
واقع التوبة عند كثير من البشر
بسم الله الرحمن الرحيم
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا } (التحريم /8 )
{ وتوبوا إلى الله جميعًا أيُّه المؤمنون لعلكم تفلحون } (النور/31) .
كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ، وقد ذكر العلماء شروطاً للتوبة مأخوذة من الآيات والأحاديث، وهذا ذكر بعضها:
الأول: الإقلاع عن الذنب فوراً.
الثاني: الندم على ما فات.
الثالث: العزم على عدم العودة.
الرابع: حقوق الآخرين وهذه يترتب عليها أمور عديدة لا مجال لذكرها الآن .
ولكن في الواقع كثير من البشر لا يدركون معنى التوبة ويعتقدون انهم قد تابوا بالفعل الا انهم في الحقيقة بعيدون عن التوبة وعن التائبين .
وهنا سنتحدث عن هذه الفئة .. وهم من يفعلون الذنوب والمعاصي ثم يتوقفون عنها او يتركوها فقط من اجل حاجة دنيوية فهو يعلم انه ارتكب معصية وذنب ثم تركه فقط من اجل حاجة في نفسه مثل من يترك علاقته او علاقتها من اجل انه / ها سيتزوج ويريد فتح صفحة جديدة او من يخاف من تشوه سمعته او من تخاف افتضاح امرها امام اهلها او من يترك مشاهدة المواقع الاباحية داخل عمله خوفاً من كشفه وطرده او تحويله لمكانة اقل مما هو فيها او من توقف عن الزنا لانه يخاف من الامراض .
أو من توقف وما زال يتذكر تلك الايام بلذة واشتياق ويسعد بالرجوع لها بذاكرته .. او من توقف عن المعصية وما زال يخالط اقرانه ممن كانوا يشاركونه تلك المعصية ويعينونه عليها ويتودد اليهم ويجالسهم ويرتاح لهم وهم ما زالوا مستمرين بها .. او الذي ما زال يحتفظ بذكرى معصيته ولا يريد التخلص منها حتى لو لم يعود لها ... او الذي كانت معصيته مال حرام بعضه او كله وتاب عن جمعه والتفت عن القديم وكانه لا يدري او لا يريد ان يتذكر من اين اكتسبه وكأنه حقه المشروع ووو ... غيرها من الصور التي يعتقد صاحبها انه بتوقفه عن تلك الافعال قد { تاب }
فهل هذه تعتد توبة صادقة تقبل منه ؟
هل هو فعلا تائب طوى صفحة سوداء سيئة في حياته ليبدأ صفحة اخرى بيضاء ناصعة نظيفة يرضى عنها الله ويبارك له فيها ؟
هل له الحق ان يتجرأ على خالقه ويقول لماذا حصل لي كذا وكذا وانا التائب من الذنب ؟؟؟؟
هل بمجرد توقفهم عن فعل المعصية يعتقدون فعلا انهم تابوا ؟؟؟
هل يستشعرون عظمة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) رواه ابن ماجه، صحيح الجامع 3008 . ويعتقدون ان التوبة المقصودة في حديثه عليه الصلاة والسلام هي توبتهم التي يزعمون؟
هل يعتقدون ان مجرد توقفهم عن المعصية لاجل حاجة دنيوية فهم يدخلون في من قال عنهم جل وعلا : {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} الفرقان /70
وغيرها من الأمور التي نراها عند كثير من البشر هدانا وهداهم الله .
وأخيراً أسأل الله ان يرزقنا { الإخلاص } في التوبة له وحده جل وعلا إبتغاء وجهه الكريم ، خوفا من عقابه ، ورجاءاً في ثوابه ، وصولاً لتقواه سبحانه وتعالى
نسأله سبحانه وتعالى توبة صادقة خالصة قبل الممات اساسها طلب مرضاته والفوز بالفردوس الأعلى .