنسان متكامل غير متوفر إلا في القليل النادر من الرجال، فنحن نسدد ونقارب ونستخير ونستشير ونتوجه إلى الله بالدعاء الخالص ليوفقنا للصواب.
التعديل الأخير تم بواسطة nadasteel ; 23-02-2008 الساعة 08:20 PM